أفادت مصادر إيرانية بتحديد الحرس الثوري خطوطاً حمراء متعلقة بالهجوم الإسرائيلي المتوقع، خلال استعراضه تقديراته الأمنية والعسكرية للأهداف الإسرائيلية المحتملة أمام المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، من بينها ضرب الاحتلال المنشآت النفطية والنووية في إيران.
على الرغم من أن الحرس الثوري يرى مسألة الهجوم الإسرائيلي بأنه "أمر محتمل بدرجة عالية"، عقب الرد الإيراني الأخير، إلا أنه وضح الخطوط الحمراء الإيرانية التي لا يمكن لطهران القبول بأن يتجاوزها الاحتلال الإسرائيلي دون عواقب كبيرة وتصعيد مباشر.
وكان الاحتلال الإسرائيلي هدد بأن الرد الإيراني في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2024 على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، "سيقابل برد شديد"، وأن المستوى العسكري في "إسرائيل" لديه خطط لذلك.
الخطوط الحمراء الإيرانية
أكدت مصادر إيرانية من الحرس الثوري ومكتب المرشد الأعلى، لـ"عربي بوست"، أن مهاجمة إسرائيل للمنشآت النووية الإيرانية سواء من الجو أو من خلال عملائها داخل إيران، تمثل خطوطاً حمراء لن تقبل بها طهران بأي شكل من الأشكال".
وقالت إن "الهجوم على المنشآت النووية سيقابل برد إيراني قوي، من الممكن أن يصل إلى حد تطوير سلاح نووي للدفاع عن النفس".
عن الخطوط الحمراء الإيرانية، أكدت أيضاً أن أي اغتيال يطال القيادة العليا في البلاد لن تتهاون معه إيران.
أما بالنسبة للمنشآت النفطية، فقالت إن هذا الاحتمال وارد بنسبة 90% بالنسبة للقيادة الإيرانية، مثل استهداف حقول النفط، ومصانع البتروكيماويات، والطاقة، إذ إنها تمثل أماكن سهلة بالنسبة للاستهداف الإسرائيلي، لأنها على عكس المنشآت النووية، مفتوحة، ويسهل استهدافها من خلال الهجمات الجوية.
بهذا الخصوص أيضاً، قالت مصادر من الحرس الثوري الإيراني لـ"عربي بوست"، إن طهران تتوقع أن تقوم "إسرائيل" بشن هجمات قوية وعنيفة داخل الأراضي الإيرانية، ومن الممكن أن تشمل المنشآت النفطية أو النووية.
وفقاً للمصادر، فإنه في آخر اجتماع بين كبار قادة الحرس الثوري والاستخبارات مع المرشد الأعلى الإيراني، تمت مناقشة احتمالات الهجوم الإسرائيلي التي جاء في مقدمتها استهداف إسرائيلي للمنشآت النفطية أو النووية.
في هذا الصدد، قال المصدر الأمني من مكتب المرشد الأعلى الإيراني: "صحيح أن بايدن قال علانية إنه لن يدعم مهاجمة إسرائيل للمنشآت النووية الإيرانية، لكننا لا نستبعد هذا الأمر".
وأكد أنه "إذا قررت إسرائيل مهاجمة المنشآت النووية، فهذا يعني أنها تريد الدخول في حرب شاملة مع إيران".
وقالت المصادر أيضاً، إن قادة إيران يتوقعون أنه إذا قررت إسرائيل مهاجمة المنشآت النووية الهامة، فسيكون أمامها منشأة نطنز أو المنشآت النووية المركزية في أصفهان، ومنشآت الأبحاث النووية في أصفهان أيضاً.
طهران تدرس سيناريوهات الهجوم الإسرائيلي
من جانبه، قال مسئول أمني في مكتب المرشد الأعلى الإيراني لـ"عربي بوست"، إن القيادة العليا في إيران ترى أنه "من المحتمل بشكل كبير أن تلجأ إسرائيل لضرب المنشآت النفطية الإيرانية، لكي تشل اقتصاد البلاد، وتضر الشعب الإيراني بشكل كبير".
وأفاد كذلك بأنها تتوقع أن تستهدف "إسرائيل" في الأيام المقبلة البنية التحتية العسكرية الإيرانية، مثل مقرّات الحرس الثوري وثكناته في جميع أنحاء البلاد، وأماكن إنتاج وتخزين الصواريخ الباليستية والأسلحة الأخرى، مثل مرافق تزويد الصواريخ بالوقود، بالإضافة إلى وزارة الدفاع الإيرانية.
ولم تستبعد أن يقوم الاحتلال الإسرائيلي باستهداف المؤسسات السياسية والأمنية داخل طهران، مثل مكتب المرشد الأعلى، ووزارة المخابرات، والقصر الرئاسي، ومبنى الإذاعة والتلفزيون الحكومي، بحسب المصدر ذاته.
وأضاف: "كما أننا نتوقع بأن تقوم إسرائيل باغتيال قادة كبار من الحرس الثوري داخل إيران، أو اغتيال القادة المسؤولين عن البرنامج الصاروخي الإيراني، الذين ساهموا في الهجوم الإيراني على إسرائيل".
وتابع بأنه "تم تغيير خطط التأمين والحراسات الأمنية بالكامل منذ اغتيال حسن نصرالله، وتغييرها مرة أخرى بعد الرد الإيراني على إسرائيل".
تحقيقات واسعة بالخروقات
أفادت المصادر أيضاً بأن الحرس الثوري يستبق الهجوم الإسرائيلي المرتقب بإجراءات عدة، من بينها التحقيق بخروقات إسرائيلية داخل صفوفه، بالإضافة إلى تجهيزات أمنية وعسكرية مثل خطط التأمين والحراسات تحسباً للاغتيالات، إلى جانب دراسته سيناريوهات الهجوم المتوقعة.
مسؤول أمني في مكتب المرشد الأعلى الإيراني لـ"عربي بوست"، قال إن طهران تعتقد بأن "الاختراقات الإسرائيلية موجودة داخل حزب الله وإيران أيضاً".
وأضاف أنه "بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، بدأت تحقيقات واسعة النطاق، ومستمرة إلى الآن، داخل المؤسسات الأمنية والاستخباراتية والحرس الثوري".
وكشف أن المرشد الأعلى علي خامنئي، يشرف على هذه التحقيقات شخصياً.
وأوضح أن "التحقيقات الموسعة تجري مع قيادات في الحرس الثوري من الصف الأول والثاني، وأن البعض منهم تحت الإقامة الجبرية، إلى حين انتهاء التحقيقات".
ولم يرغب المصدر في شرح الكثير من التفاصيل حول هذا الأمر.
الوساطة لعدم التصعيد
من الإجراءات التي تقوم بها طهران قبل الهجوم الإسرائيلي، طلب الوساطة للتهدئة وضبط النفس، بحسب مصادر حكومية إيرانية لـ"عربي بوست".
وقال مسؤول حكومي لـ"عربي بوست"، إن الرئيس الإيراني مسعود پزشكيان "طلب من أمير قطر التوسط بين طهران وواشنطن، لإرسال رسالة إلى الأمريكيين بأن طهران مستعدة لأي مساعً للتهدئة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان".
وكان پزشكيان، سافر إلى قطر في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2024، بناء على دعوة من الأمير تميم بن حمد، لحضور منتدى حوار التعاون الآسيوي المقام في الدوحة.
وأضاف المصدر أن الرئيس الإيراني طلب كذلك أن تصل رسالة إلى واشنطن بأنه "إذا اختارت إسرائيل والولايات المتحدة التصعيد، فإن سياسية الصبر الاستراتيجي وضبط النفس من جانب واحد قد انتهت".
وقال المسؤول الحكومي المقرب من الرئيس الإيراني، إنه خلال زيارة پزشكيان لقطر، طمأن دول الخليج وبالتحديد الرياض، بأنه طالما لم يتم السماح للطيران الإسرائيلي باستخدام أجوائها لضرب أهداف داخل إيران، فإن الأخيرة لن تتعرض لأي دولة في الخليج.
يشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تعهد بـ"رد قاسٍ" على طهران، بعد مهاجمتها "إسرائيل".
ووصفت طهران هجومها الأخير بأنه كان كبيراً ومحدداً، واستخدمت فيه صواريخ فرط صوتية محددة الأهداف، دون إيقاع خسائر بشرية، إلا أنها تتوقع هجوماً إسرائيلياً كبيراً في أي وقت.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.