واشنطن تتوسّع حول غزة.. ما نعرفه عن القاعدة العسكرية الأمريكية قرب حدود القطاع

عربي بوست
تم النشر: 2025/11/11 الساعة 13:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/11/11 الساعة 13:50 بتوقيت غرينتش

يوماً بعد يوم، يتزايد الوجود الأمريكي في غزة بعد التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب في القطاع الفلسطيني، حيث كشفت تقارير تفاصيل عن القاعدة العسكرية الأمريكية، التي تعتزم واشنطن إقامتها قرب حدود غزة بقيمة 500 مليون دولار لدعم وقف إطلاق النار.

وكشف موقع شومريم العبري، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، أن القاعدة الأمريكية المخطط لها على طول حدود غزة ستضم عدة آلاف من الجنود المكلّفين بالحفاظ على وقف إطلاق النار، ما يشير إلى تصميم واشنطن على تعميق مشاركتها في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

ويشمل الدور الأمريكي المتزايد في غزة أيضاً الإشراف على مركز التنسيق المدني والعسكري لدعم اتفاق وقف الحرب، بجانب الإشراف على دخول المساعدات إلى غزة بدلاً من إسرائيل.

يأتي ذلك، بينما أثار تزايد حجم النشاط الأمريكي في إسرائيل، الذي تزامن مع إنشاء مركز التنسيق المدني العسكري في كريات غات جنوب إسرائيل، والذي يضم قوات متعددة الجنسيات، قلق تل أبيب بشأن الدور الأمريكي المتزايد وتضاؤل الدور الإسرائيلي، وفق إعلام عبري.

ماذا نعرف عن القاعدة العسكرية الأمريكية قرب حدود غزة؟

وفقاً لتقرير حصري صادر عن موقع شومريم الإسرائيلي، تخطط الولايات المتحدة لبناء قاعدة عسكرية كبيرة قرب حدود غزة مع إسرائيل.

وصرّح مسؤولون إسرائيليون مطّلعون على الخطط الأولية بأن هذه القاعدة ستستخدمها القوات الدولية العاملة في غزة للمساعدة في الحفاظ على وقف إطلاق النار، ويمكن أن تستوعب آلاف الجنود.

وبحسب التقديرات، تبلغ تكلفة إنشاء القاعدة نحو 500 مليون دولار. وفي الأسابيع الأخيرة، قدّم مسؤولون أمريكيون مقترحاتهم في مناقشات مع الحكومة الإسرائيلية وجيش الاحتلال الإسرائيلي، وبدأوا بمسح المواقع المحتملة في محيط غزة.

وقالت مصادر أمنية إن هذه الخطوة تمثل تحوّلاً كبيراً في الانخراط الأمريكي في ملف غزة.

وقال أحد المسؤولين: "منذ حرب الأيام الستة، سعت إسرائيل إلى تقليص التدخل الدولي في الأراضي الفلسطينية. ويُظهر إنشاء قاعدة أمريكية على الأراضي الإسرائيلية مدى عزم واشنطن على التدخل في غزة وفي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الأوسع".

دبابات إسرائيلية على حدود قطاع غزة
دبابات إسرائيلية على حدود قطاع غزة – رويترز

ووفقاً لصحيفة يديعوت أحرونوت، قد يُثير هذا الاستثمار الضخم جدلاً سياسياً في الولايات المتحدة، إذ يُعارض العديد من أعضاء الحزب الجمهوري توسيع الوجود العسكري الأمريكي في الخارج، لا سيما في ظل ضغوط الميزانية المحلية وإرهاق الناخبين من التدخلات الخارجية.

ويشمل الوجود العسكري الأمريكي في إسرائيل حتى الآن نشر حوالي 200 جندي أمريكي في إسرائيل للإشراف على مركز التنسيق العسكري المركزي الأمريكي في كريات غات، بالإضافة إلى نشر منظومة دفاع صاروخي من طراز ثاد.

وستمثل القاعدة العسكرية أول منشأة عسكرية أمريكية واسعة النطاق في إسرائيل، وهو ما يشير ربما إلى إعادة تشكيل التوازن الإقليمي للسيطرة على العمليات الإنسانية والأمنية من جانب الولايات المتحدة، بحسب يديعوت أحرونوت.

كيف يتزايد الدور الأمريكي من خلال المساعدات؟

وبجانب القاعدة العسكرية المزمع إنشاؤها قرب حدود غزة، امتد الدور الأمريكي ليشمل مهمة الإشراف على دخول المساعدات إلى غزة بدلاً من إسرائيل.

وقبل عدة أيام، سبق أن أشار تقرير لصحيفة واشنطن بوست إلى أن مركز التنسيق العسكري المدني الأمريكي تولّى الصلاحيات التي كانت بيد وحدة منسّق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، والتي كانت مسؤولة عن إدخال المساعدات الشحيحة إلى القطاع.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي ومصادر مطّلعة قولهم إن إسرائيل جزء من العملية، لكن مركز التنسيق المدني العسكري سيقرّر ماهية المساعدات التي تدخل غزة وكيفية دخولها.

كما أظهرت وثيقة اطّلعت عليها رويترز أن الولايات المتحدة تدرس مقترحاً لإيصال مساعدات إنسانية إلى غزة، من شأنه أن يحلّ محل مؤسسة غزة الإنسانية المثيرة للجدل والمدعومة من الولايات المتحدة.

وقال مسؤول أمريكي وآخر يعمل في مجال الإغاثة الإنسانية مطّلعان على الخطة إن هذا المقترح هو واحد من مفاهيم عدّة قيد الدراسة، في إطار سعي واشنطن لتسهيل زيادة إيصال المساعدات إلى القطاع الفلسطيني بعد عامين من الحرب.

هندسة التجويع
شاحنات مساعدات متوجهة إلى غزة/رويترز

وسيكون ما يُسمى "حزام غزة الإنساني" هو "العمود الفقري" للمقترح الذي اطّلعت عليه رويترز. ويتألف ذلك "الحزام" من عدد يتراوح بين 12 و16 مركز مساعدات ستتوزّع على امتداد الخط الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية داخل غزة وتخدم السكان على جانبي الخط.

وجاء في المقترح: "ستُكلَّف الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في غزة باستخدام المنصة التي يديرها مركز التنسيق المدني العسكري، وتوفير السلع الموزّعة من المراكز".

وقد رفضت منظمات الإغاثة هذا الاقتراح إلى حدّ كبير، واعتبرته عودة إلى صيغة مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة.

وتنص خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي وافقت عليها إسرائيل، على إدخال المساعدات الإنسانية بالكامل إلى قطاع غزة، ما يتوافق مع ما تضمنه اتفاق 19 يناير/كانون الثاني 2025.

لكن، خلافاً لما نصّت عليه خطة ترامب، تواصل إسرائيل سياسة المراوغة وتحديد الكميات والنوعيات، ما يفاقم مجدداً خطر المجاعة والأوبئة في قطاع غزة.

لماذا يثير الدور الأمريكي المتزايد قلق إسرائيل؟

يثير تزايد الدور الأمريكي في غزة، الذي تزامن مع إنشاء مركز التنسيق المدني العسكري، قلق تل أبيب بشأن الدور الأمريكي المتزايد وتضاؤل الدور الإسرائيلي، وفق إعلام عبري.

وبينما قال مسؤولون أمريكيون إن مهمة المركز هي إنشاء آلية مراقبة دقيقة للتطورات في غزة، قال ضباط إسرائيليون سراً إن هذا المستوى من الرقابة يمنع إسرائيل فعلياً من استئناف إطلاق النار، وفق تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت.

وقال مصدر إسرائيلي رفيع المستوى: "الآلية الأمريكية تعمل بأقصى طاقتها – إنهم لا يتوقفون".

وتابعت الصحيفة أن الأمريكيين باتوا الآن مسيطرين على الوضع، ويريدون معرفة كل ما يحدث في غزة. وبفضل شبكتهم الاستخباراتية الخاصة، غالباً ما يُصدرون تعليمات للجيش الإسرائيلي بإلغاء العمليات التي يرون أنها تُهدد وقف إطلاق النار.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر أمريكي قوله: "على إسرائيل أن تتوقف عن ارتكاب الحماقات التي قد تُعرّض الاتفاق وإمكانية تحقيق اختراق إقليمي للخطر".

وأضافت يديعوت أحرونوت أن مركز القيادة في كريات غات بات تجسيداً ملموساً للتدخل الدولي في مستقبل غزة، وهو ما كانت تتخوف منه إسرائيل لسنوات. فالمركز لم يجتذب قوات أمريكية فحسب، بل اجتذب أيضاً جنوداً من بلدان كانت من بين أشد منتقدي إسرائيل أثناء الحرب، مثل إسبانيا.

تحميل المزيد