الشباب هم روح الأمة وخزان أفكارها، هم من يأخذون المشعل لمواصلة مسيرة شعب عظيم بدأت منذ آلاف السنين، لَطالما كان حلم وطن حر وحديث حلم شباب واعٍ ومستنير، يصنعون من اليأس قوةً، ومن الخراب فرصةً لبناء غد أفضل.
في وطني، وفي كثير من الأوطان لَطالما كان الشباب هم مَن يحملون لواء الثورة، لواء الكفاح وراية الكرامة. مَن منَّا لا يتذكر شباب الثورة، ومِن قبلهم شباب الكفاح المسلح ضد الاستعمار، هؤلاء كانوا عقولاً يافعة لا يملكون غير حبِّهم للوطن، وعزيمتهم لتحقيق مبتغاهم.
التغيير يصنعه الأمل، والشباب هم صنّاعه؛ لأنهم يحولونه إلى فرصة تغيير مسار أمة، فعندما يُلقي الجميع المنديل ويسلمون أنفسهم للظلم والفساد، تجد الشباب هم من يهبّون لتلبية نداء الواجب، دائماً ما يُظهروننا على أننا الحلقة الضعيفة، الشخص الهش والضائع، لكن في الحقيقة نحن أكثر المواطنين وعياً وإدراكاً.
شباب وطني كالوردة في ساحة حرب، يظنون أنها حساسة وفانية، لكنها تواصل نموها وانفتاحها بكل ثبات وعظمة، كل من يتجرأ ويحاول قطفها توقفه أشواكها الحادة، رادعةً كلَّ مَن يريد منعها من نشر عطرها المقدس لتنقية هواء وطن مختنق، رائحتها هي رائحة الأمل التي إذا انتشرت حوَّلت تلك الساحة الجهنمية لأرض خصبة تنمو فوقها الخيرات والنعم.
أولئك هم شباب الوطن، فمهما ضيَّقوا عليهم يجدون طريقاً للنجاح، ومهما أرادوا الحدَّ من عزيمتهم يردُّون بمزيد من الإصرار، وحتى إن ضعف منهم الكثير فإن القليلين قادرون على الأخذ بيد الجميع للنهوض من جديد.
أرى في شباب وطني قادة ونخبة اليوم والغد، التي ستصنع أمل شعب أنهكه الفساد والفشل. صبراً لمن يترصَّدون بنا، فيوماً ما سيشهدون على شباب ضرب بقوة مَن دمَّروا الهمم.
كلامي ليس من وحي الخيال، بل الخيال عندما يفقد الإنسان الأمل، وفي بلادي شباب يصنع الأمل. هم رمز للعزيمة والإرادة، وأراهم اليوم في طريق التغيير لاستئصال وباء الوطن، ألا وهو أولئك المتحصنون وراء المناصب والأموال.
الإرادة أن خلقها حب الوطن والأمل لن يوقفها لا مال ولا موت؛ لأنها أقوى منهما، فالأمل يزداد قوة مع كل إنجاز أو تحدٍّ يفوز به أولئك الشباب، حتى إن قالوا إننا منحرفون أو غير واعين، لكن فينا من يحملون في قلوبهم المسؤولية تجاه وطن يستغيث لخلاصه من نخبة صارت نكبة وعبئاً عليه.
يجب على كل شاب أن ينظر لعَلَم بلاده بكل فخر، ويعلم أن مَن حرَّروا شعبنا وبنوا مجده كانوا شباباً مثلنا، لبّوا نداء الواجب؛ لأنه من مسؤوليتنا، حب الوطن هوس، وإنقاذه واجب، وبنجاح كل فرد منا فنحن نزرع وردة أمل، أمل وطن حر وقوي.
حماسة كل منا لتحقيق النجاح ستحول الوطن لأرض فرص مبنية على أسس الحداثة والعدالة، نجاح الشباب هو خلاص الوطن، لذلك راهن علينا أجدادنا عندما سلَّموا لنا رايته؛ لأنهم يؤمنون بقدرة كل فردٍ منا على التميز والإبداع. إذا كافح كلُّ شابٍ وثابر للشرب من كأس النجاح، فستصير تونس منارةً للعالم في النجاح والإبداع.
ندائي لكل شاب وشابة لكل مَن يؤمن بالحرية والعدالة، كل من يحترم حقوق الآخرين ويدافع عن الضعيف، كل من يتنفّس عشق الوطن ويقدس ترابه، أن يعيش ويبدع، أن يطلق العنان لخياله، وأن يتحدَّى الصعاب لنيل مبتغاه، فعُلوّه هو علو للوطن، وبإرادته يخلق الأمل لمن فقده.
إن الحواجز وُجدت لتُكسر لأن طريق النجاح هو تحدٍّ نفسي وعاطفي لكل شاب يريد المضيّ قدماً فيه؛ لذلك لا مجال للخوف أو اليأس، خصوصاً إذا كان الرهان إنقاذ الوطن.
يا شباب وطني قفوا صفّاً واحداً، تحت راية واحدة، علم تونس الجميل، بناء المستقبل يبدأ اليوم، ولدي ثقة في قدرة كل شاب وشابة تونسية على النجاح وخلق الأمل، فنحن حماة اليوم، وبناؤو الغد.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.