القاهرة تمنح أحزاباً “ضوءاً أخضر” لدعم رفضها مخطط ترامب للتهجير.. هذه أبرز التحركات القادمة

عربي بوست
تم النشر: 2025/01/28 الساعة 09:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/01/29 الساعة 06:01 بتوقيت غرينتش
معبر رفح البري من جهة مصر - رويترز

وسط حالة من الرفض القاطع لمقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن لحين إعادة إعمار قطاع غزة، بدأت الحكومة المصرية في شحن هيئات ومؤسسات شعبية وسياسية وبرلمانية تعبيراً عن هذا الموقف.

يأتي هذا – بحسب مصادر مطلعة – للتعبير عن رغبة رسمية في أن يكون الموقف الشعبي حاضراً بجانب الموقف الدبلوماسي الرافض لعملية التهجير، وسط توقعات بممارسة مزيد من الضغوط على القاهرة خلال الأيام المقبلة، لكن دون أن يتحول هذا الضغط إلى إرغامها على قبول خطط التهجير مع أهمية دورها في التهدئة القائمة حالياً بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، على حد تعبير مصادر حكومية ودبلوماسية متطابقة.

وكانت الخارجية المصرية قد أصدرت بياناً، مساء الأحد 26 يناير/كانون الثاني، بعد ما يقرب من يوم من تصريحات ترامب، أكدت فيه تمسك مصر بثوابت ومحددات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية، مشددة على أنها تظل القضية المحورية في الشرق الأوسط، وأن التأخر في تسويتها، وفي إنهاء الاحتلال وعودة الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني، هو أساس عدم الاستقرار في المنطقة.

كما شددت على رفضها لأي مساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواء من خلال الاستيطان أو ضم الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، سواء كان بشكل مؤقت أو طويل الأجل، وبما يهدد الاستقرار وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة، ويقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها.

القاهرة لن تقبل بأي مساومات

وقال مصدر حكومي مطلع على الملف الفلسطيني، إن مواقف الأحزاب والنقابات والبرلمان ومنظمات المجتمع المدني تهدف إلى توفير السند الشعبي في وجه الضغوط الأميركية.

وأضاف المصدر: "قد يكون هناك وفود شعبية تذهب إلى رفح للتعبير عن هذا الموقف، إضافة إلى عقد المؤتمرات الحاشدة وإمكانية تنظيم مظاهرات تؤكد رفضها التام لهذا المقترح".

وتوقع المصدر أن يلتقي الرئيس عبد الفتاح السيسي بنظيره الأميركي في البيت الأبيض خلال الأسابيع المقبلة، مشيراً إلى أن مصر ستقدم رؤيتها القائمة على إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بشكل كامل دون اللجوء إلى أساليب تقود إلى تعقيده، لافتاً إلى أن القاهرة مستعدة للقيام بكافة الجهود التي تضمن إعادة إعمار غزة خلال فترة وجيزة دون أن يقود ذلك إلى تهجير الفلسطينيين.

اتفاق غزة
معبر رفح البري/ رويترز

وأضاف المصدر ذاته أن القاهرة ثابتة على موقفها الرافض لعملية التهجير، ولن تقبل بأي مساومات يمكن أن تجعلها تغير موقفها، موضحاً أن النتائج المترتبة على ذلك سواء من جهة تصفية القضية الفلسطينية أو من حيث الانفجار الداخلي المتوقع نتيجة لأي موقف مغاير، أكبر من أية مغريات أو ضغوط.

كما أن الموقف المصري الحالي – بحسب المصدر – هو الذي جرى على أساسه الموقف الحاسم من رفض الجرائم الإسرائيلية خلال الحرب التي انطلقت في السابع من أكتوبر، وأن توفير المساعدات وسد الباب أمام أي محاولات من شأنها دفع الفلسطينيين باتجاه الحدود مع رفح المصرية يأتي في هذا السياق.

وشدد على أن الموقف المصري يتناغم مع مواقف بعض الدول الأوروبية التي ترى خطورة في مسألة تهجير الفلسطينيين، لافتاً إلى أن الحديث في بداية الأمر كان يدور حول نقلهم إلى معسكرات في سيناء، والآن يجري الحديث عن إدماجهم في المجتمع المصري، وفي كلتا الحالتين الأمر مرفوض.

تحركات حزبية وشعبية برعاية المخابرات

وكشفت مصادر مطلعة داخل الحزب الديمقراطي الاجتماعي المصري لـ"عربي بوست" أن أطرافاً من "أجهزة سيادية" اجتمعت خلال اليومين الماضيين مع قيادة الحزب، وعلى رأسها فريد زهران، من أجل رسم خريطة "تحرك شعبي" لمواجهة دعوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير الشعب الفلسطيني إلى مصر.

وكان الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وجه نداءً دعا فيه القوى الشعبية، الأحزاب السياسية، النقابات المهنية، وكافة أطياف الشعب المصري للانضمام إلى وفد شعبي يوم الجمعة المقبل، للتوجه إلى معبر رفح على الحدود المصرية-الفلسطينية، وذلك للتعبير عن التضامن الكامل مع الشعب الفلسطيني الشقيق، ورفض محاولات التهجير القسري للفلسطينيين ومساعي تصفية القضية الفلسطينية العادلة.

وأكد الحزب دعمه للموقف الوطني للسلطات المصرية الذي عبر عنه بيان الخارجية المصرية الرافض للتهجير القسري، ووقوفه مع الجهود المصرية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على أراضيه وعاصمتها القدس الشرقية.

وقالت المصادر التي حضرت الاجتماعات، والمطلعة على ما يدور داخل الحزب المصري، إن الأطراف "السيادية" نقلت للحزب شعور القاهرة بـ"خطر حقيقي" من دعوة ترامب للقاهرة باستقبال مئات الآلاف من الفلسطينيين، لأن ذلك سوف يضر بالقضية الفلسطينية وبالأمن المصري على حد سواء.

وكشفت المصادر كذلك أن جهاز المخابرات العامة المصري هو الذي يتولى إدارة هذه الأزمة، ويريد أن يستبق تحركات ترامب وينظم تحركاً شعبياً مدروساً كي يرسل رسالة إلى واشنطن مفادها أن هناك رفضاً شعبياً قبل أن يكون رسمياً لمحاولة ترامب تهجير الفلسطينيين إلى مصر.

كما حصل "عربي بوست" على تسجيلات صوتية لفريد زهران أرسلها إلى أعضاء الحزب، يتحدث فيها عن التنسيق الذي تم بينه وبين "أجهزة الدولة" في مصر من أجل الترتيب لحشد تحرك شعبي كبير في الساعات القليلة المقبلة لمواجهة الخطوة الأمريكية.

وتضمنت التسجيلات حديث فريد زهران عن اقتراحه لـ"أجهزة الدولة" تسيير وفود إلى معبر رفح المصري من أجل إعلان التضامن مع القضية الفلسطينية من هناك. ويقول زهران إنه في نقاشه مع "الدولة" اقترح مثل هذه الأفكار، ولم يكن هناك أي رفض من جانب "الدولة"، بل كان هناك ترحيب إيجابي بهذه المقترحات.

كما تضمنت التسجيلات دعوة فريد زهران لأعضاء الحزب إلى الاجتماع في المقر الخاص بالحزب في وسط القاهرة بشارع محمد فريد من أجل التجهيز لوفد شعبي كبير يضم أعضاء في الحزب، وكذلك أحزاب محسوبة على الأجهزة السيادية في مصر مثل حزب مستقبل وطن، وكذلك رموز سياسية "تابعة للدولة" للذهاب إلى معبر رفح يوم الجمعة المقبل.

من ناحية أخرى، قالت المصادر المطلعة داخل الحزب الديمقراطي الاجتماعي إن ممثلين عن "جهاز سيادي" سوف يحضرون كل اجتماعات الحزب الديمقراطي الاجتماعي المصري لتنسيق "الجهود التي تم اقتراحها" كي يذهب الوفد إلى معبر رفح.

كما قالت المصادر إن النقاش الذي تم بين فريد زهران و"ممثلي جهاز سيادي" تضمن ضرورة إفساح المجال لرموز سياسية مصرية للظهور في الإعلام بكثرة في الساعات المقبلة لمواجهة الدعوات الأمريكية، على أن يتم ظهورها بكثرة على مدار اليوم في كافة القنوات التابعة لشركة المتحدة التابعة للمخابرات العامة في مصر.

أما بخصوص تسيير مظاهرات شعبية، فقد قالت المصادر المطلعة داخل الحزب الديمقراطي الاجتماعي المصري إن فريد زهران اقترح تنظيم بعض المظاهرات داخل القاهرة سواء في الجامعات أو الميادين العامة للتعبير عن الرفض الكامل لرغبة دونالد ترامب تهجير الفلسطينيين، لكن الأجهزة السيادية المصرية "تتحسس من المظاهرات خوفاً من توظيفها في مسار سياسي مناهض للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي."

لكن المصادر أشارت إلى تنسيق حزب مستقبل وطن مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي كي يقود بنفسه التظاهرات في المحافظات المصرية تحت إشراف "الداخلية المصرية"، حتى لا تنفرط التظاهرات وتتحول إلى مسار احتجاجي ضد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وأوضحت المصادر المتطابقة كذلك أن فريد زهران تواصل مع المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي كي ينسق معه الجهود ويعرف ما إذا كان يرغب في أن يكون ضمن الوفد الذي سوف يذهب إلى معبر رفح يوم الجمعة، وأن صباحي أبدى موافقة مبدئية للالتحاق بالوفد الشعبي.

ضغوطات متوقعة على القاهرة

من جانبه، أكد بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة، خلال لقائه الذي عقده مع إيمي بوب، مدير عام المنظمة الدولية للهجرة، يوم الاثنين، موقف مصر الرافض لأي محاولات تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني الشقيق من أراضيه، وذلك في مستهل الزيارة التي يقوم بها إلى جنيف لمتابعة المراجعة الدورية لملف حقوق الإنسان المصري أمام مجلس حقوق الإنسان العالمي.

وقال مصدر دبلوماسي مصري، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، إن الموقف الشعبي والرسمي يكفي لكي يوصل رسالة مفادها استحالة القبول بمخطط التهجير، وإظهار الأمر هذه المرة بأن الموقف الحكومي يحظى بتأييد شعبي واسع. ولكي ينجح ترامب في تنفيذ فكرته، سيكون عليه إقناع مصر والأردن بالقبول، وطالما أن الحكومتين ترفضان، فإن تمريره يبقى صعباً.

في المقابل، تتوقع القاهرة – بحسب المصدر الدبلوماسي – أن يستخدم ترامب أدوات ضغط على الطرفين، وما قد يؤجل استخدام هذه الوسائل هو حرصه على الدور الذي تقوم به مصر في الوساطة بين حماس وإسرائيل.

كما أن اتفاقية الهدنة التي مارس ترامب ضغوطاً على الحكومة الإسرائيلية لإنجاحها ما زالت في الأسابيع الأولى من مرحلتها الأولى، وهو يهتم بنجاحها، وإن كانت هناك عراقيل إسرائيلية، على حد قول المصدر.

وشدد على أن الضغط على مصر في هذا التوقيت يفقده الوسيط المهم الذي يقوم بالإشراف على اتفاقية وقف إطلاق النار تحديداً، وأن هناك غرفة عمليات تمارس عملها من القاهرة، تراقب تنفيذ الاتفاق وتذلل العقبات التي تواجهه بشكل مستمر. وفي حال أصر ترامب على ممارسة الضغوط في هذا التوقيت، فإن الحكومة المصرية سيقل حماسها بشأن الحفاظ على نجاح الاتفاق، وهو ما يهدد بفشل الهدنة.

وذكر المصدر أن ترامب قد يلجأ إلى وسيلة أخرى يرضي بها إسرائيل وتتمثل في منحها الحق في ضم أراضي المستوطنين في الضفة الغربية، وهو اتجاه لن يرضي مصر أو الأردن أيضاً. لكن هنا لن تكون هناك أدوات مواجهة لدحض هذا المخطط، الذي قد يُمرر في توقيت لاحق خلال فترة رئاسته.

كما أنه قد يتيح لإسرائيل التوسع في سوريا والبقاء في لبنان، وهي كلها أفكار بديلة لعملية التهجير وترضي إسرائيل الساعية لزيادة مساحة أرضها، على حد قوله.

وشدد على أن هدف الرئيس الأميركي خلال الفترة المقبلة هو إسكات أصوات البنادق والحروب في منطقة الشرق الأوسط، في محاولة للظهور بمظهر الرجل الذي يتجنب الحروب والداعم للسلام. ولا يخفي المقربون منه رغبته في أن يحصل على جائزة نوبل للسلام، وهي اعتبارات تجعله يمضي على أشواك إرضاء إسرائيل وعدم الوصول إلى نقطة تعقيد الموقف في القضية الفلسطينية بما يؤدي لاشتعال الصراع مجدداً، خاصة أنه سيدعم التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية خلال الفترة المقبلة.

وبحسب المصدر ذاته، فإن مصر يمكن أن تقبل باستقبال ما بين 3000 إلى 5000 شخص من المرضى الفلسطينيين، إذ ينص الاتفاق على دخول 50 مصاباً فلسطينياً يومياً إلى مصر بموافقة إسرائيلية. ولا يعد ذلك بأي حال من الأحوال تهجيراً، باعتباره رقماً ضئيلاً. مشيراً إلى أن الولايات المتحدة من المتوقع أن تتدخل لتسهيل مهمة من يريدون السفر للعلاج إلى دول أخرى غير مصر خلال الأسابيع المقبلة.

القاهرة تمتلك أدواتها

وكان ترامب قد اقترح في وقت سابق نقل فلسطينيين من قطاع غزة إلى بعض الدول العربية المجاورة، في إشارة إلى مصر والأردن. وقال متحدثاً إلى الصحفيين على متن طائرة "إير فورس وان" الرئاسية إنه يتعين على الأردن ومصر استقبال المزيد من الفلسطينيين، لاسيما أن القطاع مدمر بشكل تام وفي حالة فوضى عارمة.

كما تابع: "القطاع هُدم حرفياً، لذلك أفضل أن أشارك مع بعض الدول العربية في بناء مساكن في موقع مختلف، حيث يمكنهم ربما العيش في سلام لأول مرة"، بحسب ما نقلته وكالة رويترز.

أما حين سُئل عما إذا كان هذا "النقل لسكان غزة" سيكون مؤقتاً، فأجاب: "يمكن أن يكون مؤقتاً أو طويل الأمد"، وأردف أنه تحدث يوم السبت إلى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني "وطلب منه استقبال المزيد من سكان غزة".

كذلك تنصل ترامب من "حل الدولتين"، وأشار إلى أنه يأمل أن تستقبل مصر المزيد من الفلسطينيين أيضاً، لافتاً إلى أنه سيتحدث إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم الأحد 26 يناير/كانون الثاني.

ويختلف المقترح الأمريكي عما سبق وطرحه ترامب في ولايته الأولى ضمن صفقة القرن، وهو نقل مسؤولية القطاع مقابل امتيازات اقتصادية واسعة، منها إقامة منطقة صناعية كبيرة بتمويل خليجي داخل الحدود المصرية بين سيناء وغزة، وتكون الأولوية لسكان القطاع للعمل بها، على أن يتضمن ذلك إقامة للعاملين.

وبحسب مصدر دبلوماسي مصري آخر، فإن مصر رفضت هذا المخطط ثلاث مرات: الأولى أثناء حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، والثانية خلال عام 2014، والثالثة مع بدء حرب غزة، والآن ترفضه مجدداً، لأن ذلك يعني تصفية القضية الفلسطينية وخلق مشكلة أكبر في مصر تؤدي إلى صراع جديد مع إسرائيل. وقد انعكس هذا الرفض في المواقف الشعبية والبرلمانية والدبلوماسية، ومن قبلها الموقف الرئاسي الرافض.

وأوضح المصدر أن الموضوع مرفوض عربياً، ومرفوض من الفلسطينيين أنفسهم، ولا مجال لتطبيقه على أرض الواقع، بعد مشاهد عودة مئات الآلاف إلى منازلهم المدمرة يوم الاثنين، ما يؤكد إدراكهم أهمية الحفاظ على أراضيهم، بعد مواجهتهم كل أساليب القتل والتشريد والدفع نحو التهجير.

وأشار إلى أن القاهرة تمتلك أدواتها أيضاً، منها ورقة "معاهدة السلام مع إسرائيل" التي تخشى الولايات المتحدة المساس بها، مشيراً إلى أن الفترة القادمة ستشهد رسائل قوية عن الفوضى وعدم الاستقرار الذي سيطال منطقة الشرق الأوسط بأكملها إذا تم فرض التهجير أو تصفية القضية الفلسطينية. وهذا قد يعطل خطط ترامب الاقتصادية التوسعية في المنطقة، الأمر الذي قد يدفعه إلى التراجع.

عقوبات على إسرائيل!

تحدث المصدر عن مخاوف القاهرة من أن يدفع ترامب في الاتجاه المقابل نحو منح إسرائيل اعترافاً بحق ضم مستوطنات الضفة الغربية، التي تمثل 60% من إجمالي مناطق الضفة إذا قيس ذلك بالطرق الموصلة إلى تلك المستوطنات. والآن هي تحت السيطرة الإسرائيلية كقوة احتلال عليها، وليس كأرض معترف بها كجزء من إسرائيل.

وأشار إلى أنه لا يوجد موقف عربي موحد يمكن أن يقف أمام هذه الخطوة، تماماً كما هو الحال في قضية التهجير، وإن كان من المستبعد أن يمررها ترامب بسهولة.

مصير ائتلاف نتنياهو
ترامب ونتنياهو، أرشيفية، رويترز

وشدد المصدر على أن مواجهة مساعي إسرائيل للاستيلاء على الأراضي العربية معروفة ومن الممكن اتخاذها، وتتمثل في فرض عقوبات اقتصادية وتجارية وسياسية عليها وعزلها عن باقي المنطقة إلى أن تعترف بالدولة الفلسطينية. لكن الوضع العربي الحالي "غير مهيأ لذلك"، على حد تعبيره.

ولفت إلى أن المواقف الشعبية الحالية، التي ترفض التهجير وفي مقدمتها موقف الشعب المصري، تُعد استكمالاً للجهود الأهلية والشعبية لدعم أهالي قطاع غزة. وبدا واضحاً أن الرأي العام المحلي، باستثناء بعض الكتاب القلائل، لم يعد قابلاً لوجود إسرائيل نفسها، بعد أن زرعت الكراهية والحقد من خلال العمليات الإجرامية في غزة خلال الأشهر الماضية، وهو ما يمنح زخماً للمواقف التي من المتوقع أن تأخذ في التصاعد خلال الأيام المقبلة، على حد قوله.

ردود فعل رافضة

وفي اليومين الماضيين، توالت ردود الأفعال الغاضبة تجاه تصريح ترامب، وكان هناك ضوء أخضر للجهات الرسمية وغير الرسمية للتعبير عن الموقف المصري.

أعرب رئيس مجلس النواب المصري حنفي جبالي، يوم الاثنين، في كلمة له خلال جلسة عامة للبرلمان، عن رفض بلاده "أي ترتيبات أو محاولات" لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، محذراً من أن ذلك يمثل "خطراً جسيماً على أمن واستقرار الإقليم".

وقال جبالي في كلمته: "لا يمكننا أن نُغفل الخطر الكبير الذي تمثله الأطروحات المتداولة بشأن تهجير الفلسطينيين من أرضهم"، وأضاف: "هذه الأفكار تتجاهل تماماً الحقيقة الراسخة بأن القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية سكانية أو نزاع جغرافي، بل قضية شعب يناضل من أجل حقوقه التاريخية والمشروعة".

وأكدت 10 نقابات مهنية مصرية رفضها القاطع لتصريحات ترامب، معتبرة أن هذا الطرح يعد محاولة لتصفية القضية الفلسطينية. جاء ذلك في بيان مشترك أصدرته النقابات خلال اجتماعها الذي عُقد يوم الاثنين في نقابة الصحفيين، حيث أكدت النقابات أن تصريحات ترامب تمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الشعب الفلسطيني، وتجاوزاً للقرارات الدولية التي تكفل حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على أراضيهم.

وأعلنت النقابات عن تنظيم مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء للإعلان عن خطتها لدعم الشعب الفلسطيني، والتأكيد على موقفها الثابت في مواجهة محاولات تصفية القضية الفلسطينية. كما ستعلن النقابات عن تنظيم فعاليات تضامنية في مقارها المختلفة خلال الفترة المقبلة.

وقرر مجلس أمناء الحوار الوطني عقد جلسة طارئة يوم السبت 1 فبراير، لبحث الخطوات التي يجب اتخاذها من جانب الحوار وأطرافه في مواجهة هذه الظروف، بما يساعد على حفظ الأمن القومي المصري ويدعم مقومات الأمن القومي العربي.

وأكد مجلس الأمناء رفضه القاطع، جملة وتفصيلاً، لأي نوع من التهجير أو النقل أو إعادة التوطين للفلسطينيين، سواء لمدة مؤقتة أو طويلة، "ليس فقط لأن هذا يُعد جريمة حرب بحسب القانون الدولي، ولكن أيضاً لأنه يعني تصفية القضية الفلسطينية التي هي قضية القضايا العربية".

تحميل المزيد