اقتحم مئات من المحتجين في تظاهرات شعبية مبنى مدينة البصرة جنوبي العراق، وأضرموا النيران فيه، اليوم الثلاثاء 4 سبتمبر/أيلول، إثر مقتل متظاهرَيْن اثنين برصاص قوات الأمن، وفق أحد المحتجين.
والبصرة هي مهد احتجاجات شعبية متواصلة، منذ 9 يوليو/تموز الماضي، في محافظات وسط وجنوبي العراق، ذات الغالبية الشيعية، للمطالبة بتحسين الخدمات وتوفير فرص عمل.
وكان مئات المحتجين اشتبكوا مع قوات الأمن في محافظة البصرة النفطية في جنوبي العراق، اليوم الثلاثاء، لليوم الثاني بعد وفاة محتج متأثراً بجروح أصيب بها في اشتباكات خلال مظاهرات أمس الإثنين.
الأمن استخدم الرصاص الحي ضد المتظاهرين في البصرة
حيث قال رافد الكناني، متظاهر في اتصال هاتفي مع الأناضول، إن "المئات من المتظاهرين اقتحموا مبنى محافظة البصرة، مساء اليوم، وأضرموا النيران فيه، بعد مقتل متظاهرين اثنين وإصابة العشرات، جراء استخدام قوات الأمن الرصاص الحي".
وأضاف أن "الغضب العارم ساد التظاهرة أمام مبنى المحافظة، إثر إطلاق قوات الأمن النار على المتظاهرين، وهو ما دفع المحتجين إلى اقتحام المبنى"، فيما تحاول فرق الإطفاء إخماد النيران.
وتابع أن "المتظاهرين، وعلى مدى الأيام الماضية، كانوا سمليّين ولم يلجأوا إلى العنف، لكن هناك استخدام غير مبرّر للرصاص من جانب قوات الأمن، إضافة إلى الغازات المسيلة للدموع".
وأوضح الكناني أن "الوضع في البصرة متوتر للغاية، وانضم إلى المتظاهرين عشائر ذوي القتلى والجرحى".
من جهته، قال محمد خلف، ملازم في الجيش ضمن قيادة عمليات البصرة، للأناضول، إن "قوات الأمن دخلت في حالة الإنذار القصوى في مدينة البصرة (مركز المحافظة)، على خلفية تطورات اليوم".
وأوضح خلف أن "عدداً من عناصر الأمن أصيبوا بجروح، بينهم ضابط، بعد أن تم استهداف مركبتهم برمانة (قنبلة) يدوية، من جانب مسلح مجهول".
ما دفع رئيس الحكومة لفتح باب للتحقيق في عمليات القتل
وأعلن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، الثلاثاء، أنه أمر بفتح تحقيق بشأن إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في البصرة.
وقال العبادي، خلال المؤتمر الصحافي الأسبوعي في بغداد، الذي نقله رويترز إن "أوامرنا واضحة بخصوص منع إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، ووجهنا بفتح تحقيق بقضية مقتل شاب خلال التظاهرات في البصرة".
ويحرص المتظاهرون في البصرة على الاحتجاج على مقربة من حقول ومنشآت النفط، للضغط على المسؤولين لتوظيفهم في شركات النفط، التي تعتمد غالباً على أيدي عاملة أجنبية.
ويطالب المحتجون بتحسين الخدمات العامة، مثل الكهرباء ومياه الشرب، وتوفير فرص عمل، ومحاربة الفساد المستشري في دوائر الدولة، وفق المحتجين.
وتخلَّلت الاحتجاجات أعمال عنف وإحراق ممتلكات عامة ومكاتب أحزاب، في يوليو/تموز الماضي، ما خلَّف 15 قتيلاً ومئات المصابين من قوات الأمن والمتظاهرين، بحسب مفوضية حقوق الإنسان (مرتبطة بالبرلمان).
وكانت المباني الحكومية في البصرة هدفاً للمتظاهرين الذين يطالبون بتحسين الخدمات الحكومية والتصدي للفساد.
وعمَّت المظاهرات مدناً بالجنوب، معقل الشيعة، الذي لطالما شكا من الإهمال، بعد انقطاعات في الكهرباء خلال شهور الصيف الحارة، وبسبب عدم توافر فرص العمل والافتقار للخدمات الحكومية الملائمة، فضلاً عن استشراء الفساد.
لكن الغضب الشعبي اشتدَّ في وقت يجد فيه الساسة صعوبة في تشكيل حكومة جديدة، بعد انتخابات برلمانية غير حاسمة، في مايو/أيار. وعبر المرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله علي السيستاني، عن تأييده للاحتجاجات.
وفي الشهر الماضي، أوقف رئيس الوزراء حيدر العبادي وزير الكهرباء عن العمل. وقال الأسبوع الماضي، إن حكومته بدأت في معاقبة المسؤولين عن ضعف الخدمات في البصرة، ثاني كبرى مدن العراق.
وكان مدير مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في محافظة البصرة مهدي التميمي، طالب في وقت سابق بالتحقيق فوراً في مقتل المحتج.
وقال: "نطالب القضاء العراقي بفتح تحقيق فوري وعاجل بحادثة مقتل متظاهر في البصرة، الذي تعرَّض لإطلاق نار وإصابة في الكتف، توفي في إثرها، بالإضافة إلى تعرضه لصعقات كهربائية من قبل القوات الأمنية".