يتزايد استهداف جماعة الحوثي مرافق النفط السعودية، ما يُهدِّد المحرك الاقتصادي للمملكة، ويثير المزيد من التوتر الجيوسياسي الذي يسهم في رفع أسعار النفط إلى أعلى مستوياته منذ عام 2014.
وهاجم الحوثيون مرافق شركة النفط السعودية باستخدام الصواريخ والطائرات من دون طيار 8 مرات على الأقل، منذ بداية شهر مارس/آذار 2018. وجاء الاعتداء الأخير مساء الإثنين 23 أبريل/نيسان 2018، حينما أعلن الحوثيون أنهم أطلقوا صواريخ تجاه أحد موانئ النفط السعودي المجاورة للحدود اليمنية. وأفادت القوات السعودية بأنه تم اعتراض صواريخ المتمردين ولم تُسجَّل أي خسائر، بحسب تقرير لصحيفة The Wall Street Journal الأميركية.
تهديد لجوهر الاقتصاد السعودي
وارتفعت نسبة استهداف جماعة الحوثي مرافق النفط السعودية خلال السنوات الثلاث الأخيرة من النزاع، ويشكِّل ذلك تهديداً لجوهر الاقتصاد السعودي ولصناعة النفط بالمنطقة.
ويأمل الحوثيون، من خلال استهداف "الثروة السعودية"، أن يُلحقوا أضراراً بالمملكة، التي تعد أكثر قوة من الناحية العسكرية، ولكنها غير قادرة على طرد جماعة الحوثي.
وأسقطت قوات الأمن السعودية العديدَ من صواريخ الحوثيين، التي استهدفت مرافق النفط، ولم يتم تسجيل أي خسائر. وأنكرت شركة النفط الوطنية السعودية (أرامكو) توقُّف أي من عملياتها حتى وقتنا هذا.
وذكرت "أرامكو" في بيان لها، أنها "تمنح أهمية قصوى لتأمين العاملين بها، ومرافقها، وتواصل عملياتها في ظل أفضل ظروف السلامة والأمن". وقد رفضت السفارة السعودية في واشنطن والمركز السعودي للاتصالات الدولية الإدلاء بأي تعليق.
وسلط اعتداء الثالث من أبريل/نيسان 2018، على ناقلة النفط السعودية بالبحر الأحمر الضوء على تلك المخاطر. وذكر التحالف أن الحوثيين أحدثوا ثقباً في جانب الناقلة باستخدام ذخائر غير معروفة، دون أن يحدث أي تسريب.
وأثار الحادث مخاوف من أن يستغل الحوثيون موقعهم شمال مضيق باب المندب -الذي يفصل بين اليمن وشرق إفريقيا- لمنع حركة مرور ناقلات النفط المتجهة نحو قناة السويس.
مخاوف من اتساع نطاق المواجهات لحرب إقليمية
وتعد مخاطر أن يؤدي مثل هذا الاعتداء إلى تحول النزاع اليمني-السعودي إلى حرب إقليمية أوسع نطاقاً مع إيران، من العوامل المتعددة التي تسهم في ارتفاع أسعار النفط.
وقد كسر خام برنت حاجز 75 دولاراً للبرميل هذا الأسبوع. وتتمثل العوامل الأخرى التي ترفع أسعار النفط في انهيار صناعة النفط بفنزويلا، وتهديدات الرئيس دونالد ترمب بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران.
وقالت هيلما كروفت، رئيسة الاستراتيجية الشاملة للسلع بأسواق المال RBC: "عُدَّ اليمن أحد عوامل التخوف الناشئة بالسوق"، رغم أنها ذكرت أن هناك عوامل أخرى أكثر شيوعاً، ما لم تصبح اعتداءات الحوثيين أكثر نجاحاً.
واستهدفت اعتداءات الحوثيين مجموعةً من مرافق النفط السعودية، ومن بينها معمل تكرير وصهاريج تخزين في جيزان، بالقرب من الحدود السعودية-اليمنية، وأحد مرافق التوزيع في إقليم نجران المجاور، بحسب وكالة الأنباء الرسمية للحوثيين.
السعودية تنفي تأثير الهجمات على صناعتها النفطية
وتم تنفيذ معظم تلك الاعتداءات باستخدام صواريخ "بدر-1" قصيرة المدى، التي تم الكشف عنها مؤخراً، والتي يرى خبراء الأسلحة أنها صواريخ غير موجَّهة على الأرجح.
ولم تدرس شركة أرامكو بعدُ التطورات الأمنية في ضوء الاعتداءات الأخيرة، بحسب ما أورده مسؤولون سعوديون. وذكر أحد المسؤولين: "لا يعني ذلك أنهم لا يفكرون في الأمر، ولكنه من المؤكد نوع جديد من التهديدات لم يتم بحثه من قبل".
ورغم ذلك، فإن الاعتداءات الناجحة إلى حد ما قد تؤثر على صناعة النفط وأسواق النفط والموازنة السعودية. وتتوقع الحكومة أن تحقق نحو 131 مليار دولار هذا العام (2018) من خلال مبيعات النفط، بما يعادل نحو نصف إنفاقها على الموازنة.
وقد استهدفت استراتيجية الحوثيين "تقديم رسالة إلى السلطات السعودية، فحواها أننا نستطيع مهاجمة مؤسساتها الاقتصادية الاستراتيجية، إذا لم توقف حربها ضد بلادنا"، بحسب ما ذكره المتحدث باسم الحوثيين لؤي الشامي.
وقد تجنّب الحوثيون على مدار نحو عام، وحتى شهر مارس/آذار 2018، استهداف مرافق النفط السعودية، وركَّزوا على ترويع المدن السعودية، ومن بينها الرياض ومكة، باستخدام الصواريخ طويلة المدى.
وذكرت كروفت أن اعتداءات الحوثيين على صناعة النفط بمثابة أصداء ومحاكاة لحرب العراق وإيران، فيما بين عامي 1980-1988، حينما كانت ممرات السفن بالخليج العربي مسرحاً للمعركة. وقد تم استهداف مئات السفن الدولية ومرافق النفط؛ وتدخلت البحرية الأميركية في نهاية الأمر.