يخوض رئيس الوزراء الماليزي نجيب تون عبدالرزاق، معركة من أجل البقاء على الساحة السياسية، وذلك حين يتوجه المواطنون الماليزيون إلى صناديق الانتخابات هذا الأسبوع. وذلك بعد تضاؤل الفارق بينه وبين منافسه الدكتور مهاتير محمد إلى حد كبير.
اعتقد الكثيرون وفق صحيفة The Guardian البريطانية، أن فوز نجيب الذي ظل في السلطة منذ عام 2009، سيكون سهلاً ومضموناً في انتخابات يوم الأربعاء. لكن في الأسابيع القليلة الأخيرة، تحول الموقف ضده، حتى في منطقة مالايو الريفية التي كانت معقلاً رئيسياً لتحالفه الحاكم الجبهة الوطنية (BN)، لمدة طويلة.
يتوقع الكثيرون أن تخسر الحكومة أصوات الناخبين مجدداً، لكن بفضل التلاعب الأخير بقوانين الانتخاب وإعادة رسم الحدود الانتخابية سيكون بإمكانها البقاء في السلطة.
فوزه بأفل من 130 مقعداً سيكون تهديداً له
يقول رموز داخل حزب منظمة الملايو الوطنية المتحدة "أمنوا" الحاكم، إن فوز نجيب بأقل من 130 مقعداً من أصل 222 (يحتفظ الحزب حالياً بـ133 مقعداً) قد تعني على الأرجح مواجهته لتحديات قد تطيح به من منصبه في الفترة التي تلي الانتخابات.
تسيطر المعارضة بقيادة رئيس الوزراء الأسبق مهاتير محمد على معظم سردية الانتخابات. عاد مهاتير محمد البالغ من العمر 92 عاماً، الذي قاد البلاد بين أعوام 1981 و2003 إلى المشهد السياسي، للإطاحة بنجيب الذي كان يتمتع بدعمه وإرشاده فيما مضى. كان مهاتير زعيماً لحزب أمنو يوماً، لكنه انضم إلى صفوف المعارضة في هذه الانتخابات للإطاحة بنجيب.
وقد واجه نجيب كذلك انتقادات متزايدة داخل حزبه. إذ أقال حزب أمنو الأسبوع الماضي اثنين من قادته الكبار، وعلق عضوية آخر -من الموالين الكبار لمهاتير- لتحدثهم ضد نجيب، وحضور فعاليات المعارضة، وفق صحيفة The Guardian.
ركَّزت معظم الانتقادات الموجهة إلى نجيب على دوره في فضيحة 1MDB الكبيرة، حيث اختُلس ما يقرب من 2.6 مليار دولار من صندوق حكومي كان يشرف عليه، وأنفقت حول العالم، ويعتقد أن 681 مليون دولار منها قد آل به المآل إلى حسابه الشخصي.
هناك إرادة كبيرة للتغيير
قالت بريدجيت ويلش، الخبيرة في الشأن الماليزي بجامعة جون كابوت "أظن أن هناك إرادة كبيرة للتغيير في جميع أنحاء البلاد. دخل نجيب إلى هذه الانتخابات قوياً للغاية، وبدا ألا أحد قادر على هزيمته. لكن بعد مدة من بداية الحملة بدأ في خسارة بقعة الضوء، ونتيجة لذلك ابتعد الكثيرون عنه".
رغم أن المعارضة قد اتَّحدت وجذب "حضور مهاتير" الكثير من الأضواء الإعلامية تجاه المعارضة، فإن الأغلبية الصامتة هي من ستقرر نتيجة الانتخابات. يعيش معظم هؤلاء في المناطق الريفية البعيدة في ماليزيا، ومنحوا أصواتهم تقليدياً للجبهة الوطنية.
يحظى نجيب بولاء كبير من مزارعي المناطق الريفية في مالايو في ولايات مثل صباح وساراواك والتي تمثل 60% من مساحة ماليزيا، بسبب المعونات والدعم الحكومي الواسع الذي قدمه لهم. لا تمثل قضايا مثل فضيحة الفساد المسماة 1MDB قيمة في اختياراتهم التصويتية.
لكي يخسر نجيب الانتخابات يجب أن نشهد انفضاض الناس من حوله في تلك المناطق بشكل كبير، وهو ما زال أمراً غير مرجح.
وجه نجيب نقداً أخيراً للمعارضة في تصريح له يوم الاثنين قال فيه "إن السبب الوحيد لاتحادهم معاً هي رغبتهم الأنانية في الاستحواذ على السلطة لأنفسهم".
قال نجيب واصفاً مهاتير "لا تنخدعوا لا بالدموع ولا بالمزاعم السخيفة بالتخريب أو حتى الاغتيال. الديكتاتور السابق كما وصف نفسه لم يتغير. لقد اعتذر بحرارة عن لا شيء. الحقيقة هي أنه يحاول استغلال حلفائه السابقين، تماماً كما يحاولون هم استغلاله. نفاقهم هذا يخطف الأنفاس".
كما تسود أيضاً مخاوف من زيادة معدلات الأساليب الانتخابية المشينة وغير العادلة مثل شراء الأصوات وذلك لأن نتيجة الانتخابات ستكون متقاربة جداً على الأرجح. هذا بالإضافة إلى رفض طلب اللجنة الماليزية لحقوق الإنسان لمراقبة الانتخابات.
بدلاً من ذلك سيشرف على الانتخابات مراقبون من مجموعة من الدول المختارة ذات أنظمة مشكوك في ديمقراطيتها تضم إندونيسيا وتايلاند والمالديف وتيمور الشرقية وأذربيجان وكمبوديا وقرغيزستان. تيمور الشرقية هي الدولة الوحيدة من بينها التي تحظى بنظام ديمقراطي حر بحسب توصيف Freedom House، في حين تقبع تايلاند تحت حكم حكومة عسكرية غير منتخبة وقرغيزستان وأذربيجان مصنفتان كأنظمة استبدادية.
وفقاً لويلش، من المرجح أن تستمر دراما الانتخابات وهالة التقديس المحيطة بنجيب طويلاً بعد يوم الانتخابات. تضيف قائلة "تدور القصة كلها حول نجيب وقد خاطر بجعلها كلها حول شخصه، فقد يربح مكاسب كبيرة أو يخسر كل شيء. أياً كان ما سيحدث، سنشهد بالتأكيد سيناريو للتغيير".
من هنا ليس للتدقيق
زعيم المعارضة الماليزية المحبوس يدعو لدعم مهاتير
وحثَّ زعيم المعارضة الماليزية المحبوس أنور إبراهيم، الناخبين، الثلاثاء 8 مايو/أيار 2018، على اختيار خَصمه السياسي السابق مهاتير محمد، قُبيل أقل من 24 ساعة على الانتخابات العامة الأكثر تنافساً في تاريخ البلاد.
ويتنافس رئيس الوزراء الذي تلاحقه الفضائح نجيب عبد الرزاق، مع تحالف يضم الثنائي أنور إبراهيم ومهاتير محمد، اللذين يتمتعان بقبول جماهيري كبير، ووحّدا صفوفهما للإطاحة به.
ويَحكم تحالف الجبهة الوطنية (تحالف باريسان) الذي يرأسه عبدالرزاق البلاد منذ أكثر من ستة عقود.
ويواجه تحالف عبدالرزاق مخاطرَ أكبر في الانتخابات الحالية من أي انتخابات سابقة، وحذَّر محللون من أن الأداء الضعيف قد يثير تمرداً داخلياً ضدَّ رئيس الوزراء، البالغ من العمر 64 عاماً.
وقال أنور في بيانٍ من مستشفى في كوالالمبور، حيث يتعافى من جراحة في الكتف "أحثكم جميعاً على الانضمام لحركة الشعب للمطالبة بالتغيير".
وبرغم أنه ما زال يقضي فترة سجن، ظلَّ أنور في المستشفى في الشهور القليلة الماضية. وبدأ تنفيذ عقوبة السجن 5 أعوام بتهمة اللواط في عام 2015، وهو اتهام يقول هو وأنصاره إن له دوافع سياسية. ومن المتوقع أن يطلق سراحه مبكراً، في الثامن من يونيو/حزيران.
وسجن أنور (70 عاماً) لأول مرة، بعدما عزله مهاتير من منصبه كنائب لرئيس الوزراء في عام 1998.
ثم بدأ بعدها حركة إصلاح تهدف لإنهاء حكم تحالف الجبهة الوطنية، القائم على أساس العرق والمحاباة. لكن مسعاه توقَّف بعد اتهامات باللواط والفساد، وهو ما نفاه. وحُكم عليه بالسجن بعد ذلك.
وفي العام الماضي، حدث تغيّر كبير في الموقف، حين دفن أنور ومهاتير خلافاتهما واتّفقا على حشد القوى بهدف الإطاحة بنجيب.
وقال أنور إن شراكته مع مهاتير هي "أكبر مصدر قلق" للحزب الحاكم.