شهدت تل أبيب سيلاً لم يتوقف من التهديدات لبيروت، شارك في توجيهها وزراء وعسكريون وقادة في المعارضة، فيما قال رأس الهرم السياسي للاحتلال بنيامين نتنياهو: " إن " حزب الله سيدفع ثمناً باهظاً لم يسبق أن دفع مثله"، رداً على مقتل 11 شخصاً في الجولان السوري المحتل.
وفيما يوجه الاحتلال اتهامات لجماعة حزب الله اللبنانية، مدعياً تسبب صاروخ أطلقه حزب الله بمقتل وإصابة أكثر من 30 شخصاً في بلدة مجدل شمس، نفت الجماعة بشكل قاطع علاقتها بالحادثة.
وفي أول تعليق من رئيس وزراء الاحتلال، هدد بنيامين نتنياهو بجعل حزب الله اللبناني يدفع "ثمناً باهظاً لم يدفعه من قبل"، دون تقديم توضيحات بالخصوص.
ومنذ الاثنين، يجري نتنياهو زيارة إلى واشنطن، حيث التقى الرئيس جو بايدن ومرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية المقبلة دونالد ترامب، كما ألقى كلمة أمام مجلس النواب الأمريكي.
من جانبه، هدد الجيش الإسرائيلي بالرد على حزب الله اللبناني، حيث قال المتحدث بلسانه دانيال هاغاري، في مؤتمر صحفي: "حادث مجدل شمس الأصعب منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 (تاريخ بدء الحرب على غزة)، وسنرد عليه".
وادعى المتحدث أن الحادث وقع نتيجة صاروخ أطلقه حزب الله، وأصاب ملعباً لكرة القدم وسط مجدل شمس"، وتابع: "نحن نجري تقييما مشتركا للوضع، ولا يوجد حالياً أي تغيير في توجيهات قيادة الجبهة الداخلية".
تهديدات بالجملة
سيل لم يتوقف من التهديدات أطلقها وزراء في حكومة الاحتلال، وقادة في المعارضة، حتى أن رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت المستقيل من الحياة السياسية وجه تهديدات لحزب الله.
رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت قال في تصريح له عبر موقع "إكس": "انتهى وقت الكلام وتعبنا من الخطابات الجوفاء والإجراءات الضعيفة، على الجميع أن يقرر إما أن يكون إلى جانب إسرائيل والحياة أو إلى جانب عدونا والموت".
من جانبه قال وزير حرب الاحتلال يوآف غالانت: " سوف نضرب حزب لله في كل مكان نحتاج لضربه فيه".
أما وزير خارجية إسرائيل يسرائيل كاتس فقال: "حزب الله تجاوز الخطوط الحمراء، ونقترب من حرب شاملة معه".
فيما نقلت يديعوت أحرونوت عن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير قوله: "مجالس صناع القرار امتنعت لعشرة أشهر عن الاعتراف بأننا في معركة مع حزب الله"، مطالبا رئيس الوزراء نتنياهو بشن حرب على حزب لله فوراً.
أما وزير المالية بتسلئيل سموتريتش فقال معقباً: "حان وقت العمل ويجب على كل لبنان أن يدفع الثمن، ويجب اغتيال نصر الله رداً على هجوم مجدل شمس".
من جانبه، قال وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين: "لبنان يجب أن يحترق"، فيما قال وزير الاقتصاد والصناعة الإسرائيلي نير بركات: "على إسرائيل تغيير الواقع في الشمال وجعل لبنان وحزب الله يدفعان ثمناً باهظاً"، ووزير الثقافة ميكي زوهار: " علينا أن نوقف التأجيل المستمر وأن نضرب حزب الله بهجوم قاس وحان وقت العمل".
أما زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد فقال: " نتنياهو لم يقرر بعد العودة لإسرائيل وهذا دليل آخر مخجل على انفصاله التام".
فيما قال أفيغدور ليبرمان رئيس حزب إسرائيل بيتنا: "حان الوقت ليدفع نصر الله الثمن".
لبنان يدين واليونفيل يواجه التصعيد
من جانبها، أدانت الحكومة اللبنانية "كل أعمال العنف والاعتداءات ضد جميع المدنيين" عقب الهجوم الصاروخي الذي أدى لمقتل مدنيين في بلدة مجدل شمس الدرزية بالجولان السوري المحتل.
وقالت الحكومة اللبنانية في بيان إنها "تدين كل أعمال العنف والاعتداءات ضد جميع المدنيين"، داعية إلى "الوقف الفوري للأعمال العدائية على كل الجبهات".
وأشار بيان الحكومة إلى أن "استهداف المدنيين يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ويتعارض مع مبادئ الإنسانية".
بدوره، تلقى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري اتصالا من المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت، أكد خلاله أن لبنان ومقاومته ملتزمان بالقرار 1701 وبقواعد الاشتباك بعدم استهداف المدنيين".
وفي 11 أغسطس/ آب 2006، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم "1701" الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل، ودعا إلى إيجاد منطقة بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني جنوب لبنان، تكون خالية من أي مسلحين ومعدات حربية وأسلحة، ما عدا تلك التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات "يونيفيل" الأممية.
وأضاف بري أن "نفي المقاومة (حزب الله) لما جرى اليوم في بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل يؤكد بشكل قاطع هذا الالتزام وعدم مسؤوليتها ومسؤولية لبنان عما حصل"، وفق بيان لبري.
وفي السياق ذاته، أكد الزعيم الدرزي وليد جنبلاط في بيان نقلته عنه وكالة الأنباء اللبنانية أنّ "استهداف المدنيين أمرٌ مرفوض ومدان، سواء كان في فلسطين المحتلة أو الجولان المحتل، أو في جنوب لبنان".
وأضاف أن "تاريخ العدو الإسرائيلي وحاضره مليء بالمجازر التي ارتكبها ويرتكبها ضد المدنيين دون هوادة، والدعوة الى الجميع في لبنان وفي فلسطين والجولان من أي انزلاق أو تحريضِ في سياق مشروع العدو التدميري، والمطلوب عدم توسع الحرب ووقف فوري للعدوان ولإطلاق النار".
ويعتبر المكون الدرزي (مكون عرقي ديني) أحد المكونات الرئيسية في لبنان، حيث يعيش في هذا البلد العربي ما لا يقل عن 200 ألف من الطائفة الدرزية من إجمالي عدد السكان الذي يزيد عن 5.2 ملايين.
من جانبه، قال الناطق الرسمي باسم قوات الأمم المتحدة في لبنان "اليونيفيل" أندريا تيننتي، إن قواته "على اتصال" مع لبنان وإسرائيل، لخفض التوتر الحدودي حادث مجدل شمس الدرزية بالجولان السوري المحتل.
ونقلت وكالة الإعلام اللبنانية الرسمية عن تيننتي قوله إن "اليونيفيل على اتصال بالأطراف لمحاولة خفض التوتر".
حزب الله ينفي
وفي وقت سابق من مساء السبت، أعلنت السلطات الإسرائيلية مقتل 11 شخصاً وإصابة عشرات آخرين جراء سقوط صاروخ على بلدة مجدل شمس الدرزية في الجولان السوري المحتل، ملمحة إلى أن قتلى الحادث هم من الطائفة الدرزية.
وبينما اتهم متحدث الجيش الإسرائيلي "حزب الله" بالوقوف وراء الهجوم وهدد بالرد عليه، نفى الحزب مسؤوليته عن ذلك.
قال الحزب في بيان: "تنفي المقاومة الإسلامية في لبنان نفياً قاطعاً الادعاءات التي أوردتها بعض وسائل إعلام العدو ومنصات إعلامية مختلفة عن استهداف مجدل شمس".
وأضاف: "نؤكد أن لا علاقة للمقاومة الاسلامية بالحادث على الإطلاق، وننفي نفياً قاطعاً كل الادعاءات الكاذبة بهذا الخصوص".
وكان الحزب أعلن بالفعل قبل وقت قصير من حادث مجدل شمس استهداف 4 مواقع عسكرية شمال إسرائيل، ردا على اعتداءات الجيش الإسرائيلي على جنوب لبنان
وشملت هذه الاستهدافات "قصف بصواريخ الكاتيوشا طال مقر قيادة لواء حرمون في ثكنة معاليه غولاني بالجولان السوري المحتل"، لكن الحزب لم يتحدث في بياناته مطلقا عن استهداف بلدة مجدل شمس.
فيما أشار غالب سيف رئيس المبادرة الدرزية إلى أن " الصواريخ التي تسقط على القرى الدرزية والجليل هي صواريخ اعتراضية إسرائيلية، ودائماً توقع أضرار فادحة في الأماكن والأرواح ".
وجاءت الاستهدافات هذه عقب إعلان حزب الله عن مقتل 4 من عناصره بنيران إسرائيلية، اليوم؛ ليرتفع بذلك عدد قتلاه إلى 384 منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ومنذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها "حزب الله"، مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا عبر "الخط الأزرق" الفاصل أسفر عن مئات القتلى والجرحى معظمهم بالجانب اللبناني.
وترهن الفصائل وقف القصف بإنهاء إسرائيل حرب تشنها بدعم أمريكي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول؛ ما خلّف أكثر من 128 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود.
وتواصل تل أبيب الحرب على غزة متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني المزري بالقطاع.