احتفالاً ببلوغها خمسين عاماً، أعدت جيما بارنز قائمةً تضم خمسين هدفاً تأمل تحقيقه، وكلَّلَت قائمتها بهدفٍ كان من الممكن أن يبدو سخيفاً قبل بضع سنوات فحسب، وهو إنجاب طفلٍ لها.
لكن بعد مرور عامين على هذه القائمة، تحقَّقت رغبتها، وإذا بجيما تحتضن ابنتها البالغة من العمر ثمانية أشهر. ومع أنَّ ذلك يعني أنَّ معظم طموحاتها الـ 49 الأخرى ستنتظر قليلاً، فهي سعيدة لمجرد أنَّها أخيراً أصبحت أماً.
وضع جيما غير معتاد، لكنَّها بالتأكيد ليست الوحيدة. ففي يونيو/حزيران، أظهرت البيانات التي نشرها مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني أنَّ عدد مواليد السيدات فوق سن 50 عاماً تضاعف أربع مرات خلال العقدين الأخيرين، إذ زاد من 55 في عام 2001، إلى 238 في عام 2016، وفق ما نشرت صحيفة The Guardian.
وأثناء تلك الفترة، بلغ عدد مواليد النساء فوق سن 50 عاماً 1859، و153 بالنسبة للنساء فوق سن 55 في المملكة المتحدة. فيما انتشر تأييد تجربة الأمومة للنساء الأكبر سناً بين مجموعة من المشاهير، آخرهن الممثلة بريجيت نيلسن التي كانت تبلغ من العمر 54 سنة عندما أنجبت طفلتها الخامسة، فريدا، هذا الصيف؛ بينما أنجبت المغنية الأميركية جانيت جاكسون (50 عاماً) في يناير/كانون الثاني الماضي ابنها عيسى.
ولعل أبرزهن كانت تامي داكوورث، عضوة مجلس الشيوخ الأميركي، من قدامى المحاربين في العراق، التي فقدت كلتا ساقيها عندما أُسقِطَت مروحيتها في عام 2004. أنجبت تامي في وقتٍ سابق من هذا العام حين كان عمرها أيضاً 50 عاماً، والتُقِطَت صورٌ لها بعد ذلك بفترةٍ قصيرة وسط احتجاجات أقيمت اعتراضاً على سياسات ترمب للهجرة بينما كانت تحمل مولودتها الجديدة مايلي على حجرها.
لم تساعدها الظروف في العثور على شريك فقررت أن تكون أماً بمفردها
بالنسبة لجيما، وهي أم عزباء تعيش في لندن، فقد كانت تخطط دوماً لإنجاب طفل، لكن عند نهاية الأربعينات من عمرها، فشلت جميع محاولاتها في التلقيح الصناعي، وانفصلت عن شريكها في ما بعد.
تقول: "فكرت أنَّه ليس لدي وقت للعثور على شريك آخر، لذا سأفعل ذلك بمفردي". لكن بموجب المبادئ التوجيهية للمعهد الوطني للصحة وتفوق الرعاية، لا يُتاح للنساء اللواتي تزيد أعمارهن عن 42 عاماً الحصول على مساعدة ممولة من دائرة الصحة الوطنية من أجل تسهيل عملية الإنجاب، لذلك وجدت جيما عيادة خاصة مستعدة لاستقبال حالتها، إلا أنَّ الجولة الأولى من التلقيح الصناعي -باستخدام حيوانات منوية قدمها أحد المتبرعين- لم تلقَ نجاحاً.
ثم جرت محادثة من شأنها تغيير كل شيء؛ تقول جيما: "قلت للطبيب: "أخبرني بصراحة، ما هي فرص إنجابي طفلاً في مثل عمري؟" فأجاب 'لو استخدمنا بويضاتك، أقل من 1%. لكن إذا كنتِ ترغبين في استخدام بويضات إحدى المتبرعات، ستزيد فرصك بنحو 60%'".
في البداية، لم تكن جيما متأكدة من رغبتها في خوض تجربة مماثلة. تقول: "تريد الواحدة منا إنجاب طفل يخصها. كنت أفكر، هل سيشبهني؟ هل سيكون له أنف مثل أنفي؟ هل سيرث لون شعري؟ لكنَّ الطبيب بدأ الحديث عن أنَّنا حين نحمل طفلاً داخلنا، تتشكل جوانب كثيرة من شخصيته وسلوكه أثناء فترة الحمل. وبدأت أنا أفكر في أنَّ هذا حقيقي، وأنَّ فترة حمل الطفل مهمة للغاية".
ولكن في هذا العمر يعتمد الأطباء على بويضات تم التبرع بها من سيدات أصغر سناً
بعد اتخاذ القرار بالمضي قدماً، كان عليها اختيار متبرعة بويضات، ومتبرع حيوانات منوية. تروي جيما: "يمكنك فعل ذلك عبر الإنترنت، ويبدو الأمر سريالياً بعض الشيء، إذ تشعر أنَّك تقوم بدور الإله بشكلٍ ما. فهذان الشخصان لن يلتقيا أبداً ولا يعرف أحدهما الآخر، إلا أنَّ خلاياهما ستندمج معاً لتخلق طفلاً، أو بالأحرى، طفلك أنت. شعرت بمسؤولية كبيرة، خاصة لأنَّني كنت أتخذ هذه القرارات بمفردي".
كانت فيليبا هدجسون، البالغة من العمر 58 عاماً وأم لطفل عمره أربع سنوات، غير متأكدة من رغبتها في استخدام بويضات إحدى المتبرعات في بداية الأمر، لكن مثل جيما، وافقت على خوض التجربة عندما أدركت أنَّ ذلك سيمنحها الفرصة الأنسب لإنجاب طفل.
تجربة تخلق مشاعر مختلطة حول الطفل نفسه
كانت فيليبا قد التقت زوجها عندما كان عمرها 45 سنة، وحملت بابنتها روكسان باستخدام حيوانه المنوي وبويضات متبرع بها. تقول: "صدمت للغاية في البداية من فكرة أنَّه يمكننا استخدام بويضات امرأة أخرى. شعرت بأنَّ هذا الطفل لن يكون طفلي فعلاً، لكن بعدما جاءت روكسان، لا أظن أنَّ بإمكاني أن أكن لها حباً أكثر مما أفعل. تفعل في بعض الأحيان شيئاً لا يشبهني، أو يشبه زوجي، لكنَّني أفكر في أنَّ كم هذا جميل، وأنَّها غالباً قد نقلت ذلك في جيناتها عن المرأة المتبرعة".
وعلى الرغم من تصالحهما مع استخدام بويضات امرأة أخرى، لم تخبر جيما أو فيليبا كل الناس بهذه الحقيقة. هذا بالإضافة إلى نيكول، الأم الثالثة التي تحدثت معها وتبلغ من العمر 61 عاماً ولديها أطفال في سن 13 و10 سنوات. (بارنز وهودجسون اسمان مستعاران؛ لكنَّ كارول رحبت باستخدام اسمها الأول).
تخفي هؤلاء الأمهات حقيقة الحمل ببويضات من متبرعات
شعرت كارول بأنَّ قرار استخدام بويضات خارجية ليس سراً حربياً، لكنَّه شيء خاص بها، والتصريح به للعالم هو اختراق لخصوصية طفليها. إلا أنَّ جميع النساء الثلاث، للمفارقة، ملتزمات كلياً بإخبار أطفالهن عن ظروف إنجابهم. تقول فيليبا إنَّها تحدثت مع فتاتها مؤخراً حول هذا الأمر: "أخبرتُها أنَّ السيدة الرقيقة أعطتني بويضاتها لأنَّ ماما لم تستطع استخدام بويضاتها الخاصة". وأجابت ابنتها: "أنتِ ماما الوحيدة". تقول فيليبا أنَّها تفاجأت برد ابنتها.
ومع ذلك، يشعر بعض الخبراء العاملين في مجال الحمل في مراحل عمرية متأخرة بالقلق حيال ما تصفه نينا بارنسلي، مديرة شبكة المتبرعين لصالح الإنجاب، التي تدعم العائلات ممن لديهم أطفال مولودون نتيجة لأمشاج متبرع بها، بأنَّ "غموضاً" يغلف الموضوع، وذلك لأنَّ عدداً قليلاً من النساء يشعرن بأنَّهن قادرات على مشاركة تجربة استخدام بويضات متبرع بها.
وإخفاء المشاهير تفاصيل الحمل في سن متأخرة يروج للفكرة
تقول نينا إنَّ الأمر "لا يزال من المحرمات. تشعر العديد من الأمهات الأكبر سناً بأنَّ هناك الكثير ممن يهاجمونهن، وأنَّ التحدث بأريحية حول هذا الأمر قد يجلب عليهن المزيد من الانتقادات".
وفي الوقت نفسه، غالباً ما تكون السيدات الشهيرات كتومات بشأن التفاصيل الدقيقة لتجربة الحمل والولادة، ما ينشر الاعتقاد الخاطئ بأنَّ الشباب يمكنهم تأجيل الحمل حتى عقدهم السادس. تقول نينا: "نحتاج بصفتنا مجتمعاً إلى إتاحة المجال لحوار مناسب. تتيح التكنولوجيا تجربة الإنجاب حتى سن الخامسة والسبعين، لكن هل هذا ما نريده حقاً؟".
لكن التلقيح الصناعي لا يفلح مع الجميع
ويشارك آدم بلن، أستاذ الطب التناسلي بجامعة ليدز الإنكليزية، والمتحدث باسم قسم الخصوبة في الكلية الملكية لأخصائيي التوليد وأمراض النساء، نينا مخاوفها. إذ يقول: "لسنا بارعين في الغرب في مجال الطب الوقائي، أما في عالم العقم، فنحن نعالج الكثير من الأشياء التي كان من الممكن أن نتقيها".
إذا كان التلقيح الصناعي اشتهر بكونه الترياق الشافي للمشاكل كافةً، يؤكد آدم أنَّ هذا التصور في غير محله. ويضيف: "لا يفلح التلقيح الصناعي مع الجميع، ولا يتوفر ضمن خدمات الصحة الوطنية لكل الناس".
وهو علاج مكلف للغاية وقد ينتهي بالإجهاض أو مشاكل زوجية
ويضيف آدم أنَّه فضلاً عن كونه مكلفاً (بعض النساء اللاتي تحدثت إليهن أنفقن ما يزيد على 20 ألف جنيه إسترليني (حوالي 26 ألف دولار) في رحلتهن لإنجاب طفل، وحكت أخريات أنهن أنفقن أكثر من ذلك بكثير)، الحمل في سن كبيرة يحمل العديد من المخاطر، فمن المرجح حدوث إجهاض أو الإصابة بمقدمات الارتعاج، إذ يزيد استخدام الأمشاج المتبرع بها من هذه المخاطر. إضافةً إلى أنَّ التوترات المحيطة بالحمل المدعوم طبياً يمكن أن تؤثر في علاقة الزوجين.
ظنَّ بعض الناس أنَّ كلاً من كارول وفيليبا هي جدة المولود وليس أمه، لكنَّ السيدات الثلاث يقلن إنَّهن يبدون أصغر بكثير من أعمارهن، وأنَّ أحداً لم يلحظ أمراً غريباً سوى عدد قليل من الأمهات الأخريات. تقول جيما متأملة إنَّ الأمر ربما يتطلب امرأة تشعر بأنَّها أصغر من سنها لتخوض تجربة الأمومة المتأخرة.
وتجربة الحمل تختلف من امرأة إلى أخرى
بالنسبة إلى جيما، لا يعني كبر السن قضم الأظافر من فرط القلق طوال فترة الحمل، وتقول: "لأنَّ البويضة كانت من متبرعة أصغر سناً، فلم تكن المخاطر كبيرة. كان شعوري رائعاً طوال فترة الحمل، وركزت على الحفاظ على هدوئي والتواصل مع الجنين الذي ينمو بداخلي". تُنصح معظم الأمهات الأكبر سناً مثل جيما بإجراء عملية قيصرية، التي تقول: "كانت ولادة سهلة للغاية: استغرق الأمر 10 دقائق لإخراجها، ونحو نصف ساعة لتضميد الجرح، وبالطبع كان لقائي بها رائعاً للغاية. انتظرت وقتاً طويلاً حتى هذه اللحظة".
أما بالنسبة لكارول، فكان الحمل تجربة مخيفة، تقول: "أجهضت في الماضي وكنت أعرف أنَّني أكثر عرضة للإجهاض الآن بسبب عمري. شعرت بأنَّ لدي الكثير لأفقده. لن يتاح لي فرصة أخرى بسهولة كما لو كنت امرأة أصغر سناً".
أصيبت كارول بمقدمات الارتعاج نحو نهاية حملها الأول وولدت طفليها قيصرياً، وعلى عكس جيما، وجدت التجربة "غريبة للغاية".
بمجرد إنجاب أطفالها، أحبت الأسابيع والأشهر الأولى معهم. تضيف: "شعرت بأنَّني أقدر وجودهم تقديراً لم أكن لأحمله داخلي تجاه شيء إلا لو كان بهذه الصعوبة". وتقول إنَّها لم تلاحظ أي مساوئ لتقدمها في العمر على أطفالها.
من إيجابيات الأمومة في سن متقدمة قدرتها على تخصيص الوقت لأطفالها
تقول: "أعرف سيدات أصغر مني بكثير لكن لا يبدو أنَّ لديهن ما يكفي من الطاقة. أعتقد أنَّ ما أفعله لأجل أطفالي لا يختلف عما تفعله الأمهات الأخريات اللواتي أعرفهن. توقفت مؤخراً عن القفز على الترامبولين معهم. لا أشعر باختلاف كبير عن الوقت الذي كنت فيه أصغر سناً".
وتضيف أنَّ هناك مزايا للأمر: "توقفت عن العمل بعدما أنجبت أطفالي، لذلك تمكنت من تكريس كل وقتي وطاقتي لأجلهم". تعمل جيما بدوام جزئي، لكنَّها تشعر بأنَّها قادرة على تكريس وقت لابنتها هانا (ليس اسمها الحقيقي) أكثر مما كانت لتفعل لو كانت أصغر سناً.
بحسب جيما: "وضعي أفضل بكثير مما كنت عليه قبل 20 عاماً، فأنا مستقرة وراضية للغاية، وجسمي أكثر لياقة من أي وقت مضى، ولديّ ما يكفي من المال لأترك العمل دون التعرض لأي مصاعب مالية، وضمان توفير كل احتياجات ابنتي. هانا هي كل شيء بالنسبة لي، ولست مضطرة لإثبات قدراتي على الاعتناء بها".
هموم الأهل مشتركة مهما اختلفت أعمارهم
من المفهوم أنَّ النساء اللواتي يرغبن في إنجاح هذه التجربة يركزن فقط على الإيجابيات؛ فهن يستبعدن كل ما قد يُطرَح من سلبياتٍ لها. تقول جيما: "لا أشعر بأنَّني مختلفة عن أي أم أخرى في مجموعات الدعم التي أشارك بها، لأنَّ بكل بساطة ليس لدى أحدٍ أيُّ فكرة عن كوني أكبر في السن. إنجاب طفل ينتقل بكل شيء إلى مستوى آخر تماماً. عند الاختلاط بالآباء الآخرين، يدور أغلب الحديث عن الأطفال؛ كيف ينامون ويتغذون وما إلى ذلك. لا أحد يسألك عن عمرك".
وإن كانت بعض الأمهات يفضلن إخفاء عمرهن الحقيقي
لكنَّ كارول تهتم لسنها أكثر من قرينتها، ربما لأنَّها الآن في الستينيات من عمرها ولديها طفل ما زال في المدرسة الابتدائية. تقول إنَّ "إخبار الناس كم يبلغ عمري دائماً أمر مخيف نوعاً ما. أسأل نفسي ما إن كان الناس سيرونني بشكل مختلف؟ أنا شديدة الحذر بشأن من أشاركه سني. لا أمانع أن أقول لأصدقائي الذين يعرفونني، لكنَّني أكثر عرضة لأحكام سلبية ممن لا أعرفهم".
وجدت كارول أيضاً احتياجاتها الخاصة محصورة بين احتياجات أطفالها ووالديها، تقول: "مررت بمرحلة صعبة جداً حين كان جرس الهاتف يعني إما أنَّ هناك شخصاً يتصل من المدرسة ليخبرني أنَّ ابني بحاجة إلي، وإما أنَّه شخص يتصل ليبلغني أنَّ أحد والديّ سقط عن الدرج لضعف بنيته".
وإذا كان والداها قد اختبرا تجربة أن يصبحا جدين في سن متأخرة للغاية، فإنَّها تعلم أنَّها قد تتعرض للمصير ذاته. "هل سأعيش لأكون جدة؟". تقول كارول إنَّ بعض أصدقائها أصبحوا جدوداً بالفعل: "يبدو الأمر غريباً بعض الشيء، إنَّنا في العمر ذاته لكن في أوضاع مختلفة إلى هذا الحد".
البعض يراه خياراً للأثرياء فقط
لدى نينا بعض المخاوف تجاه الإنجاب في سن متأخرة أيضاً، وتقول: "الإنجاب في سن الخمسين ليس خياراً إلا للأثرياء. بعض النساء على استعداد لإنفاق الكثير من المال على شيء لا يضمنَّ نجاحه. تخيلوا اقتراض 50 ألف جنيه إسترليني (64 ألف دولار) لأجل أمر ما ثم الفشل فيه".
تتساءل نينا أيضاً عن رأي الطفل نفسه في كل هذا، وتقول: "أفكر في الأولاد الذين يبلغون من العمر 21 عاماً، وبدلاً من أن يسافروا ليروا العالم، عليهم الاعتناء بوالد يعاني من مرض ألزهايمر. هؤلاء معرضون لأن يتأخروا كثيراً عن أقرانهم، وقد لا يكون ذلك سهلاً". (وهذه أيضاً، بالطبع، حالة الرجال الذين لديهم أطفال في الخمسينيات وما فوق، مع أنَّها مشكلة نادراً ما تُطرح على الساحة).
الأمومة المتأخرة ستصبح أكثر شيوعاً مع الوقت
تعتقد جيما أنَّ الأمومة في مرحلة متأخرة من العمر ستصبح أكثر شيوعاً مع الوقت وتعبر عن ترحيبها بها، لكنَّها تقول أنَّ "العيبين الوحيدين هي الجينات -أي أن طفلك لا يرث عنك جيناتك-، وخطر الموت بينما لا يزال أطفالك صغاراً".
مثل فيليبا، وجدت جيما أنَّ المشاكل الجينية تلاشت عندما جاء طفلها إلى الحياة، مع أنَّها تقلق أحياناً بشأن تاريخ هانا الطبي، وما قد لا تعرفه عنه. في المستقبل، تعتقد أنَّ النساء الشابات سيلاقين تشجيعاً على تجميد بويضاتهن لاستخدامها في ما بعد، وهو أمر مطروح للنقاش حالياً.
وتجميد البويضات محدود بفترة 10 سنين وفق القوانين الحالية
لكن في الوقت الحالي، لا يمكن تجميد البويضات البشرية في المملكة المتحدة إلا لمدة عشر سنوات، ويقول المتخصصون في مجال الخصوبة إنَّ البويضات التي جمدت بينما لا تزال المرأة في العشرينيات وأوائل الثلاثينيات ستمنحها أفضل فرصة لإنجاب طفل في الخمسينيات من عمرها.
لذا ليكون تجميد البويضات مفيداً يجب أن يتغير القانون، وتود بعض عيادات الخصوبة تطبيق ذلك. لدى بلدان أخرى مبادئ توجيهية وتشريعات مختلفة حول الخصوبة، لذا تسافر بعض النساء البريطانيات إلى إسبانيا وقبرص والهند على أمل تسهيل الأمر على أنفسهن.
لذا لا بد من تثقيف الشباب حول الخصوبة
لكن هناك شيئاً واحداً يبدو أنَّ الجميع يتفقون عليه، وهو أنَّه سيكون من الأفضل للشباب على وجه الخصوص، وجميع السكان بشكل عام، أن يعرفوا المزيد عن الخصوبة. كانت فيليبا تود لو عرفت المزيد عنها في المدرسة.
في ضوء عمله رئيساً لجمعية الخصوبة البريطانية، دعا آدم بلن إلى توسيع المناهج لتعليم الشباب كيفية الحمل، وكذلك كيفية تجنبه. لكنَّ أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع النساء إلى تأجيل الحمل حتى الثلاثينات من العمر هي المشاكل الاقتصادية، فمعظم الشباب في سن العشرين يتحملون دفع نفقات الإيجار بالكاد، ما بالك بتوفير المال الكافي لعائلة بأكملها؛ إضافة إلى الضغوط التي يتعرضون لها أيضاً من أجل الحصول على ترقية، ووضع أولى خطواتهم على السلم الوظيفي. لكن مهما زاد اطلاع المراهقين على مسائل مثل الخصوبة، فليس هناك ما يضمن أنهم سيلتقون الشخص الذي سيريدون تربية طفل معه قبل بلوغهم 35 عاماً.
ورغم أن الحمل في العشرين والثلاثين أسهل، ولكن التقدم الطبي سيسهل الأمر لمن هن أكبر
يقول كمال أهوجا، المدير العلمي لمركز London Women's Clinic البريطاني، الذي يستقبل النساء حتى عمر الـ50 لكن يسمح باستثناءات عرضية لمن هم فوقه، إنَّه بينما ينصح أي طبيب بإنجاب الأطفال في العشرينات أو أوائل الثلاثينات، فإنَّ الظروف العاطفية، والمالية، الاجتماعية، إضافة إلى حقيقة أنَّ الكائنات البشرية تعيش "أقوى، وأطول، وبطموحات أكبر" تعني أنَّ هذه الظاهرة ستصبح أكثر انتشاراً. ويتوقع أنَّ التقدم الطبي سيجعل الأمر أسهل وأقل تكلفةً في السنوات القادمة.
في هذه الأثناء، لم تكتب جيما بارنز قائمة أهدافها بمناسبة عيد ميلادها الثاني والخمسين، الذي سيأتي في وقت لاحق من هذا العام، لكن حين سُئلت عما تنوي فعله، ابتسمت ملء فمها وقالت إنَّها لا تستبعد بالتأكيد أن تأتي بأخ أو أخت لهنا ابنتها إلى هذا العالم.