الاستقرار اختيارك أم المجتمع؟
إذا وضعت قدمك على أعتاب المرحلة الأولى من الفكر، وسألت نفسك: ماذا أحب أن أتعلم؟ وماذا أريد من التعلّم؟
تلك هى البداية الجيدة.. أن تفكر، لقد ذهبت السنوات سُدى دون أي جديد، ترتضي لنفسك بالوضع الحالي لمعيشتك ووظيفتك ودخلك بدعوى الاستقرار، ولم تجهد نفسك بأن تطورها بتعلم الجديد والبحث عن عمل آخر خوفاً من المجهول، وطمعاً أيضاً في الاستقرار.. ما أسوأ الاستقرار حين يعني السلبية وعدم الطموح.. حين يعني الموت البطيء!
أتعلم وأعمل ما لا أحب فماذا أفعل؟
نعم قد تفرض عليك الظروف الاجتماعية أن تتجه إلى دراسة جامعية غير هواياتك وغير ماتحب، وتقضي سنوات في تعلم ما لا تحب، هنا يجب أن تتعلم أول دروس الحياة بأن تصبر وتحفز نفسك على النجاح، فلا بد أن تكون قدر المسؤولية، ولا بد أن تكون ناجحاً ومتميزاً تحت أي ظروف، وليكن حافزك في تلك المرحلة -حبك لأن تنهي مرحلة من حياتك، وبعد الجامعة قد تعمل أيضاً في نفس المجال الذي لم تختَره أصلاً، ولكن لا أحد يدري، فقد يجعل الله لك فيه الخير الكثير، وقد يكون سبب سعادتك وتميزك في الحياة طالما اجتهدت وعملت أقصى طاقتك، ولترضَ بما أحب الله لك، وكما قال أحد الصالحين "ندعو الله بما نحب، فإذا وقع ما نكره تركنا رضانا إلى رضاء الله، ولم نخالف الله فيما يحب".
ولكن لا تكفّ عن التعلّم وتطوير ذاتك بالبحث عن سبل التميز في تخصصك، ليفتح لك المجال لعمل آخر ووضع أفضل، وإذا كنت لا تستطيع أن تتعلم ما تحب، فحاول أن تحب ما تتعلم؛ لأنه وسيلة لهدف ستحبه ويسعدك في الغد، وهو أن تكون ناجحاً.
القضية الأساسية هي نفسك
لا تنشغل كثيراً بالمجتمع من حولك وسلبياته وتنتقدها ليل نهار؛ لأن شخصيتك تمتلئ بسلبيات أكثر، ولا تستطيع أن تعالجها؛ لذا ركّز أن تجد سبيلاً لإصلاح نفسك، ولن يُمَهَد سبيل مستقبلك إلا بالتعب والعناء والفكر المنظم.
لا تجد النفس الإنسانية غالباً تميل إلى التعب والعناء بل إنها تميل إلى الراحة، واختبر نفسك هذا الاختبار البسيط: هل لو أمسكت هاتفك المحمول أو فتحت جهاز الكمبيوتر الخاص بك فهل تفضل أن تشاهد فيديو لمحاضرة دينية أو علمية أو تاريخية لتتعلم منها وتنهض لتمسك بقلمك وأوراقك لتدوّن أهم ما سمعت لتتعلم؟ أم تفضّل أن تشاهد فيلماً أو مسرحية قد تكون رأيتهما آلاف المرات أم تتابع أخبار أصدقائك على الفيسبوك وتويتر مستلقياً على ظهرك؟
وما حجم الوقت الذي تتحمله نفسك في المتابعة والمشاهدة في الحالتين؟
هل تقرأ أو تشاهد أي موضوع إلى نهايته كلما زادت تفاهته وسطحيته؟
كن صادقاً مع نفسك.. فإذا كانت إجاباتك كلها سلبية، فاعلم أن نظام حياتك كله يحتاج لإعادة نظر.. فوقتك ليس له قيمة عندك، ومستوى فكرك وعلمك ليس في مرحلة الوعي بالمجتمع من حولك، وبالتالي فلن يكون لك أي قيمة أو كيان في المجتمع لو استمرت حياتك هكذا بلا فكر فأنت كفاقد الوعي، وستظل بلا قيمة!
ابحث داخل ذاتك واستخرج مواهبك وطورها بالعلم والبحث واجعلها عملاً آخر بجانب عملك الذي فرض عليك في مجال لا تحبه لتستشعر إحساسك بآدميتك.
يجب أن تعلم أن كل العظماء والناجحين على مدار التاريخ لم يأتِ لهم النجاح إلى حيث يجلسون أو يستلقون على ظهورهم ويستمتعون، فنجاحهم وأعمالهم العظيمة واختراعاتهم الخالدة واعتماد حياتنا عليها تجعلنا دائماً نتساءل: ماذا لو لم يفكر الإنسان؟
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.