في اكتشاف علمي حديث، أشار باحثون صينيون إلى احتمال وجود رابط بين قشرة الرأس، أحد أكثر الحالات شيوعاً في فروة الرأس، وخطر الإصابة بسرطان الثدي.
هذه الدراسة تثير القلق حول احتمال أن يكون الفطر الذي يسبب قشرة الرأس، والمسمى "Malassezia globosa"، مرتبطًا بزيادة احتمالية تطور الأورام السرطانية في أنسجة الثدي.
وعلى الرغم من أن الأمر لا يزال قيد البحث العلمي ولم تتضح الآليات بشكل كامل بعد، إلا أن هذه النتائج تشكل حجر أساس لفهم جديد للعوامل التي قد تسهم في الإصابة بهذا المرض.
سرطان الثدي: لمحة عامة
يعد سرطان الثدي واحدًا من أكثر أنواع السرطان انتشارًا بين النساء في جميع أنحاء العالم، يُعرّف على أنه نمو غير طبيعي للخلايا في أنسجة الثدي، ويحدث نتيجة لتحوّرات جينية تؤدي إلى انقسام الخلايا بشكل غير مضبوط.
وبالرغم من التقدم الكبير في مجال التشخيص المبكر والعلاج، لا يزال هذا المرض يشكل تهديدًا كبيرًا لصحة النساء في مختلف أنحاء العالم.
تشمل أعراض سرطان الثدي تغيرات في شكل الثدي أو حجمه، وظهور كتلة أو تورم في الثدي أو الإبط، وتغيرات في الجلد مثل تقشره أو ظهور احمرار، بالإضافة إلى إفرازات غير طبيعية من الحلمة.
ومع ذلك، قد يكون السرطان غير ظاهر في مراحله الأولى، مما يجعل الفحص الدوري والكشف المبكر بالغ الأهمية، وهو الأمر الشيء الذي يسهل العلاج كذلك.
قشرة الرأس وأنواعها
تُعد قشرة الرأس حالة شائعة تؤثر على فروة الرأس، وهي التي تتسبب في تقشر الجلد وظهور رقائق بيضاء أو صفراء صغيرة على الشعر أو الملابس.
إذ تنقسم قشرة الرأس إلى نوعين رئيسيين وهما:
قشرة الشعر الجافة: تحدث نتيجة لجفاف فروة الرأس، وتكون الرقائق بيضاء وصغيرة الحجم، فيما تظهر هذه الحالة عادةً في الشتاء عندما تكون الرطوبة منخفضة.
قشرة الشعر الدهنية: تنتج عن تراكم الزيوت على فروة الرأس، ما يؤدي إلى التصاق الفطريات والخمائر بفروة الرأس وتسبب التهيج والحكة.
والفطر الأكثر شيوعاً الذي يرتبط بهذا النوع هو "Malassezia globosa"، الذي يُعتقد الآن أنه قد يسهم في زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي.
كيف قد ترتبط قشرة الرأس بسرطان الثدي؟
وفقًا للدراسة التي أجراها علماء من جامعة خبي في الصين، ونشرت نتائجها صحيفة "dailymail" البريطانية، يعتقد الباحثون أن الفطر المسمى "Malassezia globosa"، الذي يُعتبر أحد المسببات الرئيسية لقشرة الرأس، قد يصل إلى أنسجة الثدي الغنية بالدهون ويزيد من خطر تكون الأورام السرطانية.
وعلى الرغم من أن الآلية الدقيقة التي يحدث بها هذا الأمر غير واضحة حتى الآن، إلا أن هناك فرضيات تفيد بأن هذا الفطر قد يفرز منتجات ثانوية ضارة يمكن أن تؤدي إلى تلف الخلايا أو تدمير الدفاعات الطبيعية للجسم ضد السرطان.
وفي تجارب أُجريت على الفئران، تم حقن خلايا سرطان الثدي بهذا الفطر، ووجد الباحثون أن الأورام التي استعمرها الفطر كانت تنمو بمعدل أسرع من الأورام التي لم تتعرض له.
وعلى الرغم من أن التفاصيل الدقيقة حول معدل النمو لم تكن واضحة في التقرير، إلا أن النتائج تشير إلى أن الفطر يمكن أن يلعب دورًا في تسريع تطور المرض.
وقال البروفيسور تشي مينج وانج، مؤلف الدراسة وخبير علوم الحياة في جامعة خبي، إن النتائج لها آثار على صحة الناس.
وصرج بالقول: "من المهم العناية بالبشرة ليس فقط من أجل الجمال، بل وأيضاً من أجل الصحة"، وأضاف أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها ربط كائن حي مجهري بالسرطان، وأن هذا المجال من الأبحاث يحتاج إلى المزيد من الدراسات.
ثم أكمل في تصريحه الذي نشرته نفس الصحيفة: "على الرغم من أنها لا تزال مثيرة للجدل، فإن العلاقة بين الميكروبات والسرطان تكتسب اهتماماً، قد يؤدي اختلال التوازن في البكتيريا الدقيقة في الورم إلى اضطراب في بيئة الورم".
مسببات سرطان الثدي الأخرى
بينما تُعد دراسة العلاقة بين قشرة الرأس وسرطان الثدي اكتشافًا جديدًا، فإن مسببات سرطان الثدي متعددة ومعروفة منذ زمن طويل، من بين هذه العوامل نجد:
العوامل الوراثية:
تلعب الطفرات الجينية دورًا كبيرًا في زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي، خاصة الطفرات في الجينات "BRCA1" و"BRCA2″، التي ترتبط بزيادة كبيرة في احتمال الإصابة.
التغيرات الهرمونية:
التعرض لمستويات مرتفعة من هرمون الاستروجين لفترات طويلة قد يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي.
والنساء اللواتي يتعرضن لهرمون الإستروجين لفترات طويلة من حياتهن، مثل أولئك اللواتي بدأ لديهن الطمث مبكرًا أو انقطع لديهن الطمث في وقت متأخر، يكن أكثر عرضة للإصابة.
الأسلوب الحياتي:
عوامل مثل السمنة، وقلة النشاط البدني، والتدخين، وتناول الكحول، قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي.
كما أن النظام الغذائي الغني بالدهون والممارسات الغذائية غير الصحية يمكن أن تسهم في زيادة هذا الخطر.
التعرض للإشعاع:
التعرض للإشعاع، خاصة في سن مبكرة، يمكن أن يزيد من خطر تطور خلايا سرطانية في أنسجة الثدي.
الميكروبات ودورها في الإصابة بمرض السرطان
الدراسة الصينية الحديثة ليست الأولى التي تربط بين الكائنات الحية الدقيقة والسرطان، إذ هناك دراسات سابقة أشارت إلى وجود روابط بين بعض البكتيريا والفيروسات وأنواع معينة من السرطان.
على سبيل المثال، تم ربط بكتيريا "Fusobacterium nucleatum" بسرطان القولون، وبكتيريا "Streptococcus anginosus" بسرطان المعدة.
أما الفيروس المعروف باسم "فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)"، فهو مرتبط بشكل مباشر بأنواع متعددة من السرطان، بما في ذلك سرطان عنق الرحم والفرج.