قدَّمت وزارة الخارجية الفلسطينية، الإثنين 23 أبريل/نيسان 2018، شكوى ضد "إسرائيل" في لجنة الأمم المتحدة المعنيَّة باتفاقية "القضاء على أشكال التمييز العنصري كافة"؛ الأمر الذي يؤدي إلى فتح ما قد يصبح تحقيقاً مطولاً رفيع المستوى.
وقالت "الخارجية"، في بيان صحفي، إنها تقدمت بالشكوى نيابةً عن دولة فلسطين و"تماشياً مع واجبها بحماية مواطنيها من التمييز والممارسات والسياسات الأخرى التي تنتهك التزامات الدول الأعضاء في اتفاقية القضاء على أشكال التمييز العنصري كافة".
وأضافت أن الشكوى جاءت "نتاجاً لما ترتكبه إسرائيل، من ممارسات غير قانونية وتطبيق سياسة التمييز العنصري بحق الشعب الفلسطيني".
ولفتت "الخارجية" إلى أن تقديم الشكوى جاء "كفعلٍ ضروريٍ للدفاع عن النفس".
وقالت إن "حقوق الشعب الفلسطيني في الكرامة والحياة والحرية هي حقوق طبيعية لا نسمح لأحد بأن يتلاعب بها أو يساوم عليها".
وانضمت فلسطين في أبريل/نيسان 2014، إلى اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
وتتهم الشكوى، التي قدَّمها السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، إبراهيم خريشة، إلى لجنةٍ تراقب تنفيذ المعاهدة الأممية، إسرائيل بانتهاج سياسات وممارسات، "هدفها المشترك هو تشريد واستبدال الشعب الفلسطيني، بهدف الإبقاء على الاحتلال الاستعماري".
وتؤكد الشكوى أن الوثيقة، المؤلفة من 350 صفحة، واطَّلعت صحيفة The Guardian البريطانية على ملخص لها، أنَّ الانتهاكات في الأراضي المحتلة، التي تُحددها الشكوى باعتبارها تُمثِّل الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، تسعى للحفاظ "على أغلبية ديموغرافية يهودية في كامل فلسطين التاريخية".
وتضيف: "وهدف نظام الاستيطان ليس تمييزياً في ذاته وحسب؛ بل يتم الحفاظ عليه كذلك عن طريق إجراءات تمييزية، تحرم الفلسطينيين بشدة من حقوقهم الأساسية".
وصدَّقت إسرائيل على معاهدة القضاء على أشكال التمييز العنصري كافة في عام 1979، ووقَّعت عليها فلسطين، التي حصلت على صفة مراقب بالأمم المتحدة قبل 5 سنوات، في عام 2014. ويُعتَقَد أنَّ هذه تُعَد أول شكوى بين الدول تُقدَّم بموجب هذه المعاهدة.
وتخضع المعاهدة لرقابة لجنة القضاء على التمييز العنصري، وهي هيئة مُؤلفة من 18 خبيراً مستقلاً، وهي مُكلَّفة الآن تقييم الشكوى.
ومع أنَّ اللجنة لا تمتلك أي آلية للإنفاذ، ستكون إسرائيل مُطالَبة الآن بتسليم تفسيرات مكتوبة في غضون 3 أشهر، وضمن ذلك أي تدابير إصلاحية اتخذتها. وبعد ذلك، قد تتحرَّك اللجنة للتحقيق في الادعاءات.
قال عمار حجازي، من وزارة الخارجية الفلسطينية: "لا يصل الأمر إلى مستوى أمر محكمة". لكنَّه قال إنَّ التوصل إلى أي نتيجة مفادها أنَّ إسرائيل انتهكت المعاهدة سيُلزِم الأطراف الأخرى المُوقِّعة على المعاهدة، ومن بينها الولايات المتحدة، بـ"ضمان ألا تستمر مثل هذه الممارسات".
وتؤكد الشكوى أنَّ الفلسطينيين مُقيَّدون بشدة في حرية انتقالهم مقارنةً بالمستوطنين الإسرائيليين، وأنَّهم عُرضة لـ"مصادرة والاستيلاء على أراضيهم"، وضمن ذلك هدم المنازل.
وتقول إنَّ إسرائيل تنتهك الحق في معاملة متساوية أمام المحاكم باستخدامها نظماً قانونية منفصلة لكلٍ من الفلسطينيين والمستوطنين، وتشير إلى فرض عقوبات قصوى أكبر على المتهمين الفلسطينيين.
وتشير الشكوى إلى أنَّ إسرائيل انتهكت المادة 3 من المعاهدة، التي تحظر الفصل العنصري والأبارتهايد. وذكر الملخص: "من الواضح أنَّ تصرفات إسرائيل جزءٌ من نظامٍ قمعي واسع ومؤسسي ممنهج يمنح الفلسطينيين معاملةً منفصلة وغير متساوية"، داعياً إلى تفكيك المستوطنات الإسرائيلية القائمة كافة.
وأوضح بيان الخارجية الفلسطينية أن "دولة فلسطين الآن، وبموجب هذه الشكوى، اتخذت إجراءً إيجابياً وقانونياً، وضعت من خلاله المجتمع الدولي والقانون الدولي على المحك، فإما أن يفشل في هذا الاختبار، وما سيترتب على ذلك من عواقب وخيمة على النظام الدولي أجمع، وإما أن يثبت المجتمع الدولي جديته بشأن النظام الدولي والالتزام بالقوانين التي اعتمدها على مدى عقود للحفاظ على السلام والأمن وكفالة الاحترام العالمي لحقوق الإنسان، ومن ضمنها القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري".
وجميع الدول مُطالَبة بتقديم تقارير منتظمة إلى اللجنة حول الكيفية التي تُحافِظ بها هذه الدول على الحقوق. وذكر آخر التقارير الإسرائيلية، الذي قُدِّم في عام 2017، أنَّ إسرائيل تدين أشكال العنصرية كافة و"تحافظ على سياسة ثابتة تحظر مثل هذا التمييز".