طاهٍ مكسيكيٌّ أشفق على زوجات جنود أميركيين جائعين فاخترع «الناتشوز».. قصة هذه الأكلة الشهية التي بدأت صدفة

لا تكتمل سهراتنا إلا بتلك الأكلات الخفيفة الشهية، منها أكلة الناتشوز المكسيكية، والتي يصادف اليوم 21 أكتوبر اليوم العالمي لها، لكن هل تعلم أن لها تاريخاً طريفاً.

 والناتشوز عبارة عن رقائق تورتيلا مقطعة على هيئة مثلثات مقلية مغطاة بالجبن الذائب وعادةً ما تكون حارة.

ولكن كيف كانت بداية الناتشوز، وكيف تطورت عبر السنوات؟

زوجات جائعات ومطاعم مغلقة 

اختُرعت الناتشوز عن طريق الصدفة -وهي صدفة سعيدة لحسن حظنا- في بلدة صغيرة بشمالي المكسيك اسمها بيدراس نيغراس.

بسبب مجموعة من زوجات الجنود الأميركيين  المقيمين في قاعدة عسكرية بتكساس الأميركية، التي تقع على حدود بلدة بيدراس نيغراس، عندما قرَّرن التسوق في البلدة.

وبعد الانتهاء ذهبن لتناول الطعام ليفاجأن أن كل المطاعم مغلقة في هذا اليوم.

أشفق الطاهي المكسيكي إغناتشو أنايا "Ignacio Anaya" عليهن، وقرَّر أن يحضِّر لهن وجبة سريعة بالمتاح عنده في المطبخ، قطَّع شرائح التورتيلا إلى مثلثات، ثم حمَّرها في الزيت، وأضاف عليها القليل من الجبن ووضعها لدقائق معدودة في الفرن حتى يسيح الجبن، ثم قدَّمها بعد وضع الفلفل الهالبينو الحار عليها.

أُعجبت النساء للغاية بهذه الوجبة الجديدة، وسألن الطاهي عن اسمها، ولأن اسمه ناتشو، أخبرهن أن هذه هي شرائح ناتشو المميزة، لتنتشر بعد ذلك باسم ناتشو.

وتنتقل من مدينة إلى مدينة في المكسيك وجنوب أميركا، ثم تنتقل بعدها إلى دول العالم المختلفة، ويخلّد اسم ناتشو في تاريخ الطعام.

إرث الناتشوز من الأب لابنه

 

بعد إعجاب النساء بهذه الوصفة، سجَّلها ناتشو في كتاب وصفات الطعام للمدينة، وهو لا يدري أنه بهذا يثبت حقه في براءة اختراع واحدة من أشهر الوجبات الخفيفة على مستوى العالم. واستمرَّ في تقديمها مع ابنه إغناتشو أنايا جونيور بعدما افتتح مطعمه الخاص، الذي يحمل اسم مطعم ناتشو .

"Nacho's Restaurant"، وتوفي عام 1975، ليُعلن بعدها عن تحديد يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول، ليكون هو اليوم العالمي للناتشوز.

بعد وفاة الأب ظلَّ الابن محافظاً على الإرث الذي تركه له والده.

وأقامت البلدة مهرجاناً سنوياً للناتشوز يمتد لثلاثة أيام بين 13-15 أكتوبر/تشرين الثاني.

وكان هو الحكم الدائم في مسابقة الناتشوز التي تقام في المهرجان، وهذا حتى وفاته هو الآخر في 2010.

مطوّرون للأكلة وانتشار عالمي

في عام 1976 قام طاهٍ مكسيكي آخر، وهو فرانك ليبرتو بإعداد وصفة الناتشوز الخاصة به، المكوّنة من شرائح الناتشوز سابقة التجهيز ذات التكلفة القليلة وقدَّمها مع صوص الجبن، فاستطاع أن يوازن بين الأكلة الأصلية وبين ذائقة الجمهور الأميركي.

وقدَّمها لأول مرة في مباراة بيسبول ليذيع صيتها وتصبح مطلوبة بمختلف المباريات الرياضية في الولايات الأميركية الجنوبية.

وفي عام 1978 الذي كان نقلة تاريخية مهمة في رحلة الناتشوز، استمتع المذيع الرياضي هاورد كوسيل بتناول الناتشوز أثناء المباراة.

ومن شدة إعجابه بها ذكر هذا الأمر على الهواء، ليفتح سوقاً أكبر للناتشوز أمام جمهورٍ جديدٍ لها، ويبدأ الانطلاق الحقيقي للناتشوز تجاه العالمية.

صراع على براءة اختراع أكلة الناتشوز

رغم أن ليبرتو هو مطوّر للوصفة الأصلية، إلا أن الأميركيين أطلقوا عليه أبو الناتشوز، لأنه هو من أدخل هذه الأكلة إلى ثقافتهم الشعبية، متجاهلين دور أنايا في ابتكار الوصفة من الأصل، ربما يكون عن جهل وليس عن عمد.

هذا ما دفع أنايا الابن إلى محاولة إثبات براءة الاختراع لأبيه، وهو ما فشل فيه بطريقة رسمية.

ولكنه نجح بالرغم من ذلك في تعريف العالم بأن والده هو المخترع الأصلي للوصفة، حتى وإن كان هذا بطريقة غير رسمية.

طرق مختلفة حول العالم للناتشوز.. منها إضافة الشوكولاتة

بانتشار الناتشوز في دول العالم المختلفة، تبارى الطهاة في تقديم الناتشوز بطرق مختلفة ووضع بصمتهم الخاصة عليها، فلم تعد الوصفة الأصلية التي ابتكرها أنايا تقضي حاجة الإنسان المعاصر للتميز والاختلاف.

فبالإضافة إلى الجبن والفلفل الحار أضيفت بقوليات مختلفة، أنواع مختلفة من الجبن، بروتين حيواني مثل اللحم أو الدجاج المفروم.

وتقدّم الناتشوز عادةً مع كريمة حامضة أو صلصة، وفي دراسة أُجريت على محبي الناتشوز، تبيَّن أن المكوّن الإضافي المفضّل بعد الجبن الزائدة هو اللحم المفروم.

مؤخراً لم تعد الناتشوز حكراً على الوجبة الخفيفة المكونة من رقائق التورتيلا، بل اختُرعت الناتشوز الحلوة وهي لا تحتوي على أي من مكونات الناتشوز الأصلية ولا حتى رقائق التورتيلا، فهي من الممكن أن تتكون من معجنات رقيقة مقلية مغطاة بمزيج من السكر والقرفة، أو قطع بسكويت عليها شوكولاتة ومارشملو، أي أنها تتكون في الأساس من قاعدة مقرمشة ومغطاة بمكونات تحتوي على السكر.

بوابة المطبخ المكسيكي للعالمية

بالرغم من بساطة مكونات الناتشوز، إلا أنها بانتشارها الواسع في العالم فتحت الباب على مصراعيه ليدخل المطبخ المكسيكي في سباق المطابخ العالمية الشهيرة، وربما لولا اختراع الناتشوز لما كانت أكلات مكسيكية أخرى حصلت على نفس شهرتها الآن، مثل البوريتوس والتاكوس وغموس الغواكامولي.