اكتشاف منطقة جديدة في الدماغ البشري قد تحسّن عزفك على الغيتار!

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/23 الساعة 17:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/23 الساعة 17:21 بتوقيت غرينتش
اكتشاف منطقة جديدة في الدماغ البشري

تمكَّن علماء الأعصاب من خلال عمليات التصوير الدقيقة لأجزاء من دماغ الإنسان، من أجل إصدار أطلس حديث عن تشريح الدماغ، من اكتشاف منطقة جديدة في الدماغ البشري

فقد تبين أننا -نحن البشر- قد يكون لدينا جزء إضافي صغير يُسهم في عملية التفكير غير موجود في الرئيسيات -وهي أعلى رتب الحيوانات الثديية- الأخرى.

اكتشاف منطقة جديدة في الدماغ البشري

بحسب موقع Science Alert، أطلق عالم الأعصاب جورج باكسينوس وفريقه في معهد أبحاث علوم الأعصاب بأستراليا، (NeuRA)، اسم "نواة إندورستيفورم العصبية" Endorestiform Nucleus  على اكتشافهم الجديد.

ويرجع السبب وراء التسمية أنه يقع بداخل السُّوَيقَة المُخيخِية السفلية (التي تسمى أيضاً الجسم المَرَسِيَّ restiform).

ويتواجد ذلك الجزء في قاعدة الدماغ، بالقرب من المنطقة التي يلتقي فيها بالحبل الشوكي.

وتشارك هذه المنطقة في تلقي المعلومات الحسية والحركية من أجسادنا ما يساعد على تحسين وضعية وتوازن أجسادنا وحركاتنا.

وفي حديثه للموقع، قال باكسينوس: "تُشبه السُّوَيقَة المُخيخِية السفلية النهر الذي يحمل المعلومات من الحبل الشوكي وجذع الدماغ إلى المخيخ".

وأضاف أن "نواة إندورستيفورم عبارة عن مجموعة من الخلايا العصبية، التي تشبه الجزيرة في ذلك النهر".

اكشاف مثير للاهتمام

وقالت عالمة الأعصاب ليندسي كولينز-براينو إن اكتشاف باكسينوس هو اكتشاف "مثير للاهتمام".

وأضافت: "يُمكن للمرء أن يتكهن بأن نواة إندورستيفورم العصبية قد تلعب دوراً رئيسياً في [وظائف السُّوَيقَة المُخيخِية السفلية]، إلا أنه من السابق لأوانه معرفة أهميتها الحقيقية".

وأكد باكسينوس وجود تلك البنية الدماغية أثناء استخدمه لتقنية جديدة نسبياً لتصوير الدماغ بأشعة الصبغة كان قد طوَّرها من قبل لكي يتمكن من الحصول على صور أكثر وضوحاً لأنسجة المخ (وبالتأكيد أجمل أيضاً!) لإضافتها في أطلس التشريح العصبي الحديث الذي كان يعمل عليه.

وتستهدف تلك الصبغات المواد التي تنتجها الخلايا بنشاط، وهي عبارة عن مواد كيميائية تُنتج في الدماغ مثل الناقلات العصبية، ما يسمح بعمل مخطط لأنسجة المخ.

وهذا يساعد على التفريق بين مجموعات الخلايا العصبية عن طريق وظيفتها- بدلاً من مجرد اتباع الطريقة التقليدية للتفريق بينها من خلال شكل الخلايا- ما يكشف عما يعرف باسم البنية الكيميائية للدماغ.

وأوضح باكسينوس أن "نواة إندورستيفورم العصبية تظهر بوضوح شديد من خلال الصبغة الكثيفة لأنزيم أستيل كولين إستراز acetylcholinesterase، ويبدو هذا الجزء أكثر وضوحاً لأن المناطق المحيطة به لا تتأثر بهذه الصبغة".

"وكأن النواة هي التي اكتشفتني وليس العكس"

وأضاف: "بدا الأمر تقريباً كما لو أن تلك النواة هي التي اكتشفتني، وليس العكس".

في الواقع، فقد شهد باكسينوس أدلة على وجود نواة إندورستيفورم العصبية منذ عقود. في عملية علاجية تسمى قطع التلم الأمامي الوحشي للنخاع -وهي عملية جراحية تهدف إلى تخفيف الألم الشديد وغير القابل للشفاء عن طريق قطع المسارات العصبية للعمود الفقري- فقد لاحظ هو وزملاؤه أن الألياف الطويلة من العمود الفقري بدت وكأنها تنتهي حول المكان الذي وجدت فيه نواة إندورستيفورم العصبية.

وقال: "لقد بدت أمامي واضحةً من خلال النظر في التلم الأمامي الوحشي للنخاع، وأيضاً من الصبغات الكيميائية التي استخدمتها في مختبري".

دفع موقع هذا الجزء الدماغي الصغير المحير باكسينوس إلى الشك في أنه قد يكون مشاركاً في عمليات التحكم الحركي الدقيق، وهو اعتقاد يستند أيضاً إلى حقيقة أن هذه البنية لم يُحدد وجودها بعد في الحيوانات الأخرى، بما في ذلك قرود المرموسيت أو قرود الرِّيْسيوس.

وأوضح باكسينوس قائلاً: "لا يمكنني تخيل شمبانزي يعزف على الغيتار بمهارة مثلما يفعل البشر، حتى لو كان يحب عزف الموسيقى".

ميزة فريدة أخرى في النظام العصبي

يمتلك البشر أدمغة يصل حجمها على الأقل إلى ضعف حجم أدمغة الشمبانزي (1,300 غرام مقابل 600 غرام، أو 2,9 رطل مقابل 1,3 رطل، بالإضافة إلى أن نسبة أكبر من مسارات الخلايا العصبية في أدمغة البشر المسؤولة عن نقل الإشارات الحركية، تتصل اتصالاً مباشراً مع الخلايا العصبية الحركية، 20% بالمقارنة مع 5% في الرئيسيات الأخرى.

لذا، قد تُمثل نواة إندورستيفورم العصبية ميزة فريدة أخرى في نظامنا العصبي، على الرغم من أنه لا يزال الوقت مبكراً لاعتبار ذلك حقيقة علمية. ومن المقرر أن يقوم باكسينوس بالمزيد من الأبحاث على الشمبانزي قريباً.

ومن أجل اكتشاف الوظيفة التي تضطلع بها نواة إندورستيفورم العصبية بالفعل، قد نضطر إلى انتظار توافر تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي عالية الدقة القادرة على دراسة هذه النواة في إنسان حيّ.

قد تؤدي مقارنة الأدمغة الطبيعية التي جرى دراستها أثناء العمل على هذا الأطلس مع تلك الموجودة في الأشخاص الذين يعانون من تشوُّهات معروفة للوصول إلى فهم أكثر عمقاً لها.

وقالت كولينز-براينو لموقع ScienceAlert، "يحظى التشريح العصبي بأهمية بالغة، إذ يعد بمثابة الأساس الذي نبني عليه ما نعرفه عن الوظائف الطبيعية وغير الطبيعية على حد سواء.

ولكن، في هذه الحالة، من المستحيل معرفة الآثار المترتبة عن هذا الاكتشاف على الأمراض العصبية أو النفسية".

وأضافت أن "الدراسات والأبحاث التي ستجرى حول وظائف هذه النواة العصبية في السنوات القادمة، ستكون محوراً أساسياً في الإجابة عن هذه الأسئلة".

المزيد من الاكتشافات

يعتزم باكسينوس، الذي يتمتع بسجل من الإنجازات العلمية يصل إلى 52 كتاباً يتعلق برسم خرائط الدماغ، الاستمرار في استخدام تقنية الصبغة الجديدة هذه لإجراء بحث شامل في أدمغة البشر حول المزيد من تلك الأجزاء الصغيرة، ومقارنتها عبر الأنواع المختلفة من الرئيسيات، لكي يتمكن من تحقيق فهم أعمق لكيفية عملها.

لم يخضع هذا الاكتشاف بعد للتمحيص من قبل العلماء الآخرين المتخصصين في هذا المجال، ولكن يمكن الاطلاع على المزيد من التفاصيل حول هذه المنطقة الجديدة في الدماغ في الأطلس الأخير الذي أصدره باكسينوس، والذي يحمل عنوان "جذع الدماغ البشري: التَّهندس الخَلَوِي، والبنية الكيميائية للدماغ، ومِعْمَارِيَّة السُّبُلِ المَيَالينيَّة".

علامات:
تحميل المزيد