مَن منَّا لا يعترف بأن تطبيقات وشبكات اجتماعية محمولة بداخل جيوبنا لم تغير طريقة معرفتنا للأخبار كل يوم، هل ما زال هناك مَن يسارع لشراء صحيفة ما، ما دام بإمكانه الوصول للأخبار من خلال تطبيق فيسبوك أو تويتر، أو حتى يتأكد من خبر عاجل جداً بمجرد كتابة هاشتاغ البلد الذي حدث به الخبر.
لا شك أن الشبكات الاجتماعية غيَّرت منظورنا ورؤيتنا لعالم الأخبار، هذا الأمر بكل تأكيد لم تكن تعيه تلك الشبكات في الفترة الأولى لانطلاقها وتناميها، والدليل على ذلك أنها تأخَّرت لطرح أدوات لمساعدة الصحافيين على تحليل وتنظيم، بل ومعرفة الأخبار، كأداة سيجنال التي أطلقتها فيسبوك لمساعدة الصحافيين على الاطلاع على أكثر الأخبار مشاركةً أو مناقشةً، أو إن صحت التسمية (انتشاراً) على شبكتي فيسبوك وإنستغرام، بناءً على نوعها أو على ارتباطها بقضية معينة، كحدوث زلزال أو وفاة شخصية عالمية مشهورة.
قدِّم لمتابعيك ما يحبونه أو ما تعتقد أنهم يحبونه!
خلاصة تجربة مواقع وشبكات ضخمة مثل Buzzfeed أو 9Gag هي أنها تعطي ما تتصور أن المتابعين سيُحبونه، أو ما يحبونه بالفعل، وهذا الأمر قاد هذه الشبكات وغيرها من الناشرين للنجاح على الشبكات الاجتماعية، عبر تحليل أهواء الجمهور وما يتفاعل معه واستهدافه بشكل دائم، بناءً على ذلك، ما الفائدة مثلاً أن تحكي لجمهورك حكايات عن عجل اسكتلندي، وهم أساساً غير مهتمين بذلك. هذا الأمر يؤكد حتمية الرؤى الخاصة مثلاً بكل من فيسبوك وتويتر أو الخدمات الأخرى، التي تحلل لك سلوك جمهورك، حيث تحلل ما يحبه أو يتفاعل معه، ويبقى عليك أو على مؤسستك اتباع استراتيجية الاستجابة له.
الحَق بالموضة بشكل دائم!
البث المباشر ميزة ليست جديدة على الإنترنت، Qik وUstream وغيرها من الخدمات القديمة كانت السباقة بالبث المباشر، لكنها بدأت تموت مع مرور الزمان، وتتجه لَأن تكون ربحية بحتة، وتأكَّد موتُها بعد أن أطلقت فيسبوك ميزة البث المباشر، وأطلقت تويتر شبكة periscope للغرض ذاته، وبعد ظهور تطبيقات تؤدي نفس الوظيفة مثل (meerkat)، الذي قيل إن فيسبوك ستشتريه قبل أن تطلق ميزة البث المباشر.
ما جعل عامل البث المباشر ينجح هو أنه قائم هنا على مستخدمي الشبكات الاجتماعية، الذين يبثون أحداثاً من حول العالم لما يدور حولهم، وهذا هو التطور الفعلي للشبكات الاجتماعية في الوقت الحالي، إذ في مطلع استخدامها كان الكل ينشر الأخبار كنصوص، سواء على تويتر أو على فيسبوك، ثم تطوَّر الأمر للصور، والآن التركيز ينصبُّ على الفيديو، إلى أن جاءت ميزة المباشرة لهذه الشبكات، مما أدى لهيمنتها عليها وانتشارها الساحق، اعتماداً على قاعدة جماهيرية كبرى تضم مئات الملايين من المستخدمين.
ذات الأمر بالنسبة لطريقة رواية القصة، التي بدأ بها موقع Buzzfeed، ثم استنسخته أغلب الوسائل الإعلامية الأخرى، إذ يعتمد سرد القصص على شرائح فيديو وعناوين رئيسية تختصر قصة من الممكن أن تأخذ منك قراءتها نحو نصف ساعة، ونحن اليوم في عصر فيديوهات الدقيقتين اللتين تختصران كل شيء.
بناء علاقة طيبة مع الجمهور
في وقت من الأوقات كنت تبحث عن شركة سيارات مثلاً، وأردت أن تراسل هذه الشركة، بحثت فوجدت بريدهم الإلكتروني على الموقع، ثم راسلتهم ولم يصلك أي جواب بعد شهر وشهرين وأكثر، هذا الأمر كسرت قاعدته الشبكات الاجتماعية حينما أصبح لكل شركة حساب على تويتر يرد على طلبات المستخدمين، لا وقد باتت معظم الشركات تخصص لقسم الدعم الفني بها حساباً على تويتر، ليتولى مهمة الرد على الجمهور والتواصل معه.
جرِّب أن تراسل شركة أميركية بمشكلة حدثت معك في أحد منتجاتها، وسيكون عامل احترام هذه الشركة لك كمستخدم هو أن ترد عليك خلال 24 ساعة من رسالتك، هكذا ببساطة باتت تخاف أغلب العلامات التجارية على سمعتها عبر الإنترنت؛ لذلك لا تدَّخر أي جهد في التواصل مع متابعيها وبناء علاقة جيدة معهم.
ما دمتَ تستخدم الشبكات الاجتماعية.. انسَ خصوصيتك!
لاحظت أن أغلب الناس باتوا يتناقلون منشوراً يوجهون من خلاله رسالة لفيسبوك، على أنهم لا يسمحون باستخدام معلوماتهم الخاصة للعلن أو ما شابه ذلك، وأكاد أجزم أن معظم المستخدمين ومنذ إنشائهم لحساباتهم على هذه الشبكات منذ البداية لم يقرأوا اتفاقية الاستخدام أو حتى يعلموا بنودها، لكن من باب الحمية ظهرت هذه الجزئية أخيراً.
باستخدامك للشبكات الاجتماعية، عليك أن تنسى خصوصيتك، فمكانك الجغرافي، صورك الخاصة التي لم تنشرها، تحرّكك من منطقة لأخرى، رسائلك التي تتواصل بها مع الأصدقاء، كل هذه تجمع لدى هذه الشبكات وتحلل ليتم الاحتفاظ بها إما لأسباب أمنية، أو لأسباب تفيد هذه الشبكات باستهداف المعلنين لك.
تحتاج دليلاً يؤكد لك أنك مستهدف إعلانياً؟ أذكر حينما كنت أحضر في مؤتمر منتدى الشرق الأخير كنت أتصفَّح فيسبوك، وإذ بإعلان لفرقة "عراضة شامية"، بعد أن ذهبت إلى جانب قاعة المؤتمر شاهدت رجلاً يلبس زياً شامياً تقليدياً، سألته هل أنتم فرقة "سيف الشام؟" فأجابني بنعم.
ذات الأمر حدث عندما أرسل لي أحدهم رسالةً على الواتساب عن مؤتمر سيُقام في مدينة إسطنبول، خلال شهر سبتمبر/أيلول، وعندما دخلت إلى فيسبوك بدأت إعلانات المؤتمر تظهر عندي بشكل يؤكد لي أن واتساب الذي اشترته فيسبوك يقرأ محادثاتك ومواضيعك التي ترتبط بكلمات مفتاحية معينة، تظهر لك الإعلانات من خلالها عند تصفحك لشبكة فيسبوك.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.