في ظل حرب تجويع غير مسبوقة يشنها الاحتلال الإسرائيلي على سكان قطاع غزة منذ نحو 3 أشهر، ومنع شامل لدخول المساعدات الإنسانية٬ تستعد دولة الاحتلال الإسرائيلي لإطلاق خطة توزيع مساعدات جديدة مثيرة للجدل في غزة، صُممت بعناية لعزل وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة٬ وتقويض حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في القطاع الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية بدعم أمريكي مطلق منذ السابع من أكتوبر 2023. لكن ما هي الأهداف الحقيقية وراء هذه الخطة الأمريكية الإسرائيلية؟ وكيف طورها الإسرائيليون مع أشخاص ذوي تاريخ مشبوه ومثير للجدل وجهات داعمة مجهولة٬ في الوقت الذي تقدمها واشنطن وتل أبيب على أنها "جهة محايدة".
كيف هندست "إسرائيل" خطة المساعدات الجديدة في غزة؟
- اعتمد سكان غزة المحاصرين لعقود على الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة ذات الخبرة لتأمين الغذاء والإمدادات الأساسية. والآن، يتم استبدال هذا النظام بإطار غامض تديره شركات خاصة حديثة التأسيس، بقيادة متعاقدين أجانب من بينهم ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وجندي سابق في مشاة البحرية الأمريكية، وبدعم وتخطيط كامل من مسؤولين إسرائيليين.
- ويحذر منتقدون، بما في ذلك الأمم المتحدة، من أن هذا التحول قد يقيد وصول المساعدات ويعرض المدنيين للخطر، مع وجود مواقع توزيع تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية في جنوب غزة فقط. وبينما تتكشف التفاصيل، تتزايد الأسئلة حول الجهات التي تمول هذا المشروع وتداعياته على السكان الفلسطينيين الذين تسعى إسرائيل لتهجير أكبر قدر منهم خارج القطاع المدمر.
- يصف الأمريكيون مؤيدو خطة المساعدات الجديدة بأنها "مبادرة مستقلة ومحايدة يديرها بشكل رئيسي متعاقدون أمريكيون"٬ وتم الترويج لها على أنها مرتبطة بالمبعوث الرئاسي الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف٬ كما نشرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" مطلع مايو 2025. لكن الحقائق تثبت العكس. وتقول صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن هذا النظام صُممه وطوره الإسرائيليون إلى حد كبير كوسيلة لتقويض حماس في غزة بالدرجة الأولى.
- حيث يدير فيليب رايلي، الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، المجموعة الرئيسية التي توفر الأمن لهذه الخطة، بينما يرأس الجندي السابق في مشاة البحرية الأمريكية جيك وود، مجموعة لجمع التبرعات، وقد صرّح في مقابلة بأن "النظام سيُطبّق تدريجياً قريباً في غزة".
- وفي أوائل شهر مايو/أيار، أعلن السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي عن هذه الترتيبات، وقال إنه "من غير الدقيق على الإطلاق" وصفها بأنها "خطة إسرائيلية". لكن المشروع هو من بنات أفكار القادة الإسرائيليين كما تقول صحيفة "نيويورك تايمز"، اقترحه لأول مرة مسؤولون إسرائيليون في الأسابيع الأولى من الحرب، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين وأشخاص مشاركين في المبادرة وآخرين مطلعين على مفهومها، والذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم.
- وهذا ما أكده أيضاً تحقيق لصحيفة هآرتس العبرية٬ التي أشارت إلى أن الشركة التي قدّمت نفسها على أنها أمريكية أو محايدة، تقف خلفها جهات إسرائيلية مرتبطة برئيس الوزراء نتنياهو. وكشفت "هآرتس" أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو اختار الجهة التي ستتولى توزيع المساعدات في قطاع غزة من وراء ظهر المؤسسة الأمنية ودون علمها". وقالت الصحيفة: "من دون مناقصة أو إجراء قانوني سليم، قام طاقم برئاسة السكرتير العسكري لنتنياهو بتجنيد شركة غامضة وعديمة الخبرة لتنسيق العمليات الإنسانية في قطاع غزة".
- ووجدت نيويورك تايمز أن الخطوط العريضة للخطة نوقشت لأول مرة في أواخر عام 2023، في اجتماعات خاصة لمسؤولين متشابهين في التفكير وضباط عسكريين ورجال أعمال تربطهم علاقات وثيقة بالحكومة الإسرائيلية.
- أطلقت المجموعة على نفسها اسم "منتدى ميكفيه إسرائيل" في تل أبيب، نسبةً إلى كلية اجتمع أعضاؤها فيها في ديسمبر/كانون الأول 2023. واستقرت شخصياتها القيادية تدريجياً على فكرة الاستعانة بشركات خاصة لتوزيع الغذاء في غزة، متجاوزة بذلك الأمم المتحدة. وطوال عام 2024، حظيت الخطة بدعم القادة السياسيين الإسرائيليين وبعض القادة العسكريين، وبدأت في تطويرها بالتعاون مع متعاقدين أجانب، وعلى رأسهم فيليب رايلي.
- وتقول "نيويورك تايمز" إن الخطة صُممت لعدة أهداف٬ منها:
1- تقويض سيطرة حركة حماس على غزة، ومنع وصول الغذاء إلى أيدي المسلحين (المقاومين) وغيرهم.
2- تجاوز الأمم المتحدة، التي لا يثق بها المسؤولون الإسرائيليون ويتهمونها بـ"التحيز ضد إسرائيل" وإنهاء دورها في القطاع.
3- يجادل مسؤولون إسرائيليون أيضاً بأن خطتهم ستنقل توزيع المساعدات من "المناطق الفوضوية الخارجة عن القانون إلى مناطق خاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية"٬ لكن ما يحصل على الأرض طوال فترة الحرب هو أن الجيش الإسرائيلي دعم ومكّن العصابات المسلحة الخارجة عن القانون لتقويض سلطة الإدارة المحلية للقطاع وإشاعة الفوضى بين السكان ونهب المساعدات.
4- تطوير "إسرائيل" أدواتٍ لسحب البساط من تحت أقدام حركة حماس، وليس مجرد تفكيك حكومة القطاع (مؤقتاً)، تمهيداً لإدارة "اليوم التالي" لقطاع غزة.
5- وهذا يقود للنقطة الخامسة٬ حيث أقرت إذاعة الجيش الإسرائيلي الأحد 25 مايو/أيار 2025 بأن هذا مخطط يهدف إلى تسريع إخلاء الفلسطينيين من مناطق شمال القطاع إلى جنوبه، تمهيدا لتهجيرهم٬ وفق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي يصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنها "باتت ضمن أهداف الحرب".
- وحذرت الأمم المتحدة من الخطة الإسرائيلية قائلة إنها:
1- ستُقيّد وصول المساعدات الغذائية المحدودة إلى مناطق محدودة من غزة وتحت سيطرة الجيش الإسرائيلي بالكامل.
2- ستُعرّض المدنيين الفلسطينيين للخطر بإجبارهم على السير لأميال عبر الحدود العسكرية الإسرائيلية للوصول إلى الغذاء.
3- كما حذّرت الأمم المتحدة من أن النظام الجديدة لتوزيع المساعدات سيُسهّل الخطط الإسرائيلية لتهجير سكان شمال غزة٬ لأن مواقع التوزيع ستكون محصورة في مناطق معينة بالجنوب فقط.
من هي الشخصيات والجهات المشبوهة التي ستدير توزيع المساعدات في غزة؟
- بموجب الخطة الجديدة، ستتولى شركة الضابط السابق في CIA فيليب رايلي، والتي تسمى "سيف ريتش سوليوشنز" Safe Reach Solutions، (اختصاراً SRS) وشركات أمنية أخرى، تأمين أربعة مواقع توزيع في أجزاء من جنوب غزة الخاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية، وفقاً لضابط المارينز السابق جيك وود. وستمول مؤسسته (غير الربحية) التي أطلق عليها اسم "مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF)، هذا الترتيب، الذي سيحل تدريجياً محل نظام تديره الأمم المتحدة، حيث كان المدنيون يحصول على الغذاء من عشرات الأماكن في جميع أنحاء غزة.
- وقال جيك وود، المدير التنفيذي للمؤسسة، في مقابلة إن النظام "غير مثالي"، لكنه زعم قائلاً: "الحقيقة هي أن أي طعام يصل إلى غزة اليوم هو أكثر من الطعام الذي دخل غزة أمس". وأضاف أن مؤسسته مُنحت "الاستقلالية اللازمة للعمل باستقلالية، وإنها لم تتلقَّ أي تمويل من إسرائيل". كما قال إنه سعى لبناء مواقع جديدة في الشمال، وأضاف: "لن أشارك في أي خطة بأي شكل من الأشكال إذا كانت امتدادًا لخطة الجيش الإسرائيلي أو خطة الحكومة الإسرائيلية لتهجير الناس قسراً في أي مكان داخل غزة".
- في الوقت نفسه٬ تقول الصحيفة الأمريكية إن الحرب شكّلت شبكة غير رسمية بين مسؤولين وضباط وجنود احتياطيين ورجال أعمال متشابهين في التفكير داخل إسرائيل، والذين اعتقدوا أن الجيش والحكومة الإسرائيليين يفتقرون إلى استراتيجية لمستقبل غزة ــ وشرعوا في تطوير استراتيجية بأنفسهم.
- وقال بعض الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات لصالح "نيويورك تايمز" إن هذه المجموعة شملت شخص يدعى يوتام هاكوهين، وهو مستشار استراتيجي انضم إلى مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في غزة٬ وهو القسم العسكري الذي يشرف على تسليم المساعدات إلى غزة. بالإضافة إلى شخص آخر يدعى ليران تانكمان، وهو مستثمر في مجال التكنولوجيا يتمتع بعلاقات جيدة وانضم أيضًا إلى مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في غزة٬ بالإضافة إلى شخص ثالث يدعى مايكل آيزنبرغ، وهو أيضاً مستثمر استثماري إسرائيلي أميركي.
- بحسب الصحيفة الأمريكية٬ فخلال وقت قصير من عمر الحرب٬ أصبح هاكوهين مساعداً للعميد رومان جوفمان، أحد كبار قادة مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في غزة٬ والذي يشغل الآن منصب المستشار العسكري لرئيس الوزراء نتنياهو.
- في ديسمبر/كانون الأول 2023، شارك كل من هاكوهين وتانكمان وآيزنبرغ في قيادة جلسة عصف ذهني مع مسؤولين وشخصيات نافذة في كلية "ميكفيه إسرائيل" قرب تل أبيب، وفقاً لأشخاص مطلعين. واجتمع أعضاء الجلسة لاحقًا في أماكن أخرى، بما في ذلك منزل آيزنبرغ في القدس المحتلة.
- وأكد أيزنبرغ مشاركته في اجتماعاتٍ مع مسؤولين إسرائيليين وأفراد، لكنه قال في بيانٍ إن عدداً كبيراً من الأشخاص، بمن فيهم مسؤولين أمريكيين، شاركوا في هذه الاجتماعات، ما يجعل "من الصعب معرفة كيف نشأ كل هذا على وجه التحديد" على حد تعبيره. ورفض ممثلٌ عن مجموعة هاكوهين وتانكمان التعليق. وقال أشخاص مطلعون على هذه الاجتماعات إنها ناقشت مدى صعوبة هزيمة حماس من خلال القوة العسكرية وحدها، وسعت إلى إيجاد طرق لتقويض سيطرة حماس على قطاع غزة، بما في ذلك إدارة المساعدات.
- روّج أعضاء المجموعة لفكرة توزيع المساعدات من مناطق يحتلها الجيش الإسرائيلي، بعيدة عن متناول حماس. أراد الإسرائيليون تجاوز الأمم المتحدة، لكنهم لم يرغبوا في أن تتحمل إسرائيل مسؤولية رعاية سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة تقريباً. ومع مرور الوقت، استقروا على فكرة تكليف مقاولين أمنيين من القطاع الخاص بإدارة توزيع الغذاء، وفقًا لمصادر مطلعة على الاجتماعات.
- وفي مقال كتبه في مجلة نشرها الجيش الإسرائيلي في يوليو/تموز الماضي، اقترح هكوهين نسخة من الخطة من المقرر الآن تنفيذها٬ جاء فيها:
- "لتحقيق أهداف الحرب على المدى البعيد، على إسرائيل تطوير أدواتٍ تُسحب البساط من تحت أقدام حركة حماس، وليس مجرد تفكيك حكومة حماس (مؤقتاً). سيتم سحب البساط من تحت أقدام حماس بمجرد أن تبدأ إسرائيل العمل مباشرةً مع السكان المدنيين، وتتولى بنفسها توزيع المساعدات، وتبدأ بتحمل مسؤولية بناء "اليوم التالي".
- أعرب هكوهين عن "أسفه" لوقوع إسرائيل "تحت رحمة وكالات الإغاثة الأممية"٬ وقال إنه يجب "الاستعانة بشركات مقاولات غير حكومية لتنفيذ الخطة، بما في ذلك شركات مقاولات خاصة غير إسرائيلية في مجالات الأمن والمساعدات والخدمات". وأضاف أنه "طور هذه الأفكار أثناء عمله مساعداً للجنرال جوفمان، وشكر السيد تانكمان ومنتدى ميكفيه يسرائيل على مساعدتهما في تكوين الخطة".
من هو ضابط المخابرات السابق فيليب رايلي الذي سيقود إدارة خطة المساعدات بغزة؟
- كان مسؤولون إسرائيليون، بمن فيهم هاكوهين وتانكمان، قد بدأوا بلقاء فيليب رايلي وترقيته إلى القيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية، وفقًا لبعض الأشخاص المطلعين على هذه الاجتماعات. عرض متعاقدون آخرون من القطاع الخاص خدماتهم، لكن ضابط المخابرات المركزية السابق فيليب رايلي برز تدريجياً كشريك مفضل لإسرائيل. وفي مقابلة قصيرة، قال رايلي إنه بدأ مناقشة مساعدات غزة مع شخصيات إسرائيلية في أوائل عام 2024، وأكد لقاءه بأيزنبرغ وتانكمان في وقت لاحق من العام نفسه.
- تقول الصحيفة الأمريكية٬ إنه بصفته عميلاً شاباً في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في ثمانينيات القرن الماضي، ساعد رايلي في تدريب (قوات الكونترا) وهي ميليشيات يمينية قاتلت الحكومة الماركسية في نيكاراغوا، وفقاً لمقابلة بودكاست عام 2022.
- وبعد عقدين من الزمن، كان رايلي من أوائل عملاء الولايات المتحدة الذين وصلوا إلى أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر. كما أصبح رئيس محطة وكالة المخابرات المركزية في كابول، ثم غادر للعمل كخبير أمن خاص لدى مجموعات، منها شركة أوربيس، وهي شركة أمنية استشارية مقرها فرجينيا. وتم التعاقد مع موظفي "أوربيس" لتأمين محور نتساريم خلال وقف إطلاق النار، باستخدام "مرتزقة" قامت الشركة بتوظيفهم، مقابل 200 مليون دولار لمدة نصف عام، وفق صحيفة "هآرتس".
- لكن "أوربيس" تعمل أيضًا تحت اسم آخر – Solutions-UG، وهو الاسم الذي يظهر على موقعها الالكتروني، وتحته بدأت في تجنيد جنود أمريكيين سابقين يمتلكون خبرة ميدانية لا تقل عن 4 سنوات، من أجل "مهام أمنية وجهود إنسانية".
- بناءً على ذلك، تواصل رايلي مع مسؤولين عسكريين واستخباراتيين إسرائيليين لتطوير نماذج جديدة لتوزيع الغذاء في غزة، وفقًا لوثيقة أصدرتها شركة أوربيس. وفي أواخر عام 2024 وأثناء عمله لدى "أوربيس"، عمل رايلي على دراسة تُحدد نسخة أكثر تفصيلاً من خطة الاستعانة بشركات ومؤسسات خاصة لتوصيل المساعدات الغذائية، وفقًا للوثيقة.
- وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، سجل ممثلو رايلي شركتين من هذا القبيل في الولايات المتحدة، وهما SRS وGHF، وذلك وفقاً لشخصين مطلعين على هذه الخطوة. وبدأت شركة SRS عملها في غزة في يناير 2025، وكان رايلي رئيساً تنفيذياً لها. وخلال وقف إطلاق النار الذي استمر من يناير إلى مارس، وظّف متعاقدو الشركة نقطة تفتيش مركزية في غزة لفحص السيارات الفلسطينية بحثاً عن أسلحة. وفي بيان لها، زعمت شركة SRS "عدم وجود أي مساهمين أو مصالح إسرائيلية فيها". ومع ذلك، اعتُبرت هذه الجهود في إسرائيل بمثابة تجربة محدودة النطاق لنموذج أمني مستقبلي يمكن تطبيقه على نطاق أوسع.
- وقال الجندي السابق في المارينز جيك وود إن شركة SRS هي الآن شركة الأمن الرئيسية المختارة لتأمين مواقع توزيع الأغذية في جنوب غزة، وهي بذلك تنفذ بشكل أساسي الأفكار التي عبر عنها كل من هاكوهين ورايلي.
- وقال وود إن (مؤسسة غزة الإنسانية GHF) هي منظمة غير ربحية ستقوم بتعيين منظمة SRS وجمع الأموال لدفع تكاليف عملياتها. وأضاف أن المؤسسة GHF تعمل الآن بمعزل عن مؤسسة SRS. لكن محامياً واحداً، جيمس كونديف، سجّل كلتا المنظمتين في الولايات المتحدة، وحتى هذا الشهر، كانت المنظمتان تتشاركان المتحدثة الرسمية نفسها. ولم يُجب كونديف على طلبات التعليق حول هذه النقطة المثيرة للجدل.
- وتم تسجيل منظمتين أخريين على الأقل باسم (مؤسسة غزة الإنسانية) واحدة في الولايات المتحدة والأخرى في سويسرا. وصرح متحدث باسم مؤسسة GHF بأن المنظمة التي تأسست في فبراير/شباط في ولاية ديلاوير الأمريكية.
- وكان من المقرر أن تبدأ هذه الشركة اليوم الأحد 25 مايو/أيار توزيع المساعدات في قطاع غزة، إلا أن صحيفة "يسرائيل هيوم" الخاصة كشفت، نقلا عن مسؤولين في المستوى السياسي الإسرائيلي (لم تسمّهم) قولهم إن "البدء بتطبيق الآلية الجديدة لتوزيع المساعدات في غزة (الاثنين) 26 مايو/أيار 2025".
من يمول هذه المؤسسات المشبوهة؟
- ليس واضحاً من يمول عملية الإغاثة الضخمة التي ستقوم بها المؤسسة، والتي تزعم أنها ستوفر الغذاء لنحو مليون شخص في غزة، أي ما يقارب نصف سكان القطاع٬ وستشمل العملية أيضاً دخول نحو ألف "حارس أمن مسلح"، وفقًا لوثيقة أوربيس.
- وزعم جيك وود إن المؤسسة حصلت على مبلغ صغير من "التمويل الأولي من رجال أعمال غير إسرائيليين"، لكنه رفض ذكر أسمائهم أو الأشخاص الذين عينوه. وفي وقت لاحق، قالت المؤسسة في بيان إن "دولة من غرب أوروبا تبرعت بأكثر من 100 مليون دولار لعملياتها المستقبلية"، لكنها رفضت تسمية الدولة.
- من جهتها٬ تقول صحيفة "هآرتس" إن إلى أنه "تم تهميش الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع بالكامل في عملية اختيار الشركة التي ستدير توزيع المساعدات، والتي قادها اللواء رومان غوفمان، السكرتير العسكري لنتنياهو". ولفتت أن رجال أعمال إسرائيليين تم تجنيدهم في قوات الاحتياط إلى جانب ضباط احتياط أصبحوا يشكلون "فريق غوفمان" الذي شجع على اختيار الشركة المجهولة.
- ونقلت هآرتس عن مصادر أمنية (لم تسمّها) قولها إن الفريق المذكور أدار الاتصالات مع الشركة، خلال لقاءات عُقدت في إسرائيل وخارجها، و"وافق حتى على تحويل ملايين الشواكل لها من وراء ظهر كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية".
- مسؤولون مطّلعون على القضية صرّحوا للصحيفة أن تلك الاتصالات والتحويلات "أثارت شبهات بسلوك غير سليم، وطرحت تساؤلات حول المصالح الشخصية لبعض الأطراف المشاركة". وتقول "هآرتس إن مع ازدياد علامات الاستفهام، تتعزز لدى العديدين في المنظومة الأمنية الإسرائيلية قناعة بأن هناك مصالح شخصية وتجارية وراء المشروع"٬ في إشارة إلى نتنياهو وشخصيات محيطة به.