دخل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي حيّز التنفيذ فجر اليوم الأربعاء، بعد عدوان إسرائيلي على لبنان خلف وراءه كارثة إنسانية تمثّلت في سقوط أكثر من 3800 شهيد، وإصابة ما يزيد عن 15 ألف شخص بجروح، إلى جانب نزوح نحو مليون و300 ألف شخص. كما أدّى إلى تدمير آلاف المباني والأسواق والمواقع التراثية والمنشآت المدنية والصحية، فضلاً عن إلحاق أضرار جسيمة بمساحات واسعة من الأراضي الزراعية.
لم ينشر حتى الآن نص رسمي لبنود اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بين حزب الله وإسرائيل، لكن بحسب وكالة "الأناضول"، تضمّن نص الاتفاق لوقف إطلاق النار بين الطرفين 13 نقطة ألا وهي:
- ستمنع الحكومة اللبنانية "حزب الله" ومنظمات مسلّحة أخرى على الأراضي اللبنانية من ارتكاب أي أعمال ضدّ الاحتلال الإسرائيلي.
- في المقابل، لن ينفذ الاحتلال الإسرائيلي أي أعمال عسكرية ضد أهداف لبنانية، بما في ذلك مدنيين أو أهداف حكومية على أرض وبحر وجو لبنان.
- يعترف الاحتلال الإسرائيلي ولبنان بأهمية قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701.
- هذه الالتزامات لا تلغي حق الاحتلال أو لبنان في ممارسة حقهما الأصيل في الدفاع عن النفس.
- ستكون قوات الأمن والجيش اللبناني الرسميين هي الجهات المسلحة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح أو تشغيل القوات في جنوب لبنان.
- سيتم الإشراف على بيع الأسلحة أو توريدها أو إنتاجها أو المواد ذات الصلة بالأسلحة في لبنان من قبل الحكومة اللبنانية.
- سيتم تفكيك جميع المنشآت غير المصرح بها المعنية بإنتاج الأسلحة والمواد ذات الصلة بالأسلحة.
- سيتم تفكيك جميع البُنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة جميع الأسلحة غير المصرح بها التي لا تتوافق مع هذه الالتزامات.
- سيتم إنشاء لجنة تحظى بموافقة كل من الاحتلال الإسرائيلي ولبنان للإشراف والمساعدة في ضمان تنفيذ هذه الالتزامات.
- سيقدم الاحتلال ولبنان تقارير عن أي انتهاكات محتملة لهذه الالتزامات إلى اللجنة وإلى قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل).
- سينشر لبنان قوات الأمن الرسمية وقوات الجيش على طول جميع الحدود ونقاط العبور والخط المحدد للمنطقة الجنوبية كما هو موضح في خطة الانتشار.
- سينسحب الاحتلال الإسرائيلي تدريجيا من جنوب "الخط الأزرق" (الفاصل بين حدود الجانبين) خلال 60 يوما.
- ستعزز الولايات المتحدة مفاوضات غير مباشرة بين الاحتلال الإسرائيلي ولبنان للوصول إلى حدود برية معترف بها.
ما الفارق بين اتفاقي 2006 و2024؟
وبحسب صحيفة "le monde" الفرنسية، سيتم إنشاء لجنة مراقبة مؤلفة من خمس دول برئاسة الولايات المتحدة. وسوف تشمل أيضاً فرنسا بالإضافة إلى الهيكل القائم بالفعل، اللجنة الثلاثية (لبنان وإسرائيل والأمم المتحدة)، التي أصبحت معطلة منذ بداية الحرب، في محاولة لمنع تكرار سيناريو الحرب السابقة بين إسرائيل وحزب الله عام 2006، وحتى يتم احترام الاتفاق من قبل الأطراف المعنية.
وهذه النقطة تعتبر جديدة في الاتفاق الراهن إذ لم ينص قرار وقف إطلاق النار عام 2006 على إنشاء هيئة إشراف أميركية – فرنسية لمراقبة التطبيق القرار.
وهو ما يراه الجانب الإسرائيلي، وفقاً لصحيفة "جيروزاليم بوست"، أنه طمأنة أمريكية لحليفته إسرائيل، فوفقاً للصحيفة، "قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل رسالة ضمانات تسمح لجيش الاحتلال الإسرائيلي بالرد، بطرق تتوافق مع القانون الدولي، على التهديدات المباشرة من الأراضي اللبنانية."
وقد كشفت القناة 13 الإسرائيلية، قبل إعلان اتفاق الهدنة، عن بنود اتفاقية بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن وقف الحرب على لبنان، في ورقة أطلقت عليها "وثيقة ضمانات أميركية"، وهي وثيقة جانبية إضافية على نص اتفاق وقف القتال مع حزب الله اللبناني.
وفي نص الوثيقة الجانبية، كان أبرز ما في الضمانات الأميركية "منح إسرائيل حق الرد على أي تهديدات قد تكون وشيكة من لبنان"، بالإضافة إلى عزم واشنطن على المشاركة مع إسرائيل في تبادل المعلومات الاستخباراتية الحساسة التي تتعلق بالانتهاكات، وكذلك "التعاون مع إسرائيل لكبح أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في لبنان، بما في ذلك منع نقل الأسلحة والمساعدات أو أي أنشطة أخرى تنطلق من الأراضي الإيرانية".
ويحسب ما هو متداول حتى الآن عن الاتفاق الحالي، لم يتم تطرق إلى معالجة قضية الأسرى والمحتجزين، بينما قد دعى القرار الأممي في عام 2006 إلى معالجة قضية الأسرى بشكل عاجل حينها.
رغم ذلك، أشار الجانب اللبناني إلى أن المقترح الأميركي يرتكز على القرار 1701 الذي أنهى عدوان يوليو/ تموز 2006 بعد 34 يوم من الصراع.
كيف يرى لبنان الاتفاق الحالي؟
يرى الجانب اللبناني أن المقترح الأميركي يرتكز على القرار 1701 الذي أنهى عدوان يوليو/ تموز 2006، ولا يعطي الجانب الإسرائيلي حرية الحركة في لبنان.
فوفقاً لصحيفة الأخبار اللبنانية، ينصّ مضمون الاتفاق على أنّ "هذه الالتزامات لا تلغي حق الاحتلال الإسرائيلي أو لبنان في ممارسة حقهما الأصيل في الدفاع عن النفس".
ولم يتمكّن الاحتلال من إخضاع لبنان في إدخال بريطانيا وألمانيا كعضوين في لجنة الإشراف على تنفيذ الاتفاق، وإنّما أشارت المعلومات إلى أنّ اللجنة ستُشكّل من أميركا وفرنسا فقط بعد استبعاد بريطانيا وألمانيا.
وهو ما أشار إليه النائب حسن فضل الله في حديث تلفزيوني بتشديده على أنّ "الورقة الأميركيّة الأساسيّة التي حملها (الموفد الأميركي) عاموس هوكشتين إلى لبنان أدخل عليها لبنان عدّة تعديلات، وعلى أساسها حصل الاتفاق على وقف الأعمال العدائيّة ونحن في مرحلتها الأولى".
كيف يرى الاحتلال الاتفاق الحالي؟
أعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بينيامين نتنياهو بأنّ الاحتلال يوافق على وقف إطلاق النار في لبنان تحقيقًا لثلاثة أهداف رئيسية. أولها "التركيز على التهديد الإيراني" الذي يعتبره التهديد الرئيسي للاحتلال. ثانيًا، "إعادة تنشيط القوات" والتغلب على القيود المفروضة على توريد الأسلحة إلى الاحتلال. وأخيرًا، "فصل جبهة غزة عن جبهة لبنان" و"عزل" حركة حماس.
وشدد نتنياهو، في مؤتمر صحافي عقده مساء اليوم وتحدث خلاله للجمهور الإسرائيلي، على أن وقف إطلاق النار ومدته "يعتمد على ما يحدث في لبنان"، وقال إن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيهاجم كلما سجل انتهاكا للاتفاق، وقال "نحن نحتفظ بحرية العمل (العسكري) بالكامل، إذا قام حزب الله بتسليح نفسه سنهاجم، وإذا بنى بنية تحتية بالقرب من الحدود سنهاجم".
في المقابل خرج الكثير من الأصوات في الداخل الإسرائيلي لمعارضة الاتفاق واعتباره منقوصاً وغير واضح، وفيه الكثير من الالتباسات، ويمكنه أن يوفر فرصة حقيقية لحزب الله لإعادة ترتيب قوته وصفوفه. حيث كانت ردود فعل رؤساء السلطات المحلية في المستوطنات الشماليّة غاضبة، إزاء التقارير حول وقف إطلاق النار، إذ يرون أن حكومة نتنياهو بهذا الاتفاق "تسلم سكان الشمال إلى حزب الله" مثلما نقلت القناة الـ12 العبريّة.