تفريغ غزة من الفلسطينيين..  هذا ما نعرفه عن ملامح خطة ترامب للتخلص من سكان  القطاع 

عربي بوست
تم النشر: 2025/02/05 الساعة 11:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/02/05 الساعة 11:19 بتوقيت غرينتش
دونالد ترامب/ رويترز

اقترح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، سيطرة الولايات المتحدة على غزة، حيث أودى الهجوم العسكري الإسرائيلي في الأشهر الستة عشر الماضية بحياة عشرات الآلاف، بعد أن اقترح في وقت سابق تهجير الفلسطينيين في القطاع بشكل دائم.

ورفض القادة الفلسطينيون وزعماء العالم العربي علناً تعليقات ترامب السابقة التي تفيد بضرورة نقل الفلسطينيين إلى مصر والأردن بينما استنكرها دعاة حقوق الإنسان باعتبارها اقتراحاً بالتطهير العرقي.

وبينما لم يقدم ترامب الكثير من التفاصيل عن اقتراحه الذي كشف عنه خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الثلاثاء، فقد أثار مقترحه انتقادات واسعة عربياً واقليمياً ودولياً.  

 ماذا قال ترامب؟

قال ترامب في مستهل المؤتمر الصحفي: "ستتولى الولايات المتحدة السيطرة على قطاع غزة، وسنقوم بعملنا هناك أيضاً. سنتولى المسؤولية عن تفكيك جميع القنابل غير المنفجرة الخطيرة والأسلحة الأخرى في الموقع وتسوية الموقع بالأرض والتخلص من المباني المدمرة وتسويتها وإيجاد تنمية اقتصادية من شأنها أن توفر عدداً غير محدود من الوظائف والمساكن لسكان المنطقة".

معاناة المرأة في غزة/ الأناضول

إلى أين يذهب سكان غزة؟

قال ترامب إن واشنطن ستطلب من دول مجاورة أخرى استقبال الفلسطينيين النازحين من غزة. ومنذ 25 يناير/ كانون الثاني، طلب مراراً من مصر والأردن، القيام بذلك. ورفض البلدان ودول عربية أخرى اقتراحه.

وأضاف ترامب أمس الثلاثاء: "بدلاً من ذلك، يجب أن نذهب إلى دول أخرى مهتمة، وهناك العديد منها يريد القيام بذلك وبناء مناطق مختلفة سيقيم فيها في آخر الأمر 1.8 مليون فلسطيني يعيشون في غزة، وإنهاء الموت والدمار وبصراحة، سوء الحظ. يمكن للدول المجاورة ذات الثروة العظيمة دفع ثمن هذا".

وكان عدد سكان غزة قبل الحرب 2.3 مليون نسمة.

وكشفت تقارير أن مسؤولين أمريكيين في المنطقة أبلغوا البيت الأبيض في الأيام الأخيرة أن مصر لن تقبل باستقبال فلسطينيين من قطاع غزة، في الوقت الذي يستعدون فيه لتكثيف إدارة ترامب للضغوط على القاهرة.

وقد أدى الانقسام المتزايد بين الدبلوماسيين والبيت الأبيض إلى تصعيد التوترات، مما وضع الرئيس ترامب وأقرب مستشاريه في مواجهة الدبلوماسيين المحترفين في المنطقة، الذين ينقلون الرسائل إلى المسؤولين العرب.

وفي حالة مصر، حذر المسؤولون الأمريكيون البيت الأبيض من أن الاقتراح المثير للجدل قد يزعزع استقرار حليف وثيق، وأن مصر لن تتأثر بالحوافز المالية، بحسب ما قاله دبلوماسي أمريكي كبير في المنطقة لموقع ميدل إيست آي البريطاني.

وقال دبلوماسي أمريكي آخر في المنطقة يعمل على هذه القضية لموقع ميدل إيست آي إن البيت الأبيض بدا "غير مبال" بتقييمات الدبلوماسيين الأمريكيين وظل عازماً على متابعة خطة إرسال الفلسطينيين إلى مصر.

وفي الأسبوع الماضي، أثار وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، الموضوع في مكالمة هاتفية مع نظيره المصري بدر عبد العاطي، بحسب ما قاله أحد المسؤولين لموقع ميدل إيست آي.

كيف تشكلت فكرة السيطرة على غزة لدى ترامب؟

قال مسؤولان في إدارة ترامب إن فكرة السيطرة على قطاع غزة تشكلت لدى الرئيس الأمريكي مؤخراً، وعرضها على مساعديه وحلفائه في الأيام الأخيرة، وفق ما كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.

وقال مسؤولون آخرون في الإدارة يعملون على قضايا الشرق الأوسط إن الاقتراح كان متماسكاً. ولم  يكن المسؤولون من خارج الدائرة المقربة لترامب على علم بفكرة السيطرة على غزة خلال التخطيط للاجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي.

وأضافت وول ستريت جورنال أن فكرة السيطرة على قطاع غزة أذهلت حتى بعض أشد مؤيديه حماسة ونفوذاً في المجتمع اليهودي.

ووصف أحد جامعي التبرعات المؤيدين لإسرائيل الفكرة بأنها "مجنونة"، وتساءل عن كيفية تنفيذها، مشيراً إلى أن هذا النوع من السياسة قد يستغرق أكثر من عام لإكماله مع وجود العديد من المتغيرات المجهولة التي تجعل تنفيذ المقترح بسلاسة صعباً.

ونقلت وول ستريت جورنال عن مصدر مطلع أن ترامب أخبر نتنياهو في مكالمة هاتفية أواخر الصيف الماضي أن قطاع غزة قطعة عقارية جيدة، وطلب منه التفكير في أنواع الفنادق التي يمكن بناؤها هناك. 

فشل نتنياهو في قطاع غزة
مناطق شمال قطاع غزة/ عربي بوست

هل سترسل أمريكا قوات لتنفيذ خطة ترامب؟

قال ترامب عندما سُئل عما إذا كانت واشنطن سترسل قوات أمريكية إلى غزة بموجب اقتراحه: "سنفعل ما هو ضروري. إذا كان ذلك ضرورياً، فسنفعل ذلك. سنستولي على هذه القطعة. سنطورها، ونوفر الآلاف والآلاف من الوظائف، وستكون شيئاً يمكن للشرق الأوسط بأكمله أن يفخر به".

هل يدعم ترامب حل الدولتين؟

دعمت الولايات المتحدة لعقود حل الدولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين والذي من شأنه أن ينشئ دولة للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وغزة إلى جانب إسرائيل. سُئل ترامب عما إذا كانت واشنطن في عهده لم تعد تدعم ذلك.

وقال ترامب دون الإجابة مباشرة على السؤال: "هذا لا يعني أي شيء عن دولتين أو دولة واحدة أو أي دولة أخرى، وإنما يعني أننا نريد أن نمنح الناس فرصة للحياة … لأن قطاع غزة كان حفرة جحيم للأشخاص الذين يعيشون هناك".

من سيعيش في غزة بموجب خطة ترامب؟

قال ترامب عندما سُئل عمن يتصور أن يعيش في غزة "أتصور أن يعيش هناك شعوب العالم، شعوب العالم".

وأضاف دون الخوض في التفاصيل: "الفلسطينيون أيضاً، سيعيش الفلسطينيون هناك، سيعيش الكثير من الناس هناك".

ما هي أبرز ردود الفعل على تصريحات ترامب؟

أثار إعلان ترامب أن الولايات المتحدة ستسيطر على قطاع غزة بعد إعادة توطين الفلسطينيين في أماكن أخرى ردود فعل حادة.

وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن الشعب الفلسطيني لن يسمح لأي دولة في العالم باحتلال أرضه أو فرض الوصاية عليه.

ووصفت حماس في بيان  تصريحات ترامب بأنها "عدائية لشعبنا ولن تخدم الاستقرار في المنطقة وستصب الزيت على النار"، داعية الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة "للانعقاد فوراً واتخاذ موقف حازم وتاريخي".

ووصف القيادي في حماس، سامي أبو زهري، دعوة سكان غزة للمغادرة بأنها "طرد من أرضهم".

وقال: "نعتبرها وصفة لإنتاج الفوضى والتوتر في المنطقة، لأن أهل غزة لن يسمحوا بتمرير هذه المخططات".

وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية السعودية: "تؤكد وزارة الخارجية أن موقف المملكة العربية السعودية من قيام الدولة الفلسطينية هو موقف راسخ وثابت لا يتزعزع، وقد أكد الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، هذا الموقف بشكل واضح وصريح لا يحتمل التأويل بأي حال من الأحوال".

ودولياً، أعلنت الصين معارضتها خطة ترامب للاستيلاء على غزة وتهجير الفلسطينيين إلى دول أخرى.

وأكد رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي على موقف بلاده "الداعم لحل الدولتين".

القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" خليل الحية/مواقع التواصل

وكتبت عضو مجلس النواب الديمقراطية والفلسطينية الأمريكية، رشيدة طليب:"الفلسطينيون لن يذهبوا إلى أي مكان. لا يستطيع هذا الرئيس إلا أن يبث هذا الهراء المتعصب بسبب الدعم الحزبي في الكونغرس لتمويل الإبادة الجماعية والتطهير العرقي. لقد حان الوقت لرفاقي في دعم حل الدولتين أن يُعلوا صوتهم".

وقال السناتور الديمقراطي الأمريكي، كريس فان هولن:"اقتراح ترامب بطرد مليوني فلسطيني من غزة والاستيلاء على "الملكية" بالقوة، إذا لزم الأمر، هو ببساطة تطهير عرقي تحت مسمى آخر. هذا الإعلان من شأنه أن يعطي ذخيرة لإيران وغيرها من الخصوم في حين يقوض شركائنا العرب في المنطقة".

وأضاف هولن:"إنه يتحدى الدعم الأمريكي الحزبي على مدى عقود لحل الدولتين. …. يجب على الكونغرس أن يقف في وجه هذا المخطط الخطير والمتهور."

أما مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) فأكد على أن "غزة ملك للشعب الفلسطيني، وليس للولايات المتحدة، ودعوة الرئيس ترامب لطرد الفلسطينيين من أرضهم هي دعوة غير مقبولة على الإطلاق"

وأضاف كير في بيان:"إذا ما طُرد الشعب الفلسطيني قسراً من غزة، فإن هذه الجريمة ضد الإنسانية من شأنها أن تشعل صراعاً واسع النطاق، وتدق المسمار الأخير في نعش القانون الدولي، وتدمر ما تبقى من صورة أمتنا ومكانتها الدولية".

ماذا يعني مقترح ترامب؟

يتسق مع طموحاته التوسعية:  ربما يبدو تصريح ترامب الذي أثار الذهول بأنه يرغب في أن تسيطر الولايات المتحدة على قطاع غزة وتعيد بناءه مباغتاً ودون أي مقدمات، لكنه في الواقع متسق مع الطموحات التوسعية لإدارته الجديدة، وفق تقرير لوكالة رويترز.

فمنذ عودة ترامب للبيت الأبيض قبل ما يزيد قليلاً عن أسبوعين، بدا أن نهجه الذي يحمل شعار "أمريكا أولاً" تطور ليصبح "أمريكا أكبر" مع تركيز الرئيس على السيطرة على أراض جديدة، من بينها قناة بنما وغرينلاند، حتى بعد أن تعهد خلال حملته الانتخابية بإبقاء البلاد بعيداً عن التشابكات الخارجية و"الحروب التي لا تنتهي".

حل الدولتين: من خلال اقتراحه بأن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على غزة، أدخل ترامب إدارته مباشرة في واحدة من أكثر نقاط الاشتعال حساسية في الشرق الأوسط. 

ولسنوات، في ظل رؤساء من كلا الحزبين الرئيسيين، دعمت الولايات المتحدة فكرة "حل الدولتين" حيث يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون جنباً إلى جنب في سلام.

وفي يوم واحد، تخلى ترامب عن هذه الفكرة، واستبدلها بفكرة مختلفة تماماً، وفق تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

واعتبر تقرير لوكالة رويترز أن اقتراح ترامب يستبعد فكرة حل الدولتين لصالح نهج جديد إلى حد ما يتضمن احتمال قيام الولايات المتحدة بدور حاجز الحماية في المنطقة.

التوصل لصفقة
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو/ رويترز

ومن المتوقع أن يعارض حلفاء ترامب وخصومه على حد سواء بشدة أي استيلاء أمريكي على غزة. فتدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر هناك من شأنه أن يتعارض مع السياسة القديمة في واشنطن ومعظم المجتمع الدولي، والتي تعتبر أن غزة ستكون جزءاً من الدولة الفلسطينية المستقبلية التي تشمل الضفة الغربية المحتلة.

التزاماً عسكرياً أمريكياً طويل الأمد: رأى مسئولون أمريكيون سابقون أن مقترح ترامب يعني التزاماً عسكرياً أمريكياً طويل الأمد.

ونقلت وكالة رويترز عن جوناثان بانيكوف، النائب السابق لمسؤول المخابرات الوطنية الأمريكية للشرق الأدنى، أن خطة ترامب تعني التزاماً عسكرياً أمريكياً طويل الأمد، وإذا وجدت طريقها إلى التنفيذ فسوف ينظر إليها العالم العربي على أن واشنطن "لم تتعلم الدروس من بناء الأمة في العراق وأفغانستان".

طوق نجاة سياسي لنتنياهو: يمثل مقترح ترامب بالسيطرة على غزة أيضاً طوق نجاة سياسي لنتنياهو، بحسب تقرير لصحيفة التايمز البريطانية.

ويواجه نتنياهو، الذي يزور واشنطن في مهمة دبلوماسية تستغرق أسبوعاً، تهديدات داخلية من أعضاء اليمين المتطرف في حكومته بالانسحاب من الائتلاف الذي يدعم حكومته إذا انتهت الحرب مع بقاء حماس في السلطة في غزة.

وقالت التايمز: "إن خطة ترامب لإجبار سكان المنطقة البالغ عددهم نحو مليوني نسمة على المغادرة ليس لديها فرصة كبيرة لتتحقق، ولكنها تمنح نتنياهو إمكانية طرح الفكرة أمام أعضاء حكومته".

تحميل المزيد