أجواء من الحزن خيَّمت على قرية "العجميين" بمركز أبشواي بمحافظة الفيوم، غربي مصر، بعد وصول أنباء استشهاد الجندي المصري عبد الله رمضان عشري حجي برصاص الجيش الإسرائيلي على معبر رفح يوم الإثنين 27 مايو/أيار 2024، وقد شيَّع أهالي القرية جثمان الجندي المصري فجر الثلاثاء 28 مايو/أيار 2024 من مسجد شربا بقرية العجميين، بمركز أبشواي، وسط حشود كبيرة من المشاركين.
تواصل "عربي بوست" مع عم الجندي المصري، عبد الله رمضان لمعرفة تفاصيل وصول الجثمان إلى القرية وتشييعه، لكنه اعتذر ورفض الحديث متعللاً بسوء الحالة النفسية للعائلة بالكامل، كما تواصل "عربي بوست" مع زوج عمته السيد محمد عبد المطلب، والذي قال إن الحالة النفسية للأسرة سيئة بسبب الحادث، لكنه أشار إلى أنهم "يفخرون باستشهاده دفاعاً عن الوطن وعن فلسطين".
في قرية العجميين، خيَّم الحزن على الأهالي رغم حديث البعض عن "فرحهم واستبشارهم" باستشهاد عبد الله رمضان، وقد نشر "الجروب الرسمي لقرية العجميين بأبشواي"، وهو جروب على فيسبوك، يشترك فيه 23 ألف عضو من القرية ومن مركز أبشواي بمحافظة الفيوم إعلاناً رسمياً بالحداد ثلاثة أيام، حزناً على الجندي عبد الله رمضان.
فيما توالت إعلانات العزاء داخل الجروب، ومن بينها إعلان لعضو مجلس الشعب عن دائرة أبشواي، النائب بالبرلمان المصري يوسف الشاذلي، الذي نشر تعزيته في الجروب الرسمي، وقال: "النائب/ يوسف الشاذلي، عضو مجلس النواب وأمين تنظيم حزب مستقبل وطن، وجميع عائلات العجميين يتقدمون بخالص العزاء لأسرة وعائلة الشهيد البطل ابن قرية العجميين جُندي/ عبد الله رمضان عشري حجي، الذي قدم روحه الطاهرة من أجل الوطن وفي سبيل الذود عن حدوده".
تفاصيل وصول جثمان الجندي المصري عبد الله رمضان للقرية
ضياء مصطفى، أحد جيران الجندي المصري عبد الله رمضان، تحدث إلى "عربي بوست" عبر الهاتف، عن تفاصيل وصول جثمان الجندي إلى القرية ثم الصلاة عليه في مسجد "شربا" بالعجميين في أبشواي ثم تشييعه إلى مثواه الأخير وما إذا كان هناك عزاء سوف تنظمه الأسرة.
قال ضياء مصطفى، في تصريحات لـ"عربي بوست"، عبر الهاتف، إن خبر استشهاد عبد الله رمضان وصل للقرية بعد صلاة العصر، حيث تناثر الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقد أصيبت القرية بالكامل بالصدمة في بداية سماعها لخبر استشهاد عبد الله رمضان، مشيراً إلى أن عائلته لم تستوعب الحدث في بداية الأمر.
أضاف في تصريحاته لـ"عربي بوست" إن طرفاً ما "لم يكشف هويته" اتصل بالأسرة لإبلاغهم بشكل رسمي بالخبر، وعادة ما يقوم الجيش المصري بالاتصال بعائلة المجندين حال حدوث أي حوادث لهم، وقد استعدت الأسرة لاستقبال الجثمان، وظلوا في الانتظار حتى أذان فجر يوم الثلاثاء 28 مايو/أيار 2024.
قال كذلك إن الجثمان وصل إلى القرية في سيارة إسعاف، ومعه قوة من قسم شرطة أبشواي، تقوم بحراسته، لكنه نفى أن يكون قد وصل مع جثمان عبد الله رمضان أي قوة من القوات المسلحة أو أي من أفراد القوات المسلحة، وقد تمت صلاة الجنازة على جثمان الجندي في مسجد شربا بقرية العجميين في السادسة والنصف صباحاً، وشارك الآلاف في تشييع جثمان الجندي المصري إلى المقابر، مشيراً إلى أن أهالي القرية كانوا يباركون أسرة الجندي عبد الله رمضان استشهاده على يد قوات الاحتلال.
كشف ضياء مصطفى بعض الجوانب الإنسانية عن عبد الله رمضان، حيث قال إنه أكبر إخوته، حيث إن له شقيقين وشقيقة آخرين أصغر منه في العمر، وكان يستغل إجازته من الجيش للعمل في المعمار لمساعدة أسرته الفقيرة، حيث يعمل والده في المعمار كذلك، ووالدته ربة منزل، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه سوف يتم تنظيم عزاء في منزل عائلته مساء الثلاثاء.
أما "أبو عبد الرحمن، دسوقي عبد الحميد"، أحد جيران الجندي عبد الله رمضان، فقد قال لـ"عربي بوست" عبر الهاتف، إن الخبر أصاب القرية بالصدمة، إذ إنه كان شاباً ملتزماً، وذا سمعة طيبة، مشيراً إلى أن أصدقاءه تواصلوا مع أسرته وحكوا لها عن بعض "ممارسات" عبد الله رمضان مع أهالي رفح الفلسطينية حين كانوا يتكلمون إليه أثناء وجوده على الحدود.
قال لـ"عربي بوست" إن أصدقاء عبد الله رمضان أخبروا أسرته بأنه كان يقدم الطعام للأطفال الفلسطينيين حينما كانوا ينادون عليه، وكان يطلب من زملائه في الوحدة العسكرية أن يسلموا "طعامه" إلى الأطفال الفلسطينيين في فترات إجازته من الجيش.
أشار كذلك إلى أن عبد الله رمضان حاصل على دبلوم، وكان يقضي عامين في الجيش، وكان من المقرر أن يخرج في شهر سبتمبر/أيلول 2024، وقد كان على مقربة من الزواج، حيث اتفق مع خطيبته على إتمام الزواج بعد عام واحد فقط من الخروج من الجيش.
أما بخصوص المعلومات المتوافرة حول الحادث عند معبر رفح، فقد قال أحد أقارب عبد الله رمضان، الذي تحفظ على ذكر اسمه لـ"عربي بوست"، إن اصدقاء عبد الله رمضان أخبروا أسرته أنه حين حدث إطلاق نار، تراجع كل أفراد القوة العسكرية المصرية إلى داخل الأراضي المصرية بعيداً عن الحدود، لكن عبد الله صمَّم على التقدم وإطلاق النار الكثيف على جنود الاحتلال الإسرائيلي، ولم يستمع إلى أي تحذيرات من زملائه، حتى طالته رصاصة من أحد جنود الاحتلال فأوقعته شهيداً في الحال.
في سياق متصل، فقد كشف أحد أهالي قرية العجميين لـ"عربي بوست" أن الأمن قام بالتواجد بشكل واضح أمام القرية، وقال إن "تعليمات وصلت لعائلة عبد الله رمضان بعدم التواصل مع الإعلام أو الحديث لوسائل الإعلام"، وفق وصفه.
يذكر أن أهالي قرية العجميين بمركز أبشواي بمحافظة الفيوم غرب العاصمة المصرية، قد شاركوا الثلاثاء 28 مايو/أيار 2024، في مراسم تشييع جثمان الجندي المصري عبد الله رمضان محمد قطب، والذي استشهد برصاص الاحتلال على الحدود الفلسطينية- المصرية.
ونشرت وسائل إعلامية مقطع فيديو لوالد الجندي المصري، معلقاً على استشهاد ابنه بالقول إنه "فداء للوطن".
والثلاثاء، كشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن الاحتلال لديه توثيق واضح للحادث الذي شوهد فيه الجندي المصري وهو يفتح النار على القوات الإسرائيلية.
حيث أوضحت أن الجندي المصري كان يتمركز على موقع مرتفع بالقرب من محور فيلادلفيا، وراقب منه قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأطلق النار من مسافة قريبة حوالي 100-200 متر، بحسب معاريف. وأشارت الصحيفة إلى أن مقاتلي اللواء 401 الذين ردوا بإطلاق النار يحظون بدعم كامل في إسرائيل، كونهم ردوا بـ"إطلاق النار لإزالة تهديد".
جدير بالذكر أنه وفي وقت سابق الإثنين، أعلن الجيش المصري، في بيان مقتضب، "استشهاد" عنصر تأمين على الحدود مع مدينة رفح جنوب القطاع، إثر إطلاق نار، لافتاً إلى أنه تم "فتح تحقيق في الحادث".
جاء ذلك بعد وقت قصير من إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي وقوع "تبادل لإطلاق النار" بين جنوده وقوات مصرية قرب معبر رفح البري الفاصل بين غزة ومصر، أدى إلى مقتل جندي مصري، دون وقوع إصابات إسرائيلية.