استطاع الديمقراطيون إعادة السيطرة على مجلس النواب الأميركي رغم حصول الجمهوريين على الأغلبية بمجلس الشيوخ.
ورأت صحيفة Independent البريطانية، أن نتائج انتخابات التجديد النصفي يمكن أن تكون كارثية على الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بسبب تصويت الأميركيين لإحباط أجندة ترمب أو جعلها في وضع حرج، رغم أن الجمهوريين قبيل الانتخابات النصفية لعام 2018 كانوا يسيطرون على كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ.
هل يمكن اتهام ترمب وعزله بعد فوز الديمقراطيين بمجلس النواب؟
حسب الصحيفة، فإن القدرة على عزل ترمب أمر محتمل، ولكن هناك بعض المحاذير. فمع سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب يمكننا أن نشهد تصاعد حدة الدعوات لإجراء التحقيقات بشأن فضائح ترمب وخلافاته. ويرجع ذلك ببساطة إلى حصول الديمقراطيين -الذين يمثلون حزب الأغلبية– على المزيد من الأموال والموظفين، وسيطرتهم على لجان مجلس النواب.
ومع ذلك، فيما يتعلق فعلياً بتنفيذ إجراءات العزل سوف يستغرق الأمر بعض الوقت، ويستلزم بعض الإقناع السياسي. أولاً سوف يحتاج مجلس النواب الأميركي إلى الحصول على أغلبية الأصوات من أجل عزل ترمب. ومع ذلك، حتى في حالة حدوث ذلك من خلال الأغلبية الديمقراطية، سوف يحتاج مجلس الشيوخ إلى الحصول على أغلبية ثلثي الأعضاء للقضاء بعزله، وقد تمكن الجمهوريون بالفعل من السيطرة على مجلس الشيوخ.
وعلاوة على ذلك، واجه الديمقراطيون بعض العقبات في الحصول على ما يكفي من الأصوات، لتنفيذ إجراءات عزل ترمب.
ففي العام الماضي، قدّم 6 من الأعضاء الديمقراطيين بنود عزل ترمب إلى مجلس النواب، وأخفق الجميع في الحصول على أغلبية الأصوات، وربما يرجع كل ذلك إلى أن زعماء الحزب الديمقراطي –مثل زعيمة الأقلية نانسي بيلوسي– لا يعتقدون أن هذا هو الوقت المناسب أو الأولوية الأولى لدى حزبهم لعزل الرئيس.
لكن لماذا لا يرغب الزعماء الديمقراطيون في دعم عزل ترمب؟
بحسب الصحيفة البريطانية هناك سببان يتمثلان في: الناخبين الأميركيين، وتحقيقات مولر في حملة ترمب الانتخابية.
لم يرغب الديمقراطيون في الأغلب في استخدام مصطلح "العزل" خلال الحملة الانتخابية في انتخابات التجديد النصفي، لماذا؟ لأنه قد يؤدي إلى عزوف الناخبين عن الانتخابات.
وبالرجوع إلى إجراءات عزل الرئيس بيل كلينتون، كان الجمهوريون صارمين بشأن عزل كلينتون، ولكن ذلك عاد بالضرر على حزبهم يوم الانتخابات. فقد احتشد الديمقراطيون بأعداد غفيرة أمام مكاتب الاقتراع، ما أدى إلى حصولهم على خمسة مقاعد بمجلس النواب الأميركي. وتمت الإطاحة برئيس مجلس النواب في ذلك الحين نيوت غينغريتش.
وببساطة، يمكن أن تؤدي الحملة التي تستهدف "عزل الرئيس" إلى تعبئة الأميركيين للتصويت لصالح الجمهوريين.
ويعد السبب الآخر وراء حذر الزعماء الديمقراطيين من تنفيذ إجراءات العزل سبباً مباشراً بعض الشيء، فهم ينتظرون النتائج الأخرى الناجمة عن التحقيقات الحالية التي يجريها المستشار الخاص روبرت مولر حول التدخل في الانتخابات الأميركية، والتواطؤ المحتمل بين روسيا وحملة ترمب الانتخابية.
ما المتوقع من تحقيقات مولر؟
تكشف الـIndependent البريطانية أن هناك أمرين، أولهما أنه من المحتمل إضافة اتهامات أخرى إلى لائحة الاتهام في أعقاب الانتهاء من تحقيقات مولر حول حملة ترمب الانتخابية. والأمر الآخر الذي يخشاه الديمقراطيون هو ما إذا كان ترمب يتخلص من أي شخص يتولى الرقابة على تحقيقات مولر، سواء المستشار الخاص ذاته، أو المدعي العام جيف سيشنز، أو نائب المدعي العام رود روزنشتاين.
ويشير الاستراتيجيون الديمقراطيون إلى أنه من المحتمل أن يرفض زعماء حزبهم تنفيذ أي إجراءات عزل، حتى يتمكنوا من التعرف على نتائج تحقيقات مولر، بحسب ما ذكره كبير الخبراء الاستراتيجيين كيفن ماك.
صحيفة Newsweek نقلت عن ماك قوله: "لا أعتقد أن الديمقراطيين سيفعلون شيئاً لحين ظهور نتائج تقرير مولر فعلياً. فقد يشرعون في بعض التحقيقات كما أشاروا. ومع ذلك لا أعتقد أنهم سيتّخذون أي إجراءات حول العزل قبل اكتمال التقرير".
إلى جانب العزل، ماذا يمكن أن يحدث بعد استعادة الديمقراطيين السيطرة على مجلس النواب؟
تقول الصحيفة، إنه يمكن أن يحدث الكثير، فمن المحتمل أن يشهد الأميركيون المزيد من التحقيقات ومذكرات الاستدعاء حول حملة ترمب الانتخابية وإدارته.
ويمكن أن تستدعي لجنة المراقبة أعضاء مجلس حكومة ترمب خلال تحقيقاتها بشأن الفساد، ومن المحتمل أن تطلب لجنة السبل والوسائل الحصول على إقرارات ترمب الضريبية من وزير الخزانة الأميركي ستيف منوتشين، التي يمكن فحصها بعد ذلك للتعرف على ما إذا كان لدى ترمب أي علاقات عمل مع روسيا قد تؤدي إلى السماح بالتدخل الروسي.
ومع ذلك، فمن الأرجح أن يعرقل ذلك أجندة سياسات ترمب. ومع سيطرة الأغلبية الديمقراطية على مجلس النواب يحظى الحزب بسلطة الموافقة على أي تشريع يقدمه ترمب أو يرفضه.
ويعد ذلك هاماً بالنسبة لمشروعات قوانين الإنفاق، ولسنّ تلك القوانين لا بد من تمريرها من خلال مجلسي النواب والشيوخ، فمن خلال مجلس النواب الخاضع لسيطرة الديمقراطيين يمكن رفض أي جهود يبذلها الحزب الجمهوري من أجل الحد من برامج الاستحقاق المحلية –مثل الضمان الاجتماعي– أو تمويل الجدار الحدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك.
واتَّصل ترمب ببيلوسي، وبزعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، وزعيم الديمقراطيين بالمجلس تشاك شومر، وعدد من الجمهوريين الفائزين.
وخلال العشرين عاماً المنصرمة لم تشهد الولايات المتحدة سوى ثلاث دورات انتخابية، حصل فيها حزب واحد على 24 مقعداً أو أكثر. وتعد مكاسب الثلاثاء 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، الأكبر منذ عام 2010، عندما أدت موجة غضب المحافظين من الرئيس الديمقراطي باراك أوباما إلى حصول الجمهوريين على 64 مقعداً.
وجرى التنافس في هذه الانتخابات على جميع مقاعد مجلس النواب، وعلى 35 من مقاعد مجلس الشيوخ، البالغ عددها 100 مقعد، وعلى 36 من مناصب حكام الولايات الخمسين.
وأظهر استطلاع أجرته رويترز/إبسوس في يوم الاقتراع، أن الناخبين من النساء والشبان وأصحاب الأصول اللاتينية دعموا مكاسب الديمقراطيين. وقالت نسبة 55% من النساء إنّهن دعمن مرشحاً ديمقراطياً لشغل مقعد بمجلس النواب هذا العام، مقابل 49% في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس لعام 2014.
وأظهر الاستطلاع أن الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 أيدوا الديمقراطيين بنسبة 62%، مقابل 34% أيّدوا الجمهوريين. وفضّل الناخبون من أصول لاتينية الديمقراطيين في انتخابات مجلس النواب، بمقدار 33 نقطة مئوية