أصدرت فرنسا مذكرات توقيف دولية بحق مسؤولين سوريين كبار في الاستخبارات السورية في قضية تتعلق بمقتل فرنسيين-سوريين اثنين، كما أفادت مصادر قضائية فرنسية الاثنين 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وأوضحت المصادر أن المسؤولين في النظام السوري متهمين بأعمال تعذيب وجرائم حرب.
متهمون بأعمال تعذيب وجرائم ضد الإنسانية
وقالت المصادر إن المذكرات التي تستهدف رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك واثنين آخرين صدرت بتهمة "التواطؤ في أعمال تعذيب" و"التواطؤ في جرائم ضد الانسانية" و"التواطؤ في جرائم حرب".
وصدرت مذكرات التوقيف في 8 تشرين الأول/أكتوبر لكن تم إعلانها الاثنين بحسب الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان.
والمسؤولان الآخران في الاستخبارات السورية هما اللواء جميل حسن رئيس إدارة المخابرات الجوية السورية، واللواء عبدالسلام محمود المكلف فرع التحقيق في إدارة المخابرات الجوية بسجن المزة العسكري في دمشق.
والمسؤولون الثلاثة مطلوبون في إطار قضية اختفاء مازن وباتريك دباغ وهما أب وابنه أوقفا في تشرين الثاني/نوفمبر 2013 وفقد أثرهما بعد اعتقالهما في سجن المزة، بحسب الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان. وأُعلنت وفاتهما رسمياً هذا الصيف.
ألمانيا سبق وأن أصدرت مذكرات اعتقال بحق مسؤولين في النظام السوري
وفي حزيران/يونيو، ذكرت أسبوعية "در شبيغل" الألمانية أن مدعين ألماناً أصدروا كذلك مذكرة اعتقال بحق جميل حسن الذي يعمل في الاستخبارات السورية بتهمة الإشراف على تعذيب وقتل مئات المعتقلين.
وفي كل من ألمانيا وفرنسا، استندت التحقيقات جزئياً الى الأدلة التي قدمها "قيصر"، وهو مصور عمل لدى الشرطة العسكرية السورية فرّ من بلاده عام 2013 وبحوزته 55 ألف صورة تظهر جثث أشخاص تعرضوا للتعذيب، بحسب ما أفادت مصادر قضائية في فرنسا. ورفض المدعي العام الألماني آنذاك التعليق على المسألة.
من جهتها، اعتبرت المحامية والمنسقة في الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان كليمانس بيكتارت، الاثنين، أن مذكرات التوقيف الأخيرة "تظهر أن جدار الحصانة الذي يحيط بالمسؤولين السوريين من أعلى المستويات قد تحطم بالفعل".
اعتراف بفظائع النظام و الاستخبارات السورية تجاه المعتقلين
وأفادت في بيان مشترك مع محامي العائلة باتريك بودوان بأن "هذه خطوة غير مسبوقة نحو العدالة لعائلة دباغ ونحو الاعتراف من قبل قضاة مستقلين بالفظائع التي ارتكبها النظام السوري و الاستخبارات السورية بحق المعتقلين".
وبحسب الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، قد تتم محاكمة المسؤولين الثلاثة في فرنسا بغضّ النظر عن تنفيذ الأمر الوارد في مذكرات التوقيف، وذلك بموجب "الاختصاص القضائي خارج الحدود"، والذي يطبق في حالات الاتهامات المتعلقة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وتسبب النزاع السوري بمقتل أكثر من 360 ألف شخص، بينهم 110 آلاف مدني على الأقل، وفق آخر حصيلة أوردها المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ويشير الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان إلى أن القوات الحكومية والمجموعات المرتبطة بها اعتقلت ما بين 250 ألف ومليون مدني منذ اندلاع التظاهرات المناهضة للنظام في 2011.
مشروع سري لجمع الأدلة على جرائم بشار الأسد
فقد كشفت صحيفة The Times البريطانية، عن وجود صناديق كرتونية في غرفة محصَّنة مغلقة، تراقبها الكاميرات الأمنية في مكانٍ سري بإحدى المدن الأوروبية، ومحتوياتها تقشَّعر لها الأبدان.
وحسب الصحيفة البريطانية، يوجد بداخلها مليون صفحة من الوثائق، تحوي إحاطاتٍ استخباراتية عالية السرية، تُبَيِّن التعذيب المنهجي وقتل الخصوم.
معظم الوثائق منقوش عليها العُقاب الذي يُشير إلى النظام السوري ، ويحمل بعضها توقيع الرئيس بشار الأسد نفسه.
إنَّه أكبر مخبأ لوثائق تخص حرباً ما زالت جاريةً، والوثائق تدين أحد أطراف تلك الحرب بأبشع الجرائم.
يُظهر الأرشيف نظاماً يستخدم البراميل المتفجِّرة ويشنّ الغارات الجوية على المناطق السكنية وحتى المستشفيات، في حربٍ شهدت مقتل ما يقرب من نصف مليون سوري ونزوح أكثر من 5 ملايين.
هذا المشروع السري لجمع الأدلة على جرائم حرب الأسد هو من بنات أفكار بيل ويلي (54 عاماً)، وهو جندي كندي سابق ومُحقِّق في جرائم الحرب، أُصيب بالإحباط في العمل بالمحاكم الجنائية الدولية، التي رأى أنَّها بطيئةٌ في تحقيق العدالة ومُكلِّفة للغاية.
قال ويلي إنَّ ما جمعه يُثبت "مئات المرات أنَّ الأسد يسيطر تماماً على كل ما يحدث في النظام، وهو مسؤول عن عمليات قتل أكثر بكثير من التي ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)".