“الحرب انتهت وأوهام نتنياهو تحطّمت”.. كيف علق الإعلام العبري على مشاهد عودة النازحين إلى شمال غزة؟

تم النشر: 2025/01/29 الساعة 12:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/01/29 الساعة 13:05 بتوقيت غرينتش
عودة مئات آلاف النازحين إلى شمال قطاع غزة بعد انسحاب جيش الاحتلال- رويترز

لليوم الثالث على التوالي يواصل مئات آلاف النازحين الفلسطينيين بالتدفق إلى جنوب قطاع غزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من ما يعرف بـ"محور نتساريم"، والذي أنشأه الاحتلال مع بدء عمليته البرية يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023،  وذلك رغم الدمار الهائل الذي صنعه جيش الاحتلال على مدار 15 شهراً من حرب الإبادة الجماعية.

وجاءت عودة مئات آلاف النازحين إلى شمال غزة صباح يوم الإثنين 27 يناير 2025 بعد الاتفاق الذي تم التوصل له بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال بواسطة قطرية مصرية أمريكية تتضمن أيضاً تبادل الأسرى بين الطرفين وانسحاب جيش الاحتلال من القطاع وإدخال المساعدات الإنسانية لجميع المناطق، وبحث ملف إعادة الإعمار. 

وبذلك، أسقطت عودة النازحين الغزيين إلى مناطقهم الأهداف الرئيسية التي وضعتها حكومة الاحتلال بقيادة بنيامين نتنياهو في هذه الحرب، مثل تنفيذ ما يعرف بـ"خطة الجنرالات" التي تتضمن إخلاء منطقة شمال غزة قسراً من سكانها وإخضاعها للسيطرة الإسرائيلية. بالإضافة إلى احتلال القطاع من قبل جيش الاحتلال وتهجير سكانه أو أجزاء منهم للخارج، ومنع أي طرف فلسطيني من إدارة القطاع، بعد تدمير حركة حماس وذراعها العسكري كتائب القسام.

وأثارت مشاهد عودة الغزيين إلى الشمال غضب مسؤولين وقادة في حكومة الاحتلال، حيث قال وزير الأمن القومي "الإسرائيلي" المستقيل المتطرف إيتمار بن غفير، إن "فتح ممر نتساريم هذا الصباح وإعادة عشرات الآلاف من سكان غزة إلى شمال القطاع هو انتصار واضح لحماس، ويعد جزءاً مهيناً آخر من صفقة غير مسؤولة، هذه ليست ملامح "نصر مطلق" بل هذا "استسلام مطلق".  فيما علّق رئيس حزب "زيهوت" موشيه فيغلين اليميني المتحالف مع نتنياهو بالقول إن "الحكومة الإسرائيلية اليوم هُزمت على يد حماس وعادت إلى السادس من أكتوبر". 

"الحرب انتهت وأوهام نتنياهو تحطمت".. كيف علق الإعلام العبري على مشاهد عودة النازحين؟

  • الكاتب والصحفي في "هآرتس" عاموس هرئيل، علق على مشاهد عودة الغزيين للشمال والتي عكست حالة الفرح والابتهاج والتحدي، بالقول إن "صور الغزيين المتدفقين نحو الشمال حطمت وهم نتنياهو بالنصر الكامل". وأضاف هرئيل: "مشاهد الجماهير الفلسطينية التي عبرت ممر نتساريم سيراً على الأقدام في طريقها إلى ما تبقى من منازلها في شمال غزة تشكل إشارة واضحة إلى أن الحرب بين إسرائيل وحماس قد انتهت. كما أن هذه الصور، التي التقطت، تحطم الوهم بـ "النصر الكامل" الذي وعد به رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأنصاره منذ شهور طويلة".
  • ويرى هرئيل أن "نتنياهو طيلة أغلب فترة الحرب رفض مناقشة الترتيبات الخاصة بـ"اليوم التالي" في قطاع غزة وقام بالتسويف، وسد أي فرصة لتدخل السلطة الفلسطينية، واستمر في الترويج للوهم القائل بأن حماس سوف تُهزم. والآن يضطر نتنياهو إلى الاكتفاء بقبول أقل من ذلك كثيراً".
  • يقول الكاتب الإسرائيلي إنه "إذا نظرنا إلى الصورة الأكبر، فسوف نجد أن حماس قدمت تنازلاً تكتيكياً في هذه الصفقة لتحقيق مكسب استراتيجي، ألا وهو عودة سكان غزة إلى شمال القطاع. وبمجرد عودتهم إلى مناطقهم وإن كانت مدمرة، فسوف يكون من الصعب على إسرائيل استئناف الحرب وإجلائهم مرة أخرى من المناطق التي يريد الجيش احتلالها، حتى لو انهار اتفاق وقف إطلاق النار في نهاية الأسابيع الستة التي تشكل مرحلته الأولى".
مقاتلون من القسام يستقبلون النازحين العائدين إلى شمال غزة – منصة X
  • علاوة على ذلك، يقول هرئيل: "رغم أن إسرائيل وافقت على الانسحاب من نتساريم مقابل نشر مراقبين من لجنة قطرية- مصرية، لضمان عدم تهريب الأسلحة داخل المركبات، فإن أحداً لا يراقب الحشود من الناس المتجهين شمالاً سيراً على الأقدام. ومن الممكن أن نفترض أن حماس قادرة على تهريب عدد لا بأس به من الأسلحة بهذه الطريقة للشمال. وسوف يتمكن الجناح العسكري الذي لم ينسحب من شمال غزة، تدريجياً من إعادة بناء وحداته العملياتية"، على حد وصفه.
  • ويضيف: "لذلك فإن هذه الحشود التي تتدفق نحو شمال غزة، إلى جانب كل هذه القيود العملياتية الأساسية، تحول بين إسرائيل واستئناف القتال في القطاع. وفي الوقت نفسه، ليس هناك من سبب يدعونا إلى تصديق الرواية التي تحاول حماس حالياً الترويج لها بشأن انتصارها في الحرب. ولكن "صمودها" وقبضتها القوية على الأرض، يحجب التهديدات الإسرائيلية بالطرد و"النكبة الثانية" للفلسطينيين.
  • وحول مصير الحرب ونتنياهو، يقول هرئيل إن "استئناف الحرب في غزة لا يعتمد على نتنياهو، وبالتأكيد ليس على شركائه في اليمين المتطرف. وربما يكون القرار النهائي في يد ترامب. ومن المتوقع أن يستضيف ترامب نتنياهو بواشنطن في بداية فبراير/شباط في اجتماع لا يمكن وصفه هذه المرة إلا بأنه مصيري لنتنياهو". مضيفاً أن "ترامب يحب الغموض إلى أن يتخذ قراره، الأمر الذي يجعل من الصعب للغاية التنبؤ بسلوكه. ولكن وفقاً للإشارات التي أطلقها على مدى الأسابيع الماضية، فإن اهتمامه الرئيسي هو إنهاء الحرب، وليس تجديدها. وفي الوقت الحالي، هذا هو الاتجاه الذي سيضغط به على نتنياهو لإتمام كامل اتفاق الرهائن، وإبرام صفقة أميركية سعودية إسرائيلية ضخمة"، على حد تعبيره.

"حماس حققت ما تريد"

  • من جانبها، علقت صحيفة يديعوت أحرنوت على مشاهد الفرحة التي نقلتها عدسات الكاميرات وضجت بها منصات التواصل للعائدين إلى شمال القطاع، باستغراب، وقالت الصحيفة إنه "رغم الدمار الهائل الذي يواجهونه وسيرهم على الأقدام، فإن الكثير من الفلسطينيين سعداء بالعودة إلى ديارهم. فيما يؤكد الغزيون: "سواء نجحت الهدنة أم لا لن يكون هناك نزوح بعد الآن ولو أرسلوا على رؤوسنا الدبابات".
  • ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مصادر عسكرية رفيعة في الجيش قولهم: "لقد دفعنا ثمن صفقة كاملة دون الحصول على المقابل كل وكان يجب الحفاظ على محور نتساريم كورقة تفاوض وأهميته بالنسبة لحماس واضحة".
  • وتنقل "يديعوت أحرنوت" شهادات صرح به العائدين لوكالة "أسوشيتد برس" عبروا عن فرحتهم بالعودة. حيث يقول إسماعيل أبو مطر، وهو أب لأربعة أطفال، أنه انتظر أياماً عند ممر نتساريم قبل أن يتمكن من العبور، ووصف مشاهد الفرح بالعارم بين العائدين، حيث غنّى البعض، وسجد آخرون للصلاة، بينما أجهش البعض بالبكاء. وقال: "هذه هي فرحة العودة. اعتقدنا أننا لن نتمكن من العودة، كما حدث لأجدادنا".
  • كما نقلت الصحيفة الإسرائيلية شهادة صرح بها مواطن يدعى أسامة وهو موظف حكومي، لصحيفة "الغارديان" البريطانية، قائلاً: "سواء نجحت الهدنة أم لا، لن نغادر مدينة غزة أو الشمال مرة أخرى. حتى لو أرسلت إسرائيل دبابة ضد كل واحد منا، لن يكون هناك نزوح بعد الآن".
  • في السياق، علقت قالت إذاعة جيش الاحتلال، على مشاهد عودة النازحين بالقول "إن حركة حماس قد حققت هذا الصباح ما تريد بعودة المواطنين النازحين من وسط وجنوب قطاع غزة إلى مناطق الشمال بعد أكثر من عام و3 شهور، وضعت فيها حكومة الاحتلال خطة كاملة للتهجير". 
  • وقال مراسل إذاعة جيش الاحتلال، دورون كدوش، "باختصار، حماس حققت هذا الصباح ما تريد: استعادت السيطرة الكاملة على شمال القطاع، سيعود شمال غزة ليكون مكتظاً بالسكان بأكثر من مليون ونصف شخص". وأضاف كدوش، أنه "هذا سيصعب على إسرائيل العودة للقتال في الشمال إذا أرادت ذلك بعد المرحلة الأولى من الاتفاق، العودة للقتال داخل منطقة مكتظة بالسكان مثل مدينة غزة ستكون مهمة شبه مستحيلة". 
إسرائيل تطلق النار على قدميها
نتنياهو مع جيش الاحتلال الإسرائيلي على تخوم غزة خلال الحرب/ رويترز

"تلاشى حلم إعادة الاستيطان في شمال غزة"

  • الكاتب الإسرائيلي في صحيفة "يديعوت أحرنوت" ماتان زوري علق على مشاهد عودة النازحين بالقول: "ننظر من فوق السياج الحدودي إلى غزة ونرى: لقد عاد آلاف الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة المدمر. لقد تلاشى حلم تجديد الاستيطان اليهودي في الوقت الحالي. سيتم إعادة بناء مخيمات اللاجئين في شمال قطاع غزة بشكل أسرع من المتوقع، وستعود الحياة هناك إلى طبيعتها. وبحلول نهاية العام، سيعود معظم سكان غلاف غزة أيضًا إلى منازلهم".
  • وأضاف زوري: "كنا نعلم أن هذا سيحدث، ورأيناه قادماً، ولا خيار لنا سوى قبوله بتواضع والتمسك بالصفقة: صور المختطفين المبتسمة في الوطن، وترقب عودة الآخرين.. رغم الإحباط بشأن ثمن هذه الصفقة الذي يزعج رؤوسنا جميعاً".
  • ويقول الكاتب الإسرائيلي: "إن عودة الفلسطينيين في شمال قطاع غزة، وربما أيضاً تجديد أوكار المسلحين، يثير قلقاً كبيراً لدى سكان غلاف غزة الإسرائيليين، وخاصة في المستوطنات المجاورة للسياج.." وتساءءل الكاتب في نهاية مقالته: "كيف يمكنك العودة إلى بيتك وأنت تشعر بالأمان وتعيد بناء المستوطنات في غلاف غزة إلى جانب الجيران غير المتوقعين؟!". 

"خطة ترامب بتهجير سكان غزة تسبب صدمة بالشرق الأوسط"

عبور النازحين لمحور نتساريم الزائل والذي كان يفصل بين شمال غزة وجنوبها – رويترز
  • وعلى وقع مشهد عودة مئات آلاف النازحين لشمال غزة وإظهارهم التمسك القوي بأرضهم، علق الكاتب في صحيفة هآرتس "تسيفي باريل" على تصريحات ترامب المثيرة مؤخراً حول توطين سكان غزة أو عدد منهم في مصر والأردن، بالقول إن "حلم ترامب في قطاع العقارات في غزة قد يسبب صدمة في الشرق الأوسط"، مضيفاً أن "الأردن ومصر غير سعيدتين بخطة ترامب التي من شأنها أن تسمح لهما باستيعاب أكثر من مليون لاجئ من غزة، ولكنها قد تضع أيضاً على المحك العلاقات بين الولايات المتحدة ودول عربية أخرى، وتهدد خطط التطبيع بين إسرائيل والسعودية".
  • ويقول باريل إن "ملك الأردن أعلن في خطاب ألقاه بالجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، أن الأردن لن يصبح "وطناً بديلاً للفلسطينيين". وفي ذلك الوقت، كان على الملك أن يتعامل مع التهديدات من اليمين المتطرف الإسرائيلي؛ وفي هذا الأسبوع، فوجئ عندما سمع من الرئيس ترامب أن تحول الأردن إلى وطن فلسطيني قد يصبح سياسة رسمية للبيت الأبيض.
  • ولم يتفاعل الملك نفسه علناً حتى الآن، ومن غير الواضح ما قاله ترامب له بالضبط، ولكن اقتراح ترامب تسبب بالفعل في احتجاج شعبي هائل، ويبدو الآن أن الأردن ومصر تنويان تجنيد المملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى تعتبر حليفة للولايات المتحدة من أجل دفع ترامب إلى النزول من تلك الشجرة. في عام 2019 اقترح ترامب استيعاب مئات الآلاف من الفلسطينيين مقابل مساعدات مالية كجزء من "صفقة القرن" التي رفضها الأردن، والآن يعود التهديد. بالنسبة للأردن، فإن المشكلة الأساسية هي الحفاظ على الهوية الأردنية في بلد ثلثي سكانه من أصل فلسطيني، مما يهز البلاد كلما حدث حدث مهم في الأراضي، كما يقول الكاتب الإسرائيلي.
  • كما أن مصر، التي لا تثق في الالتزامات الإسرائيلية والتي عانت من "غزو" مليون ونصف المليون فلسطيني إلى أراضيها في عام 2008 بعد أن حطمت حماس جزءاً من الجدار الذي يفصل غزة عن سيناء، عززت موقفها العسكري على طول الحدود وحذرت من أنها لن تسمح لفلسطيني واحد غير مصرح له بدخول أراضيها.
  • في النهاية، يقول الكاتب الإسرائيلي إن "رؤية ترامب حول تهجير سكان غزة ليست مجرد مشكلة أردنية أو مصرية. بل إنها قد تؤثر على العلاقات بين جميع الدول العربية والولايات المتحدة وتضع قدرة الأنظمة العربية، بما في ذلك تلك التي تعتبر حليفة استراتيجية للولايات المتحدة، على مواجهة الضغوط العامة التي قد تثيرها هذه الخطة على المحك. ومن ثم فإن حلم التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية قد يكون مجرد ضرر جانبي لمشروع ترامب العقاري في غزة".
تحميل المزيد