أثار الحديث في الأوساط السياسية التركية مؤخراً عن احتمال ترشح عبد الله غُول الرئيس السابق للجمهورية التركية، للرئاسة في الانتخابات المزمعة في يونيو/حزيران المقبل، حواراً سياسياً حول احتمال دخول المعارضة الانتخابات بمرشح ثقيل في مواجهة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
فبعد إعلان المتحدث باسم حزب الشعوب الديمقراطي زيا بِر في 22 أبريل/نيسان الجاري، احتمال ترشيح حزبه لزعيمه صلاح الدين دميرطاش – المسجون على خلفية دعمه تنظيم بي كي كي المدرج على لائحة الإرهاب في تركيا – للرئاسة، لمّح بِر إلى أن حزبه سيصوت لغُول إذا ترشح للرئاسة ضد أردوغان.
وتواترت أنباء حول إرسال زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كلتشدار أوغلو، مبعوثين إلى غُول – ذي الخلفية المحافظة – لمحاولة إقناعه بالترشح للرئاسة، رغم اعتراضات في صفوف الشعب الجمهوري اليساري على هذه الخطوة.
وفِي هذه الأثناء، أكدت زعيمة الحزب الصالح ميرال أكشينير ترشحها للرئاسة عن حزبها، ووضعت حداً لشائعات توحّد كتلة المعارضة خلف غُول كمرشح للرئاسة بقولها: "إذا طُلِبَ مني التنحي لترك المجال لغُول، لن أقوم بذلك".
حزب السعادة يعود إلى الواجهة
في مؤشر على ديناميكية المشهد السياسي التركي، عاد حزب السعادة اليميني المحافظ ذو القاعدة الشعبية الصغيرة نسبياً إلى واجهة الحوار السياسي، وأصبح زعيمه تمل كارامُلّا أوغلو شخصية رئيسية في هذا الحوار باعتبار حزبه الحاضن المحتمل لترشح غُول إلى الرئاسة.
يُعد حزب السعادة وريث حركة الرؤية الوطنية (Milli Görüş) التي أسسها رئيس الوزراء التركي الراحل نجم الدين أربكان، التي كانت تضم كلاً من أردوغان وغُول وكارامُلّا أوغلو. وقد تأسس حزب العدالة والتنمية في مطلع الألفية بعد انشقاق عن حزب الفضيلة الذي كان يتزعمه أربكان.
التقى كلتشدار أوغلو في 23 نيسان/أبريل كارامُلّا أوغلو، وبعد الاجتماع أعرب الأخير عن أمله في حل مسألة المرشح المشترك بحلول نهاية الأسبوع الجاري. ومن المقرر أن يجتمع كارامُلّا أوغلو وغُول غداً الأربعاء لبحث هذه المسألة.
هل يترشح غُول للرئاسة؟
يُستبعد من حيث المبدأ خوض عبد الله غُول للانتخابات الرئاسية كمرشح للحزب الجمهوري، بالنظر إلى أنه ترعرع وخاض مسيرته السياسية تحت مظلة المحافظين، كما يُرجّح أن ينأى بنفسه عن الاتهام بالخيانة والانقلاب على المبادئ والقيم التي تبناها طيلة مسيرته السياسية.
ومع ذلك، لا يبدو أن هناك تحفظاً لدى غُول في الترشح عن حزب السعادة، باعتباره الحزب الذي بدأ فيه مسيرته السياسية تحت مظلة أربكان. وربما يشترط غُول عدم ترشيح حزب الشعب الجمهوري لمرشح مقابل حتى لا تتلاشى فرصه في العبور إلى الجولة الثانية في الانتخابات في مواجهة أردوغان.
أشارت مصادر في البرلمان التركي لعربي بوست إلى أن حزب الشعب الجمهوري لم يحسم قراره بشأن المرشح لانتخابات الرئاسة، وقالت إن صفوف الحزب تتداول اسمي النائب عن الحزب في ولاية يالوفا محرّم إينجة ورئيس بلدية أسكيشهير يلماز بويوكيرشين، كمرشحين محتملين.
عيون المعارضة على البرلمان
تتوجه أنظار المعارضة التركية على الحصول على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان في الانتخابات المقبلة، خاصة أن التعديلات الدستورية الأخيرة ضمنت للبرلمان مساءلة الرئيس وحق عزله من منصبه وإعادة الانتخابات.
فقد قرر حزب الشعب الجمهوري استقالة 15 من أعضائه في البرلمان وانضمامهم إلى الحزب الصالح، لتشكيل الكتلة البرلمانية المطلوبة التي يشترط أن لا يقل عددها عن 20 لكل حزب، والتي تحول دون منع الحزب الصالح من دخول الانتخابات.
يشترط القانون التركي على الأحزاب الجديدة إنهاء أعماله التنظيمية في نصف الولايات التركية على الأقل، وعقد مؤتمره العام قبل ست أشهر من موعد إجراء الانتخابات.
وقد عقد الحزب الصالح مؤتمره العام في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلا أنه لم ينه مؤتمراته على مستوى الولايات حتى فبراير/ شباط الماضي، مما أثار تساؤلاً حول قبول اللجنة العليا للانتخابات دخوله إلى الانتخابات المقبلة.
لكن وجود 20 عضواً من الحزب في البرلمان يضمن له حق وجود كتلة برلمانية ودخول الانتخابات وتقديم مرشح للرئاسة، وتلقي مخصصات مالية من الدولة.
ويشكل الحزب الصالح تهديداً بسحب بعض المقاعد من تحالف الشعب الذي يضم حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية، باعتبار مؤسسته وعدد من أعضائه منشقين من الحركة القومية.