قضى كتاب مسلسل House of Cards وقتاً طويلاً لكتابة مؤامرة بطلتها زوجة فرانك آندروود. وبإبعاد كيفن سبايسي، كان من المؤكد أن يتأثر المسلسل، لكنهم أهدروا فرصة غالية جداً، كان يمكن أن تجعل من كلير أيقونة سياسية بامتياز.
تحذير لمن لم يشاهد الجزء الأخير، هذا التقرير يسرد الأحداث الأخيرة من حياة آل آندروود التي تخطف الأنفاس. ننصحك بألا تكمل القراءة!
في اللحظات الافتتاحية من الحلقة الأولى لمسلسل نتفيلكس House of Cards عام 2013، انحنى فرانك أندروود (كيفين سبيسي) نحو كلبٍ صدمته سيارة.
قال وهو ينظر إلى الكاميرا: "هناك نوعان من الألم".
واستكمل: "ألمٌ يجعلك أقوى، أو ألم عديم الفائدة، هذا النوع الذي يجعلك تعاني وحسب. لا أطيق صبراً على الأشياء عديمة الفائدة. تتطلب هذه اللحظات شخصاً يمكنه التصرف، يمكنه فعل الشيء البغيض، الشيء الضروري".
ثم كسر عنق الكلب وقال: "الآن، لم يعد هناك ألم".
نتقدم في الزمن 6 مواسم أخرى ونشاهد:
كلير آندروود في مسلسل House of Cards أمرأة متعطشة للسلطة
في اللحظات الأخيرة من الحلقة الأخيرة، التي عُرِضَت ضمن موسم لم يُعرض كاملاً بعدما ترك كيفين سبيسي المسلسل بسبب تهمٍ مزعومة بالتحرش الجنسي، تحتضن الرئيسة كلير أندروود (روبن رايت) دوغ ستامبر تابع زوجها المخلص (مايكل كيلي).
كانت قد طعنته لتوها في بطنه بفاتح أظرف بعد أن كان على وشك ذبح عنقها به.
تضع أندروود يدها على فمه وأنفه، وتخبره بأنَّ كل شيء سيكون على ما يرام.
ثم تُغلق عينيه. وتقول: "الآن، لا يوجد المزيد من الألم". تتجه عيناها نحو الكاميرا. ويبدأ تتر النهاية.
هناك نوعٌ من السجع يحدث هنا، هذا واضح للغاية، لكن هل للقصيدة غرض من استخدامه؟
حتى لو قتلت دوغ ستامبر.. الكلب الذي انقلب على سيده
كان فرانك أندروود هو سيد عالم المسلسل طوال مواسمه الخمسة، بمزيجٍ من الدهاء وإراقة الدماء والكثير من الحظ الجيد.
تشارَك هذه السلطة مع زوجته الذكية الحسناء، لكنَّها مع الوقت تاقت إلى تولي جزء أكبر من السلطة.
وبانتهاء الموسم الأخير، حلت أخيراً محله في البيت الأبيض.
وكان دوغ ستامبر دوماً هو حيوان فرانك المخلص وأداته الهجومية. لكنَّه في النهاية انقلب على سيده، وقضى عليه سيدٌ آخر.
ظل سؤال كيف مات فرانك لغزاً طوال الموسم السادس، وكشف دوغ أخيراً الإجابة قبيل نهايته: رفضت كلير العفو عن زوجها، لذا غضب وقرر قتلها.
تدخَّل دوغ بعد أن قرر أنَّ عملية قتل كهذه "ستدمر كل ما بنيناه"، فسمَّم فرانك بعلاج الكبد خاصته.
وبعد ذلك، اشتعل غضب دوغ، لأنَّ كلير بدت كأنَّها تستغل موت زوجها. ومن هنا كان مشهد فاتح الأظرف.
قدمت دروساً قاسية عن خبائث الحكم والسياسة
السلطة تقتل العلاقات الشخصية، أو الخيانة تولّد الخيانة، أو أنَّ من يغرك مظهره الوديع الذي يُخفي باطنه الشرير قد يرث الأرض وما عليها.
كل هذه دروس يمكنك أن تستشفها من الأحداث، اختر رسالتك المفضلة من بينها.
كان المشهد الأخير جيداً، مثل لحظات الذروة الجنونية الشبيهة بأعمال شكسبير في أي عرضٍ تلفزيوني.
قدمت رايت أداءً لرقصة باليه تجمع بين الإنسانية والقسوة، في حين تمكنت كيلي من إزالة قناع ستامبر ولو لمرة، وفق ما ذكرته مجلة The Atlantic الأميركية.
لكن حبكة العمل أضعفت ما كان يمكن أن يكون إنجازاً نسائياً
وبالنظر إلى أنَّها نهاية مرتجلة لقصة تغيرت أحداثها بسبب فضيحةٍ خارجية، فربما يستحق الموسم السادس الحصول على درجات رأفة إضافية.
لكن هناك الكثير من الأسئلة في الحبكة لم تُجب، ما جعل النهاية قاسيةً على المشاهدين.
وتمكّن صناع المسلسل، باستدعائهم بداية هذا العرض بوضوح، أن يدعموا الرأي القائل بأنَّ المأساة الأكبر في House of Cards تكمن في عدم ترابطه.
كانت هناك عيوب كبيرة في العرض طوال الوقت: اللامعقولية التي قد تتسبب في صداعٍ نصفي، والجمود العاطفي، والشعور بأنَّ الحلقات كانت تُحشى بالأحداث لتمتد ساعةً كاملة، ولهجة سبيسي المشبوهة، وهناك المزيد.
في الموسم الأول ثارت ضجة بسبب النجوم المشاركين
لكنَّ الموسم الأول أثار ضجةً على الإنترنت، وليس فقط بسبب أنَّها المرة الأولى التي كانت شبكة Netflix فيها تعرض مسلسلاً مثيراً يظهر فيه نجوم كبار بدلاً من شبكة HBO.
بعدما أصبح شكل علاقة آل أندروود بعضهم ببعض واضحاً، منحتنا القصة الشعور المُرضي للسقوط المتتالي لقطع الدومينو.
وعندما لاقى عضو الكونغرس المضطرب الحنون بيتر روسو حتفه على يد فرانك، بدا الأمر كأنَّه يحقق النبوءة التي علمنا بها سابقاً في المشهد الأول مع الكلب.
وبنى بقية المسلسل إثارته على مصير فرانك المتوقع المحتوم، وهو القصاص العادل في النهاية.
مرت أحداث لا منطقية ولكنها شكلت صدمات حسية
كان انتظار هذا القصاص موسماً تلو الآخر أقل إثارةً مما كان يُفترض به.
لكنَّ المشاهدين أدركوا أنَّه حتى عندما لا تبدو الحبكة منطقيةً، وعندما تضيع وسط بحرٍ من الكلمات الطنانة التي تشير إلى أحداثٍ معاصرة، لا يزال من الممكن أن يوفر هذا للمشاهدين صدمةً حسية، مثل قتل زوي بارنز.
أو مثلاً، العلاقة الجنسية الثلاثية عديمة المغزى بين آل أندروود وعميل الخدمة السرية إدوارد ميتشوم.
لكن في الموسم السادس، بدا الأمر كأنَّ الكُتاب قد استسلموا
عكست الشخصيات الشريرة الجديدة بيل وآنيت شيبرد (غريغ كينيار وديان لين) مزيجاً من الجمود والغرابة.
فلكونهما مليارديرات من متبرعي الحزب الجمهوري، كانا قادرين على التخطيط لعمليات اغتيال ومخططات ضخمة للحصول على البيانات.
ومع ذلك، لم يرِد ذكرهما على لسان آل أندروود في المواسم السابقة.
وكررا إلى حدٍ كبير، المساوئ الكبيرة السابقة في العرض، مثل رسام الكاريكاتير الرأسمالي ريموند توسك، وثنائي السلطة والدهاء آل كونواي.
وبدت الحلقات الأخيرة في كثيرٍ من الأحيان، كأنها تحاول فقط تمرير الوقت بالتركيز على الأحداث الدرامية الشخصية غير المنطقية لآل شيبرد، والتي تضمنت لغزاً لم يُحَل حول أبوة ابن آنيت.
لم يكن التعامل مع مسألة الجنس مدروساً أيضاً
واجهت كلير كل العقبات التي قد تواجهها امرأة ذات سلطة لمجرد أنَّها امرأة.
ومن بين ذلك فكرة عاطفية المرأة، ومقارنتها بالرجال في حياتها، والتدقيق فيما يخص خياراتها الإنجابية.
كانت هذه هي عناصر السخرية في المسلسل، واستغلت كلير التمييز الجنسي لمصلحتها.
فكانت مشاهدة رايت وهي تُثبِّت ملامح الحزن الزائف على وجهها مدعاةً للسخرية، ولم يسبق أن تصرفت بهذه الطريقة طيلة المسلسل.
وتعيينها حكومة من النساء لم يكن موجهاً بطريقة ذكية لمجرى الأحداث
لكنَّ حملها، وتعيينها إدارةً من النساء فقط، والأفعال المثيرة الأخرى (محاضرة في غرفة الحرب عن كره الرجال؟) كانت جميعاً ضعيفةً في حبكتها، وشغلت حيزاً أكبر من حجمها بكثير.
كان الأمر كما لو كانت تمارس السحر، وتغير رأي الدولة بأكملها عنها بأبسط الإيماءات النسوية الزائفة.
إزاحتها الأعداء كان مبالَغاً فيها، ولكنها ضرورية للاستثمار في دور آخِر أهم شخصية
تفاقم هذا الشعور بأنَّ كلير لديها قوى خارقة عندما جرى التخلص من المزعجين الثلاثة، وهم: الصحافي توم هامرشميديت والمستشارة جين ديفيس والدبلوماسية الهاربة كاثرين ديورانت، في حين كانت الرئيسة مستلقيةً في مكان آخر.
لكنَّ الأغرب من هذا أنَّها كانت قادرةً على إحباط مؤامرة اغتيال مدروسة جيداً دبرها عناصر داخل الحكومة بمجرد الإشارة إلى الموكل بتنفيذ العملية، والذي كان جندياً يحمل الحقيبة النووية، ليقبض عليه عناصر الخدمة السرية.
ومن الواضح أنَّ هذه العناصر في الحبكة وُظفت لتُخلي الساحة من أجل المواجهة النهائية بين كلير ودوغ، وهما آخر شخصيتين رئيسيتين كانا ما زالا ضمن الأحداث.
لكن هذه المواجهة كانت بلا شك وبوضوحٍ واجبة بين كلير وفرانك
ترك سبيسي المسلسل، لكنَّه عاش من خلال ثلاثية تذكارات تعود لشخصياتٍ متوفية، وهي: الوصية السرية، والمذكرات التي تكشف كل شيء، والطفل الذي لم يولد.
أدى ستامبر دور المنتقم غير المنطقي، الذي يعمل باسم "إرث" أندروود، والذي لم يكن سيتحقق لولا إنجازات كلير، التي كان يحاول إفسادها باستمرار.
لم تهتم الحبكة بالقضايا الموازية للصراع
لو كان طعنها دوغ يمثل الانتصار الأخير للأنثى، أي إنجاز الاستقلال الذي طال انتظاره، إذن يجب أن تُترك غنائم هذا الانتصار لخيال المشاهد.
وكذلك الأسئلة المتعلقة بالكيفية التي ستروي بها كلير حقيقة قتل دوغ، وما إذا كانت الصحافية جانين ستكشف أياً من جرائمها، وما إذا كان ابن كلير هو حقاً ابن فرانك.
هذا غريب، استغرق العرض الكثير والكثير من الوقت في بناء الحبكة، لكنَّه في النهاية لم يهتم بها.
اهتم فقط بالخيوط الهامة والرئيسية.
كان يمكن أن تنقلب الطاولة عليها كوريثة، ولكن الكُتاب اكتفوا بنهاية كلاسيكية سوداوية
وبإنهاء "ألم" دوغ، الذي كان عذاب شخصٍ ما زال مخلصاً للرجل الذي قتله، وضَّح لنا المسلسل مرةً أخرى أن التصرف بناءً على العاطفة دون النظر إلى المنفعة خطأٌ مميت.
وكرر المسلسل عرض أفكاره القديمة عن فساد الوسطاء الأميركيين بتصويره الدقيق لآل شيبرد.
وفي الوقت نفسه، تلاعبت الخيوط الدرامية الجانبية حول حدوث كارثة بيئية وحرب نووية محتملة ببساطة بقطع الشطرنج القديمة.
من دون فرانك، كان من الممكن أن يخوض المسلسل أراضي جديدة بتصوير العواقب الأوسع لسياسات آل أندروود.
لكن بدلاً من ذلك، انتهى المسلسل بالفكرة الكلاسيكية السوداوية بأنَّ كل قائد جديد سوف يصبح مثل سابقه تماماً، يربح بفعل الشيء البغيض الضروري.