ماذا نعرف عن أول غواصة نووية تبنيها كوريا الشمالية؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/03/11 الساعة 12:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/03/11 الساعة 12:17 بتوقيت غرينتش
غواصة نووية - shutterstock

في الأيام الأخيرة، صعدت كوريا الشمالية خطابها تجاه الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وذلك قبيل بدء المناورات العسكرية السنوية المشتركة بين البلدين.

وخلال زيارة الزعيم كيم جونغ أون لأحواض بناء السفن الكبرى حيث يتم تشييد السفن الحربية، أعلنت كوريا الشمالية للمرة الأولى عن بناء غواصة تعمل بالطاقة النووية. ونشرت وسائل الإعلام الرسمية، يوم السبت 8 مارس/آذار، صورًا وصفتها بأنها "غواصة صواريخ موجهة استراتيجية تعمل بالطاقة النووية".

ورغم أن وكالة الأنباء المركزية الكورية لم تقدم تفاصيل تقنية حول الغواصة، إلا أنها أكدت أن كيم اطلع بشكل مباشر على عملية بنائها.

ما هي قدرات غواصات كوريا الشمالية، لماذا هذا مهم؟

وفقًا لتقرير صادر عن "مبادرة التهديد النووي" بشأن قدرات الغواصات الكورية الشمالية، تمتلك بيونغيانغ بالفعل ما يتراوح بين 64 و 86 غواصة، ما يجعلها واحدة من أكبر الأساطيل في العالم. يتكون هذا الأسطول من:

  • حوالي 40 غواصة ساحلية من طراز سانغ-أو (المعروفة باسم "طبقة القرش").
  • 20 غواصة تقليدية من طراز روميو.
  • 20 غواصة مصغرة من طراز يوغو ويونو.
  • غواصة باليستية ديزل-كهربائية واحدة من طراز "غوراي" (المعروف أيضًا باسم "سينبو").
  • غواصة SSB أخرى تُعرف بـ "سينبو-سي" (أو "روميو المعدل").

وفي عام 2020، رصد تحليل لصور الأقمار الصناعية غواصة مصغرة إضافية أُطلق عليها اسم "سينبو-دي"، لكن بيونغيانغ لم تعلن عنها رسميًا حتى الآن.

تحديات الأسطول الحالي ومزايا الغواصات النووية

رغم العدد الكبير لغواصات كوريا الشمالية، يشكك الخبراء في مدى كفاءتها التشغيلية نظرًا لعمرها، إذ تعود معظمها إلى الحقبة السوفييتية وتعمل جميعها بمحركات ديزل. هذه الغواصات تحتاج إلى الصعود إلى السطح بشكل متكرر لإعادة شحن بطارياتها، مما يجعلها غير مناسبة للمهام بعيدة المدى مثل عبور المحيط الهادئ. إضافة إلى ذلك، فإن معظمها قادر فقط على إطلاق الطوربيدات وزرع الألغام، وليست مجهزة لإطلاق الصواريخ الباليستية.

في المقابل، الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية توفر مزايا استراتيجية هائلة، إذ يمكنها البقاء تحت الماء لفترات طويلة دون الحاجة للصعود إلى السطح، ما يعزز قدرة كوريا الشمالية على الاقتراب من أهداف بعيدة مثل الولايات المتحدة دون اكتشافها، وإطلاق صواريخ نووية عند الحاجة.

ووفقًا لعدة تقارير، يأتي تطوير الغواصة النووية في إطار قائمة طويلة من الأسلحة المتطورة التي تعهد الزعيم كيم جونغ أون بتطويرها خلال اجتماع حزب العمال الحاكم عام 2021، استجابةً لما وصفه بـ"التهديدات العسكرية المتزايدة من الولايات المتحدة".

كوريا الشمالية
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج يزور حوض بناء السفن لبناء السفن الحربية في مكان غير معلن في كوريا الشمالية –  وكالة الأنباء المركزية الكورية 

ومنذ عام 2023، تشير تقارير إلى أن كوريا الشمالية بدأت بتحديث أسطولها البحري واستبدال الغواصات القديمة. وتتولى البحرية الشعبية الكورية (KPN) تشغيل هذه الغواصات، مع بعض الأصول تحت إدارة المكتب العام للاستطلاع (RGB)، وهو الجهاز الرئيسي للاستخبارات الخارجية في كوريا الشمالية.

ما هي مواصفات الغواصة الجديدة؟

أظهرت الصور التي نشرتها بيونغ يانغ الهيكل السفلي للغواصة فقط، مع 15 حاملاً للقذائف، مما يشير إلى قدرتها على إطلاق عدد كبير من الصواريخ.

فبحسب لـمون كيون سيك، خبير الغواصات بجامعة هانيانغ في سيول، فإن وزن الغواصة يتراوح بين 6000 و7000 طن، وتستطيع حمل ما يصل إلى 10 صواريخ. وأوضح أن استخدام مصطلح "الصواريخ الموجهة الاستراتيجية" يشير إلى أن الغواصة قادرة على حمل أسلحة قادرة على حمل رؤوس نووية.

جاء نشر صور الغواصة في توقيت سبق بدء المناورات العسكرية السنوية بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة بيومين، والمعروفة باسم "درع الحرية 2025″، والتي تُعد مناورات دفاعية تهدف إلى تعزيز الاستعداد العسكري المشترك.

كوريا الشمالية
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون (أسفل اليمين) يزور حوض بناء السفن لبناء السفن الحربية في مكان غير معلن في كوريا الشمالية –  وكالة الأنباء المركزية الكورية 

ونقلت وسائل الإعلام الرسمية عن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون قوله إن القوة البحرية لبلاده "ستظهر بالكامل في أي مياه ضرورية دون قيود".

وفقًا للتقارير، يبلغ طول الغواصة الجديدة 117 مترًا على الأقل، أي ضعف حجم الغواصة "هيرو كيم كون أوك"، وهي أول غواصة صواريخ باليستية لكوريا الشمالية، التي تم الكشف عنها في عام 2023.

بحسب صحيفة نيويورك تايمز، كانت الغواصة السابقة تعمل بالديزل وتعود للحقبة السوفييتية، لكنها قادرة نظريًا على إطلاق صواريخ نووية. ومع ذلك، شكك الجيش الكوري الجنوبي بكفاءة التصميم، مشيرًا إلى أنه لا يبدو أن الغواصة قادرة على التشغيل الطبيعي، ولم يكن هناك أي دليل على أن كوريا الشمالية أطلقت صاروخًا من السفينة.

ويرى هونغ مين، الخبير في الشؤون العسكرية الكورية الشمالية بمعهد كوريا للتوحيد الوطني في سيول، أن الغواصة الجديدة تبدو أكبر حجماً وأكثر تطورًا مقارنة بغواصة عام 2023.

ورغم شح المعلومات الفنية حول الغواصة، فإن تسميتها بـ "الغواصة النووية الموجهة الاستراتيجية" قد تعني أنها مصممة لإطلاق الصواريخ الباليستية النووية والصواريخ المجنحة، وهو تطور يعزز قدرات القوة النووية لكوريا الشمالية، وفقًا لتحليل هونغ.

كيف تمكنت كوريا الشمالية من امتلاك غواصة نووية؟

يشكك العديد من المحللين في قدرة كوريا الشمالية على تطوير غواصة تعمل بالطاقة النووية بشكل مستقل، خاصة أن هذا يتطلب تقنيات متقدمة، أبرزها تصميم مفاعل نووي صغير قادر على دفع الغواصة والبقاء قيد التشغيل تحت الماء لفترات طويلة.

نظرًا إلى أن كوريا الشمالية دولة تخضع لعقوبات اقتصادية مشددة وتعاني من نقص في الموارد التكنولوجية، فإن السؤال الشاغل هو: كيف تمكنت من تحقيق هذا التطور العسكري؟

يرى بعض الخبراء أن كوريا الشمالية قد تكون قد حصلت على مساعدة تكنولوجية من روسيا في تطوير المفاعل النووي الخاص بالغواصة. في المقابل، ربما زودت بيونغ يانغ موسكو بأسلحة تقليدية وقوات لدعم العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا.

متى ستدخل الغواصة الخدمة؟

يعتقد الخبراء أن كوريا الشمالية ستحتاج إلى ما لا يقل عن 4 إلى 5 سنوات قبل أن تتمكن من نشر الغواصة في المحيط الهادئ، حيث تحتاج السفينة إلى الخضوع لمزيد من الإجراءات، بما في ذلك الاختبارات. ولكن إذا حصلت بيونغ يانغ بالفعل على مساعدة روسية لتطوير مفاعل نووي صغير قادر على تحمل الضغط في أعماق البحار، فقد يؤدي ذلك إلى تسريع عملية التطوير، مما قد يسمح بنشر الغواصة في وقت أقرب مما هو متوقع.

تحميل المزيد