عبرت وسائل إعلام إسرائيلية بشكل عام مساء الأربعاء 12 يونيو/حزيران 2024 عن جو من الاستياء العام من الرد الفلسطيني على "مقترح بايدن"، فيما لم يصدر بعد أي رد رسمي من تل أبيب رغم مرور أكثر من 24 ساعة على إعلان الدوحة والقاهرة تسلمهما الرد المشترك الذي قدمته حركتا حماس والجهاد الإسلامي.
ويعد الصمت الرسمي في تل أبيب لافتاً، إذ يتسابق الوزراء بالعادة إلى إصدار تعليقاتهم عبر بيانات رسمية، أو عبر حساباتهم على موقع إكس، كما أنه لا بيان صدر عن رئيس وزراء الاحتلال أو مكتبه حتى اللحظة.
التصريح الوحيد الذي صدر ليلة الثلاثاء كان عن مسؤول إسرائيلي لم يذكر اسمه، وقال إن حركة حماس "رفضت" المقترح الذي أعلن عنه بايدن.
وقد تراوحت التعليقات على التعديلات التي أضافها الرد الفلسطيني المشترك، فمن جانبه، وصف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بعضها بالمقبول، بينما قال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان، إن التغييرات طفيفة، وإن الولايات المتحدة ستعمل مع مصر وقطر لسد الفجوات في الاقتراح.
تل أبيب ترى غير ذلك
بحسب " القناة 13"، فقد ادعى مسؤول إسرائيلي كبير أن "هذا هو الرد الأكثر تطرفاً الذي يمكن لحماس أن تقدمه".
فيما نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر مطلع على المفاوضات أن "حماس قدمت رداً يعتبر في بعض جوانبه الأكثر صرامة مقارنة بالرد الذي قدمته في بداية مايو/أيار".
وأشارت هيئة البث إلى أن حماس طالبت بأن تكون الصين وروسيا وتركيا دولاً ضامنة للاتفاق، بالإضافة إلى قطر ومصر والولايات المتحدة، وهو ما لم يرد في المسودات السابقة التي تبادلها الطرفان؛ واعتبرت أن هذا المطلب لن يكون مقبولاً على تل أبيب أو واشنطن.
كما ذكرت أن حماس تطالب بضمانات أمريكية مكتوبة بأن إسرائيل ستوقف الحرب.
صحيفة "يديعوت أحرونوت" نقلت عن مسؤولين إسرائيليين كبار قولهم إن "رد حماس يُظهر أن زعيم الحركة، يحيى السنوار، لا يثق بإسرائيل، وهو على قناعة بأنها ستنسف الاتفاق على كل مطب صغير، ولذلك فهو يصر على الاتفاق على كل شيء حتى قبل المرحلة الأولى، بهدف أن "تدخل إسرائيل إلى المرحلة الأولى وهي مقتنعة أن الحرب انتهت بالفعل".
كما قال المسؤولون إن "حماس تبدو قد توصلت إلى نتيجة مفادها أن وضع إسرائيل صعب، وأن الحركة قادرة على فرض شروط تعجيزية".
بناءً على الرد الفلسطيني، وبحسب يديعوت أحرونوت، فقد وجه مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى، انتقادات شديدة اللهجة للإدارة الأمريكية، مطالبين إياها بممارسة الضغط على قطر لتمارس بدورها ضغطاً على حماس".
من جانبها، أكدت القناة 12 الإسرائيلية أن حماس ترفض تدخل إسرائيل بهوية الأسرى الفلسطينيين الذين ستشملهم الصفقة، على أن يتم الإفراج عنهم بحسب أقدميتهم.
وأوضحت القناة أن "العقبة الأساسية في صفقة التبادل تكمن في مسألة الانتقال من المرحلة الأولى إلى الثانية، أي من مرحلة الوقف المؤقت لإطلاق النار إلى مرحلة الوقف الدائم لإطلاق النار".
فيما أوردت القناة 13 الإسرائيلية بعضاً من التعديلات التي أدخلها الرد الفلسطيني وترفضها تل أبيب:
- في اليوم الأول من المرحلة الأولى من الصفقة، سيبدأ وقف مؤقت لإطلاق النار من الجانبين، وستبدأ القوات الإسرائيلية بالانسحاب من المناطق المأهولة بالسكان إلى المناطق المحاذية لحدود خارج قطاع غزة.
- في اليوم الثالث سيبدأ الانسحاب من محور صلاح الدين وشارع الرشيد، وسيبدأ تفكيك كافة المنشآت العسكرية الموجودة على محور نيتساريم، بالتزامن مع الانسحاب الكامل من محور فيلادلفيا ومن الجانب الفلسطيني لمعبر رفح.
- في المرحلة الأولى، ستطلق حماس سراح 32 أسيراً إسرائيلياً، حياً أو ميتاً، حيث سيتم إطلاق سراح ثلاثة رهائن كل ثلاثة أيام، فيما يصر الاحتلال على الإفراج عن أسرى أحياء فقط في هذه المرحلة.
- إذا لم يتم الانسحاب الكامل بحلول اليوم السابع، فسوف يتوقف إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.
- سترتكز قوائم الأسرى الفلسطينيين على مبدأ "الأولوية بناءً على الأسبقية بالاعتقال"، أي إن الحركة ستطلب إطلاق سراح الأسرى القدامى.
- في نهاية المرحلة الأولى من الصفقة يجب أن يكون هناك انسحاب كامل من القطاع بأكمله، وهذا يعني أنه لن يكون هناك أي جندي إسرائيلي داخل غزة.
- تنتهي المرحلة الأولى بإعلان الاستعداد لـ"هدنة مستدامة" تستهدف وقف العمليات العسكرية بشكل كامل، قبل تبادل الأسرى من الجانبين.
وأيد مجلس الأمن الدولي الإثنين مقترحاً قدمه الرئيس الأمريكي جو بايدن لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة.
وقدم بايدن الجمعة ما وصفه بمقترح إسرائيلي "من ثلاث مراحل" لوقف إطلاق النار في غزة يشمل مفاوضات من أجل وقف دائم لإطلاق النار في القطاع الفلسطيني، بالإضافة إلى مقايضة رهائن إسرائيليين بسجناء فلسطينيين.
ولم تعلن إسرائيل موقفاً نهائياً مما أعلنه بايدن، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف ما عرضه الرئيس الأمريكي بأنه "غير دقيق"، وقال، في تصريحات صحفية الإثنين، إنه لم يوافق على إنهاء الحرب في المرحلة الثانية من المقترح، وإنما فقط "مناقشة" تلك الخطوة وفق شروط تل أبيب.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على غزة؛ خلفت أكثر من 119 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل هذه الحرب رغم قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح (جنوب)، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني المزري بالقطاع.