كيف يبدو أكثر الأفلام رعباً بالنسبة لك؟، جثث وأشلاء تتطاير في كل مكان، رأس بشري يتشقق وجسد ينقسم نصفين أو دمى تتحرك في الظلام لتهاجمك؟ أم تفضل فيلم رعب نفسي ينتهي ولا تفهم ماذا يريد المؤلف والمخرج مثل الحال في فيلم Mother!؟.
هواة أفلام الرعب ما عادوا يتأثرون بهذه المشاهد كثيراً، فربما تكرار تلك الأفكار أفقدها رونقها بشكل أو بآخر، ولم تعد المستقبلات العصبية لديهم تصدم منها.
لذا قدم كراسنسكي John Krasinski ورفاقه فكرة ستعلق بذهنك مثلما علقت بأذهان من شاهدوه في السينمات، فالرعب هذه المرة مختلف تماماً عن كل ما شاهدت من قبل، في فيلم A Quiet Place.
البقاء على قيد الحياة يعني التزام الصمت
أسرة مكونة من أب (يقوم بدوره جون كراسنسكي) والأم (إيميلي بلانت) وثلاثة أبناء يحاولون البقاء أحياء في إحدى ضواحي نيويورك، حيث يعيشون في مدينة تمتلئ بالوحوش العمياء التي هاجمت الولايات المتحدة.
رغم أنها عمياء، تمتلك هذه الوحوش حاسة سمع مرهفة بشكل مخيف، لذا فإن فبإمكانها أن تسمع كل شيء حتى خطوات أقدامك وهمسك، لذلك يضطر أفراد الأسرة في الفيلم إلى التواصل بلغة الإشارة، فأي صوت قد يعني نهايتهم.
لكن لم تقف الأزمات عند هذا الحد فإحدى بنات تلك الأسرة (تقوم بدورها سيموندس) فتاة صماء، والأم حامل وهو وضع نعرف جميعاً انه من الصعب أن تظل معه أي امرأة صامتة.
تلك هي معضلة الفيلم، على الأبطال أن يظلوا صامتين طوال الوقت، فأي صوت قد ينهي حياتهم، وقد بدا ذلك جلياً في سيناريو الفيلم، فالحوار قليل جداً، ويرتكز الفيلم على الدراما والصمت ولغة الإشارة.
المشاهدون امتنعوا عن الكلام والأكل
"توقف الجمهور حتى عن أكل الفشار"، فالحالة الذهنية لأبطال الفيلم انتقلت لمشاهديه في السينما، فامتنعوا جميعاً عن تناول الفشار أو أي مسليات خلال المشاهدة.
فالصمت المطبق سيطر عليهم، حتى أن بعضهم دخل في حالة الارتباط بالصمت حتى بعد الخروج من الفيلم، فقد أصبح السكون في نظرهم مرادفاً للقدرة على البقاء على قيد الحياة. كما أن تسارع الأحداث المرعبة في الفيلم جعل من الصعب على المشاهدين حتى التقاط أنفاسهم.
ظهر ذلك في تغريداتهم على تويتر، وكتب الجميع عن حالة الصمت المهيب التي دخلوا فيها خلال الفيلم، وربما بعده. كتب أحدهم "لقد كانت محاولة تناول الفشار خلال الفيلم أمراً مرهقاً".
Trying to eat popcorn during A Quiet Place was exhausting pic.twitter.com/A5L537NBOa
— Dane Cardiel (@danecardiel) April 8, 2018
حتى أن" الفيلم قد علم الجميع، كيف يتواصلون بلغة الإشارة، وهو ما أعطى عمقاً له"، حسبما زعم سكوت بيك، أحد كتاب سيناريو الفيلم.
المعاناة عائلية فهما زوجان حقيقيان
"اعتقد أن هذا الدور ، قد يكون أكثر دورٍ مرعب قدمته في حياتها"، هكذا قالت إيميلي بلانت عن دورها.
ولم يكن من بين خطط بلانت أن تشارك في ذلك الفيلم، لكنها حينما قرأت النص أعجبها دور الأم فقررت أن تحصل عليه.
ويعد ذلك الفيلم هو الثالث لجون كراسينسكي كمخرج، كما أنه شارك في كتابته مع برايان وودز وسكوت بيك، ومن بطولته هو وزوجته إيميلي بلانت (نعم فهما زوجان في الحقيقة).
ويمثل الفيلم نقلة نوعية في مسار عمل كليهما فمع أن بلانت ممثلة مشهورة وناجحة وكراسنسكي مخرج ومؤلف قوي، إلا أن هذه التجربة هي الأولى من نوعها التي تجمع بينهما في فيلم واحد.
ورغم التوتر المحتمل بسبب عمل الأزواج معاً، إلا أن الفيلم حقق نجاحاً كبيرًا في فترة قصيرة جداً، فاستطاع تصدر إيرادات شباك التذاكر في بريطانيا والولايات المتحدة.
وهذا الرعب الشديد وراءه أسباب واقعية
الواقعية التي بدا عليها الفيلم المرعب كانت لها أسبابها، فقد قالت بلانت "إن الفيلم كان مختلفاً بالنسبة لها، فقد مثلت بدافع من مخاوفها اليومية، مخاوفها على حماية أبنائها في الحقيقة، والقدرة على إبقائهم آمنين".
وقد اتفق كراسنسكي مع هذا الرأي فقال "إن النص قد دفع بداخله كثيراً من التساؤلات حول أبوته، هل هو أب جيد بما يكفي لأبنائه، وهل بإمكانه حمايتهم".
و من المثير كذلك معرفة أن سيموندس الفتاة التي قامت بدور الابنة الصماء، لم تكن تمثل فهي بالفعل صماء في الحقيقة.
كما أن كراسنسكي أضاف صوراً من حياته الحقيقية مع أسرته في الفيلم، وهو ما زاد من جرعة الواقعية.
ربما بعد ذلك كله لن يكون مفاجئاً معرفة أن الفيلم قد حقق 205 ملايين دولار إيرادات في زمن قياسي منذ لحظة إطلاقه في دور السينما.
قد تختلف الآراء والأذواق تجاه الأعمال الفنية، لكن تجربة Quiet Place قد تبدو مختلفة عن كل ما شاهده متابعو أفلام الرعب من قبل.