نشرت وسائل إعلام كويتية، الأحد 22 أبريل/نيسان 2018، مقطع فيديو جديداً لعمليات سرية نفَّذتها سفارة الفلبين، لتهريب عاملات من منازل كويتيين، في حين قال رئيس مجلس النواب الكويتي، إن وزارة الخارجية ستردّ على تصرف السفارة، ما ينذر بأزمة دبلوماسية محتملة بين البلدين.
صحيفة "القبس" الكويتية، قالت إن الفيديو الجديد يظهر طواقم السفارة الفلبينية وهم يقومون بتهريب إحدى الخادمات، مشيرةً أن مقطع الفيديو تم تصويره من العاملين في السفارة أنفسهم، للعمليات الخاصة التي قاموا بها.
ويظهر في الفيديو رجلان يرتديان نظارتين شمسيتين، وكان الأول يصور عملية تهريب العاملة، فيما الآخر اتجه نحوها وحمل 3 أكياس سوداء تعود لها، قبل أن ينضما إلى رجل آخر كان ينتظرهم في السيارة التي نقلتهم.
وأمس السبت، تسبب مقطع فيديو انتشر على وسائل إعلام فلبينية، ومواقع التواصل، في تأجيج التوتر من جديد بين الكويت والفلبين على خلفية أزمة العمالة الفلبينية.
وظهر في الفيديو مركبات تحمل لوحات دبلوماسية، وفيها فريق "تدخُّل سريع" يعمل على تهريب فلبينيات.
وأثار الفيديو غضب الكويت، التي رفضت تصرف سفارة الفلبين، ونقلت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية عن مصدر مسؤول في الخارجية، (لم تسمه)، قوله إن "التصريحات وتصرفات بعض العاملين في سفارة الفلبين تمثل إخلالاً وتجاوزاً للأعراف الدبلوماسية التي تحكم علاقات البلدين".
وعلّق السفير الفلبيني لدى الكويت، ريناتو أوفيلا، على مقطع الفيديو بالقول إن "الفريق يقوم بعمليات كهذه منذ أكثر من شهر، وأنقذ حالات كثيرة من منازل مخدوميها في جميع مناطق الكويت".
وأضاف أوفيلا في تصريح لوكالة الأناضول، أن "تدخُّل الفريق، الذي يتكون من 7 أشخاص، يحدث عند الحالات الطارئة التي لا يمكنها انتظار مخاطبة وزارتي الداخلية والخارجية الكويتيتين لتدخُّلهما".
أزمة دبلوماسية محتملة
وأثار تنفيذ العمليات الخاصة السرية غضباً رسمياً في الكويت، دفعها إلى استدعاء سفير الفلبين لديها، أوفيلا.
واليوم الأحد، توعَّد رئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق علي الغانم، بالرد على "تصرفات الجانب الفلبيني"، التي وصفها بأنها "تصعيد غير مبرر".
وقال الغانم في تصريح للصحفيين في مجلس الأمة: "أود أن أؤكد أن كل ما يمس سيادة الكويت وكرامتها والمساس بسمعتها عن طريق ربط البلد بحوادث شاذة وغير متكررة والتصعيد غير المبرر من الجانب الفلبيني، سيكون له رد من قبل الخارجية"، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الكويتية.
وأضاف: "حسبما أفادني الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، أنه تم استدعاء السفير الفلبيني وتوجيهه إلى عدة أمور، منها الخيارات التي تدرسها (الخارجية)، والوزير هو من له حق الإفصاح عن تلك الخيارات".
وتابع: "وفق ما أبلغني به الوزير، فإن الكويت بصدد اتخاذ إجراءات، وتم إبلاغ الجانب الفلبيني بذلك، الذي طلب التمهل لفترة قصيرة، ليعدل من وضعه وتصريحاته وإجراءاته".
وحتى الآن ليس معروفاً ما الإجراءات التي ستتخذها الكويت رداً على تهريب العاملات، لكن صحيفة "القبس" الكويتية، نقلت عن مصادر حكومية قولها، إن وزارة الخارجية "منحت السفير الفلبيني أوفيلا مهلة 3 أيام لتسليم الأشخاص الذين ظهروا في الفيديو يهرّبون الخادمات، وإلا سيُعتبر شخصاً غير مرغوب به في الكويت، مما يعني ضرورة مغادرته البلاد بأسرع وقت".
وأضافت الصحيفة أن "هنالك مطالب نيابية بطرد البعثة الدبلوماسية الفلبينية من البلاد، على خلفية انتهاك الأعراف الدولية والسيادة الكويتية". مشيرةً أن نواباً في البرلمان طالبوا بـ"ضرورة اتخاذ قرارات حازمة منها طرد السفير من الكويت رداً على التصرفات غير المسؤولة التي قامت بها السفارة".
وأفادت "القبس" أن وزارة الخارجية استدعت السفير الفلبيني مرة ثانية، وسلَّمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة على تصريحاته الأخيرة لوسائل الإعلام، بأن وزارة الداخلية الكويتية "غير جادة في تلقي البلاغات المقدمة من عمالة بلاده".
وبحسب الصحيفة نفسها، فإن السفير الفلبيني تراجع عن تلك التصريحات.
ملاحقة المتورِّطين
وتستنفر أجهزة الأمن الكويتية للبحث عن الذين ظهروا في مقاطع الفيديو وهم يهربون عاملات فلبينيات، وقالت وكالة الأنباء الكويتية، اليوم الأحد، إن وزارة الداخلية أعلنت اعتقال الإدارة العامة لشخصين من الجنسية الفلبينية، "وذلك أثناء قيامهما باستدراج مجموعة من عاملات المنازل من ذات الجنسية".
وقالت الإدارة العامة للعلاقات والإعلام الأمني في وزارة الداخلية، إنه "أثناء التحقيق مع المتهمَيْن أقرَّا واعترفا بارتكابهما هذه الجريمة وعدة جرائم مماثلة في مناطق مختلفة من البلاد، جارٍ العمل على حصرها".
وأضافت أن المتهمَيْن "أفادا أيضاً بأنهما يقومان بالفعل بالتواصل مع عاملات المنازل من الجنسية الفلبينية، وتحريضهن على الهرب من منازل كفلائهن".
وأشارت الوكالة الكويتية، إلى أن مجموعة من المواطنين تقدموا ببلاغات مختلفة عن هروب عاملات فلبينيات من أمام منازلهن، في وقت تواصل فيه السلطات الكويتية البحث عن بقية المطلوبين.
وفي وقت سابق، اليوم الأحد، قالت مصادر في الإدارة العامة للعلاقات والإعلام الأمني في تصريح لـ"عربي بوست"، إنها استطاعت تحديد هوية المتورطين، مشيرةً أيضاً أنها حصلت على تفاصيل عن 3 أشخاص من أصل 5 من المتورطين في عملية التهريب، "أسماؤهم والمعلومات الكاملة عنهم بحوزة الأمن الكويتي".
وبحسب المصادر فإن "البحث عنهم جارٍ، وهم بصدد القبض عليهم مع الخادمة الهاربة".
سبب الأزمة
وتسبَّب العثور على عاملة فلبينية مقتولة ومجمَّدة في ثلاجة بالكويت، في فبراير/شباط 2018، في توتر العلاقات الكويتية-الفلبينية.
وأعلنت السلطات الكويتية، آنذاك، أن المرأة الفلبينية كانت تعمل لدى زوجين من لبنان وسوريا، ويقيمان في البلاد، وغادرا الكويت بعد أن قتلا العاملة، وقضت محكمة كويتية بإعدامهما غيابياً.
وفي 9 فبراير/شباط 2018، انتقد الرئيس الفلبيني، رودريغو دوتيرتي، في تصريحات صحفية له "سوء معاملة" عمال المنازل الفلبينيين بدول خليجية.
وأصدر دوتيرتي أوامر لوزارة العمل في بلاده بوقف إرسال العمالة إلى الكويت. كما طلب من مواطنيه الذين يعملون بالكويت مغادرتها مجاناً، عبر التواصل مع الخطوط الجوية الفلبينية، وقال إن "الفلبينيين ليسوا عبيداً لأحد في أي مكان وأي زمان".
واعتبر أن الإجراءات الرسمية في الكويت "لم تكن كافية لحماية مواطنينا"، وفق قوله، عارضاً صوراً قال إنها لفلبينيات تعرضن لاعتداءات بالكويت.
ووفق بيانات رسمية صادرة في 2016، يعمل نحو 2.2 مليون فلبيني خارج بلدهم، من بينهم 276 ألفاً في الكويت.