أظهرت وثائق رُفعت عنها السرية، أمس الثلاثاء 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أن محقِّقي وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) سعوا للحصول على "مصل الحقيقة" لاستخدامه في سحب اعترافات من معتقلي القاعدة، إضافة إلى تقنية الإيهام بالغرق وأساليب تعذيب أخرى بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وفي مسعى يائس لاستخراج معلومات بشأن هجمات مستقبلية محتملة من أبوزبيدة، الذي يعتقد أنه ساعد في التخطيط لهجمات 9/11، عاد المحققون إلى عقود خلت لاختبارات أجرتها الوكالة في خمسينيات القرن الماضي على أدوية تؤثر على عمل العقل مثل عقار الهلوسة "إل.إس.دي" وأيضاً إلى اختبارات روسية مفترضة على أمصال الحقيقة في ثمانينيات القرن الماضي.
وفي المشروع الذي أطلق عليه "بروجيكت ميديسن" (مشروع دوائي) درس أطباء "سي آي إيه" الباربيتورات مثل أملاح الصوديوم والأدوية المحاكية للذهان التي تتسبب بأعراض شبيهة بالذهان. واهتم الأطباء بشكل خاص بعقار يحمل الاسم التجاري فيرسيد، أو ميدازولام، وهو مهدئ يمكن أن يتسبب بفقدان الذاكرة طالما استمر مفعوله.
وخطرت الفكرة لمسؤولي مكتب الخدمات الطبية التابع لوكالة الاستخبارات وسط قلق من أن أبوزبيدة "يظهر ممانعة ملحوظة" رغم تعريضه لمعاملة قاسية تضمنت الحرمان من النوم وإجباره على البقاء في وضعيات مجهدة.
وقال التقرير إن "شدة وفترة استجواب (أبوزبيدة) فاجأت مكتب الخدمات الطبية ودفعت إلى إجراء مزيد من الدراسات على ما يبدو بديلاً أخف يتعلق بعمليات استجواب باستخدام أدوية".
لكنهم لم يجدوا أي دليل تاريخي يثبت أن الأدوية يمكن أن تجعل الشخص الذي يتناولها يفصح عن معلومات.
وجاء في مراجعة للاستخبارات عام 1961 "لا وجود لخلطة سحرية مثل المفهوم الشائع عن مصل الحقيقة". وأضافت: "يبدو أن أي شخص قادر على تحمل عمليات استجواب مكثفة عادية، يمكنه مقاومة الأدوية المخدرة".
ومع ذلك، اعتبر المحققون أن الأدوية يمكن أن تتحايل على السجين وتجعله يعتقد أنه قادر على الصمود.
ورأى المحققون أن "أدوية كتلك، رغم أنها تعتبر على نطاق واسع مصدراً غير موثوق للحقيقة، اعتُقد أنها قد تكون مفيدة كعذر يسمح للشخص أن يكون أكثر إفصاحاً مع إنقاذ ماء الوجه في نفس الوقت".
لكنهم واجهوا حظراً على إجراء بحوث على معتقلين، تم فرضه عقب برنامج الوكالة "مكولترا" في الخمسينيات الماضية، والذي تم بموجبه إجراء تجارب على أدوية تؤثر على العقل، على أشخاص. وأقدم رجل أعطي عقار الهلوسة "إل.إس.دي" سراً ضمن ذلك البرنامج، في وقت لاحق على الانتحار.
وبعد تخطّي القيود القانونية للحصول على إذن لاستخدام تقنيات تعذيب على سجناء، قرر المكتب القانوني لوكالة سي.آي.إيه "عدم إثارة مشكلة أخرى مع وزارة العدل"، وفقاً للتقرير.
نُشر التقرير المكون من 90 صفحة بشأن عمل مكتب الخدمات الطبية في أعقاب عمليات الاستجواب المتعلقة بهجمات 11 سبتمبر/أيلول، بعد معركة قضائية قادها الاتحاد الأميركي للحريات المدنية.
وقال الاتحاد إن التقرير برمّته يظهر كيف كان دور الأطباء مهماً في برنامج التعذيب وساعدوا في تشريعه.
وقال محامي الاتحاد درور لادين: "أحد أهم الدروس من برنامج سي.آي.إيه للتعذيب هو الطريقة الذي أفسد فيها كل مؤسسة وأي شخص مرتبط به".