دعت قطر ومصر والولايات المتحدة، مساء السبت 1 يونيو/حزيران 2024، حماس وإسرائيل، لإبرام اتفاق استناداً لمبادئ أعلنها الرئيس الأمريكي جو بايدن، وفيما أعلنت حماس عدم تلقيها نصاً مكتوباً للمقترح المعلن عنه، هدد الوزيران الإسرائيليان إيتمار بن غفير وسموتريتش بإسقاط الحكومة إن وافق عليها بنيامين نتنياهو.
والجمعة، قال بايدن، في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، إن إسرائيل قدمت مقترحاً شاملاً من 3 مراحل يشمل وقفاً لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المحتجزين وإعادة إعمار القطاع.
وفي بيان مشترك للدول الثلاث، دعت قطر ومصر والولايات المتحدة "بصفتهم وسطاء في المناقشات الجارية لضمان وقف إطلاق النار في قطاع غزة كلاً من حماس وإسرائيل لإبرام اتفاق يجسد المبادئ التي حددها بايدن، الجمعة".
وأوضحت الدول الثلاث أن "هذه المبادئ تجمع مطالب جميع الأطراف معاً في صفقة تخدم المصالح المتعددة، ومن شأنها أن تنهي بشكل فوري المعاناة الطويلة لكل سكان غزة والمعاناة الطويلة للرهائن وذويهم".
وأكدت الدوحة والقاهرة وواشنطن أن "الاتفاق (المحتمل) يقدم خارطة طريق لوقف دائم لإطلاق النار وإنهاء الأزمة".
حماس: الكرة في ملعب الاحتلال
من جانبه، قال القيادي في حركة حماس أسامة حمدان: "لم يصلنا حتى اللحظة شيء محدد، ولسنا بصدد العودة لنقطة الصفر للتفاوض".
ووصف حمدان ما تحدث عنه الرئيس جو بايدن بـ"الإطار العام".
وقال حمدان إن "الدور الآن على الوسطاء للضغط على الجانب "الإسرائيلي" ليقبل بذات الورقة التي أرى أنها حققت ما طرحه الرئيس بايدن من مبادئ".
والجمعة، قالت حركة حماس إنها ستتعامل "بإيجابية مع أي مقترح يقوم على أساس وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الكامل من قطاع غزة وإعادة الإعمار وعودة النازحين وإنجاز صفقة تبادل جادة للأسرى".
تهديد في تل أبيب
في تل أبيب هدد الوزيران الإسرائيليان المتطرفان إيتمار بن غفير وبتسالي سموتريتش بالانسحاب من الحكومة وحلها إذا وافق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على صفقة "تنهي الحرب ولا تدمر حركة حماس".
وعلى عكس ما جاء في خطاب بايدن، قال مكتب نتنياهو إن الأخير "يصر على عدم إنهاء الحرب على قطاع غزة إلا بعد تحقيق جميع أهدافها".
ويُصر نتنياهو على وقف مؤقت لإطلاق النار، دون إنهاء الحرب أو الانسحاب من قطاع غزة، بينما تطالب حماس بإنهاء الحرب، وانسحاب الجيش الإسرائيلي، وعودة النازحين، وتكثيف الإغاثة، وبدء الإعمار، ضمن أي اتفاق لتبادل الأسرى.
وقال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، في منشور عبر منصة إكس: "الصفقة كما نشرت تفاصيلها (في إشارة لإعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن) تعني نهاية الحرب واستسلام (إسرائيل) أمام حماس".
وأضاف بن غفير: "إذا نفّذ رئيس الوزراء الصفقة غير الشرعية بموجب الشروط المنشورة، والتي تعني نهاية الحرب، فإن عوتسما يهوديت (الحزب الذي يتزعمه) سيحل الحكومة".
وأردف: "هذه صفقة غير شرعية، وهي انتصار للإرهاب وخطر أمني على دولة إسرائيل".
وقال بن غفير إن الموافقة على مثل هذه الصفقة لا تمثل النصر المطلق، بل الهزيمة المطلقة"، وفق زعمه.
وتابع: "لن نسمح بانتهاء الحرب دون القضاء التام على حماس".
بدوره، قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، في منشور عبر منصة إكس: "تحدثت الآن مع رئيس الوزراء (نتنياهو) وأوضحت له أنني لن أكون جزءاً من حكومة توافق على الخطوط العريضة المقترحة وتنهي الحرب دون تدمير حماس وإعادة جميع المحتجزين".
وأضاف سموتريتش: "لن نوافق على إنهاء الحرب قبل تدمير حماس، ولا إلحاق ضرر جسيم بإنجازات الحرب حتى الآن من خلال انسحاب الجيش الإسرائيلي وعودة سكان غزة إلى شمال قطاع غزة، ولا على إطلاق سراح جماعي للمعتقلين الفلسطينيين الذين سيعودون لقتل اليهود".
وأنهى حديثه بالقول: "نطالب باستمرار القتال حتى القضاء على حماس وعودة كافة المحتجزين وخلق واقع أمني مختلف تماماً في غزة ولبنان وعودة كافة السكان إلى منازلهم في الشمال والجنوب واستثمار ضخم في التنمية المتسارعة لهذه المناطق من البلاد".
المقترح الجديد
والجمعة، قال بايدن، في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، إن المرحلة الأولى من المقترح الإسرائيلي تستمر 6 أسابيع وتشمل "وقفاً كاملاً وشاملاً لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة في غزة".
كما تتضمن المرحلة الأولى "إطلاق سراح عدد من الرهائن، بمن فيهم نساء ومسنون وجرحى، مقابل إطلاق سراح مئات من السجناء الفلسطينيين" في السجون الإسرائيلية.
وأشار بايدن إلى أن المرحلة الثانية تشمل "إطلاق سراح بقية الرهائن والجنود وإدامة وقف إطلاق النار، بينما تتضمن المرحلة الثالثة ما بعد الحرب وإعادة إعمار غزة".
ويأتي حديث بايدن عن هذا المقترح رغم رفض إسرائيل في وقت سابق مقترحاً آخر قدمته مصر وقطر، وأعلنت حماس موافقتها والفصائل الفلسطينية عليه في 6 مايو/أيار.
وتضمن المقترح المصري القطري بنوداً مشابهة لما يتحدث عنه بايدن، من حيث كونه مقترحاً يتم تنفيذه على مراحل تنتهي بتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، لكن إسرائيل رفضته آنذاك بدعوى أنه "لا يلبي مطالبها"، وأكدت أنها ستواصل الحرب على غزة حتى تحقيق ما تسميه "الانتصار الساحق".
وفي اليوم ذاته، بدأت إسرائيل، آنذاك، عملية عسكرية على مدينة رفح جنوبي غزة، وسيطرت على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في اليوم التالي.
كذلك، شكَّكت تل أبيب مؤخراً في "حيادية" الوسيطين المصري والقطري بهذه المحادثات، وهو ما دعت قطر إلى "عدم الالتفات إليه"، فيما حذرت مصر من أن التشكيك في وساطتها "قد يدفعها للانسحاب" منها.
وبوساطة مصر وقطر ومشاركة الولايات المتحدة، تجري إسرائيل وحماس منذ أشهر مفاوضات غير مباشرة متعثرة، فيما تتواصل الحرب الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ومن خلال المفاوضات مع حماس فقط، بادلت إسرائيل 105 من هؤلاء الأسرى، وبعضهم عمال أجانب، بأسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، خلال هدنة مؤقتة مع الفصائل استمرت 7 أيام، وانتهت مطلع ديسمبر/كانون الأول 2023
وتتحدث إسرائيل حالياً عن بقاء 121 أسيراً من هؤلاء بأيدي الفصائل، فيما أعلنت حماس في 26 مايو/أيار الجاري تمكنها من أسر جنود إسرائيليين جدد خلال عملية في غزة، دون الكشف عن عدد محدد، وهو ما نفته إسرائيل.
وخلّفت الحرب الإسرائيلية على غزة أكثر من 118 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل هذه الحرب متجاهلةً قراراً من مجلس الأمن يطالبها بوقف القتال فوراً، وأوامر من محكمة العدل بوقف هجومها على رفح، واتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، و"تحسين الوضع الإنساني" بغزة.