على مر العصور، لطالما أثارت الغرف والممرات السرية في البلدان العربية فضول الناس وساهمت في تشكيل العديد من القصص والأساطير التي تتناقلها الأجيال.
هذه المساحات الخفية، التي غالبًا ما كانت مجهولة للعموم، لعبت أدوارًا حاسمة في فترات متعددة من التاريخ، حيث تم استخدامها لأغراض متنوعة تتراوح بين الحماية والهروب، إلى التخزين ونقل المعلومات بشكل سري.
من مصر القديمة إلى عمان والمغرب، تتوزع هذه الغرف والممرات السرية في مختلف أنحاء العالم العربي، كل منها يحمل قصته الخاصة ويعكس جانبًا فريدًا من التراث الثقافي والتاريخي للمنطقة، في هذا التقرير نُطلعكم على بعض منها:
غرف سريّة في الأهرامات
تُعدّ غرف تخزين هرم ساحورا، الذي يبلغ ارتفاعه 154 قدمًا، أصغر حجمًا نسبيًا مقارنة بالآثار الجنائزية الأخرى في مصر القديمة، وقد بني من كتل حجرية منحوتة بشكل خشن وملاط من الطين، مما جعله أكثر عرضة للتدهور.
في عام 1837، اكتشف عالم المصريات جون شاي بيرينج غرفة تحتوي على قطعة من البازلت في هذا الهرم، لكن أعماله توقفت بسبب المخاوف من انهيار الهيكل.
بدأت أعمال الترميم في عام 2019 حيثُ تمّ تأكيد وجود ثماني غرف مخفية داخل الهرم باستخدام تقنيات حديثة. ويُرجّح أن هذه الغرف كانت تستخدم لتخزين المعدات الجنائزية، ما يضيف فهمًا جديدًا لعمارة الأهرامات في المملكة القديمة.
البتراء
تعد البتراء في الأردن وهي الكلمة اليونانية التي تعني "الصخرة" واحدةً من أشهر المواقع الأثرية في العالم، حيث تتحد التقاليد الشرقية القديمة مع العمارة الهلنستية، مع المباني الضخمة المنحوتة من الحجر الرملي الأحمر الصلب.
وقد أدرجت منظمة اليونسكو البتراء في قائمة التراث العالمي منذ عام 1985، وكانت عاصمة الأنباط، وازدهرت كمركز اقتصادي وديني منذ القرن الثالث قبل الميلاد لمدة 400 عام. وكان موقعها في جبال شرا مفترق طرق مهم بين شبه الجزيرة العربية ومصر وسوريا وفينيقيا.
قد لا يعرفُ من لم يزورو البتراء أن هذه المباني الأثرية هي عبارة على قصور. في الواقع، المباني والهياكل هي مزيج من المقابر الكبرى والمعابد والأماكن العامة.
الدير، على سبيل المثال، كان معبدًا يتميز أيضًا بغرفة طعام كبيرة. وهناك أيضًا المسرح، والذي، كما يوحي اسمه، هو مسرح مبني على الطراز الهلنستي. وهناك أيضًا مساحات تم تحديدها على أنها أسواق، وقاعة جمهور موجودة في المعبد الكبير. تم بناء معظم هذه المباني داخل البتراء من قبل الأنباط، على الرغم من وجود هياكل من العصر الروماني والبيزنطي.
كهف الهوتة بعمان
يقع كهف الهوتة بعمان، الذي يقع عند سفح جبل شمس، فهو أحد أسرار عمان المحفوظة. يقع هذا الكهف على بُعد ساعتين بالسيارة من مسقط ونصف ساعة من نزوى. يُعرف الكهف بنظامه البيئي الغني الذي يضم أربع بحيرات، ويُعد موطنًا لسمكة عمياء نادرة تُعرف ببو ناصح، إضافة إلى العديد من الأنواع الأخرى مثل الخفافيش والمفصليات والرخويات والعناكب والقواقع وخنافس الماء. يمتد الكهف لمسافة 5 كيلومترات تحت الأرض، ولكن يمكن للزوار استكشاف حوالي 860 مترًا فقط، حيث ينتهي الجولات عند بحيرة الكهف.
ويحتوي الكهف يحتوي على فتحتين يتسرب منهما الماء من أعلى الجبل، حيث يدخل عبر فتحة الهوتة ويخرج من الفتحة الأخرى فلاحة بعد مروره عبر ممرات الكهف".
دهاليز سجن قارا في المغرب
في مدينة مكناس المغربية، يختبئ سجن قارة تحت الأرض كواحد من أكثر الأماكن الغامضة والمخيفة. بني السجن بين عامي 1672 و1727 على يد السلطان إسماعيل المغربي، الذي استخدمه لإبادة أعدائه ومعارضيه. يتكون السجن من شبكة معقدة من الممرات المظلمة والزنازين، ويُقال إن هندسته لا تزال غامضة، حيث يعتقد البعض أنه يمتد إلى مساحات شاسعة خارج المدينة.
تدور الأساطير حول سجن قارة حول مقولة "الداخل مفقود والخارج مولود"، حيث يُعتقد أن من يدخل السجن يضيع في دهاليزه، وأن الخروج منه يعتبر معجزة. يُقال إن السجن كان له مخرج واحد في مكان غير معروف، ولم يُكتشف بعد. في ثمانينيات القرن العشرين، أرسل الملك الحسن الثاني فريقًا استكشافيًا من إسبانيا إلى السجن، لكنهم لم يخرجوا، وتكررت الحوادث مع فرق استكشافية من فرنسا في التسعينيات بحسب ماذكره تقرير موقع medium. كما تشير بعض الروايات إلى أن السجن مسكون بالأرواح أو الجن، ويقال إن النور الذي يلمع هناك هو دليل على استمرار الحياة.
ممرات قلعة صلاح الدين
تُعد قلعة صلاح الدين واحدةً من أبرز معالم الدفاع التاريخية في القاهرة، حيث شُيدت على قمة جبل المقطم لحماية المدينة من الهجمات. بدأ السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بناء القلعة في عام 1176 ميلادي، واستمر العمل بها في عهد أخيه الملك العادل، بينما أضاف ابن أخيه الملك الكامل الجزء الجنوبي المخصص للسكن.
تتميز القلعة بأسوار ضخمة وأبراج مبنية من الحجر، حيث يحتوي الجزء الشمالي منها على 18 برجًا. الأبراج التي شُيدت في عهد صلاح الدين كانت على شكل أنصاف دوائر، في حين أن الأبراج التي أُنشئت في عهد الملك العادل كانت مربعة القاعدة ومتعددة الطوابق.
من أبرز أبراج القلعة: برج المقطم، برج الصفة، وبرج الحداد. على مر العصور، خضعت القلعة لعمليات ترميم وتطوير، وأصبحت منطقة مفتوحة للجمهور منذ ثمانينيات القرن العشرين، حيث تُستخدم الآن كحديقة متحفية ومكان للفعاليات الثقافية.
وفي قلعة صلاح الدين، يشير "الممر النصف دائري" إلى ممر يتخذ شكل نصف دائرة، وهو أحد العناصر المعمارية المميزة في البرج. هذا الممر يمتد من المدخل إلى الحجرات المستطيلة داخل البرج، ما يتيح الوصول إلى عدد من الغرف المختلفة. كما يساهم تصميمه في تعزيز الدفاعات، حيث يمكن من خلاله تنظيم الدفاعات بشكل فعال ضد أي هجمات محتملة.