شهدت عدة مناطق في العاصمة اللبنانية بيروت، مساء الإثنين 7 مايو/أيار 2018، توتراً شديداً بين أتباع "تيار المستقبل" الذي يقوده رئيس الوزراء الحالي سعد الحريري، وأنصار حزب الله الذي حقق تقدماً في الانتخابات البرلمانية، التي ظهرت نتائجها الأولية الإثنين.
واندلعت اشتباكات بالحجارة بين الطرفين بمنطقة الدائرة الثانية في بيروت؛ احتجاجاً على نتائج الانتخابات، التي شهدت تراجعاً لـ"تيار المستقبل".
وقد أظهرت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية، التي جرت الأحد 6 مايو/أيار 2018، بعد 9 سنوات من الانقطاع، فقدان "المستقبل" 13 مقعداً؛ إذ يُتوقع أن يتراجع تمثيله من 34 حالياً إلى 21، من أصل 128 مقعداً في المجلس. وأعرب الحريري، الإثنين 7 مايو/أيار 2018، عن "ارتياحه للنتائج". وقال: "سأظل حليف الرئيس (ميشال) عون؛ لأن هذا التحالف يؤمِّن الاستقرار".
محاولات لتدمير تمثال الرئيس الراحل رفيق الحريري في بيروت ورفع أعلام حزبية وإطلاق شعارات تحريضية pic.twitter.com/wXlLaiZaWF
— Radio Sawt Beirut (@SawtBeirut) May 7, 2018
وقال مراسل "عربي بوست" في بيروت، إن قوات من الجيش تدخلت لفض الاشتباكات التي اندلعت بين العشرات من أنصار الطرفين، وقام بعض المحتجين بحرق أعلام حزب الله، في حين أنزل الأخير أتباعه بشكل كبير في العديد من أطراف العاصمة.
وبحسب صحيفة "النهار" اللبناينة، أشار بيان صدر عن "تيار المستقبل" إلى أن "الأزمة اندلعت مع سلسلة استفزازاتٍ منظَّمةٍ بدأت منذ فترة في الشارع، ترافقت مع نزع صور ولافتات".
وأصدر رئيس مجلس النواب، نبيه بري، بياناً استنكر فيه الممارسات المسيئة التي قامت بها بعض المواكب السيَّارة التي جابت شوارع العاصمة بيروت، وطالت رموزاً ومقرات ومقامات، على حد تعبيره.
وأدان برى بأشد العبارات ما وصفها بـ"المظاهر المقيتة" التي حدثت في بعض شوارع العاصمة بيروت والتي أساء فيها بعض الموتورين إلى حركة أمل وحزب الله ولإنجازتهما، على حد تعبيره.
وبحسب الصحيفة، فقد حاولت مجموعة، طوال اليومين الماضيين، نشر حالة من الفلتان والفوضى في أحياء بيروت، والقيام بعمليات تخريب، والاعتداء على النصب التذكاري للرئيس رفيق الحريري، واقتحام منطقة عائشة بكار بمئات الدراجات النارية، وإطلاق هتافات مذهبية واستفزازية.
وأعرب "تيار المستقبل" عن سخطه تجاه هذه الممارسات التي وصفها بـ"الشاذة والمشبوهة"، محملاً المسؤولية الكاملة للقيادات السياسية والحزبية المعنيَّة بضبط فلتان عناصرها، في إشارة إلى حزب الله.
واعتبر حزب الله الاثنين نتائج الانتخابات النيابية "انتصاراً" كبيراً له ما من شأنه أن يكرس نفوذه في المعادلة السياسية في لبنان، فيما أقر رئيس الحكومة سعد الحريري بخسارة ثلث المقاعد التي كان يشغلها في البرلمان المنتهية ولايته.
ولم تفرز النتائج الرسمية، التي اعلنت عنها وزارة الداخلية مساء الإثنين باستثناء دائرة واحدة لم تنته فيها عمليات الفرز.
وقال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطاب متلفز إن النتائج بمثابة "انتصار سياسي ومعنوي كبير لخيار المقاومة الذي يحمي سيادة البلد".
ولم يعلن نصرالله عدد المقاعد التي حصدها حزبه، لكن التقديرات الأولية أظهرت احتفاظ الثنائي الشيعي بالعدد نفسه تقريباً من المقاعد في البرلمان، أي 27 من اصل 128، وربما يزيد حجم كتلته النيابية.
وقال نصرالله "يوجد الآن كما كان في السابق، ولكن بشكل أفضل قوة، حضور نيابي كبير ووازن وحقيقي لقوى المقاومة وحلفائها وأصدقائها"، مضيفاً أن "تركيب المجلس النيابي الجديد يشكل ضمانة وقوة كبيرة لحماية هذا الخيار (المقاومة) الاستراتيجي ولحماية المعادلة الذهبية، الجيش والشعب والمقاومة".
وقبل ساعة من خطاب نصرالله، أعلن الحريري فوز تياره بـ21 مقعداً مقابل 33 في آخر انتخابات في العام 2009 وحاز مع حلفائه الأكثرية المطلقة.
وقال خلال مؤتمر صحافي عقده في دارته في وسط بيروت "كنا نراهن على نتيجة أفضل وعلى كتلة أوسع"، مؤكداً في الوقت ذاته أنه "سعيد" بالنتيجة.
وربط الحريري تراجع عدد مقاعده بطبيعة قانون الانتخاب الجديد، مقللاً من تداعيات ذلك على مستقبل تياره السياسي الذي يؤخذ عليه تقديمه العديد من التنازلات لصالح حزب الله في السنوات الأخيرة.
وقال "لبنان لا يحكم إلاّ بجميع مكوناته السياسية (…) علينا أن نعمل مع بعضنا لبناء البلد فهو لم يعد يتحمّل خلافات سياسية".