رحَّبَت الحكومة اليمنية المُعتَرَف بها دولياً، الخميس 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بجهود السلام الجديدة بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، في حين حذَّرَ مُحلِّلون من أن فشل الجهود الدبلوماسية السابقة يشير إلى تحدياتٍ ستواجه أي محاولات جديدة لإنهاء الحرب المستمرة منذ 3 أعوام، بحسب تقرير لصحيفة The Wall Street Journal الأميركية.
وحثَّ كلٌّ من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، ووزير الدفاع جيمس ماتيس، التحالف الذي تقوده السعودية وتدعمه الولايات المتحدة الأميركية، وأعداءه اليمنيين -وهم المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران- على الاتفاق على مهلةٍ لوقف إطلاق النار، وهو جزءٌ من محاولات إدارة ترمب لإنهاء الصراع.
من السبب؟
كان من المُقرَّر أن تنعقد المحادثات الأخيرة بقيادة الأمم المتحدة قبل شهرين، لكنها لم تكتمل إثر فشل الحوثيين في الوصول إلى جنيف. قال التحالف وحلفاؤه إن الحوثيين وضعوا متطلبات غير معقولة باللحظة الأخيرة، في حين قال الحوثيون إن التحالف، الذي تسيطر قواته على سماء اليمن، قد منعهم من الذهاب إلى هناك.
وتُبلوِر مثلُ هذه النتائج المصاعبَ التي تواجه محاولات الوساطة من أجل السلام في اليمن. فقد ذهب إلى هناك مبعوثان من الأمم المتحدة، وعادا بعد فشل محاولاتهما الوصول إلى اتفاقات سلام. أما المبعوث الثالث، وهو البريطاني مارتن غريفيث، فقد بدأ في فبراير/شباط 2018.
والخميس 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أعلنت الحكومة اليمنية المُعترف بها دولياً، بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، ترحيبها بجهود السلام الجديدة بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، قائلةً إنها "تتماشى مع رغبات القيادة السياسية"، حسب بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية التابعة لها.
وذكرت أيضاً الحكومة اليمنية، ومقرها مدينة عدن، إجراءات معيَّنة يجب أن تصاحب المحادثات من أجل بناء الثقة، من ضمنها إطلاق سراح الأسرى، ونقل إيرادات الحوثيين إلى البنك المركزي في عدن، وفتح المطارات، وتسليم ميناء الحُديدة الواقع على البحر الأحمر إلى الأمم المتحدة.
ويتعيَّن على التحالف الذي تقوده السعودية الآن مناقشة الجهود الأميركية علناً، ما يُلقِي بظلالٍ من الشكِّ على ما إذا كانت المحادثات قد تجري قريباً.
وقد صرَّح القيادي الحوثي محمد علي الحوثي، الخميس 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، قائلاً إن دعوات السلام الدولية الأخيرة كانت إيجابية، وأضاف أنه يتعيَّن على القائمين بتلك الدعوات متابعة الأمر من خلال العمل على وقف التفجيرات في اليمن، بحسب الموقع الإلكتروني لشبكة تلفزيون "المسيرة" التابعة للحوثيين.
الدور الأميركي في حرب اليمن
وتُزوِّد الولايات المتحدة الطائرات السعودية بالوقود في الجو، وتُقدِّم غير ذلك من أشكال الدعم محدود النطاق للتحالف الذي تقوده السعودية، والذي ينفِّذ ضربات جوية ومعارك على الأرض منذ عام ،2015 لطرد الحوثيين من العاصمة صنعاء. وقد جاء هذا الدعم الأخير في ظلِّ مزيدٍ من التدقيق، بسبب تعداد الخسائر بين المدنيين إثر الضربات التي نفَّذَها التحالف، وضمن ذلك ضرب حافلة مدرسية في بداية شهر أغسطس/آب 2018، وقتل عشرات الأطفال. وأقرَّ التحالف في وقتٍ لاحقن بأنه قد أخطأ في هذه الضربة.
إن العدد الكبير من الفصائل المختلفة المتصارعة في اليمن يساعد في تفسير فشل المحاولات السابقة لوقف الحرب. يسيطر الحوثيون على مناطق في شمال غربي صنعاء، بيد أنهم لا يتحكَّمون بشكلٍ كامل، في جميع القوى المتعاطفة معهم، وهو عاملٌ يُعتَقَد أنه قد أسهم في خرق اتفاقات وقف إطلاق النار.
وفي الوقت نفسه، يواجه منصور هادي، بعض التحديات في عدن من قِبل المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يرغب في استقلال الجنوب. ويظل للمتطرفين المنتمين إلى تنظيمي "القاعدة" و"الدولة الإسلامية" (داعش) وجودٌ في البلاد.
وقد تتمكَّن الجهود الأميركية من إقناع المملكة السعودية وحلفائها بتقديم تنازلات والإسراع بعملية السلام. لكن حتى وإن وافق التحالف بقيادة السعودية على القيام بأكثر الخطوات الممكنة صعوبة وإنهاء ضرباته الجوية ومعاركه على الأرض بشكلٍ فوري، فلن يُوقف ذلك الصراعَ بين الفصائل اليمنية الأخرى، حسبما أشار آدم بارون، الزميل بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.
وأضاف: "لا شك في أن تدخُّل التحالف قد زاد من حدة الصراع، لكنك إن نحَّيت كل ما يفعله التحالف جانباً، فسيظل الصراع مستمراً".
متطلبات السلام الدائم
وقال إن الوصول إلى سلامٍ دائم في اليمن سيتطلَّب إجراء محادثات مُكثَّفة ومُعقَّدة، واتفاق شامل في الغالب سيتضمَّن إشراك قوات دولية لحفظ السلام. ومن شأن الاستثمارات والجهود التي بذلتها المملكة السعودية وحلفاؤها في اليمن، وضمن ذلك استهداف قواعد عسكرية، أن تكون عاملاً يزيد من تعقيد المحادثات.
وقال جوست هلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمجموعة الأزمات الدولية في بروكسل، إن خطة السلام قد تبدأ بوقف إطلاق النار بمدينة الحُديدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ثم وضع اتفاقات أخرى مثل وقف إطلاق القذائف الحوثية على السعودية ووقف الضربات الجوية السعودية، وبعد ذلك الانتقال إلى محادثاتٍ سياسية والاتفاق على وقف لإطلاق النار على نطاقٍ أوسع.
واستدرك: "لكن المعرقلات كثيرة، وكذلك المعرقلون في الداخل".
أدَّى الصخب الدولي الذي سبَّبه مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي بالقنصلية السعودية في إسطنبول، مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2018، إلى زيادة الضغط على السعودية للانسحاب من اليمن، وإظهار أنها تسعى إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة.
لقي عشرات الآلاف من الأشخاص حتفهم في حرب اليمن، حسب بعض التقديرات. ومع استمرار الصراع، أصبح من الصعب إدخال الأغذية والمستلزمات الطبية وغير ذلك من المساعدات الإنسانية إلى الأراضي اليمنية؛ ما يدفع الملايين على أعتاب الدخول في مجاعة. وتلقي العديد من الجماعات الحقوقية باللائمة على التحالف السعودي في الإسهام بتأجيج المعاناة، من خلال تحجيمه الحركة التجارية عبر الموانئ والمطارات اليمنية.