بقيادة بلير ومليارديرات آخرين.. كل ما نعرفه عن “هيئة ترامب” المرشحة لحكم غزة بعد نهاية الحرب

عربي بوست
تم النشر: 2025/09/30 الساعة 11:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/09/30 الساعة 11:38 بتوقيت غرينتش
الفلسطينيون أثناء محاولاتهم العودة لشمال غزة - الأناضول

كشفت وثيقة مسرّبة تفاصيل عن الهيئة الانتقالية الدولية أو (مجلس السلام) المرشحة لإدارة الحكم في غزة بعد نهاية الحرب الإسرائيلية، حسبما نصّت عليه خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لوقف الحرب في القطاع الفلسطيني، وهي الهيئة التي سيتولى قيادتها رئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، الذي قوبل نبأ تعيينه بردود فعل غاضبة نظراً لإرثه الاستعماري في المنطقة.

وورد اسم بلير بقوة في الأسابيع الماضية على الساحة الفلسطينية، خاصةً ما دام قد زار البيت الأبيض للقاء ترامب. وقال معهد توني بلير للأبحاث إنه "أجرى عدداً من الاتصالات مع مجموعات مختلفة بشأن إعادة إعمار غزة بعد الحرب".

وفي وقت سابق الإثنين 29 سبتمبر/أيلول، استعرض ترامب في مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أبرز بنود خطته لوقف الحرب، منها إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين ونزع سلاح حركة "حماس".

ماذا تقول الخطة بشأن الهيئة الانتقالية الدولية؟

يقول المقترح: "ستحكم غزة لجنة فلسطينية مؤقتة من التكنوقراط غير السياسيين"، على الرغم من أنه لا يذكر بالاسم أي فلسطيني أو مجموعة فلسطينية قد تشارك في المرحلة الانتقالية.

وستُشرف على اللجنة هيئة انتقالية دولية جديدة تُسمى "مجلس السلام"، وسيرأسها ترامب، وستضم رؤساء دول وأعضاء آخرين، بمن فيهم بلير.

وستتولى اللجنة مسؤولية الإدارة اليومية للخدمات العامة والشؤون البلدية في غزة، وستتألف من "فلسطينيين مؤهلين وخبراء دوليين" لم يتم تحديدهم. ولن يكون لحركة "حماس" أي دور في حكم غزة.

وسيتم تخصيص ميزانية للهيئة الانتقالية الدولية تقارب 400 مليون دولار، مقسمة على ثلاث سنوات، على أن تكون ميزانية السنة الأولى 90 مليون دولار، و134 مليون دولار في السنة الثانية، و164 مليون دولار في السنة الثالثة (وهذه نفقات إدارية فقط، ولا تشمل إعادة الإعمار أو المساعدات)، وفقاً للوثيقة التي نشرتها صحيفة هآرتس العبرية.

ماذا نعرف عن تشكيل الهيئة الانتقالية الدولية؟

كشفت الوثيقة عن أبرز ملامح تشكيل الهيئة الانتقالية الدولية، والتي يمكن تفصيلها فيما يلي: 

أولاً: مجلس المليارديرات

  • بحسب الوثيقة، سيتم إدارة (غيتا)، وهو الاسم الذي أُطلق على الهيئة الجديدة، من قبل مجلس دولي يتمتع "بالسلطة السياسية والقانونية العليا في غزة خلال الفترة الانتقالية".
  • وسيكون المجلس مسؤولاً عن جميع التعيينات، ويشرف على كل مكوّن من مكوّنات الهيئة.
  • وستتألف الهيئة من سبعة إلى عشرة أعضاء، بما في ذلك الرئيس.
  • وستضم الهيئة مسؤولاً كبيراً في الأمم المتحدة، ومن بين هؤلاء سيغريد كاغ، منسقة الأمم المتحدة الخاصة لعملية السلام في الشرق الأوسط.
  • ومن المقرر أيضاً أن تضم الهيئة "شخصيات دولية رائدة ذات خبرة تنفيذية ومالية".
  • وورد ذكر ثلاثة أسماء كمرشحين محتملين، وهم: مارك روان، الملياردير الذي يملك واحدة من أكبر شركات الاستثمار الخاص في الولايات المتحدة، ونجيب ساويرس، الملياردير المصري في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا، وأرييه لايتستون، الرئيس التنفيذي لمعهد السلام في اتفاقيات إبراهيم.
  • وكان لايتستون مستشاراً كبيراً لديفيد فريدمان، المدافع القوي عن حركة الاستيطان غير القانونية في إسرائيل، عندما كان سفيراً للولايات المتحدة في إسرائيل بين عامي 2017 و2021 في عهد إدارة ترامب الأولى.
  • وبحسب صحيفة هآرتس، فقد شارك أيضاً بشكل كبير في إنشاء مؤسسة غزة الإنسانية المثيرة للجدل.
  • وسيكون هناك "ممثل فلسطيني مؤهل واحد على الأقل"، ربما من قطاع الأعمال أو الأمن. ولم يتم توضيح معنى "مؤهل".
  • وأخيراً، جاء في الوثيقة أن المجلس سيضم "تمثيلاً قوياً للأعضاء المسلمين لضمان الشرعية الإقليمية والمصداقية الثقافية".
  • ومن المفترض أن تحظى هذه الشخصيات المسلمة بالدعم السياسي من بلدانها، فضلاً عن "مصداقية تجارية طويلة الأمد".
  • وسيتم "ترشيح أعضاء المجلس من قبل الدول المساهمة وتأكيد تعيينهم من خلال عملية يتم تنسيقها من قبل الأمم المتحدة".
  • وسوف تقدّم الهيئة تقاريرها إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي سيمنحها في نهاية المطاف السلطة اللازمة للقيام بمهامها.

ثانياً: الرئيس ( بلير)

  • وبحسب الوثيقة، سيتولى الرئيس منصب "المسؤول التنفيذي السياسي الأعلى والمتحدث الرئيسي والمنسق الاستراتيجي للسلطة الانتقالية بأكملها".
  • وسيتم تعيين الهيئة الانتقالية بـ"إجماع دولي" ومصادقة مجلس الأمن الدولي، ولا يُذكر أي إجماع فلسطيني في اختيارها.
  • وسيمثّل الرئيس غيتا "في جميع المحافل الدبلوماسية والمانحة والحكومية الدولية". كما سيقود "دبلوماسية الأمن الاستراتيجي" مع جهات فاعلة أخرى، "بما في ذلك إسرائيل ومصر والولايات المتحدة".
  • وتشير الوثيقة إلى أنه في البداية لن يتواجد كبار مسؤولي غيتا في غزة.
  • وفي العام الأول، سيتمركزون في "خلايا التنسيق" في مدينة العريش المصرية وعواصم عربية أخرى مثل القاهرة وعمّان.
  • وسيتم نشر القوات جزئياً في غزة بحلول السنة الثانية، قبل "التشغيل الكامل" في القطاع في السنة الثالثة.
غزة
ستشرف اللجنة الإدارية على الإعمار في غزة وتوزيع المساعدات/ رويترز

ثالثاً: الهيكل الهرمي

  • يوضّح المخطط التنظيمي في نهاية الوثيقة الهيكل الهرمي لـ"غيتا"، مع وجود مجلس الإدارة والرئيس في الأعلى.
  • ويوجد جهاز أمني، وهو "قوة الأمن الدولية"، في الصف نفسه مع مجلس الإدارة والرئيس، ويبدو أنه خارج التسلسل الهرمي.
  • وستقوم هذه الهيئة بإدارة المعابر المؤدية إلى غزة والمنافذ البحرية و"المناطق المحيطة" بالتنسيق مع إسرائيل ومصر.
  • كما ستنفذ "عمليات مستهدفة لمنع عودة ظهور الجماعات المسلحة".
  • وسيكون هناك عدد من الهيئات والهياكل التي تتبع مباشرة المجلس والرئيس، ولا يبدو أن أياً منها يخضع لإدارة فلسطينية مباشرة، بما في ذلك هيئة الاستثمار والتنمية الاقتصادية و"الأمانة التنفيذية".
  • وستتولى الأمانة التنفيذية تنسيق العمليات اليومية، بما في ذلك أنظمة الإنشاء الرقمية لتحديد هوية الفلسطينيين في غزة و"المنصات الرقمية للترخيص والتصاريح".
  • وتحت هذه الطبقة يوجد عدد من المسؤولين المشرفين على العمل الإنساني، وإعادة الإعمار، والقضايا التشريعية والقانونية، والأمن، فضلاً عن منسق مع السلطة الفلسطينية.

رابعاً: السلطة التنفيذية الفلسطينية ذات الصلاحيات المحدودة

  • ولا تحظى السلطة التنفيذية الفلسطينية، التي تقع في أسفل التسلسل الهرمي، بأي سلطة مستقلة. وهي منفصلة عن السلطة الفلسطينية التي تدير أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
  • وسوف تتألف الحكومة الجديدة من وزارات تكنوقراطية تدير الصحة والتعليم وإمدادات المياه والطاقة وسياسات سوق العمل والإسكان والعدالة الجنائية المحلية والرعاية الاجتماعية، إلى جانب عدد قليل من مجالات السياسة الأخرى.
  • وسيرأسها "رئيس تنفيذي فلسطيني" يتم تعيينه من قبل مجلس الهيئة الانتقالية.
  • وسوف يقود الرئيس التنفيذي الفلسطيني عملية تحديد "المديرين" (وليس الوزراء) لرئاسة الإدارات المختلفة مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية والتخطيط.
  • وسيتعيّن على المديرين "استيفاء معايير الكفاءة الفنية والنزاهة والحياد".
  • وسيكون للمجلس الدولي للمليارديرات ورجال الأعمال الكلمة الأخيرة في التعيينات "لحماية الشرعية المؤسسية والاستقلال".
  • وتشير الوثيقة إلى أن "جميع المديرين يخضعون لمراجعة الأداء، ويمكن فصلهم أو استبدالهم وفقاً لإجراءات الحوكمة الانتقالية".
  • وقال مصدر إسرائيلي لصحيفة هآرتس إن السلطة التنفيذية الفلسطينية ستكون تابعة للهيئة الانتقالية بشكل كامل، ولن تكون لها أي سلطة مستقلة.
  • وبالتالي، فإنها ستكون أضعف بكثير من الإدارة التكنوقراطية التي نصّت عليها الخطة العربية المشتركة التي قادتها مصر في وقت سابق من هذا العام، وفق تقرير لموقع ميدل إيست آي البريطاني.
  • وتقع تحت السلطة التنفيذية الفلسطينية عدد من الأدوار البلدية المتعلقة بتشغيل الخدمات والمرافق العامة المحلية.
  • وتنصّ الخطة على أن "جميع رؤساء البلديات وكبار المسؤولين البلديين يتم ترشيحهم من قبل السلطة التنفيذية الفلسطينية، ويتم تعيينهم رسمياً من قبل مجلس إدارة غيتا الدولي".
  • ومرّة أخرى، تم التأكيد أيضاً على أن أي تعيين فلسطيني لمثل هذه الأدوار "يجب أن يستوفي معايير صارمة من الحياد السياسي".

خامساً: الهيئة القضائية

  • وتوجد للهيئة الانتقالية أيضاً فروع قضائية وقانونية متعددة.
  • ويشمل ذلك وجود هيئة تشريعية وقانونية تعمل، من بين أمور أخرى، على ضمان أن تعمل الهيئة الانتقالية بطريقة "متوافقة مع القانون الدولي".
  • وسيتم أيضاً إنشاء "مجلس قضائي" للإشراف على الإجراءات القانونية الواجبة، والامتثال القانوني، وإصلاحات قطاع العدالة.
  • ويرأس اللجنة "رجل قانون عربي مرموق، ويفضل أن يكون فلسطينياً".
  • ومن المثير للاهتمام أن أحد أدوارها سيكون حماية "حق العودة" قانونياً لأي فلسطيني في غزة يقرر مغادرة منزله طوعاً.
  • وتنص الوثيقة: "لا تسهّل أو تؤيد خطة غيتا نقل السكان، ولكنها تضمن أن تتم جميع التحركات الطوعية وفقاً للقانون الدولي وحماية الحقوق".
  • ومن المرجّح أن يشكك الفلسطينيون في أي وعود من هذا القبيل، وخاصةً تلك التي تأتي من سلطة تحظى بدعم إسرائيل.
  • وتذكر مسودة الخطة أن غيتا سوف تعمل "بالتشاور الوثيق" مع السلطة الفلسطينية، بهدف تسليم الإدارة إليها في نهاية المطاف.
  • ولم يتم تحديد جدول زمني لتحقيق ذلك.

ما هي أبرز ردود الفعل على إشراف بلير على الهيئة الانتقالية الدولية؟

قوبل ترشيح بلير لرئاسة اللجنة المشرفة على إدارة الحكم في غزة بانتقادات واسعة، بسبب تاريخ الإمبريالية البريطانية في المنطقة، وخاصةً مشاركة بلير في غزو العراق، الذي استند إلى مزاعم بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل، وثبت زيفها فيما بعد، بحسب وكالة رويترز.

وقال حسان بدران، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، إن بلير "شخصية غير مرحّب بها في الحالة الفلسطينية، وارتباط أي خطة بهذا الشخص بمثابة نذير شؤم للشعب الفلسطيني".

وأضاف بدران في تصريحات تلفزيونية أن "وجود مثل هذه الشخصيات السلبية، التي ربما تستحق أن تكون أمام المحاكم الدولية للجرائم التي ارتكبتها في سنوات سابقة، ليس مدخلاً حقيقياً أو إيجابياً أو مقبولاً للحديث عن أي ترتيبات متعلقة بالقضية الفلسطينية".

من جانبه، قال مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، لصحيفة واشنطن بوست: "لقد كنا تحت الاستعمار البريطاني بالفعل. لديه سمعة سلبية هنا. إذا ذكرت توني بلير، فإن أول ما يذكره الناس هو حرب العراق".

فيما قالت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة: "توني بلير؟ بالطبع لا. ارفعوا أيديكم عن فلسطين".

وشملت الانتقادات الموجّهة لتوني بلير أعضاء من حزب العمال البريطاني، الذي ينتمي إليه بلير، أيضاً.

وفاجأت فكرة قيام بلير بالعمل إلى جانب ترامب في دور صانع السلام في الشرق الأوسط بعض أعضاء حزب العمال، بحسب تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

وأبدى بعض أعضاء البرلمان من الصفوف الخلفية عدم تصديقهم للدور المقترح لبلير، نظراً لأن إرثه باعتباره رئيس الوزراء الأطول خدمةً في حزب العمال أصبح مشوّهاً في نظر العديد من أعضاء الحزب بسبب الدور الذي لعبته بريطانيا في العراق.

وقال أحد أعضاء البرلمان: "أنا شخصياً أعتقد أنها فكرة مزعجة، وأعتقد أن العديد من زملائي الذين يهتمون مثلي بفلسطين، يعتقدون نفس الشئ".

تحميل المزيد