دخل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي القنصلية السعودية بإسطنبول يوم الثلاثاء 2 أكتوبر/تشرين الثاني لاستلام وثيقة توضح وضعه الاجتماعي، رغبة منه في الزواج من فتاة تركية وأعطى هاتفه لخطيبته وأخبرها أن تطلب المساعدة إذا لم يخرج.
مرت ساعات ولم يظهر خاشقجي في أي مكان، ما أثار المخاوف من أنَّ الصحافي السعودي خُطف وربما سُلِّم إلى السعودية. ومنذ ذلك الحين، أطلقت الشرطة التركية تحقيقاً وادَّعت أنَّ خاشقجي قُتل داخل القنصلية. وهو الادعاء الذي سفَّهت منه السعودية حسبما قال موقع Middle East Eye البريطاني
على الرغم من الإنكار، فإنَّ المملكة الغنية بالنفط تخضع لنظام ملكي مطلق ولديها سجل تاريخي حافل من رفض التسامح مع المواطنين المعارضين، سواء داخلياً أو خارجياً.
أشار حساب معتقلي الرأي على تويتر أنَّ السعودية في العام الماضي، 2017، وحده اعتقلت أكثر من 100 سعودي من الأكاديميين والنشطاء والعلماء.
🔴 تزامناً مع استمرار المحاكمات السرية لمعتقلي سبتمبر، نورد فيما يلي قائمة محدثة تضم أسماء 104 شخصيات ممن تم اعتقالهم منذ سبتمبر 2017 ولغاية مطلع أكتوبر الجاري، ونُذكّر أن هذه الأسماء هي فقط لمن تمت معرفتهم والتوثق من اعتقالهم تعسفياً في #السعودية خلال الأشهر الـ 13 الماضية ! pic.twitter.com/X6b9L8wg6T
— معتقلي الرأي (@m3takl) October 2, 2018
وفيما يلي قائمة ببعض المواطنين السعوديين، من بينهم أمراء ومعارضون، الذين يُشتَبه في أنَّهم اختُطِفوا أو قُتِلوا أو اختفوا على يد السعودية في الخارج على مدار سنوات كثيرة.
جدير بالذكر أنَّ الرياض نفت كل تلك الاتهامات.
ناصر السعيد
ناصر السعيد هو مؤسس اتحاد شعب الجزيرة العربية، ويُعد أول الشخصيات المعارضة للعائلة الملكية السعودية وأبرزها. وقد بدأ أعمال المعارضة في الخمسينيات حينما أدار برنامجاً إذاعياً مُعارِضاً.
انتقل السعيد بعد ذلك إلى اليمن ليؤسس مكتباً لاتحاد شبه الجزيرة العربية، قبل أن يذهب إلى بيروت، حيث اختفى عام 1979، وهو نفس العام الذي أشاد فيه الرجل بمجموعة من المتطرفين لاستيلائهم على المسجد الحرام في مكة. وحتى يومنا هذا، لا يزال مكان السعيد مجهولاً، لكن الكثيرين يشكّون في أنَّ السعوديين وراء اختفائه.
الأمير سلطان بن تركي
في عام 2003، تعرض الأمير سلطان بن تركي للاختطاف من مدينة جنيف السويسرية، بعدما دعا علناً إلى إجراء إصلاحات في المملكة الخليجية. تزعم شهادات المحكمة أنَّ الأمير استُدرِج إلى اجتماعٍ خارج جنيف، ومن ثَمَّ خدروه بعد محاولاته للمقاومة، ووضعوه على متن طائرة متجهة إلى السعودية.
أخبر فريق موظفيه المحكمة السويسرية أنَّ الأمير أُعِيد إلى السعودية رغماً عن إرادته. وخلال الإجراءات القضائية عام 2016، قال مدير الاتصالات الخاص بتركي إنَّ السفير السعودي لدى سويسرا أتى إلى غرفة تركي بالفندق في جنيف وأَمَرَ الجميع بالمغادرة.
نفت الرياض تلك المزاعم، وقالت إنَّ تركي استُدعي إلى المملكة لتسوية خلاف بشأن تصريحاته. وعلى عكس الأمراء الآخرين الذين اعتقلتهم السعودية، لم يكن تركي من أفراد العائلة الملكية صغار الشأن. زُجَّ به في السجون في البداية، ثُمَّ وُضِع رهن الإقامة الجبرية في فندق "ريتز كارلتون"، ثُمَّ أُطلِق سراحه بعد ذلك في وقتٍ لاحق.
فرَّ تركي بعد ذلك إلى جنيف، حيث رفع قضية مدنية عام 2016 ضد الحكومة السعودية بسبب اختطافه.
الأمير تركي بن بندر آل سعود
اشتُبه أنَّ الأمير تركي بن بندر آل سعود، وهو قائد سابق في الشرطة، تعرَّض للاختطاف وأُعِيد إلى السعودية. كان قد غادر الأمير المملكة الخليجية في أعقاب نزاع على إثر مطالب تتعلق بالميراث، والتي زجَّت به في السجن لاحقاً.
انتقل بندر بعد ذلك إلى باريس، حيث بدأ في نشر مقاطع فيديو على الإنترنت عام 2012 يدعو فيها إلى الإصلاح حتى عام 2015. لا يزال مكانه مجهولاً، لكنَّ صحيفة في المغرب ذكرت أنَّه بدلاً من عودته إلى باريس، احتجزت السلطات المغربية الأمير المعارض ورحّلته إلى الرياض بناءً على طلب من السعودية.
سعود بن سيف النصر
يملك سعود تاريخاً حافلاً بانتقادات الحكومة السعودية. ووجَّه سعود، الذي يُعَد عضواً صغير الشأن نسبياً بالأسرة المالكة، انتقاداته بانتظام للعائلة الملكية السعودية على تويتر.
في إحدى الحالات في عام 2014، طالب سعود بمحاكمة أفراد العائلة الملكية الذين دعموا الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي.
لكنَّ قراره في عام 2015 بالتأييد العلني لرسالتين تدعوان إلى انقلابٍ على الملك سلمان ربما كلفه حريته. وأخبر أميرٌ معارض هيئة الإذاعة البريطانية BBC أنَّ سعود ربما استُدرِج للصعود على متن طائرة متجهة إلى السعودية دون معرفة ذلك. ويظل مكانه هو الآخر مجهولاً.
لجين الهذلول
اشتهرت لجين بدورها في الحملة التي طالبت بتشريع قيادة المرأة للسيارات، ولديها تاريخ حافل بالمشاركة في حملات من أجل حقوق المرأة داخل السعودية. اعتُقِلت الناشطة البالغة من العمر 29 عاماً وأُطلِق سراحها في مناسبات عدة.
وبحسب صحيفة Washington Post الأميركية، رُحِّلَت لجين من الإمارات العربية المتحدة إلى السعودية في ديسمبر/كانون الأول عام 2014، بعدما أوقفها ضباط الأمن الإماراتيون في أبوظبي، حيث ذهبت للدراسة.
ثم مُنِعت بعد ذلك من مغادرة البلاد أو استخدام الشبكات الاجتماعية. اعتُقِلَت الناشطة مرة أخرى في مايو/أيار الماضي، وزُجَّ بها في السجن بتهم تتضمن محاولة زعزعة استقرار المملكة.
في سياق متصل، واصلت هيئات إعلامية عربية وتركية، وشخصيات سياسية، اليوم الإثنين، وقفتها أمام القنصلية السعودية في إسطنبول، تضامناً مع الصحافي جمال خاشقجي للمطالبة بالكشف عن مصيره.
واختفى خاشقجي (60 عاماً) الثلاثاء، عقب دخول قنصلية بلاده في إسطنبول لإجراء معاملة.
ودعا "المجلس العربي للثورات الديمقراطية" و"بيت الإعلاميين العرب في تركيا" للوقفة تعبيراً عن تضامنهم مع الصحافي السعودي.
وقال المعارض المصري "أيمن نور" نائب رئيس المجلس العربي للثورات "إن المجلس يحمل المملكة المسؤولية الكاملة عن هذه العملية التي لا تتسق بأي شكل مع القانون الدولي".
وطالب نور، "السلطات السعودية بالإفصاح عن مصير خاشقجي، لأن كل ما ورد من قبلهم تصريحات لا تتسم بالمسؤولية تجاه أزمة كهذه".
ودعا إلى "ضرورة اتخاذ موقف دولي واضح تجاه هذه الجريمة لأنها تمس حرية الصحافة والإنسانية".
وكان طوران قشلاقجي رئيس بيت الإعلاميين العرب (إحدى الجهات المنظمة للوقفة) قد صرّح سابقاً أن لديهم معلومات تؤكد مقتل الصحفي السعودي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، وأنهم تلقوا معلومات تفيد بمقتله بوحشية كبيرة.
ووصل وفد أمني مكون من محققين سعوديين إلى إسطنبول السبت، بناءً على طلب الجانب السعودي وموافقة من الجانب التركي للمشاركة في التحقيقات حول اختفاء خاشقجي.
وأوضحت مصادر في النيابة العامة التركية أنها فتحت التحقيق باختفاء خاشقجي في 2 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، وهو اليوم الذي دخل فيه القنصلية السعودية في إسطنبول.
والأربعاء الماضي، استدعت الخارجية التركية، السفير السعودي لدى أنقرة وليد بن عبد الكريم الخريجي، للاستفسار عن وضع خاشقجي.