يبدو أن الأوضاع في محافظة البصرة جنوبي العراق تتجه إلى المجهول، بعد أن قام المتظاهرون بحرق مقرات الفصائل المسلحة التابعة للحشد الشعبي والأحزاب السياسية الموالية لإيران، ومقر القنصلية الإيرانية في البصرة.
وقد وجَّه تحالف الفتح، الجناح السياسي للحشد الشعبي اتهاماً للولايات المتحدة الأميركية والسعودية ونواة الكتلة الأكبر برئاسة سائرون والنصر، بالوقوف وراء احتراق مقراته، وافتعال الأزمة في البصرة لتأخير تشكيل الحكومة العراقية المقبلة.
الحشد الشعبي يتهم أميركا والسعودية وائتلاف الصدر والعبادي بحرق مقراته
ويقول مسؤول في التحالف، رفض الكشف عن نفسه، لـ "عربي بوست"، إن "القيادات السياسية في تحالف الفتح ودولة القانون عقدوا اجتماعاً، مساء الجمعة، في منزل الأمين العام لمنظمة بدر، هادي العامري، أبلغوا السفير الإيراني في العاصمة بغداد، إيرج مسجدي، عن أسفهم وانزعاجهم لقيام مجموعة من المتظاهرين بإحراق مقر القنصلية الإيرانية في البصرة.
ويضيف أن "المجتمعين في منزل العامري رفضوا بشدة أعمال الشغب التي قام بها بعض المندسين في تظاهرات البصرة، ووجهوا اتّهاماً إلى الأميركيين والسعوديين، ونواة الكتلة الأكبر برئاسة سائرون والنصر، بالوقوف وراء احتراق المقرات التابعة لفصائل الحشد الشعبي والأحزاب السياسية المنضوية تحت تحالف الفتح ودولة القانون، هذا الفعل يندرج ضمن مخطط أميركي- سعودي، لافتعال حرب أهلية وجرّ البلاد إلى الهاوية.
الحشد الشعبي: لن نسكت وسنتدخل بقوة لحماية الدولة
ولفت المسؤول في الحشد الشعبي، إلى أن "الغريب في الأمر أن المتظاهرين لم يحرقوا المقرات التابعة لنواة الكتلة الأكبر برئاسة سائرون والنصر، هذا ما يدفعنا إلى الشك وتوجيه اتهام إلى بعض الأحزاب السياسية لافتعال الأزمة في البصرة، من أجل مكاسب ومصالح سياسية، إذا وصل الأمر إلى تهديد الدولة، لن نسكت وسنتدخل بقوة لحماية الدولة والمواطن والعملية السياسية في العراق.
بدوره رفض مكتب ائتلاف النصر برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي بمحافظة البصرة، اتهامه بتحريك الشارع البصري وحرق المباني الحكومية ومقرات الأحزاب السياسية والحشد الشعبي، الجماهير انتفضت في ظل استشراء الفساد والإهمال الحكومي وسوء الواقع الخدمي والصحي بالمحافظة.
ويقول علي خماس، عضو مكتب ائتلاف النصر في البصرة لـ "عربي بوست": "الجماهير في البصرة خرجت إلى شارع بسبب سوء الواقع الخدمي والصحي بالمحافظة، والتظاهرات والاحتجاجات في البصرة كانت سلمية في بداية انطلاقها، إلا أنها تحوّلت إلى غضب جماهيري ونزول إلى الشارع وإحراق المباني الحكومية والمقرات الحزبية، بعد تسمم 20 ألف مواطن، نتيجة تلوث المياه الصالحة للشرب.
سوء الخدمات دفع المتظاهرين لإحراق مقرات الأحزاب والمباني الحكومية
أشار خماس، إلى "إهمال الحكومتين المحلية والاتحادية للواقع المعيشي في البصرة، فأصبحت محافظة منكوبة، بسبب سوء الواقع الخدمي والصحي، هذا الأمر دفع المتظاهرين إلى إحراق المباني الحكومية ومقرات الأحزاب السياسية وفصائل الحشد الشعبي، ووصل الأمر إلى إحراق مبنى القنصلية الإيرانية في البصرة.
تسممنا بمياهكم الملوثة فتظاهرنا.. لماذا تقتلوننا في البصرة يا حكومة العراق؟
ولفت المسؤول في مكتب ائتلاف النصر في البصرة، إلى أن "أغلبية المتظاهرين من فئة الشباب، لم تتجاوز أعمارهم 35 عاماً، والاتهامات الموجَّهة بأن هناك أحزاباً وأجندات خارجية تقوم بتحريك المتظاهرين غير صحيحة، الشاب البصري هو من خرج وتظاهر ونزف دماءً من أجل توفير الخدمات لمحافظته.
وأعلنت قيادة العمليات المشتركة في العراق عن اتخاذها إجراءات استثنائية، للحفاظ على الأمن وحماية المصالح العامة والخاصة بالبصرة، وتخويل الأجهزة الأمنية بالتعامل بحزم مع أعمال الشغب التي رافقت التظاهرات في الأيام الماضية.
إجراءات أمنية في البصرة
ذكر بيان قيادة العمليات، اطَّلعت عليه "عربي بوست"، أن "القيادة عقدت اجتماعاً برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي، لمناقشة الوضع الأمني في البصرة، والأحداث التي حصلت، ووجَّه بتعزيز الأمن وحماية الخدمات، مشيراً أنه تابع الأحداث الجارية في البصرة من بداية انطلاق التظاهرات فيها، ووجَّه القوات الأمنية أن تتعامل بمسؤولية عالية وضبط النفس مع المتظاهرين طيلة الأيام الماضية، وتطور الأحداث خلال الـ72 ساعة الماضية إلى الشغب والإضرار بالمال العام والخاص، واستهداف القوات المسلحة والقوات الأمنية ومؤسسات الدولة والمنشآت الحيوية والمقار الحكومية والممثليات الدبلوماسية والمصالح الخاصة بالمواطنين.
وبيَّنت أن "الأحداث وصلت إلى استهداف المشاريع الخدمية، واتخذت قيادة العمليات المشتركة إجراءات استثنائية للحفاظ على الأمن وحماية المصالح العامة والخاصة، وأصدرت الأوامر بتخويل القوات الأمنية بالتعامل بحزم مع أعمال الشغب التي رافقت التظاهرات وحماية المؤسسات العامة والخاصة، واتخاذ الإجراءات المناسبة لفرض القانون.
ودعت العمليات المشتركة المواطنين في البصرة إلى التعاون مع القوات الأمنية، التي تحرص أن توفر الأمن وحماية الخدمات وتأمين بيئة ناجحة للمشاريع الخدمية والاستثمارية، والابتعاد عن أي تجمع يستهدف التقرب من المؤسسات وعدم التجمع والتنقل بمجموعات من منطقة إلى أخرى، والالتزام بالتوصيات الأمنية الاستثنائية.
تعزيزات عسكرية لفرض القانون
بعد انتهاء اجتماع منتصف ليلة السبت، برئاسة القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي وقادة العمليات المشتركة، وصلت قوات من جهاز مكافحة الإرهاب، معززة بالآليات العسكرية لضبط الأمن في مدن وشوارع البصرة.
وقال مسؤول في حكومة البصرة لـ "عربي بوست": "الوضع في المحافظة خارج سيطرة الحكومة المحلية، هناك أعمال شغب حدثت بعد احتراق مبنى القنصلية الإيرانية في منطقة البراضعية، قامت مجموعات مسلحة وأخرى لا تحمل السلاح بالاعتداء على المواطنين العزّل وسرقة ممتلكاتهم الخاصة، هذا الأمر دفع الهيئة التنسيقية للتظاهرات لإعلان براءتها من أعمال الشغب والتخريب الممنهج في المحافظة والانسحاب من شوارع المدينة.
اعتقال المندسّين والمسؤولين عن أعمال الشغب في المدينة
ويضيف المسؤول غير المخول بالتصريح، أن "محافظ البصرة أسعد العيداني، أبلغ رئيس الوزراء حيدر العبادي، بأن المدينة أصبحت خارج سيطرة الحكومة المحلية والقوات الأمنية، لا بد من إرسال تعزيزات عسكرية لضبط الأمن بالمحافظة، وحماية المؤسسات الحكومية وممتلكات الدولة والمواطنين، والقطعات العسكرية التي وصلت إلى البصرة لفرض القانون، واعتقال المندسين في صفوف المتظاهرين، والمسؤولين عن أعمال الشغب بالمحافظة.
في العراق كلما تدفق النفط زادت البطالة.. الفساد يغذي غضب المواطنين والحكومة عاجزة عن وضع حلول للأزمة
إلى ذلك وجَّه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، خطاباً للأحزاب السياسية في مجلس النواب العراقي، عبر تغريدة له على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، اطلعت عليها "عربي بوست"، "البصرة تُحرق، البصري يقتل، الوضع يشتعل، الدماء تراق، العنف يتزايد، الفساد يتفاقم، وأموال البصرة تمنع، البرلمان ينعقد، فاجعلوا جلسة الغد للبصرة حصراً لا غير، فاتركوا صراع الكتل، واتركوا تشكيل الكتلة الأكبر، واتركوا المغانم من أجل شعبكم.
وسيعقد مجلس النواب العراقي جلسته الخاصة، يوم السبت 8 سبتمبر/أيلول، برئاسة علي الزيني النائب الأكبر سناً، لمناقشة المشكلات والتطورات الأخيرة في البصرة، بحضور رئيس الوزراء حيدر العبادي، ووزراء الداخلية، والصحة، والموارد المائية، والبلديات، وعدد من المسؤولين في الحكومة العراقية.