كشف تحقيق نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية، الثلاثاء، 13 أغسطس/ آب 2024، أن الجيش الإسرائيلي يستخدم بشكل ممنهج مدنيين في قطاع غزة كدروع بشرية عند تمشيط الأنفاق والمباني.
وأضافت الصحيفة، في تحقيقها، أن استخدام المدنيين الفلسطينيين دروعًا بشرية في غزة يجري بمعرفة مكتب رئيس الأركان هرتسي هاليفي وضباط كبار في الجيش الإسرائيلي.
وعبر سلسلة شهادات من جنود وقادة ممن خدموا في الجيش الإسرائيلي، كشفت الصحيفة أن الجيش يقوم بنقل شبان من غزة غير المشتبهين بكونهم "مسلحين" إلى وحدات مختلفة تابعة له؛ حيث يقوم باحتجازهم كمعتقلين، ثم يرسلهم لمرافقة قواته عند تفتيش الأنفاق والمنازل في القطاع.
وأضافت أن "هؤلاء الشبان الفلسطينيين عادة ما يكونون في العشرينات من عمرهم، وغالبا ما يرتدون زي الجيش الإسرائيلي، لكن بنظرة أكثر تركيزًا ستكتشف أنهم ينتعلون أحذية رياضية، وأيديهم مكبلة خلف ظهورهم، ووجوههم تظهر عليها علامات الخوف".
وتابعت الصحيفة: "هؤلاء هم الفلسطينيون الذين تستخدمهم وحدات الجيش الإسرائيلي في غزة بهدف واحد: أن يكونوا دروعًا بشرية للجنود في عملياتهم؛ حيث يمشطون الأنفاق والمباني قبل دخول القوات إليها".
ونقلت عن جنود إسرائيليين قولهم: "قالوا (في الجيش) إن حياتنا أهم من حياتهم (الفلسطينيين)، وإنه في النهاية من الأفضل أن يكون جنودنا على قيد الحياة، وأن ينفجروا هم جراء عبوة ناسفة".
شهادات مروعة من محرَّرين
يأتي هذا التحقيق بعد أيام من كشْف المعتقل الفلسطيني المحرر محمد عبد الفتاح سعد، عن استخدام الجيش الإسرائيلي له ولعدد آخر من المعتقلين كدروع بشرية خلال عمليات عسكرية في المناطق التي يتوغل بها برياً في قطاع غزة.
وفي تصريحات صادمة له، قال سعد (20 عامًا) وهو من سكان بلدة جباليا شمالي القطاع، إن الجنود الإسرائيليين كانوا يثبتون كاميرات للمراقبة على أجسادهم ويجبرونهم على اقتحام منازل وآليات عسكرية مدمرة تتبع لهم.
وأضاف: "استخدمونا كدرع بشري لهم، وألبسونا كاميرات لتصوير منازل وآليات مقصوفة، وغيرها من الأوامر".
بحسب شهادات معتقلين سابقين، فإن الجيش كان يطلب منهم تصوير مواقع خطيرة قد تتعرض لاستهداف من مسلحين فلسطينيين، لإجراء عمليات استكشاف ومسح معلوماتي للمكان.
وأشار سعد، إلى أن الجيش كان يكرر هذا السلوك بحقه وحق عدد من المعتقلين الفلسطينيين، ويتخلله طلبات كثيرة خلال عملية المسح.
ولفت إلى أنه خرج في يوم من الأيام لتصوير آلية عسكرية إسرائيلية مقصوفة لكنه أصيب آنذاك وفقد وعيه.
وتابع: "في اليوم الثاني من هذا العمل، وجدت نفسي مصاباً داخل مستشفى".
وعن أساليب التعذيب داخل السجون الإسرائيلية، قال سعد، إنهم تعرضوا للضرب المبرح من الجيش الإسرائيلي.
وتحدث عن ذلك: "في يوم طلبت منهم إطلاق سراحي فضربوني بعقب البندقية بقوة شديدة على حاجبي".
وبيّن أن الجيش كان يتعمد "ضرب المعتقلين الفلسطينيين وتعذيبهم وتجويعهم وتعطيشهم، ومنعهم من استخدام دورات المياه إلا لمرة واحدة يومياً".
ووصل سعد، صباح الجمعة، إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، بعد أن أمضى 45 يوماً داخل السجون الإسرائيلية.
واعتقل الجيش الإسرائيلي، منذ أن بدأ عمليته البرية في غزة في 27 أكتوبر/ تشرين الأول، آلاف المدنيين الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال وعاملون في الطواقم الصحية والدفاع المدني.
وخلال الشهور الماضية، أطلق الجيش سراح عشرات المعتقلين الفلسطينيين من غزة على دفعات متباعدة، ومعظمهم عانوا من تدهور في أوضاعهم الصحية، وحملت أجسادهم آثار تعذيب وإهمال طبي.
وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حربًا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 13,1 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورًا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة.