مصادر حكومية لبنانية: تعاون غير معلن من حزب الله بملف تسليم السلاح.. الحزب يرفض التعليق

عربي بوست
تم النشر: 2025/10/16 الساعة 08:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/10/16 الساعة 08:39 بتوقيت غرينتش
سلاح حزب الله يتحول من "خط أحمر" إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة/ عربي بوست

تحدثت مصادر حكومية لبنانية لـ"عربي بوست"، عن تعاون من حزب الله في ملف تسليم السلاح، موضّحة تفاصيل عن خطوات عملية متعلقة بهذا الأمر، وما وصفته بـ"المرونة" التي يبديها الحزب تجاه هذا الملف الحساس، في المقابل رفض حزب الله التعليق على هذه المعلومات.

أفادت المصادر الحكومية، طالبة عدم ذكر اسمها، بأن نقاشات تدور في بيروت خلف الأبواب المغلقة عن مستقبل سلاح حزب الله، واحتمالات إدماجه في منظومة داخلية، وسط تزايد المؤشرات على أن الحزب نفسه بدأ يتهيأ لمرحلة انتقالية تفرضها موازين القوى الإقليمية والدولية الجديدة.

وأشارت إلى أن "الخطاب عالي السقف لقيادة الحزب، تقابله مرونة عالية في الغرف المغلقة"، موضحة أن "الحزب بدأ يُبدي مرونة غير مسبوقة في مقاربة هذا الملف، وأن النقاشات الحالية لم تعد تتعلق بمبدأ التسليم أو الرفض، بل بكيفية إخراج السلاح من المعادلة من دون خسارة الحزب لدوره السياسي أو لقدرته على التأثير الداخلي".

وفق المصادر ذاتها، فإن حزب الله "بدأ فعلياً مراجعة داخلية هادئة لواقعه العسكري والسياسي، بالتوازي مع انخراطه في قنوات تواصل غير مباشرة مع الحكومة اللبنانية، برعاية أطراف داخليين وخارجيين"، مؤكدة أن "الحزب، الذي لطالما رفض أي نقاش في مسألة السلاح، بات اليوم يضع خطوطاً حمراء جديدة تختلف جذرياً عن السابق"، وفق قولها. 

تعاون بتسليم سلاح حزب الله

المصادر الحكومية المسؤولة، قالت إن "حزب الله سلّم خلال الأسابيع الماضية عدداً من المراكز والمستودعات الحساسة الواقعة في منطقة شمال الليطاني إلى الجيش اللبناني، في عملية تمت بهدوء كامل".

وأفادت بأن أبرز تلك المراكز كان مخزن السلاح في منطقة الجيّة، على تخوم العاصمة اللبنانية بيروت، الذي كان يضم أسلحة متطورة وحساسة. 

وأكدت أن "عملية التسليم جرت تحت إشراف مباشر من الجيش اللبناني، وبعلم أركان الدولة"، معتبرة الخطوة "هامة، وتعبّر عن نية الحزب تجميد استخدام الأراضي اللبنانية لأي نشاط عسكري مع إسرائيل".

في المقابل، رفض حزب الله التعليق على أي من المعطيات المتداولة حول مستقبل سلاحه، مكتفياً بالبيانات الرسمية الصادرة عن دائرة العلاقات الإعلامية في الحزب وعلى لسان قادته.

لكن مصادر سياسية قريبة من الحزب أكدت لـ"عربي بوست" أن الانفتاح الداخلي قائم فعلاً على نقاشات تتصل بصياغة استراتيجية دفاع وطني جديدة، يجري التفاهم بشأنها مع رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري.

وأكدت أن المناقشات بين حزب الله والحكومة، تقوم على إدماج قوة الحزب ضمن منظومة أمن وطني شاملة تشرف عليها الدولة اللبنانية.

من جانبها، أشارت المصادر الحكومية ذاتها، إلى أن موقف الحزب من السلاح لم يعد مطلقاً كما في السابق، إذ بات يربط مصير ترسانته العسكرية بملف الاحتلال الإسرائيلي لما تبقّى من النقاط الحدودية الخمس المتنازع عليها، وباستكمال الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية جنوباً. وفي هذا الإطار، يقدّم الحزب هذا الربط كضمانة تتيح له الدفاع عن مشروعية سلاحه مؤقتاً، إلى حين تحقيق تسوية شاملة تنهي كل مظاهر الاحتلال وتفتح الباب أمام انتقال منظم نحو منظومة دفاع وطنية تحت مظلة الدولة.

عن الخطوات العملية أيضا المتعلقة بتسليم السلاح، أضافت المصادر الحكومية، أن حركة نقل السلاح من البقاع إلى الجنوب لصالح حزب الله قد توقفت، وتم تفكيك نقاط مراقبة غير رسمية على طرق فرعية كانت تُستخدم سابقاً كمسالك لوجستية. 

وتابعت بأن المعلومات المتوفرة لدى الحكومة، بأن حزب الله يلتزم اليوم بإجراءات الجيش اللبناني وانتشاره في مناطق حساسة من الجنوب والبقاع، وأنه أوقف عمليات إعادة التموضع والتدريب الداخلي التي كان الحزب ينفذها بشكل دوري.

تسليم سلاح حزب الله بدأ في بعض مناطق نفوذ الحزب/ عربي بوست
تسليم سلاح حزب الله بدأ في بعض مناطق نفوذ الحزب/ عربي بوست

اقتراح "إعادة السلاح إلى إيران بدل إتلافه"

المصادر الحكومية، أفادت بأن "حزب الله اقترح على الدولة اللبنانية إعادة السلاح الإيراني إلى مصدره"، واصفة هذه الخطوة بأنها "سابقة في تاريخ الحزب".

وأوضحت أن طرح حزب الله "يقوم على أساس أن الحزب لم يعد بحاجة إلى تخزين كميات ضخمة من السلاح في لبنان، طالما أن الردع الإقليمي يمكن ضمانه عبر تفاهمات إقليمية وانتشار عسكري أوسع للجيش، وأن الإبقاء على بعض السلاح المتوسط والخفيف يكفي لحماية الوضع الداخلي خلال المرحلة الانتقالية".

وتابعت بأن هذا المقترح نُقل عبر قنوات رسمية إلى المبعوث الأمريكي توماس باراك، متضمناً تصوراً تنفيذياً يتيح مراقبة الأمم المتحدة أو لجان مشتركة من الجيش اللبناني لهذا الاقتراح. 

أما عن الرد الأمريكي بهذا الخصوص، قالت المصادر إنه "لا يزال قيد الدراسة، بانتظار نتائج المفاوضات الإيرانية – الأمريكية المرتقبة في سلطنة عمان".

ولم يعلق حزب الله أيضاً على هذه المعلومات بالتأكيد أو الرفض، مفضلاً التأكيد لـ"عربي بوست"، أنه لا يعلق على مثل هذه المعلومات.

"ضبط نفس" في الجنوب والبقاع

ميدانياً، تحدثت مصادر أمنية لبنانية لـ"عربي بوست" عن "ضبط نفس غير مسبوق يُظهره حزب الله في الجنوب والبقاع منذ أسابيع"، مفسرة ذلك بأنه "نتيجة قرار مركزي من قيادة الحزب، بوقف أي احتكاك أو نشاط يُفسر على أنه تحدٍ للدولة أو للجيش".

وجاء هذا الموقف "متزامناً مع رسائل إيرانية إيجابية تجاه الرياض، وبروز آلية تنسيق سعودية – إيرانية يشرف عليها كل من وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، تتناول ملفات المنطقة الحساسة، ومنها لبنان" بحسب المصادر الحكومية.

وتابعت بأن "الانفتاح الحذر للحزب، جاء بعد اتصالات غير مباشرة بين بيروت وطهران وواشنطن، شاركت فيها أطراف عربية، بينها سلطنة عمان".

وأضافت أن "بيروت تلقت رسائل أمريكية مفادها أن أي تقدم في ملف المساعدات الاقتصادية وإعادة الإعمار مرتبط بخطوات عملية نحو "حصر السلاح بيد الدولة". 

اقترح حزب الله تسليم سلاحه إلى إيران/ رويترز
اقترح حزب الله تسليم سلاحه إلى إيران/ رويترز

بين الحفاظ على النفوذ وتجنّب المواجهة

مصادر دبلوماسية في لبنان، قالت لـ"عربي بوست"، إن "طهران تتعاطى مع ملف سلاح حزب الله بحذر شديد، مدركةً أن أي خطوة متسرعة قد تُفقدها إحدى أهم أدوات حضورها الإقليمي، مدركة أن البيئة الاستراتيجية التي سمحت ببقاء حزب الله مسلحاً طوال العقدين الماضيين تتآكل تدريجياً". 

وأوضحت أن "الحرب الأخيرة في غزة، وما تبعها من تفاهمات إقليمية، جعلت إيران تميل نحو مقاربة أكثر ليونة تقوم على تحييد الساحات المشتعلة، استعداداً لجولة تفاوض جديدة في مع الإدارة الأمريكية"، وفق قولها.

وأكدت أن "المرشد الأعلى علي خامنئي أعطى توجيهات بتقليص الانخراط العلني في الساحات الإقليمية، مع الحفاظ على نقاط الارتكاز الأساسية، ومنها حزب الله، ولكن ضمن إطار سياسي منضبط، لا يُعرّض إيران لعقوبات إضافية، أو مواجهة مفتوحة مع الغرب". 

بحسب المصادر أيضاً، فإن "طهران لا تمانع إعادة تموضع تدريجي للحزب داخل المنظومة اللبنانية، شرط أن يتم ذلك بتفاهم شامل يضمن استمرار حضوره السياسي والأمني عبر قنوات مدنية واقتصادية جديدة، لا عبر السلاح فقط".

في السياق ذاته، أوضحت المصادر أن "الخطاب الإيراني الرسمي بات يتحدث عن المقاومة الذكية، بدلاً من المقاومة المسلحة، وهي صيغة تُستخدم اليوم في الإعلام الإيراني لتبرير انتقال طهران من مرحلة المواجهة إلى مرحلة تثبيت المكتسبات". 

وأكدت أن ذلك يأتي "في محاولة لهندسة خروج آمن لحزب الله من الميدان العسكري، من دون أن تفقد الورقة اللبنانية التي ظلت لعقود جزءاً أساسياً من استراتيجيتها الدفاعية في الشرق الأوسط".

يشار إلى أنه عقب 66 يوماً من معارك شرسة بين "حزب الله" وجيش الاحتلال الإسرائيلي، أدت جهود دولية قادتها واشنطن إلى التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين الحزب وتل أبيب.

بموجب الاتفاق، يكون الجيش اللبناني الجهة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح جنوب البلاد، مع تفكيك البنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها.

وإلى جانب استمرار قصف الاحتلال وخروقاته للاتفاق في مناطق جنوب وشرق لبنان، لا يزال الجيش الإسرائيلي يحتل 5 تلال سيطر عليها في الحرب الأخيرة، إضافة لمناطق لبنانية أخرى يحتلها منذ عقود.

بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.

تحميل المزيد