نظرة شاملة: تفاصيل أزمة المياه في إيران ومصير نقل سكان طهران إلى موقع جديد

عربي بوست
تم النشر: 2025/11/13 الساعة 13:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/11/13 الساعة 13:48 بتوقيت غرينتش
أزمة مياه في إيران-عربي بوست

لا يشغل الأوساط الإيرانية حالياً سوى التصريحات "الصادمة" للرئيس مسعود بزشكيان، التي حذر فيها من أن استمرار انقطاع الأمطار قد يجبر سكان العاصمة طهران على إخلاء المدينة.

تلت هذه التصريحات تحذيرات المدير العام لهيئة مياه طهران، بهزاد بارسا، الذي أفاد بأن احتياطيات السدود لن تكفي لتزويد العاصمة بالمياه لأكثر من أسبوعين إضافيين. وفي موازاة ذلك، أكدت تقارير إعلامية محلية أن عمليات قطع المياه ليلاً قد بدأت بالفعل في طهران، التي يقطنها ما يزيد عن 10 ملايين نسمة.

وفي حديث خاص لـ "عربي بوست"، أشار مسؤولون إيرانيون إلى أن هذه الأزمة ليست وليدة اللحظة، وأن سوء التخطيط الحكومي هو ما فاقمها. وأكدوا أن الحديث عن تهجير سكان طهران أو إفراغ العاصمة هو أمر مستحيل الحدوث.

استحالة نقل العاصمة طهران أو تفريغها!

تحذيرات مسعود بزشكيان، الرئیس الإيراني، من احتمال اضطرار سكان العاصمة طهران إلى مغادرة المدينة في حال استمرار تفاقم أزمة المياه، قال عنها مسعود فكري، الأكاديمي الإيراني  والقريب من حكومة بزشكيان، في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، إن بزشكيان يسعى من خلال هذه التصريحات إلى طرح المشكلات بصراحة متناهية أمام الشعب الإيراني، ليس فقط لتنبيههم، بل أيضًا لدعم شكل العلاقة بين الحكومة والمواطنين، وخلق وعي جماعي حول أزمة المياه.

وأشار فكري إلى أن الحكومة تحاول الاستفادة من مشروع نقل سكان طهران كوسيلة لمواجهة الأزمة الحالية، مع توظيف هذا المشروع إعلاميًا لتسليط الضوء على خطورة الاستهلاك العشوائي للمياه. وأوضح أن أزمة المياه في إيران ليست وليدة اللحظة الحالية، بل هي تراكمات لعقود طويلة. بعيدًا عن العوامل الطبيعية، هناك أسباب ترتبط بالسياسات الحكومية الخاطئة، طرق الزراعة المهدرة للموارد، وإهدار الأموال في مشاريع زراعية غير مستدامة، ما ساهم في تدمير البنية المائية للبلاد على مر السنين.

وتطرق فكري إلى مشكلات بناء السدود، موضحًا أنه تم في العديد من الحالات بناء سدود في أماكن غير مناسبة، وهو ما أدى على مدار عقود إلى تراكم مشاكل المياه، وظهور بوادر شح المياه منذ عهد الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي. وأضاف أن الحكومة لم تولِ المشكلة الاهتمام الكافي، ولم تقدم حلولًا عاجلة ومنطقية، فيما زاد التغير الإقليمي للمناخ من تفاقم الأزمة وخلق وضعًا حرجًا على مستوى الموارد المائية.

ويبلغ عدد سكان طهران ما بين 8 و10 ملايين نسمة، وفقًا لفكري، مع وجود مدن مجاورة يتنقل سكانها إلى العاصمة للعمل، ما يزيد الضغط على الموارد المائية. ورغم أن فكرة تهجير السكان من العاصمة تبدو منطقية على الورق، إلا أن تنفيذها صعب للغاية بسبب تركز المرافق الحكومية والمؤسسات التعليمية، وفرص العمل، والبنية التحتية، وجميع هذه العوامل تجعل عملية تفريغ المدينة معقدة للغاية. وأكد فكري أن الجانب الأمني يرفض بشكل قاطع إخلاء العاصمة خشية تأثير ذلك على الأمن القومي الإيراني.

وأوضح فكري أن الهدف الأساسي من تصريحات بزشكيان هو مخاطبة الداخل الإيراني لتقليل الاستهلاك الداخلي للمياه، وتحذير المواطنين من مخاطر الاستهلاك المفرط، وخلق ثقافة جديدة للحفاظ على الموارد المائية. وأضاف أن هذه التصريحات تحمل في الوقت نفسه آثارًا سلبية على المستوى الخارجي، حيث يمكن أن تستغل إسرائيل هذه التصريحات ضد إيران، نظرًا لحساسية موضوع تفريغ العاصمة وتأثيره المحتمل على الاستقرار السياسي والأمني في البلاد.

وأكد فكري أن الحكومة تسعى من خلال هذه التصريحات إلى إحداث وعي شعبي حقيقي حول أزمة المياه، وتحفيز المواطنين على تبني سلوكيات مستدامة في استخدام المياه، مشيرًا إلى أن استمرار الوضع الحالي سيزيد من صعوبة الحلول المستقبلية ويعمق الأزمة في العاصمة. وأضاف أن رسائل بزشكيان تهدف إلى خلق ضغط شعبي لتغيير نمط الاستهلاك، وتحفيز المجتمع الإيراني على التعاون مع الدولة لإنقاذ الموارد المائية، حتى لا تتحول الأزمة إلى كارثة أكبر تشمل تهجير السكان وتفاقم المخاطر الأمنية والاجتماعية.

كما شدد فكري على أن مواجهة أزمة المياه في طهران تتطلب مزيجًا من التخطيط الحكومي السليم، والوعي الشعبي، وتطبيق سياسات مستدامة في الزراعة والاستهلاك، مع ضرورة أخذ العوامل المناخية بعين الاعتبار، لتجنب وصول المدينة إلى مرحلة حرجة قد تجبر السكان على ترك العاصمة، وهو ما يمثل خطرًا على الأمن القومي واستقرار البلاد على المدى الطويل.

نقل العاصمة لن يحدث!

في السياق ذاته، قال علي عبدالعلي‌زاده، ممثل رئيس الجمهورية الإيراني "بزشكيان" في منصب المنسق العام لتنفيذ السياسات العامة للتنمية المرتكزة على البحر (وهو منصب يتعلق بربط السياسات العليا للدولة بخطط التنمية العملية على الصعيد البحري والمائي)، إن نقل العاصمة طهران إلى مدينة أخرى أمر لن يحدث، وأضاف أن مياه الخليج هي الأمل الوحيد لطهران لتجاوز أزمة نقص المياه.

وأوضح عبدالعلي‌زاده أن وضع الموارد المائية في العاصمة حرج جدًا، وأعلن أن مشروع نقل مياه الخليج إلى طهران، بطول ألف كيلومتر، قد اكتمل على يد خبراء محليين، ويُعد حاليًا المصدر الموثوق الوحيد لتوفير المياه للعاصمة. وأضاف أن نقل العاصمة قد خرج من جدول الأعمال ولن يحدث إطلاقًا، وأن القرار النهائي يتركز على معالجة تحديات المياه والقضايا البيئية في طهران نفسها باستخدام التقنيات الحديثة والإدارة العلمية للموارد.

أزمة ليست عارضة

في حين  قال محمد أرشدي، عضو المجلس الاستراتيجي لمعهد إدارة المياه الإيراني، وهو جزء من وزارة الطاقة ومسؤول عن إدارة الموارد المائية، في تصريح خاص لـ" عربي بوست"، إن ما "نشهده اليوم من أزمة مياه هو نتيجة مسيرة طويلة من القرارات والسياسات والتدخلات البشرية، وليس حدثًا مفاجئًا".

وأوضح أرشدي أبعاد الأزمة قائلاً: "في ظل الوضع الراهن، قُسِّمت سهول البلاد، وجفت الينابيع والبحيرات، وأصبح العديد من موارد الأرض الحيوية معرضًا للتآكل والدمار". وأشار إلى التغيرات الديموغرافية التي شهدتها البلاد قائلاً: "شهد عدد سكان إيران زيادة ملحوظة خلال العقود الماضية، وهذه الظاهرة، إلى جانب توسع الدولة القومية الحديثة، والرعاية الاجتماعية، ونمو التحضر، غيّرت البنية الاجتماعية للبلاد".

وأضاف: "مع تأميم المياه ومركزية الإدارة على المستوى الحكومي، حل مفهوم الثقة العامة محل الإدارة الجماعية، وحلت الحكومة تدريجيًا محل الشعب في تنظيم وحماية الموارد الطبيعية. كان الهدف من هذا التغيير التنظيم، لكنه أدى عمليًا إلى تفاقم الاستغلال العشوائي للموارد".

وأكد أرشدي أن "إذا لم تُراجع منظومة إدارة المياه، وتُعاد توزيع المسؤوليات بين الحكومة والمجتمع، وتُعاد صياغة مسار التنمية، فإن إيران ستواجه أزمة ليست مجرد نقص في المياه، بل أزمة بقاء وصلاحية للعيش".

وفيما يخص وضع إدارة المياه في طهران، أشار إلى أن "شركات المياه لا تستطيع تنفيذ مشاريعها، ودفع رواتب موظفيها، وتقديم الخدمات البلدية دون دخل. وإذا أرادت التوجه نحو خيارات مستدامة ومنخفضة التكلفة، مثل محطات المعالجة أو خفض الاستهلاك، فمن أين ستأتي الموارد المالية اللازمة؟ تأتي هذه الأموال من الحكومة، وتتحول في النهاية إلى تضخم، وتثقل كاهل المجتمع والاقتصاد".

وأضاف: "تراخي الإدارة والقيود الهيكلية جعلت خيارات خفض الاستهلاك غير فعّالة، فالقطاع الخاص ذو الدخل الأعلى يواصل الاستهلاك، وإدارة المدينة عاجزة عن تطبيق سياسات منسقة وواسعة النطاق". وأكد أن "التطور المكثف للصناعة والزراعة، إلى جانب النمو السكاني الحضري، قد استهلك موارد مائية تفوق قدرتها المتجددة. ومن أجل إدارة مستدامة، يجب تفعيل القدرات التاريخية والثقافية، والسياحة الموفرة للمياه، والأنشطة الاقتصادية ذات الاستهلاك المنخفض، لتخفيف الضغط على الزراعة".

وحذّر أرشدي قائلاً: "لم يعد حل أزمة المياه في طهران مجرد مسألة فنية، بل أصبح مأزقًا سياسيًا واقتصاديًا يشكل طعنة في حلق المدينة. إذا لم تكن هناك إدارة موحدة وجريئة، فسيتفاقم الوضع في العام المقبل؛ قد تُنعش الأمطار المتقطعة أنفاس المدينة مؤقتًا، لكنها لن تُزيل الهشاشة الهيكلية".

انتقادات رسمية لحكومة بزشكيان

في سياق متصل، انتقدت وكالة "فارس" الإيرانية الرسمية حكومة مسعود بزشكيان في تعاملها مع الأزمة المائية، وقالت إن أزمة المياه في إيران كانت متوقعة، لكنها كانت قابلة للوقاية. وأشارت إلى أنه في الوقت الذي وصل فيه حجم مخزونات السدود إلى أدنى مستوى له خلال العقد الماضي، وفي بعض المحافظات تواجه مياه الشرب صعوبات، كان بإمكان الحكومة، خلال العام الماضي، تجنب وصول البلاد إلى هذه المرحلة من خلال مجموعة من القرارات التنفيذية المتناغمة، لكن ذلك لم يحدث.

وأوضحت وكالة "فارس" أن هذه القرارات لم تكن تتطلب استثمارات بمليارات الدولارات، أو تغييرات هيكلية معقدة، بل كانت تحتاج فقط إلى الإرادة في إدارة الاستهلاك، والتنسيق المؤسسي، وتصحيح نموذج تخصيص الموارد المائية، ومن بين هذه الإجراءات:

1. الإدارة العلمية لمخرجات السدود والموارد السطحية

   جزء كبير من أزمة المياه هذا العام كان نتيجة التفريغ غير المناسب للسدود في النصف الأول من العام الماضي، وهي قرارات غالبًا ما اتخذت تحت ضغط قطاع الزراعة أو الإدارة الإقليمية، دون مراعاة توقعات الخريف الجاف. ووفق التقرير، لو أن وزارة الطاقة أنشأت نظامًا مباشرًا لضبط مخرجات السدود بناءً على توقعات الطقس والبيانات اللحظية، لكان بالإمكان زيادة مخزون السدود بنسبة تصل إلى 20٪، كما أن استخدام التقنيات المانعة للتبخر كان سيمنع هدر ملايين الأمتار المكعبة من المياه سنويًا.

2. السيطرة على استهلاك المياه في الصناعات الكبرى

   الصناعات مثل الصلب والنحاس والبتروكيماويات في المناطق الجافة مثل كرمان ويزد وأصفهان لا تزال تعمل باستخدام المياه العذبة المدعومة. وفق دراسات وزارة الطاقة، تستهلك هذه الصناعات نحو 7٪ من إجمالي المياه الصناعية في البلاد. وكان بإمكان الحكومة تقنين المياه المخصصة للصناعات وربط التخصيص بتنفيذ مشاريع إعادة التدوير، مما يقلل الاستهلاك بشكل كبير، كما أن رفع التعرفة الحقيقية للمياه الصناعية كان سيكون من أكثر الحلول فعالية.

3. إصلاح السياسات الزراعية والسيطرة على الآبار

   أكثر من 85٪ من موارد المياه تُستهلك في الزراعة، بمعدل كفاءة أقل من المتوسط الإقليمي. كان من الممكن إدارة استهلاك هذا القطاع باستخدام أدوات اقتصادية، مثل اشتراط تركيب عدادات ذكية على الآبار للحصول على الدعم الحكومي للأسمدة والبذور، وتنفيذ مشاريع "المياه مقابل الأداء"، ومكافحة الآبار غير القانونية.

4. الاستفادة القصوى من المياه المعالجة وإعادة التدوير

   في ظل امتلاء العديد من السدود بأقل من 30٪، يتم استخدام نحو 30٪ فقط من مياه الصرف المعالجة. كان بالإمكان رفع هذا الرقم إلى 50٪ عبر عقود شراء مضمونة، واستخدام المياه المعالجة للتغذية الاصطناعية للطبقات المائية الجوفية، وهو أقل تكلفة من مشاريع نقل المياه بين الأحواض المائية.

5. إصلاح نظام المعلومات وتسعير المياه الحضرية

   تجربة الكهرباء أظهرت أن إلغاء الدعم عن المستهلكين الكبار أكثر فعالية من الحملات التوعوية التقليدية. وفي مجال المياه، كان يمكن تطبيق تعرفة تصاعدية للأسر ذات الاستهلاك الكبير، وإصدار فواتير ذكية مع تصنيف الاستهلاك بالألوان (أخضر، أصفر، أحمر) وإرسال رسائل تحذيرية، وهو أسلوب بسيط وفعال للتوعية، لكن جهود التوعية خلال العام الماضي كانت شكلية دون تأثير ملموس.

خريطة توزيع المياه في إيران:

على الرغم من المساحة الشاسعة لإيران التي تزيد عن مليون وستمائة ألف كيلومتر مربع وتنوع تضاريسها بين الجبال والسهول والصحاري، إلا أن توزيع مواردها المائية غير متكافئ. ففي الوقت الذي تتمتع فيه مناطق الشمال الغربي وبعض أجزاء خوزستان بوفرة نسبية في المياه، تعاني بقية المناطق، ولا سيما الوسط والشرق، من شح يومي في هذه الموارد.

اولا: الخزانات الطبيعية والموارد المائية في إيران

ثانيا: المياه الجوفية في إيران:

ثالثا: الانهار الحدودية:

المشهد لا يكتمل دون الحديث عن الأنهار الحدودية التي شكلت لعقود رئة مائية مهمة لإيران وهي كالتالي:

1. نهر هلمند

  • المنبع: الهضاب الجبلية في مقاطعة باميان، شرق أفغانستان.
  • المصب: هضبة سيستان في إيران.
  • الأهمية: يغذي أجزاء من محافظة سيستان وبلوشستان، ويعد شريانًا حيويًا للزراعة والري في هذه المنطقة القاحلة.
  • النزاعات: يشهد النهر نزاعات متكررة بين أفغانستان وإيران حول تقاسم حصص المياه، خاصة في مواسم الجفاف.

2. نهر آراس

  • المنبع: جبال قارس في شرق تركيا.
  • المسار والحدود: يشكل جزءًا من الحدود الدولية بين تركيا وأرمينيا، ثم بين أذربيجان وإيران.
  • الأهمية: يُعد من أبرز مصادر المياه للري والزراعة في منطقة شمال غرب إيران.
سد دز

ونتيجة لهذه الازمة التي حاولت ايران ايجاد حلول لها منذ سنوات ، اتخذت إيران خطوات كثيرة تتعلق بمواجهة أزمة نقص المياه عموما في البلاد ، ومحاولة تخزين جزء منها لفترات مستقبلية ، وكانت خطوات ايران كالتالي:

أولاً: سياسة السدود ومشاريع نقل المياه

  • بناء السدود (منذ السبعينيات):
    • الهدف: اعتبرتها الحكومات الإيرانية حلاً للسيطرة على الأنهار وتخزين المياه وتوليد الكهرباء وتوزيعها على المناطق المعرضة للجفاف.
    • تم إطلاق مشاريع ضخمة، وأصبح اليوم يوجد أكثر من 600 سد رئيسي وفرعي.
    • نجحت في تنظيم الري وتوليد الكهرباء وتأمين المياه للمدن، لكنها أدت إلى تراجع الجريان الطبيعي للأنهار، وتراكم الطمي، وحرمان مناطق كاملة من حصتها المائية.
    • أمثلة بارزة: سدود كارون-3، كارون-4، ودز، وكرخة في خوزستان.
  • مشاريع نقل المياه:
    • نقل المياه من أنهار مثل كارون إلى محافظات داخلية كأصفهان ويزد لحماية المدن من العطش.
    • تسببت في جفاف مساحات واسعة في خوزستان، وأثارت احتجاجات شعبية في عام 2021 ("احتجاجات العطش")، وحولت المنطقة إلى بؤرة توتر.
    • أزمة نهر زاينده رود (أصفهان): جف النهر بسبب السدود وتحويل المياه، مما أدى إلى فقدان المزارعين والمجتمعات لمصدر حياتهم، وأصبح رمزًا لفشل الإدارة المائية.

إيران في مجال بناء السدود عالميًا

باستعراض ،  تجربة ايران في بناء السدود ، فهي تحتل المركز الثالث عالميًا في بناء السدود، وتشارك في مشاريع بناء السدود في أكثر من 40 دولة حول العالم. وتعد من أقدم دول العالم استخدامًا للسدود والحواجز المائية  منذ الاف السنوات ، لبناء شبكات ري متطورة وتأمين مياه الشرب والزراعة ومواجهة سنوات الجفاف، وذلك وفق البيانات التالية: 

  • منذ خمسينيات القرن الماضي (1950م)، بدأت إيران بناء السدود الرئيسية بشكل علمي، حيث تم إنشاء نحو 14 سدًا كبيرًا بمساعدة مهندسين أجانب.
  • بعد الثورة الإسلامية، تأسست حوالي 200 شركة مقاولات و70 شركة استشارية و30 وحدة تصنيع كهرومائية، مما عزز قدرة إيران على بناء السدود محليًا وعالميًا.

عدد السدود الإيرانية

حتى الآن، بلغ عدد السدود في إيران نحو 588 سدًا كبيرًا وصغيرًا، مع 137 سدًا قيد الإنشاء و546 مخططًا. تُستخدم هذه السدود للزراعة، إنتاج الطاقة الكهرومائية، وحصر المياه للاستفادة منها وإدارة نقص الموارد المائية.

سد کارون 4

أبرز السدود الكبرى في إيران:

  • سد كرخه: أكبر سد ترابي في الشرق الأوسط، ويشكل نقطة محورية في إدارة المياه والطاقة.
  • سد كارون-4: أكبر سد خرساني مقوس في إيران والشرق الأوسط، بسعة تخزين تزيد عن 2 مليار متر مكعب، ويولد طاقة كهربائية تصل إلى 1000 ميغاواط.
  • سد كارون-3: ارتفاع 205 متر وطول 462 متر، ويولد نحو 4172 مليون كيلوواط/ساعة من الكهرباء، ويُعتبر من أبرز السدود الإسمنتية عالميًا.
  • سد دز: ثالث أطول سد في إيران بارتفاع يبلغ 203 متر.
  • سد أمير كبير: خامس أكبر سد في إيران، ارتفاع 180 مترًا على نهر كرچ بمحافظة البرز.
سد كرخه في إيران- وكالة إيرنا الرسمية الإيرانية

سدود العاصمة طهران المهمة:

  •  سد لار: يقع شمال طهران على نهر لار، ويُعد من أهم مصادر مياه الشرب للعاصمة، كما يساهم في التحكم بالفيضانات.
  • سد لتيان (Latiyan): على نهر جاجرود شمال طهران، يستخدم لتوفير مياه الشرب والطاقة الكهرومائية، بسعة تخزين تصل نحو 90 مليون متر مكعب.
  • سد ماملو: يقع شمال شرقي طهران على نهر ماملو، ويُستخدم لتأمين مياه الشرب للعاصمة وتخزين المياه.
  • سد طالقان: يقع في محافظة طالقان شمال غرب طهران، ويُعد من السدود الكبيرة التي تخزن المياه لتغذية العاصمة والمناطق المحيطة، ويُستخدم أيضًا لتوليد الكهرباء.

ملامح أزمة المياه في إيران

تصاعدت أزمة المياه في إيران بشكل حاد نتيجة انخفاض الهطول المطري وعجز النظام عن إدارة الموارد المائية بشكل فعال. وقد جفت ثلاثة سدود تمامًا، بينما يوشك ثمانية سدود رئيسية على الوصول إلى مستويات حرجة من الجفاف.

الوضع أكثر خطورة في العاصمة طهران، حيث تعتمد على سدود رئيسية مثل لار، لتيان، ماملو، وطالقان لتأمين مياه الشرب، ومع استمرار الجفاف، قد تضطر السلطات إلى تقنين صارم للمياه أو اتخاذ إجراءات أكثر حدة.

وفقًا للإحصاءات الرسمية، بلغ إجمالي تدفقات المياه إلى السدود منذ بداية السنة المائية الحالية (أواخر سبتمبر 2024 حتى 30 أغسطس 2025) نحو 24.19 مليار متر مكعب، بانخفاض قدره 42% مقارنة بـ41.56 مليار متر مكعب في نفس الفترة من العام الماضي. 

ويعكس هذا الانخفاض الحاد الخطر المحدق بالسدود الكبرى في إيران، بما في ذلك سد كرخه، كارون-3 و4، دز، وأمير كبير، والتي تُستخدم لتخزين المياه، توليد الكهرباء، ودعم الزراعة، مؤكدًا أن البلاد تواجه إحدى أسوأ أزمات المياه منذ عقود.

السدود التي جفت بشكل كامل: 

  • سد شمیل ونیان في هرمزجان.
  • سد وشمكیر في غلستان.
  • سد رودبال داراب في فارس.

السدود على وشك الجفاف

  • سدود: طرق، استقلال، سرني، تهم، كينه ‌ورس، تنجوئيه، دامغان، ونهرين.

وضع السدود الرئيسية والمخزونات

  • حجم المياه المتوفرة في السدود الرئيسية حتى 30 أغسطس 2025 بلغ حوالي 20 مليار متر مكعب، بانخفاض 25% مقارنة بـ26.53 مليار متر مكعب العام الماضي.
  • تم تقييد إطلاق المياه من السدود لتقليل الضغط على الموارد خلال الصيف، حيث تم سحب 28.53 مليار متر مكعب فقط منذ بداية السنة المائية مقابل 36.97 مليار متر مكعب العام الماضي (-23%).
  • سد "15 خرداد" في قم (سعة 200 مليون متر مكعب) يحتوي على 16 مليون متر مكعب فقط، منها 15 مليون غير صالحة للاستخدام.
  •  أربعة سدود رئيسية تمد العاصمة طهران بالمياه ستجف بحلول نهاية سبتمبر 2025.
  • 19 سدًا رئيسيًا على مستوى البلاد (حوالي 10% من خزانات البلاد) جفت فعليًا.
  • سد كرج: منسوب المياه انخفض بنسبة 92% مقارنة بالعام الماضي، مع بقاء 8% فقط من المياه، معظمها "ميتة".

وضع مدينة مشهد

  • مخزون المياه في سدود مشهد الأربعة انخفض إلى أقل من 3%: سد تورغ، سد كارده، سد دوستي، سد أردك.
  • ثلاثة سدود متوقفة عن العمل حاليًا، باستثناء سد دوستي.
  • المدينة تعتمد على هذه السدود لتوفير نحو 700 ألف متر مكعب يوميًا لسكان يبلغ عددهم حوالي 4 ملايين نسمة، مع استهلاك حالي 8 آلاف لتر في الثانية، منها 1–1.5 ألف لتر تغذى من السدود.

توزيع الموارد المائية في إيران

تفاصيل حالة الجفاف في إيران 

تشهد إيران منذ مطلع العام المائي الحالي واحدة من أكثر فتراتها جفافًا خلال العقود الأخيرة، في ظل تراجع حاد في معدلات الأمطار واستمرار الاختلالات المناخية التي تضرب مناطق واسعة من البلاد. 

سد أمير الكبير

وتشير بيانات المركز الوطني للمناخ وإدارة أزمة الجفاف التابعة لمنظمة الأرصاد الجوية الإيرانية إلى أن ضعف الهطول المطري بات سمة عامة هذا العام، حيث اقتصرت الأمطار على المناطق الشمالية الساحلية المطلة على بحر قزوين، لاسيما محافظات جيلان ومازندران وكلستان، بينما تعاني معظم المحافظات الأخرى من ندرة شديدة في الأمطار، بما في ذلك مناطق الجنوب الشرقي والجنوب الغربي وأجزاء من الهضبة المركزية مثل سيستان وبلوشستان وكرمان ويزد وأصفهان، التي لم تتجاوز فيها كميات الهطول حاجز 5 مليمترات منذ بداية العام المائي وحتى مطلع نوفمبر.

هذا التراجع الحاد في الهطول المطري انعكس بشكل مباشر على متوسط الأمطار على مستوى البلاد، الذي بلغ حتى الثامن من نوفمبر 2025 نحو 2.3 مليمتر فقط، أي بانخفاض نسبته 17.4% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وبعجز بلغ 86.5% عن المعدلات طويلة الأمد. 

ومع هذا الجفاف المستمر، لم تتجاوز نسبة تأمين المياه خلال العام الحالي 1%، في وقت لم تشهد فيه معظم المناطق أي هطول مؤثر يمكن أن يدعم المخزون المائي المتراجع أصلًا. وتعتمد الآمال حاليًا على أمطار الخريف والشتاء لتعويض العجز الكبير وتأمين الحد الأدنى من احتياجات المياه للسكان والقطاعين الزراعي والصناعي، وذلك حسب التفاصيل التالية: 

سد کارون 3

اولا: مستوى الهطول المطري منذ بداية العام المائي حتى 8 نوفمبر 2025

  • وفقًا لبيانات المركز الوطني للمناخ وإدارة أزمة الجفاف التابع لمنظمة الأرصاد الجوية الإيرانية، يستمر ضعف الأمطار وحالة الجفاف في معظم مناطق إيران.
  • معظم الأمطار المسجلة كانت في المناطق الساحلية الشمالية، خصوصًا محافظات جيلان، مازندران، وكلستان.
  • بقية أنحاء البلاد شهدت هطولًا ضعيفًا جدًا أو انعدامًا تامًا للأمطار.
  • مناطق الجنوب الشرقي والجنوب الغربي وأجزاء من الهضبة المركزية، بما في ذلك سيستان وبلوشستان وكرمان ويزد وأصفهان، سجلت أمطارًا تقل عن 5 مليمترات أو انعدامًا تامًا للهطول.

ثانيا: متوسط الهطول المطري على مستوى البلاد

ثالثا: تأمين المياه والمخزون المائي

  • نسبة تأمين المياه خلال العام الحالي حتى 8 نوفمبر لم تتجاوز 1.00%.
  •  الجزء الأكبر من البلاد لم يشهد أي هطول مؤثر، وما زال تأمين الموارد المائية يعتمد على أمطار الخريف والشتاء القادمة.
تحميل المزيد