أعطت المحكمة الإسرائيلية العليا، الأربعاء 5 سبتمبر/أيلول 2018، الضوءَ الأخضر لهدم قرية خان الأحمر الفلسطينية البدوية، في الضفة الغربية المحتلة، بعد رفضها التماسات بوقف قرار الهدم.
وبذلت جهات دولية عدة ضغوطاً لجعل إسرائيل تتراجع عن خطة إزالة القرية، التي تقول إنها بُنيت من دون ترخيص.
وقال قضاة المحكمة "نرفض الالتماسات" التي تطالب بوقف هدم خان الأحمر، وأضافوا أن الأمر المؤقت بوقف الهدم خلال النظر في هذه الشكاوى "سيُلغى خلال سبعة أيام اعتباراً من اليوم".
وهذا يعني أن السلطات الإسرائيلية يمكنها تحديد موعد تنفيذ أمر الهدم في نهاية الأيام السبعة.
قرية عدد سكانها 170 شخصاً يواجهون القمع الإسرائيلي
تقع قرية خان الأحمر شرقي مدينة القدس المحتلة، على الطريق الرئيسي بين مدينة القدس وأريحا، محاطة بعدد من المستوطنات الإسرائيلية، وتتألف القرية من أكواخ من الخشب والألواح المعدنية، مثلما هي الحال عموماً في القرى البدوية، ويبلغ عدد سكانها 173 شخصاً، وفيها مدرسة.
وسعت حكومات أوروبية والأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية إلى منع الهدم الذي قالت إنه سيتيح توسيع المستوطنات، ويقطع الضفة الغربية إلى قسمين، عبر فصل شمالها عن جنوبها، الأمر الذي سيزيد بالتالي من صعوبة إقامة دولة فلسطينية مستقلة، كحل يؤيده المجتمع الدولي للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
وفي مايو/أيار، رفضت المحكمة العليا آخر التماس ضد الهدم، بعد تسع سنوات من الشكاوى أمام المحاكم.
واقترحت السلطات الإسرائيلية على سكان خان الأحمر الانتقالَ إلى مكان آخر بالقرب من بلدة أبوديس، لكنهم رفضوا ذلك، بحجة أن الموقع المقترح يقع بالقرب من مطمر للنفايات، وفي منطقة يتعذَّر فيها تربية ورعي الماشية.
وقالت المحكمة "إن سكان خان الأحمر رفضوا مقترحات الدولة فيما يتعلق بموقع نقلهم، وأعربت عن أملها في استمرار "الحوار".
وأشاد وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان بقرار القضاة بإخلاء خان الأحمر.
وقال: "أهنئ القضاة على القرار الشجاع" الذي اتخذوه، في مواجهة ما سمَّاه "هجوم النفاق المنسق الذي يشنه (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن، واليسار، والدول الأوروبية".
وأضاف في بيان: "لا أحد فوق القانون، لن يمنعنا أحد من التصرف بما تمليه علينا سيادتنا ومسؤوليتنا كدولة".
والناشطون الحقوقيون ينددون بقرار إسرائيل هدم القرية
يؤكد الناشطون المدافعون عن حقوق الأهالي أنه ليس لديهم خيار غير البناء من دون تراخيص؛ لأن إسرائيل ترفض أساساً استصدار تصاريح بناء للفلسطينيين في معظم أنحاء الضفة الغربية، الخاضعة تماماً لسيطرتها.
واتَّهم المحامي توفيق جبارين أحد ممثلي أهالي خان الأحمر، المحكمة العليا، بأنها "تتبع حكومة إسرائيل اليمينية في حكمها"، معتبراً ذلك "خطأً قانونياً".
وقال لوكالة فرانس برس: "لا تستند المحكمة العليا في قرارها هذا إلى حجج قانونية، وتتناقض مع قرارات سابقة لها. وهذا للأسف ما تريده الحكومة، والمحكمة لا تريد التدخل".
وأشار جبارين إلى أنه "لا يوجد حالياً أي تفاهمات بين الدولة وسكان خان الأحمر بشأن الانتقال الطوعي. لم أر أبداً أحداً يطرد من بيته ويدمر منزله ويبقى مكتوف اليدين".
وقالت منظمة بتسيلم الحقوقية، إن "المحكمة العليا هي في خدمة الاحتلال".
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة عام 1967، وطاردت البدو في تجمّعاتهم، وخصوصاً في منطقة القدس، وذلك من أجل بناء وتوسيع المستوطنات.
وفي الرابع من يوليو/تموز، أصيب 35 شخصاً من المتظاهرين ضد هدم خان الأحمر، في مواجهات، عندما بدأت الشرطة بنقل معدات ثقيلة تمهيداً لتسهيل عمليات الهدم وطرد السكان.
ويعيش في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين نحو 3 ملايين فلسطيني، وأكثر من 600 ألف مستوطن.
ويعتبر المجتمع الدولي أنَّ كل المستوطنات في الأراضي المحتلة غير قانونية، وأنّها تشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق السلام.
ودعت منظمة التحرير الفلسطينية للدخول في اعتصام لمنع هدم القرية
حيث أعلنت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، اليوم الأربعاء 5 سبتمبر/أيلول 2018، بدء اعتصام مفتوح في تجمع الخان الأحمر، شرقي القدس المحتلة، رداً على قرار المحكمة العليا الإسرائيلية، بهدم التجمع وتهجير سكانه.
وقال رئيس الهيئة، وليد عساف، في مؤتمر صحافي عقده في التجمع البدوي، ونقلته وكالة الأناضول، إن "إسرائيل ماضية في التضييق على الشعب الفلسطيني وطرده من أرضه، وقد اتَّخذت قراراً بهدم التجمع بجرافاتها، ضاربة بعرض الحائط كافة القوانين الدولية".
وأَضاف: "نؤكد أننا سندافع عن المنازل والسكان بأجسادنا العارية".
وأشار إلى أن المحكمة الإسرائيلية لم تقبل دراسة الأوراق وطلبات الترخيص، التي قدمها المحامون وأهالي القرية.
وأضاف: "استنفدنا كافة الإجراءات القانونية على المستوى المحلي، ومن حقنا التوجه إلى القانون الدولي للمحافظة على حقوقنا".
وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية، قد أمرت اليوم، بهدم وإخلاء "الخان الأحمر".
وحذر فلسطينيون من أن تنفيذ عملية الهدم من شأنه التمهيد لإقامة مشاريع استيطانية تعزل القدس الشرقية من ناحيتها الشرقية، وتقسم الضفة الغربية الى قسمين، بما يؤدي إلى تدمير خيار "حل الدولتين".
وينحدر سكان التجمع البدوي من صحراء النقب، وسكنوا بادية القدس عام 1953، إثر تهجيرهم القسري من قبل السلطات الإسرائيلية.
ويحيط بالتجمع عدد من المستوطنات الإسرائيلية؛ حيث يقع ضمن الأراضي التي تستهدفها السلطات الإسرائيلية لتنفيذ مشروعها الاستيطاني المسمى "E1".