من البرنامج النووي إلى كبار قادة عسكريين وبنى تحتية.. تفاصيل الخسائر الإيرانية بعد الحرب مع إسرائيل

عربي بوست
تم النشر: 2025/07/01 الساعة 07:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/07/01 الساعة 11:37 بتوقيت غرينتش
تشييع جثامين ضحايا إيران من الحرب الإسرائيلية- رويترز

في يونيو/حزيران 2025، اندلعت واحدة من أعنف المواجهات المباشرة بين إيران وإسرائيل، اتخذت طابعًا غير مسبوق في مستوى الاستهداف والدقة والنطاق، حيث لم تكتفِ إسرائيل بشن هجمات عسكرية تقليدية، بل نفذت ما يمكن وصفه بضربة شاملة مركزة استهدفت النخبة العليا في القيادة العسكرية والعلمية الإيرانية.

هذه الحرب، التي استمرت أقل من أسبوعين، أسفرت عن مقتل عدد كبير من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني والجيش، إلى جانب نخبة من العلماء النوويين الذين شكّلوا العمود الفقري للمشروع النووي الإيراني على مدار عقدين. العملية العسكرية، التي سُمّيت لاحقًا بـ"ضربة الدماغ الإيراني"، هدفت – وفق تصريحات رسمية إسرائيلية – إلى إحداث شلل استراتيجي طويل الأمد في المنظومة الدفاعية والعلمية الإيرانية.

في هذا التقرير نحاول الوقوف على الخسائر الإيرانية بعد انتهاء هذه الحرب، خصوصًا مع بدء تكشّف بعض المعلومات حول طبيعة وحجم الضربات الإسرائيلية وما سببته من أضرار، سواء على الصعيد العسكري أو الاقتصادي، مع التركيز على حجم الخسائر في البرنامج النووي الإيراني وبرنامج الصواريخ الباليستية.

قادة الجيش والحرس الثوري

في الليلة الأولى للحرب، وتحديدًا في الساعات الأولى من يوم 13 يونيو، نفذت إسرائيل ضربة نوعية استهدفت مقر قيادة رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، وكانت نتيجة هذه العملية استهداف العشرات من قادة وأفراد الحرس الثوري الإيراني، وكان منهم:

اللواء محمد باقري


باقري، الذي يُعد أرفع شخصية عسكرية في هرم القيادة الإيرانية، شغل منصب رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، وكان معروفًا بعلاقاته المعقّدة مع الحرس الثوري، وقدرته على التوفيق بين الأجنحة المختلفة داخل المؤسسة العسكرية.

جثمان اللواء الباقري- رويترز


لم يكن باقري مجرد ضابط تقليدي، بل كان عقلًا استراتيجيًا خطّط لإعادة هيكلة العقيدة الدفاعية الإيرانية بعد اغتيال قاسم سليماني، وكرّس سنواته الأخيرة لتطوير مبدأ "الردع النشط"، الذي يقوم على دمج القدرات الصاروخية، والدفاع السيبراني، والعمليات غير المتناظرة.
كان من القلائل الذين لديهم اطلاع على تفاصيل التنسيق الإيراني مع أذرع إقليمية في سوريا والعراق ولبنان.
مقتله في أولى ساعات حرب يونيو 2025 مثّل ضربة موجعة وغير قابلة للتعويض، ليس فقط بسبب رتبته، بل لأن باقري كان خزّانًا معلوماتيًا واستراتيجيًا لا يُقدّر بثمن، وقد أصاب غيابه منظومة القيادة بالشلل المؤقت في الأيام الأولى للحرب.

اللواء حسين سلامي

جنازة حسين سلامي- رويترز


أما اللواء حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإيراني، فقد كان وجهًا مألوفًا للإعلام الإيراني والدولي، شخصية تجمع بين الخطاب العقائدي الصلب والخبرة العسكرية الممتدة.
تولى قيادة الحرس في لحظة حساسة من تاريخ النظام، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي واغتيال قاسم سليماني.
خلال فترة قيادته، أعاد توزيع الوحدات القتالية للحرس، وركّز على تنمية القدرات الجوية-الفضائية، ودعم تعزيز النفوذ الإيراني في اليمن وسوريا ولبنان، كما أشرف شخصيًا على برامج تطوير الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيّرة.
سلامي لم يكن جنرالًا ميدانيًا فقط، بل كان جزءًا من النخبة العقائدية التي ترى في الحرس الثوري المؤسسة الضامنة لبقاء الجمهورية الإسلامية في وجه الضغوط الداخلية والخارجية.
مقتله في مقر قيادة احتياطي في أصفهان عكس دقة الضربة الإسرائيلية، واستهدافها لرموز لا تُعوّض، خصوصًا أنه كان من الشخصيات القليلة التي تحظى بثقة المرشد الأعلى علي خامنئي بشكل مطلق.

اللواء أمير علي حاجي زاده


اللواء أمير علي حاجي زاده، قائد سلاح الجو الفضائي التابع للحرس الثوري، كان من العقول الفذّة في مجال تطوير القدرات الصاروخية الإيرانية.
تولى قيادة هذه القوة منذ عام 2009، وأشرف مباشرة على تطوير عشرات الطرازات من الصواريخ الباليستية والمجنّحة، وكان له دور محوري في تحويل إيران إلى قوة صاروخية إقليمية.
ارتبط اسمه أيضًا بحادث إسقاط الطائرة الأوكرانية في يناير 2020، لكنه ظل محافظًا على موقعه ونفوذه داخل الحرس.
كان مسؤولًا عن مشروع الطائرات المسيّرة الإيرانية التي غيّرت موازين الصراع في سوريا والعراق، وأرسى علاقات عسكرية مع وكلاء إيران في لبنان واليمن عبر التسليح والتدريب والتخطيط.
مقتله لم يكن مجرد خسارة لمهندس تسليحي، بل إطاحة بأحد الأعمدة الهندسية التي بنت قدرة إيران على الرد في أي نزاع.
ضُرب مقر قيادته قرب خرم آباد، في عملية بدت وكأنها ثمرة تعقّب استخباراتي عميق.

اللواء غلام علي رشيد

اللواء غلام علي رشيد كان أحد الجنرالات القدامى في الحرس الثوري، وتولّى قيادة مقر "خاتم الأنبياء" المركزي، وهو الجهاز المسؤول عن التنسيق الاستراتيجي بين القوات البرية والجوية والبحرية في حالات الحرب.
اشتهر بكونه رجل الظل، قليل الظهور، لكنه يحضر في لحظات القرار المفصلي. يُنسب له الدور الأهم في صياغة الخطط الدفاعية ضد هجوم أمريكي أو إسرائيلي محتمل.
كان من قلائل القادة الذين يتمتعون بصلاحيات العمل المستقل والمباشر مع المرشد الأعلى.
مقتله استهدف الرأس التنفيذي لمنظومة الدفاع الوطني، وأكّد أن إسرائيل لم تكن تسعى فقط للرد، بل لتفريغ البنية القيادية من شخصياتها المحورية.

الهجوم على سجن ايفين- رويترز

اللواء علي شادماني

بعد مقتل غلام علي رشيد، تولّى اللواء علي شادماني القيادة، لكنه لم يمكث سوى أيام، إذ قُتل هو الآخر في غارة استهدفت مركز القيادة البديل في شيراز، ما عزّز الشعور داخل المنظومة الإيرانية بأن قدرة الخصم على تتبّع خطوط القيادة كانت شبه كاملة.

اللواء محمد كاظمي

اللواء محمد كاظمي، رئيس جهاز استخبارات الحرس الثوري، كان حديث العهد نسبيًا في موقعه، لكنه لعب دورًا حاسمًا في تفكيك شبكات تجسس مزعومة لإسرائيل والغرب داخل إيران، وتوسيع نطاق الرقابة الأمنية على النخب والمجتمع المدني.
تسلّمه المنصب في 2022 مثّل تحوّلًا أمنيًا نحو المقاربة الأكثر صرامة في الداخل، وكان يقود حملات واسعة شملت جامعيين وصحفيين بتهم التعاون مع الموساد.
قتله ضربة استهدفت منشأة أمنية في همدان، ما أحدث صدمة داخل الجهاز الأمني وأثار أسئلة عن حجم الاختراق الإسرائيلي.

اللواء مهدي رباني

أما اللواء مهدي ربّاني، نائب رئيس هيئة الأركان للعمليات، فقد كان مسؤولًا عن التخطيط التنفيذي للردود الإيرانية في حال اندلاع حرب.
هو أحد الضباط الميدانيين الذين واكبوا الحرب السورية وكانوا على تماس مباشر مع وحدات حزب الله.
برز اسمه في الخطط الإيرانية للرد على اغتيال سليماني، كما تولّى قيادة مركز القيادة المشتركة أثناء حرب يونيو، وقُتل خلال غارة إسرائيلية على مقر القيادة في تبريز.
مقتله عطّل سلاسة العمليات على الأرض، وأفقد القيادة المركزية ضابطًا تنفيذيًا متمرسًا.

الحاج رمضان

اللواء محمد سعيد إيزادي، المعروف بالحاج رمضان، كان من أبرز القيادات في فيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني، والذي يتولّى مسؤولية العمليات العسكرية والاستخباراتية خارج حدود إيران.
تميّز إيزادي بخبرته الطويلة في العمل الميداني والتخطيط الاستراتيجي، حيث أشرف بشكل خاص على الملف الفلسطيني، الذي يشمل دعم الفصائل المقاومة مثل حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة.
عُرف عنه تنسيق الدعم العسكري والاستخباراتي مع هذه الفصائل، إضافة إلى تنظيم عمليات تسليح وتدريب متطورة تهدف إلى تعزيز قدرة المقاومة على المواجهة مع إسرائيل.
لقد لعب إيزادي دورًا محوريًا في توجيه أنشطة فيلق القدس نحو تعزيز النفوذ الإيراني في فلسطين، من خلال بناء شبكات علاقات ودعم لوجستي متواصل، وكان مكلّفًا بعمليات سرية معقّدة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.

اللواء بهنام شهرياري

أما اللواء بهنام شهرياري، فقد كان المسؤول العسكري الرئيسي عن ملف تسليح الحلفاء الإقليميين لإيران، خصوصًا في دول مثل لبنان (حزب الله)، واليمن (أنصار الله الحوثيون)، والعراق (الفصائل الشيعية المدعومة من إيران).
كان شهرياري يعمل على بناء شبكة لوجستية متكاملة لنقل الأسلحة والمعدات المتطورة عبر طرق برية وبحرية وجوية، وكان مسؤولًا عن تطوير قدرات التسليح النوعي التي قدّمتها إيران لهذه الجماعات، بما في ذلك الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيّرة وأنظمة الدفاع المضادة للطائرات.
كانت له علاقات واسعة مع كبار القادة في الحلفاء، ما جعل دوره محوريًا في ترسيخ النفوذ العسكري الإيراني الإقليمي، وأساسًا في تعزيز قدرة هذه الجماعات على المواجهة المباشرة مع إسرائيل والسعودية.
تميّز شهرياري بخبرته في الحروب غير النظامية، واعتماده على تكتيكات غير تقليدية في تسليح وتمويل الميليشيات، حيث دمج بين الدبلوماسية العسكرية والعمليات الاستخباراتية، مما جعله هدفًا استراتيجيًا لإسرائيل.
قُتل في غارة جوية استهدفت مركزًا لوجستيًا في محافظة كرمانشاه غرب إيران، حيث كان يجري اجتماعات لتنسيق عمليات نقل الأسلحة إلى سوريا ولبنان واليمن.
مقتله مثّل ضربة موجّهة بشكل مباشر لإضعاف القدرات القتالية والإمدادية للحلفاء، وأشعل حالة من القلق داخل أروقة الحرس الثوري حول أمن الخطوط اللوجستية.

اغتيال علماء البرنامج النووي

بينما كانت إسرائيل تقضي على قيادة المؤسسة العسكرية الإيرانية، كانت في الوقت ذاته تنفذ خطة موازية أكثر دقة وحساسية، استهدفت البنية العلمية للمشروع النووي الإيراني.
ففي نفس يوم اندلاع الحرب، تم تنفيذ ما يشبه عملية اغتيال جماعي بحق علماء الذرة الإيرانيين.
القصف الإسرائيلي طال مقارّ بحثية ومراكز تطوير وأحياء سكنية، واستُهدف فيها عدد من أبرز العلماء الذين لعبوا أدوارًا رئيسية في تطوير وتحديث البرنامج النووي الإيراني.

فريدون عباسي دواني

من أبرز من قُتل في هذه الضربات الدكتور فريدون عباسي دواني، الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، والذي كان من العقول المؤسسة لمشاريع تخصيب اليورانيوم الإيراني.
نجا عباسي في السابق من محاولة اغتيال عام 2010، لكنه قُتل في يونيو 2025 في ضربة استهدفت منشأة بحثية في طهران.
كان يشغل منذ سنوات دور المستشار الأعلى في مشروع تطوير الجيل الجديد من أجهزة الطرد المركزي، ويُعتقد أنه كان على اتصال مباشر مع مكتب المرشد فيما يخص توجيه المشروع النووي بعيدًا عن الرقابة الدولية.

محمد مهدي طهرانشي

الدكتور محمد مهدي طهرانشي، رئيس جامعة آزاد الإسلامية وأستاذ الفيزياء النظرية، كان من أبرز الوجوه الأكاديمية التي تم تجنيدها في مشاريع الأبحاث النووية.
ارتبط اسمه بعدة مشاريع مشتركة مع وزارة الدفاع، خصوصًا في مجال التحليل النظري للانشطارات النووية، كما عمل مستشارًا علميًا لمجمع سري تابع لمنظمة الطاقة الذرية.
قُتل في ضربة إسرائيلية استهدفت مركز أبحاث متطور في أصفهان.

أحمد رضا زلفغاري

أما الدكتور أحمد رضا زلفغاري دار‌ياني، فقد كان يشغل موقعًا حساسًا كعميد لكلية الهندسة النووية في جامعة شهيد بهشتي، كما كان يعمل بشكل مباشر في تصميم نظم الطرد المركزي.
يُعتبر من أبرز مهندسي المرحلة الثانية من تطوير مفاعل نطنز، وكان قد تلقى تدريبات في روسيا خلال بداية العقد الماضي.
اغتياله داخل المنشأة في نطنز كان بمثابة إجهاض فني لمشروع الجيل الثامن من أجهزة الطرد.

أمير حسن فقه‌هي

ويبرز من بين القتلى أيضًا الدكتور أمير حسن فقه‌هي، الذي عُرف بكونه "المهندس الصامت" وراء تحديث أجهزة الطرد المركزي طراز IR-9.

جنازة ضحايا حرب إسرائيل على إيران- رويترز


عمل سابقًا في مركز أبحاث نووية في قم، وكان من الشخصيات التي تمنعها إيران من الظهور الإعلامي.
قُتل في قصف استهدف مبنى سكنيًا يضم نخبة من العلماء في أطراف مدينة قم.

علي بخوي كاتريمي

كما قُتل أيضًا الدكتور علي بخوي كاتريمي، الذي تميز بعمله في تطوير أنظمة التبريد للمفاعلات العاملة بالماء الثقيل، وكان يتعاون مع فريق مفاعل أراك.
اغتياله شكّل خسارة في الكفاءة التقنية المتعلقة بالسلامة النووية.

عميد حميد مينوشهر

شهدت الغارات أيضًا مقتل الدكتور عميد حميد مينوشهر، الخبير في تشغيل الأنظمة النووية.
في صباح يوم 13 يونيو 2025، استُهدف في غارة جوية دقيقة أودت بحياته في طهران، ضمن سلسلة هجمات وصفتها إسرائيل بأنها "الاغتيال الجماعي المقصود" للنخبة العلمية التي تمثّل القلب العلمي للمشروع النووي الإيراني.
اغتياله مثّل ضربة مزدوجة: أولًا لما يمثّله من خبرة أكاديمية علمية طويلة، وثانيًا لأنه كان إداريًا في مركز الدراسات المتخصصة بجامعة شهيد بهشتي، مما ساعد على ترابط البحث الأكاديمي مع القدرات العملية للمفاعل.


مصطفى سادتي إرماكي

وفقًا لتقرير صادر عن معهد "فهم الحرب" (Institute for the Study of War)، أكد الجيش الإسرائيلي أن الدكتور مصطفى سادتي إرماكي، المتخصص في تقنيات الليزر النووي، قُتل في غارة جوية استهدفت منشأة في طهران، كجزء من حملة تهدف إلى تقويض القدرات العلمية والبحثية لإيران.

سيد أصغر هاشمي تبار

إلى جانب الدكتور سيد أصغر هاشمي تبار، الذي قُتل في منشأة بحثية متقدمة في كرج، حيث كان يعمل ضمن مشروع سري مخصص لاختبارات الانشطار. أكدت إسرائيل مقتل هاشمي تبار في ضربة بطائرة مسيرة استهدفت منشأة بحثية تقع في ضاحية العاصمة طهران بتاريخ 20 يونيو. وقد أُدرج اسمه ضمن قائمة العلماء المستهدفين، في إطار حملة وصفها معهد "فهم الحرب" بأنها محاولة إسرائيلية لتعطيل قدرات إيران على تطوير التكنولوجيا النووية باستخدام أجهزة نبض الطاقة.

هذه الحملة المزدوجة التي نفذتها إسرائيل على القيادات العسكرية والعلمية الإيرانية لم تكن مجرد رد فعل على سلوك إيراني معين، بل بدت عملية استراتيجية مدروسة بعناية مسبقًا، تهدف إلى إضعاف الطبقة القيادية المتقدمة التي تدير أهم مشاريع القوة الإيرانية، وهي الردع العسكري والنووي. لم تشهد إيران في تاريخها الحديث فقدانًا جماعيًا بهذا الحجم لقيادات بارزة وفاعلة في وقت قصير، وقد وصف بعض المحللين العسكريين هذه الضربة بـ"مجزرة العقول"، نظرًا إلى مستوى الشخصيات المستهدفة.

المفاعلات والمنشآت النووية

خلال حرب يونيو 2025، شهدت إيران موجة من الهجمات الجوية الإسرائيلية المركزة التي استهدفت المفاعلات النووية والمنشآت المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، في محاولة لإلحاق ضرر كبير بالبنية التحتية النووية وتقويض قدرات إيران على تطوير الأسلحة النووية.

مفاعل بوشهر النووي

أحد أبرز المفاعلات التي تعرضت للقصف هو مفاعل بوشهر النووي، المفاعل الوحيد العامل تجاريًا في إيران، والذي يعتمد على التكنولوجيا الروسية في تشغيله. قُصف الموقع بشكل مباشر عدة مرات، مما أدى إلى تعطيل مؤقت لعمليات التبريد والتشغيل، ورفع مخاطر التسرب الإشعاعي. أظهرت صور الأقمار الصناعية أضرارًا في البنية التحتية للمفاعل، مما أجبر السلطات الإيرانية على إيقافه مؤقتًا لإجراء صيانة طارئة وحماية المنشأة من أي حادث نووي محتمل.

منشأة نطنز

بالإضافة إلى ذلك، استهدفت الهجمات بشكل مكثف موقع نطنز، الذي يُعتبر القلب النابض لبرنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني. يحتوي نطنز على مئات أجهزة الطرد المركزي المستخدمة في عمليات التخصيب، ويُعد مركزًا لتطوير وتحديث أجهزة الطرد المركزي المتقدمة. تسببت الضربات الجوية والإلكترونية في نطنز في توقف عمليات التخصيب لعدة أيام، وألحقت أضرارًا بالبنية التحتية التقنية، مما أعاق عمليات البحث والتطوير في المجال النووي بشكل كبير.

مفاعل أراك

لم تقتصر الضربات على نطنز وبوشهر، بل طالت أيضًا مفاعل أراك، الذي يعتمد تقنية المفاعل بالماء الثقيل ويُعتبر هدفًا حساسًا لقدرته على إنتاج البلوتونيوم، وهو مادة تُستخدم في تصنيع الأسلحة النووية. تعرض الموقع لقصف جوي استهدف أنظمة التبريد والبنية التحتية الأساسية، مما أدى إلى إيقاف مؤقت لأنشطة التشغيل وتأخير كبير في خطط إيران لتوسيع قدراتها النووية.

منشأة فوردو

كما استُهدفت مواقع دعم أخرى، تشمل مراكز تخزين اليورانيوم المخصب وأماكن تصنيع مكونات أجهزة الطرد المركزي في مواقع مثل فوردو، وهي منشأة تحت الأرض مصممة لتحمل الضربات الجوية وتقع في قلب جبل، مما يجعلها مركزًا استراتيجيًا لتطوير برنامج التخصيب الإيراني. أدت الهجمات على فوردو، التي نُفذت عبر ضربات جوية دقيقة، إلى أضرار جسيمة في أنظمة التهوية والتبريد، وأثرت بشكل ملحوظ على القدرات التشغيلية للموقع.

فوردو- رويترز

استهداف المنشآت العسكرية

خلال حرب يونيو 2025، شنت إسرائيل حملة واسعة من الغارات الجوية استهدفت سلسلة من المنشآت العسكرية الإيرانية، مما أسفر عن تدمير كبير للبنية التحتية الصاروخية وخسائر فادحة في مخازن الصواريخ ومراكز البحث والتطوير التابعة للنظام الإيراني. فيما يلي رصد دقيق للمواقع المستهدفة وحجم الأضرار، مدعومًا بمصادر موثوقة:

منشأة كرج لتصنيع الصواريخ

في 13 يونيو 2025، استهدفت غارة جوية إسرائيلية منشأة كرج لتصنيع الصواريخ، مما أدى إلى تدمير خطوط الإنتاج ومخازن الصواريخ. أظهرت صور الأقمار الصناعية أضرارًا جسيمة في البنية التحتية للموقع.

قاعدة خرم آباد للصواريخ

في 14 يونيو 2025، تعرضت قاعدة خرم آباد الجوية في محافظة لورستان لغارة إسرائيلية، أسفرت عن تدمير عدة مستودعات صواريخ ومرافق إدارية. تُعد هذه القاعدة من المواقع الاستراتيجية لتخزين وإطلاق الصواريخ الباليستية.

قاعدة تبريز للصواريخ

في 13 يونيو 2025، تعرضت قاعدة تبريز الجوية في محافظة أذربيجان الشرقية لغارة إسرائيلية، أسفرت عن تدمير عدة منصات إطلاق صواريخ ومرافق تخزين. تُستخدم القاعدة لتخزين وإطلاق صواريخ "قدير" متوسطة المدى.

قاعدة كرمانشاه للصواريخ

في 13 يونيو 2025، استهدفت غارة جوية قاعدة كرمانشاه، مما أدى إلى تدمير مستودعات صواريخ ومرافق تخزين. تُعتبر هذه القاعدة من أقدم قواعد الصواريخ الإيرانية.

قاعدة أماند للصواريخ

في 14 يونيو 2025، تعرضت قاعدة أماند الجوية في محافظة أذربيجان الشرقية لغارة أدت إلى تدمير منصات إطلاق ومرافق تخزين. تُستخدم لتخزين وإطلاق صواريخ "قدر" متوسطة المدى.

قاعدة شهيد غوديني للصواريخ

في 14 يونيو 2025، تعرضت قاعدة شهيد غوديني الجوية في محافظة أصفهان لقصف أسفر عن تدمير مستودعات الصواريخ ومرافق التخزين. تُستخدم لتخزين وإطلاق صواريخ "شهاب" متوسطة المدى.

قاعدة شهيد بهشتي للصواريخ

في 15 يونيو 2025، استهدفت غارة قاعدة شهيد بهشتي للصواريخ، مما أدى إلى تدمير منصات إطلاق ومرافق تخزين. تُعتبر من المواقع الاستراتيجية لإطلاق الصواريخ الباليستية.

قاعدة شهيد سليماني للصواريخ

في 16 يونيو 2025، تعرضت قاعدة شهيد سليماني في محافظة كرمانشاه لغارة جوية أسفرت عن تدمير مستودعات صواريخ ومرافق التخزين. تُستخدم لتخزين وإطلاق صواريخ "ذو الفقار" متوسطة المدى.

قاعدة ماهشهر للصواريخ (محافظة خوزستان)

قاعدة مهمة لتخزين وإطلاق صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، تعرضت لقصف دقيق أدى إلى تدمير مخازن صواريخ وأنظمة دعم لوجستي.

قاعدة قم للصواريخ

قاعدة استراتيجية قرب طهران تحتوي على منصات إطلاق صواريخ باليستية متوسطة المدى، تعرضت لغارات جوية أدت إلى أضرار كبيرة.

منشآت الصواريخ في منطقة سمنان

تضم مراكز بحوث وتطوير لصواريخ باليستية بعيدة المدى، إضافة إلى معسكرات تخزين استُهدفت.

قاعدة تبريز الشمالية للصواريخ

تقع شمال غرب إيران، استُهدفت منصات الإطلاق ومراكز التدريب.

موقع جاجرم للصواريخ (خراسان الشمالية)

مركز لتطوير وصيانة الصواريخ الباليستية، تضرر جراء ضربات جوية.

منشأة حاجي آباد للصواريخ

قاعدة تدريب وتخزين في جنوب إيران، تعرضت لخسائر مادية كبيرة جراء القصف.

منشأة تاباس العسكرية (محافظة يزد)

مركز لتخزين الصواريخ الباليستية والتكتيكية، تضرر بشدة من غارة جوية دقيقة.

قاعدة جوية كرمان

تحتوي مستودعات صواريخ باليستية ومرافق صيانة متقدمة، تعرضت لضربات جوية متكررة.

مواقع تدريب الصواريخ في محافظة هرمزغان

استُهدفت بغارات لتقليل جاهزية الطواقم الفنية.

منشأة بافق للصواريخ

مقر لتطوير واختبار الصواريخ الباليستية المتوسطة المدى، استُهدفت مراكز البحث والتطوير.

مخازن ومراكز لوجستية في محافظتي فارس وكرمانشاه

تدمرت أجزاء كبيرة منها، مما أثر على شبكات الإمداد.

مواقع سرية تحت الأرض في كهريزك (جنوب طهران)

مخازن أسلحة محصنة تعرضت لغارات دقيقة باستخدام صواريخ متطورة.

مرافق تطوير الصواريخ في منطقة قم الصناعية

ورش تصنيع مكونات الصواريخ وأنظمة التوجيه تعرضت لهجمات إلكترونية وجوية.

المفاعل النووي القديم في نطنز

تأثر جزئيًا بسبب قربه من منشآت تخصيب اليورانيوم المستهدفة.

مواقع تدريب قوات الحرس الثوري في كرمان وهرمزغان

معسكرات تدريب صواريخ تعرضت للقصف لتعطيل تأهيل الطواقم.

مراكز تخزين متقدمة في سيستان وبلوشستان

استُهدفت لضرب خطوط الإمداد وتهريب الأسلحة.

موقع الشاه عبد العزيز (همدان)

مركز لتجميع وصيانة الصواريخ تعرض لقصف جوي دمر منشآت حيوية.

مركز أبحاث الصواريخ في جابريه (فارس)

مركز تجارب تطوير تقنيات الصواريخ وصيانتها، تعرض لغارات دقيقة.

منشآت الإشراف على منظومات القيادة والتحكم في سمنان

تعطلت الشبكة الاتصالية الخاصة بإطلاق الصواريخ.

مخازن أسلحة وصواريخ في دزفول (خوزستان)

تدمير خسائر كبيرة في مخزون الصواريخ.

مواقع تطوير وتجميع صواريخ قصيرة المدى في زرند (كرمان)

قُصفت لإيقاف إنتاج الصواريخ التكتيكية.

قاعدة شهيد باكري للصواريخ (أصفهان)

مركز لتخزين وصيانة الصواريخ الباليستية، تعرض لأضرار جسيمة.

مركز تدريب الصواريخ في نهاوند (همدان)

استُهدف بغارات لتقويض تدريب الطواقم الفنية.

منشأة تصنيع مكونات الصواريخ في ناحية كرمانشاه

توقف الإنتاج بسبب قصف دقيق.

مخازن صواريخ في سردشت (أذربيجان الغربية)

تدمير مخزون صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى.

مركز قيادة عمليات الصواريخ في طهران
استهداف مركز الاتصالات والقيادة أثر على تنسيق إطلاق الصواريخ.

الخسائر الاقتصادية المباشرة


توقفت صادرات النفط الإيرانية بشكل شبه كامل، حيث انخفضت من 3.4 مليون برميل يوميًا إلى نحو 100,000 برميل يوميًا فقط. كما تضررت منشآت الغاز في بوشهر، مما أدى إلى خسائر تُقدر بين 200 و600 مليون دولار، مع توقف حوالي 2.35% من إنتاج الغاز لمدة ثلاثة أشهر.

هل تضرر المشروع النووي الإيراني؟

ولتقييم الضربة الأمريكية على مستقبل المشروع النووي الإيراني ، قال الخبير في الشؤون النووية هادي دلول أن الضربات، على الرغم من شدتها، لم تؤد إلى تدمير البنية الأساسية الحيوية للمشروع النووي الإيراني، ولا سيما منشأة "فوردو" المحصنة تحت الأرض. وأكد دلول أن المعلومات المتوفرة تشير إلى أن الجزء السفلي من منشأة فوردو، الذي يضم أجهزة الطرد المركزي ومنظومات التخصيب الأساسية، لم يتعرض لأي دمار، مشددًا على أن هذا الجزء مبني في عمق الجبال ومحصن بطريقة تمنع تدميره حتى في حال القصف المباشر بأسلحة متطورة.

وأشار إلى أن السلطات الإيرانية اتخذت خطوات احترازية قبل اندلاع الحرب، تمثلت في نقل معظم المواد النووية المخصبة إلى مواقع سرية وآمنة، مما يعني أن المخزون الاستراتيجي من اليورانيوم المخصب لم يتضرر نتيجة الهجمات الجوية. وبحسب دلول، فإن الأضرار التي لحقت بالمباني السطحية وبعض البنى التحتية الخارجية لم تكن مفاجئة، بل كانت متوقعة نظرًا لطبيعة الضربة الأمريكية التي استهدفت مواقع مكشوفة. ومع ذلك، يرى أن هذه الأضرار لا تؤثر فعليًا على سير العمل داخل البرنامج النووي الإيراني، إذ يمكن إصلاحها خلال فترة قصيرة نسبيًا.

وشدد دلول على أن المشروع النووي الإيراني لا يعتمد فقط على البنية التحتية الظاهرة، بل يرتكز أيضًا على شبكة من المواقع الموزعة تحت الأرض ومراكز دعم فني وهندسي متقدمة، موضحًا أن "الضربة لم تستهدف العقل التقني ولا الكادر البشري ولا البنية الفعلية للتخصيب"، وبالتالي فإن المشروع النووي سيستمر دون توقف جوهري. وتابع قائلاً إن الخطاب الإعلامي الأمريكي يحاول تضخيم نتائج الضربة، بينما تشير المعطيات الواقعية إلى أن إيران حافظت على الجزء الأكبر من قدراتها النووية، سواء من حيث المعدات أو المواد أو الكفاءات. وأضاف أن المنشآت الحساسة مثل "نطنز" و"فوردو" صُممت أساسًا لتحمل مثل هذه السيناريوهات، وهو ما ظهر بوضوح خلال الضربة الأخيرة.

واختتم دلول تصريحه بالتأكيد على أن ما حدث يجب النظر إليه على أنه ضربة رمزية ذات أهداف سياسية ودعائية أكثر من كونها عملية موجهة لإنهاء المشروع النووي الإيراني. وبرأيه، فإن البرنامج لا يزال حيًا وفاعلاً، وإعادة تأهيل المواقع المتضررة مسألة وقت وإرادة، وليست مسألة قدرة.

وفي اعتراف نادر وغير معتاد في الخطاب الإيراني الرسمي، صرح مستشار في مؤسسة المرشد الأعلى علي خامنئي، يشغل رتبة سفير، في تصريحات خاصةلـ"عربي بوست"، أن الضربات التي وجهتها إسرائيل ضد الحرس الثوري الإيراني خلال حرب يونيو 2025 كانت "صعبة" وذات تأثير بالغ، وتسببت في حالة من الارتباك داخل المؤسسة العسكرية، لا سيما عقب مقتل القائد العام للحرس الثوري حسين سلامي في واحدة من أكثر العمليات الإسرائيلية دقة وخطورة.

وأشار المستشار إلى أن الصعوبة لم تكن فقط في حجم الخسائر البشرية والمادية، بل في "المفاجأة الاستراتيجية"، إذ لم تكن الدوائر القيادية الإيرانية تتوقع أن تُقدم إسرائيل على تنفيذ هجوم بهذا المستوى من التنسيق والجرأة في قلب العمق الإيراني، وعلى رأس الأهداف القيادية المباشرة. وأكد أن مقتل القائد العام للحرس الثوري على يد إسرائيل كان ضربة موجعة قلبت الموازين مؤقتًا، وأحدثت فجوة في التسلسل القيادي وتقدير الموقف العملياتي، مما تسبب في ارتباك ملحوظ على مستوى القيادة والسيطرة داخل الوحدات المختلفة للحرس.

ضحايا الحرب الإسرائيلية على إيران- رويترز

ويأتي هذا التصريح ليعزز تقارير سابقة أشارت إلى أن إسرائيل نفذت ضربات دقيقة استهدفت مواقع قيادة وسيطرة، ومخازن أسلحة استراتيجية، ومراكز اتصالات تابعة للحرس الثوري، مستخدمة صواريخ دقيقة التوجيه وطائرات مسيرة انتحارية، مما أدى إلى سقوط عدد من كبار قادة الحرس وتدمير منظومات اتصالات مركزية في طهران وأصفهان.

وأضاف المستشار أن الصورة النمطية التي كانت إيران تعوّل عليها، والمبنية على اعتقاد بأن إسرائيل لن تخاطر بتنفيذ ضربة مباشرة بهذا العمق والخطورة، سقطت فجأة مع أولى الهجمات، مما أظهر الحاجة الملحة لإعادة تقييم استراتيجيات الردع والدفاع الجوي والسيبراني لدى طهران. واعتبر أن ما حدث يجب أن يكون "جرس إنذار" للنظام الأمني الإيراني، مؤكدًا أن الرد لا بد أن يكون بمستوى الخرق، لكنه اعترف ضمنًا بصعوبة تعويض الخسائر القيادية التي وقعت، لا سيما أن القائد العام المقتول كان يتمتع بخبرة طويلة وارتباط مباشر بمكتب المرشد الأعلى.

وأشار إلى أن الحرس الثوري اضطر بعد الضربة إلى إعادة توزيع القيادة بشكل طارئ، وتفعيل خطوط اتصال بديلة، وتكثيف التدابير الأمنية حول شخصيات الصف الأول في المؤسسة العسكرية والدينية، خشية تكرار الضربات أو تنفيذ عمليات اغتيال جديدة. يعكس هذا التصريح، رغم صدوره من شخصية غير عسكرية مباشرة، حجم الإرباك الذي أصاب النظام الإيراني عقب الضربات المباغتة، ويكشف عن حالة من القلق داخل الدوائر العليا بشأن قدرة إسرائيل على تنفيذ عمليات نوعية بهذا المستوى من الاختراق والتأثير.

علامات:
تحميل المزيد