محتويات الموضوع
أثارت تهديدات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بتدخل عسكري في نيجيريا وذلك بسبب ما قال إنه "اضطهاد للمسيحيين" هناك، ردود فعل صادمة وناقدة في الداخل الأمريكي وفي نيجيريا على حد سواء.
ولم يُحدّد ترامب على وجه التحديد الهجمات التي تستهدف المسيحيين، ولم يُقدّم أي دليل على الادعاء الذي أطلقه عدد من حلفائه السياسيين في الأسابيع الأخيرة بأن المسيحيين مستهدفون في نيجيريا.
وأشارت تقارير عدة نشرتها وسائل إعلام غربية بارزة، ومن بينها وكالات أمريكية، إلى رفض خبراء مزاعم استهداف المسيحيين في نيجيريا، وأشار محللون إلى أن غالبية ضحايا الهجمات التي تشهدها بعض المناطق في البلاد هم من المسلمين.
President Trump is threatening military action in Nigeria, saying the U.S. could go in "guns-a-blazing" after accusing the government of allowing the killing of Christians there.
— ABC News (@ABC) November 3, 2025
What You Need to Know is streaming exclusively on @DisneyPlus. https://t.co/BXhJntu0FD pic.twitter.com/Kql6Ia0RsN
يأتي ذلك، بينما أعرب عدد من المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) عن صدمتهم من تصريحات ترامب، التي فاجأتهم أيضاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بشأن التدخل العسكري في نيجيريا، خاصةً فيما يتعلق بترتيب أولويات إدارة ترامب الخارجية والأمنية، وفق وكالة رويترز.
اقرأ أيضاً
ماذا قال ترامب؟
- هدّد ترامب، الأحد 2 نوفمبر/تشرين الثاني، نيجيريا بتدخل عسكري وقطع المساعدات التي تقدمها بلاده لهذا البلد الإفريقي، وذلك بسبب ما قال إنه "اضطهاد للمسيحيين" هناك.
- وقال ترامب في تدوينة عبر منصته "تروث سوشيال" إنه "في حال سمحت الحكومة النيجرية بمواصلة قتل المسيحيين"، فإن الولايات المتحدة ستقطع على الفور جميع مساعداتها ومعوناتها التي تقدمها لهذا البلد.
- كما حذّر من أن واشنطن قد تتحرك نحو نيجيريا "بكل قوتها النارية"، لافتاً إلى أنه وجّه وزارة الدفاع الأمريكية "للاستعداد لأي عمل عسكري محتمل".
- وتابع: "إذا هاجمنا، فسيكون الهجوم سريعاً وقاسياً، تماماً كما يهاجم أولئك السفاحون الإرهابيون مسيحيينا الأعزاء".
- وذكر ترامب أن الولايات المتحدة قد "تذهب إلى هذا البلد المشؤوم الآن، 'بكل قوة'، للقضاء تماماً على الإرهابيين الإسلاميين الذين يرتكبون هذه الفظائع المروعة".
- وكان ترامب قد نشر تدوينة، الجمعة 31 أكتوبر/تشرين الأول، وصف فيها نيجيريا بأنها أصبحت "دولة محل قلق خاص" بسبب "المجازر التي تُرتكب ضد المسيحيين".
- وجاء تهديد الرئيس الأمريكي بالتدخل العسكري بعد يوم من إعادة إدارته نيجيريا إلى قائمة "الدول التي تثير القلق بشكل خاص"، والتي تقول الولايات المتحدة إنها تنتهك الحريات الدينية. وتشمل الدول الأخرى المدرجة في القائمة: الصين، وميانمار، وكوريا الشمالية، وروسيا، وباكستان.
اقرأ أيضاً
كيف ردّت نيجيريا؟
- نفت نيجيريا اتهامات ترامب، ورفض رئيس نيجيريا، بولا أحمد تينوبو، تصريحات نظيره الأمريكي، مؤكداً أن بلاده لا تتسامح مع الاضطهاد الديني.
- ودافع تينوبو عن حماية البلاد للجماعات الدينية، قائلاً على مواقع التواصل الاجتماعي: "نيجيريا دولة ديمقراطية ثابتة، تحكمها الضمانات الدستورية للحرية الدينية".
- وأضاف تينوبو في بيان على منصة إكس أن وصف نيجيريا بأنها "غير متسامحة دينياً" لا يعكس واقعنا الوطني، ولا يأخذ في الاعتبار الجهود المتسقة والصادقة التي تبذلها الحكومة لحماية حرية الدين والمعتقدات لجميع النيجيريين.
Nigeria stands firmly as a democracy governed by constitutional guarantees of religious liberty.
— Bola Ahmed Tinubu (@officialABAT) November 1, 2025
Since 2023, our administration has maintained an open and active engagement with Christian and Muslim leaders alike and continues to address security challenges which affect… pic.twitter.com/mRb9IqKMFm
- من جانبه، أعلن دانيال بوالا، المستشار الخاص للرئيس النيجيري لشؤون الاتصالات السياسية، عن خطة لعقد لقاء بين تينوبو وترامب "خلال الأيام المقبلة" لبحث "الادعاءات المتعلقة بالهجمات ضد المسيحيين" في نيجيريا.
- وقال دانيال بوالا، مستشار الرئيس النيجيري، لرويترز: "نرحب بالمساعدة الأمريكية طالما أنها تحترم سلامة أراضينا".
- وسعى بوالا إلى التخفيف من حدة التوتر بين الدولتين، على الرغم من وصف ترامب لنيجيريا بأنها بلد يعتريه "الخزي".
- كما رفض جوزيف هاياب، الرئيس السابق للجمعية المسيحية النيجيرية في ولاية كادونا، مزاعم اضطهاد المسيحيين.
- وتعهدت وزارة الخارجية النيجيرية في بيان منفصل بمواصلة مكافحة التطرف. وقالت الوزارة إنها تأمل أن تظل واشنطن حليفاً وثيقاً، مضيفة أنها "ستواصل الدفاع عن جميع المواطنين، بغض النظر عن العرق أو العقيدة أو الدين. وعلى غرار أمريكا، ليس لنيجيريا خيار سوى الاحتفاء بالتنوع الذي يمثل أعظم نقاط قوتنا".
- ومع ذلك، تتزايد المخاوف من أن تؤثر تصريحات ترامب على العلاقات الثنائية بين البلدين، وخاصة المساعدات ومبيعات الأسلحة، أو أن تستغلها جماعات انفصالية مثل حكومة جمهورية بيافرا في المنفى، التي تمارس بالفعل ضغوطاً في واشنطن، وفق صحيفة الغارديان البريطانية.
هل يواجه المسيحيون تهديداً أمنياً خاصاً في نيجيريا؟
- تضم نيجيريا أكثر من 200 مجموعة عرقية تعتنق المسيحية (45%) والإسلام (53%) وديانات أخرى، وتتمتع بتاريخ طويل من التعايش السلمي، إذ تنتشر المساجد والكنائس في مدنها، بحسب وكالة رويترز.
- وتعاني نيجيريا منذ سنوات عديدة من أزمات أمنية قاتلة، وقد أثرت أعمال العنف على المسيحيين والمسلمين على حد سواء، وفق وكالة أسوشيتد برس.
- وتقول صحيفة الغارديان إنه، بينما يلفت العنف ضد المسيحيين انتباهاً دولياً كبيراً، وغالباً ما يُصوَّر على أنه اضطهاد ديني، يرى معظم المحللين أن الوضع أكثر تعقيداً.
- وعلى مدى 15 عاماً، روّعت جماعة بوكو حرام المسلحة المتشددة أيضاً شمال شرق نيجيريا في تمرد أدى إلى مقتل عشرات الآلاف، معظمهم من المسلمين.
- ويشير محللون لرويترز إلى أن ضحايا هذه الهجمات غالباً ما كانوا من المسلمين، رغم سقوط عدد من المسيحيين. وتكررت الاشتباكات وسط البلاد بين رعاة، غالبيتهم من المسلمين، ومزارعين، معظمهم من المسيحيين، وذلك بسبب النزاعات على مصادر المياه والمراعي، بينما تتعرض قرى شمال غرب البلاد لهجمات مسلحة بغرض الخطف وطلب الفدى.
- وقال لاد سيروات، كبير محللي الشؤون الأفريقية في مشروع بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة (ACLED): "غالباً ما تُصوّر الجماعات المتمردة، مثل بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا، حملاتها على أنها معادية للمسيحية، لكن في الواقع، عنفها عشوائي ويدمّر مجتمعات بأكملها".
- وقال دانجوما ديكسون أوتا، وهو مسيحي وزعيم مجتمعي من ولاية بلاتو في الحزام الأوسط، لوكالة الأنباء الفرنسية: "المسيحيون يُقتلون، ولا يمكننا أن ننكر حقيقة أن المسلمين يُقتلون أيضاً".
- وتُظهر أبحاث مشروع بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة أنه من بين 1923 هجوماً على مدنيين في نيجيريا حتى الآن هذا العام، بلغ عدد الهجمات التي استهدفت مسيحيين بسبب دينهم 50 هجوماً.
- وقال سيروات إن الادعاءات الأحدث، المتداولة بين بعض الدوائر اليمينية الأمريكية، بأن ما يصل إلى 100 ألف مسيحي قُتلوا في نيجيريا منذ عام 2009، لا تدعمها البيانات المتاحة.
- ووجدت لجنة الولايات المتحدة للحريات الدينية الدولية في عام 2024 أن العنف المتطرف في البلاد "يؤثر على أعداد كبيرة من المسيحيين والمسلمين في العديد من الولايات في جميع أنحاء نيجيريا".
In addition to illegal strikes off the coast of Venezuela and entanglement in endless Middle East war, @POTUS wants to go into Nigeria?
— Richard W. Painter (@RWPUSA) November 1, 2025
He needs consent of Congress to make war. Enough is enough.
Trump threatens US military action in Nigeria over treatment of Christians…
لماذا أثارت تصريحات ترامب صدمة في البنتاغون؟
- وصف عدد من المسؤولين في البنتاغون، الذين تحدثوا إلى رويترز، شعورهم بالصدمة من أوامر ترامب، وهم يحاولون فهم أولويات إدارة رفعت في الأشهر القليلة الماضية من شأن قضايا كانت في السابق هي آخر اهتماماتها، مثل التجارب النووية، والديمقراطية في فنزويلا، وتهريب الكوكايين.
- وتوقّع مسؤولو البنتاغون على نطاق واسع أن تُعطي إدارة ترامب الأولوية لأمن الحدود، والقوة العسكرية المتنامية للصين، والضغط على حلفاء حلف شمال الأطلسي لبذل المزيد من الجهود للوقوف في وجه روسيا.
- لكن إعلانات مختلفة أصدرها ترامب في الأسبوع الماضي، حول أمور مثل التجارب النووية ونيجيريا، فاجأت الكثيرين، وبدا وكأنها تعيد ترتيب أولويات البنتاغون.
- كما فاجأت توجيهات ترامب للبنتاغون "بالاستعداد لعمل محتمل" في نيجيريا – بما في ذلك، على حد قوله، احتمال نشر قوات أمريكية على الأرض – كثيرين، بما في ذلك في الجيش.
- وتم استدعاء أفراد من القيادة الأمريكية في أفريقيا بشكل مفاجئ إلى المقر الرئيسي خلال عطلة نهاية الأسبوع، بعد منشور ترامب الذي تعهد فيه بعمل عسكري محتمل في نيجيريا، حسبما قال مصدران مطلعان على الوضع لشبكة سي إن إن. وأثار هذا المنشور تساؤلاتٍ لدى الكثيرين حول ما يريده الرئيس من الجيش، وفقاً للمصادر
- وقال أحد المصادر المطلعة إن رد الفعل المفاجئ يوم السبت كان مؤشراً على إحباط أوسع نطاقاً إزاء الطريقة التي يتم بها نقل القرارات السياسية المحتملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مع عدم وجود تخطيط يُذكر مسبقاً.
- وتبعد نيجيريا أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر عن جيبوتي، موقع القاعدة العسكرية الأمريكية الدائمة الوحيدة في أفريقيا.
- وقال خبراء إن الجيش الأمريكي يحتاج إلى المزيد من الموارد في المنطقة، وإلى الوقت لجمع المعلومات المخابراتية اللازمة لمهاجمة الجماعات المتشددة بفاعلية.
ماذا تعني تهديدات ترامب بشأن نيجيريا؟
- تعكس تصريحات ترامب ضغوطاً سياسية محلية متجددة للظهور بمظهر المتشدد في التعامل مع تهميش أو اضطهاد المسيحيين في الخارج، وهو الموضوع الذي يتردد صداه بقوة لدى أجزاء من قاعدته اليمينية الإنجيلية، التي دعمته خلال حملاته الرئاسية، كما تقول صحيفة الغارديان.
- وسبق أن سافرت باولا وايت-كين، كبيرة مستشاري مكتب الشؤون الدينية في البيت الأبيض، والمستشارة الروحية لترامب منذ فترة طويلة، إلى نيجيريا لتقديم الخدمة الدينية.
- وشكرت ترامب على مواقع التواصل الاجتماعي في نهاية هذا الأسبوع على "موقفه الحازم من اضطهاد المسيحيين في نيجيريا".
- وكان السيناتور الأمريكي، تيد كروز، العضو الجمهوري في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، وهو مسيحي إنجيلي، وبعض المشاهير الأمريكيين، قد زعموا تعرّض المسيحيين للاضطهاد في نيجيريا، دون أدلة. بل وصل الأمر ببعضهم إلى حد الادعاء بوقوع "إبادة جماعية للمسيحيين".
- وقدّم كروز مشروع قانون في سبتمبر/أيلول الماضي لمعاقبة مسؤولين نيجيريين، اتهمهم بـ"تجاهل، بل وتسهيل، جرائم قتل جماعي للمسيحيين".