أعلنت النمسا بدء تحقيقات بشأن ما إذا كان ضابط سابق في الجيش برتبة كولونيل قد تجسس لحساب روسيا عدة عقود، وفق ما أكده المستشار سيباستيان كورتز الجمعة 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، في فصل جديد من سلسلة الاتهامات الموجهة لموسكو بالتجسس على دول الاتحاد الأوروبي.
وقال كورتز في مؤتمر صحافي، إن الكولونيل المتقاعد البالغ من العمر 70 عاماً، يشتبه في أنه بدأ العمل مع الاستخبارات الروسية بتسعينيات القرن الماضي واستمر حتى 2018.
وأكد مكتب المدعي العام في مقاطعة سالزبورغ التحقيق مع الكولونيل بجرم كشف أسرار الدولة.
وألغت وزيرة الخارجية النمساوية كارين كنايسل، التي دعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لحفل زفافها في أغسطس/آب 2018، زيارة كانت مقررة لموسكو بسبب القضية. كما استدعت القائم بالأعمال الروسي، إذ إن السفير خارج البلاد.
في الوقت نفسه، أعلنت وزارة الخارجية الروسية إنها ستستدعي السفير النمساوي، لمناقشة المسألة.
وقال كورتز للصحافيين: "بالطبع، في حال تأكيد مثل هذه الحالات، إن كانت في هولندا أو في النمسا، فإن ذلك لا يمكنه أن يسمح بتحسين العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا".
وكان كورتز يشير بذلك إلى طرد هولندا 4 عملاء استخبارات روس في أبريل/نيسان 2018، للاشتباه في أنهم خططوا لشن هجوم إلكتروني على منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي.
وأكد كورتز أن "التجسس الروسي في أوروبا غير مقبول ويجب أن يُدان". وقال إن النمسا "تطالب بمعلومات شفافة من الجانب الروسي"، وإنها ستجري مشاورات مع حلفائها الأوروبيين بشأن الخطوات التالية.
تسليم معدات
في المؤتمر الصحافي نفسه، قال وزير الدفاع النمساوي ماريو كوناسيك، إن القضية تكشفت "قبل بضعة أسابيع"، إثر معلومات من وكالة استخبارات أوروبية أخرى. وأضاف كوناسيك: "لا يمكننا حالياً تحديد ما إذا كانت حادثة معزولة أم لا".
وأكد أن الكولونيل قام بتسليمه "معدات تقنية"، منها جهاز كمبيوتر محمول يتم تفحصه حالياً.
وقال كوناسيك إن الكولونيل قال خلال استجوابه إن الروس كانوا مهتمين "بأنظمة أسلحة، خلال وضع الهجرة الذي كان سائداً بالنمسا في السنوات القليلة الماضية".
وأضاف كوناسيك أن القضية تشير إلى أنه "حتى بعد نهاية الحرب الباردة، استمرت عمليات التجسس، وتظهر لنا الحاجة لتشديد شبكتنا الأمنية داخل النمسا وفي وزارة الدفاع".
وبحسب تقارير وسائل إعلام نمساوية، فإن الكولونيل تلقى 300 ألف يورو (340 ألف دولار) لقاء خدماته.
روابط روسية
النمسا ليست عضوة في حلف شمال الأطلسي، وتعلق أهمية كبيرة على وضعها كدولة حيادية. لذلك كانت إحدى الدول الأوروبية القليلة التي لم تطرد دبلوماسيين روساً في أعقاب تسميم الجاسوس السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا ببريطانيا في مارس/آذار 2018.
وتكثَّف التركيز على علاقة النمسا بروسيا بشكل خاص، منذ انضمام حزب "الحرية" اليميني المتطرف إلى الحكومة الائتلافية في ديسمبر/كانون الأول 2017.
وحزب الحرية، الذي رشح كنايسل والذي ينتمي إليه أيضاً كوناسيك، يرتبط بـ "معاهدة تعاون" مع حزب "روسيا المتحدة" بزعامة الرئيس فلاديمير بوتين منذ 2016.
وفي أغسطس/آب 2018، أثارت كنايسل جدلاً بدعوتها بوتين إلى حفل زفافها كضيف شرف.
علاوة على ذلك، أقر وزير الداخلية هيربرت كيكل، المنتمي إلى حزب الحرية في سبتمبر/أيلول 2018، بأنه طُلب من النمسا اتخاذ "تدابير لبناء الثقة" من أجل الحفاظ على التعاون مع أجهزة استخبارات حلفاء.
وجاء ذلك في أعقاب تقارير ذكرت أن أجهزة استخبارات غربية تشعر بقلق متزايد إزاء تشارُك معلومات مع النمسا؛ خشية تمريرها إلى موسكو.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، نشرت أسبوعية "فالتر" النمساوية ما قالت إنه وثيقة من وكالة الاستخبارات الداخلية الفنلندية، تطلب فيها معلومات من دول شريكة، لكنها تستثني بشكل خاص "وكالة حماية الدستور ومكافحة الإرهاب" النمساوية.