قد تطلق السلطات الماليزية سراح أنور إبراهيم -السياسي المعارض ونائب رئيس الوزراء الماليزي السابق- في غضون أيام، وقد يحصل على عفو ملكي كامل خلال أسبوع.
وحول هذا، قالت عزيزة -زعيمة المعارضة وأم لـ 6 أبناء وبنات وجدة لـ 9 أحفاد- للصحفيين أمام المستشفى الموجود به زوجها "يريد (الملك) أن يتم العفو في أقرب وقت ممكن".
وأضافت: "إذا وافق مدير السجون… فقد يتم إطلاق سراحه في غضون يومين أو ثلاثة. الحرية أسهل (من نيل العفو)"، وقضى أنور ثلاثة أعوام في السجن، من فترة عقوبة مدتها خمسة أعوام بتهمة اللواط، حسب وكالة رويترز للأنباء.
يأتي هذا، بعدما أدى مهاتير محمد اليمينَ الدستورية رئيساً للوزراء، الخميس 10 مايو/أيار 2018، وقال إنه سيتنحَّى ويُفسح المجالَ لأنور لتولي المنصب خلال سنوات قليلة، بعد أن يحصل على العفو الملكي، ويصبح بمقدوره العودة إلى العمل بالسياسة.
هكذا جاء المشهد الأخير لأنور إبراهيم، الذي خرج من بعد رحلة طويلة من النضال، قامت بها زوجته، المرشحة حالياً لمنصب نائب رئيس الوزراء في الحكومة الجديدة.
لكن القصة لا تبدأ من هنا
تزوجت عزيزة في سن الـ25 عاماً من أنور إبراهيم، الذي كان عمره آنذاك 32 عاماً، وكان وقتها سياسياً إسلامياً نشطاً، اعتُقل كقائد طلابي دون محاكمة لمدة عامين تقريباً، بموجب قانون الأمن الداخلي سيئ السمعة، لقيامه باحتجاجات ضدَّ الفقر.
لم يكن والدها سعيداً جداً بهذا الاختيار لزوج معارض، فقد كان آنذاك رئيساً للحرب النفسية في وزارة الداخلية، وكان أنور في ذلك الوقت يعتبر مناهضاً للحكومة.
لكن السياسي الشاب فاجأ الجميع بالانضمام إلى الحزب الحاكم، المنظمة الوطنية للملايو المتحدة (UNMO)، مع زعيمه، الدكتور مهاتير محمد، الذي أصبح رئيساً للوزراء، وقاد ماليزيا إلى فترة نمو غير مسبوقة، حسب صحيفة "إيريش تايمز" الأيرلندية.
اختار مهاتير أنور نائباً له، ووريثاً سياسياً في عام 1993، وفي ذلك الوقت تخلَّت وان عزيزة عن وظيفتها في كوالالمبور كطبيب جراح في مستشفى، واضطلعت بدور يعتبر أكثر ملاءمة لزوجة سياسي.
وتولت في غضون ذلك مناصب فخرية مثل رئاسة حركة البنات الإسلامية، والمؤسسة الوطنية للسرطان، وقضت معظم وقتها في البنغل العائلي الواسع في ضاحية كوالالمبور، المحاطة بالأشجار حيث تعتني بأطفالها الستة، 5 فتيات وصبي، والاهتمام بزوار مهمين جاؤوا لرؤية زوجها نائب رئيس الوزراء من جميع أنحاء العالم.
لكن المياه غيَّرت مجراها، وتتذكر الدكتورة عزيزة جيداً ليلة اقتياد زوجها لسجنه. إذ حاول اثنان من الأطفال مساعدة والدهما، ولكن مع لكمة لابنها البالغ من العمر 14 عاماً، اضطرا إلى تركه يذهب.
كانت مرعوبة من أنه سيتعرض لسوء المعاملة، وبالفعل تعرض أنور للضرب المبرح في السجن، على يد قائد الشرطة رحيم نور، الذي اضطر منذ ذلك الحين للاستقالة، وهو الآن متهم "بمحاولة إلحاق الأذى" بأنور. وبعد بضعة أيام ظهرت الصورة الشهيرة لنائب رئيس الوزراء الماليزي السابق وهو يرتدي نظارة سوداء كبيرة.
مِن الحكمِ للسّجن للمعارضةِ للسجنِ للحكمِ.. رحلة أنور إبراهيم
كان أنور إبراهيم نائباً لرئيس الوزراء مهاتير محمد في عام 1993، وعندما برزت التوقعات بأن يحلَّ محله، اندلعت الخلافات بينهما في ملفات الاقتصاد والفساد، ثم أُقيل إبراهيم من منصبه، في سبتمبر/أيلول عام 1998، ولاحقاً تم اتهامه بالمثلية والفساد، وحُكم عليه بالحبس 6 سنوات، وفي عام 2000 أُدين بتهمة المثلية، وسجن لـ 9 سنوات أخرى.
لكن أُطلق سراحه في 2004 بعد حكم قضائي، عاد بعد ذلك كزعيم للمعارضة، التي فازت بأكثر من ثلث مقاعد البرلمان، قبل أن يُحكم عليه مرة أخرى عام 2008، وتمت تبرئته في 2013 ليعود للحياة السياسية، ثم للحبس مجدداً قبل العفو المرتقب عنه خلال أيام، وعودته المتوقعة هذه المرة للحكم وليس المعارضة.
زوجة أنور وعضو البرلمان
عزيزة هي زوجة أنور، وعضو البرلمان في باندان حتى مايو 2018، وكانت سابقاً عضو البرلمان عن بيرماتانج بانغ، من عام 1999 إلى عام 2008، وهي حالياً رئيس Pakatan Harapan، بالإضافة إلى رئيس حزب العدالة الشعبية.
كما كانت زعيمة المعارضة في مارس/آذار 2008، حتى يوليو/تموز 2008، وبعد ذلك من مايو/أيار 2015 إلى مايو/أيار 2018، قبل أن تُخلي كلا المنصبين لتسريع عودة زوجها أنور إبراهيم إلى منصبه السياسي، بعد العفو المرتقب عنه.
وُلدت في سنغافورة
وُلدت عزيزة، في 3 ديسمبر/كانون الأول 1952، في سنغافورة وترعرت بين الملايو المسلمين، لكنها تلقَّت تعليمها المبكر في مدرسة دير القديس نيكولاس، ألور سيتار، وواصلت تعليمها في كلية تونكو كورسيا. وذهبت لدراسة الطِّب في الكلية الملكية للجراحين في أيرلندا، تخصص طب التوليد وأمراض النساء، لكنها تخرجت بعد ذلك كطبيبة عيون.
ثاني رئيسة حزب في ماليزيا تقول إن زوجها قضيتُها الشخصية والسياسية
أصبحت عزيزة ثاني امرأة ترأس حزباً سياسياً في تاريخ ماليزيا (أسست جانجا نايار وأصبحت أول رئيسة لحزب العمال الماليزي عام 1978).
في أعقاب إلقاء القبض على زوجها واعتقاله، في 20 أيلول/سبتمبر 1998، أصبحت عزيزة زعيمة لحركة Reformasi الوليدة. وقادت أولاً حركة العدالة الاجتماعية (أديل)، وهي منظمة غير حكومية مدافعة عن الحقوق المدنية، وذلك قبل أن تساعد في تأسيس الحزب الوطني، في 4 أبريل/نيسان 1999. وشهد تأسيس الحزب وان عزيزه، كأول رئيس للحزب.
في 3 أغسطس/آب 2003، قامت وان عزيزة بدمج الحزب مع حزب الشعب الماليزي الأقدم (أو حزب الراكيات الماليزي)، الذي شهد إنشاء حزب العدالة الشعبية، وانتخبت رئيسة للحزب المندمج حديثاً.
خلَفت زوجها في مقعده البرلماني، ورعت أبناءه الستة
في أول انتخابات تنافس فيها الحزب في عام 1999، قادت عزيزة -وهي الأم لستة أبناء وبنات- الحزب للفوز بخمسة مقاعد في البرلمان، وانتخبت نفسها كعضو في البرلمان عن بيرماتانج باو. المقعد الذي كان يشغله أنور إبراهيم سابقاً، بأغلبية 9077 صوتاً. نجحت في الاحتفاظ بالمقعد في انتخابات 2004.
وبصفتها زعيمة حزب سياسي وممثلة برلمانية، تحدثت وان عزيزة في برامج ترعاها الأمم المتحدة ووسائل الإعلام المحلية والدولية. وهي أيضاً نائب رئيس التجمع البرلماني الماليزي من أجل الديمقراطية في ميانمار.
الأم والجدة لا تنسى أبناءها وأحفادها وبيتها
تحكي نورول ابنة عزيزة وأنور إبراهيم، عن أمها في ذكرى عيد الأم: "لقد واجهت والدتي الكثير من الصعوبات والضيق في حياتها"، "لكن والدتي هي شخص روحي. إنها تعتمد على الله للحصول على القوة والدعم".
تتذكر نورول في السنوات الأولى عندما كانت طالبةً، وكانت والدتها مشغولة بالعمل في المستشفى الحكومي، وكانت والدتها تجلس مع نورول وتساعدها على إكمال عملها المنزلي، وتضيف: "كانت والدتي دائماً ما تتفرغ لي ولعمل المنزل، بغضِّ النظر عن مدى انشغالها".
وقد اعترفت نورول (36 عاماً) أنها كانت مستاءة من كون أمها تقضي الكثير من الوقت في السياسة. "عندما كنت صغيرةً كنت أشتاق لأمي بجانبي"، وتضيف نورول "ولكن مع تقدمي في السن، فهمت دوافعها وتضحياتها بشكل أفضل. إنها تريد مستقبلاً أفضل لأطفالها، وأحفادها، ولكل شاب ماليزي هناك. لا يمكنك تحقيق هذا الحلم إلا إذا كنت مشغولاً بالقضاء على أمراض المجتمع، وهي تركز بشدة على مسؤوليتها ودورها".
السياسة تُبقي وان عزيزة مشغولةً لكنها لا تُهمل أسرتها
لم تتوقع وان عزيزة أن تكون سياسية، لكن ترتيبات القدر كانت مختلفة، وظلت ترعى مكان زوجها السياسي، مع أبناءه.
ولمرة كل أسبوع، تجمع وان عزيزة جميعَ أطفالها وأحفادها تحت سقف واحد، تكون هناك جلسة ترابط عائلية جيدة. يتحدثون عن كل شيء تحت الشمس، وكذلك يستمتعون بالطعام اللذيذ.
وتقول ابنتها: "لديها حسٌّ عالٍ من الفكاهة، وهي دائماً تجعلنا نضحك. وتكسب قلوبَ أحفادها عندما يكونون في أسوأ سلوك لهم. وتستفيد من علم النفس في ذلك".
زعيمة المعارضة التي أفسحت المكانَ لزوجها
فازت وان عزيزة بمقعدها البرلماني في بيرماتانج باوه، في الانتخابات العامة الماليزية الثانية عشرة بأغلبية، وكانت مدعومةً من قِبَل جميع الأحزاب المكوّنة من Pakatan Rakyat لقيادة المعارضة، في مجلس النواب، في البرلمان.
وهي المرة الثانية التي تتولى فيها وان عزيزة، البالغة من العمر 62 عاماً، قيادة كتلة المعارضة في البرلمان، الذي عادت إليه بعد سبع سنوات.
مع إعلان أنور إبراهيم عن اعتزامه العودة إلى السياسة النشطة، رغم منعه قانوناً من القيام بذلك، أبدت وان عزيزة استعدادَها لإخلاء منصب رئيس الحزب إذا تم انتخابه.
ومع ذلك، فقد أشارت أيضاً إلى أنها تنوي الدفاعَ عن مقعدها البرلماني في بيرماتانج باو. استقالت من مقعدها البرلماني في بيرماتانج باوه، في 31 يوليو/تموز 2008، لإفساح الطريق لزوجها، الذي فاز في الانتخابات الفرعية اللاحقة، في 26 أغسطس/آب 2008 بأغلبية كبيرة.