تزداد اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى وحي الشيخ جراح في القدس المحتلة وسط حماية وانتشار مكثف من قوات الاحتلال للاحتفال بعيد يهودي آخر يسمى "عيد الشعلة".
تزايد اقتحامات الأقصى
أعلنت دائرة الأوقاف الإسلامية، في بيان مقتضب أصدرته يوم الأحد 26 مايو/أيار، أن 170 مستوطناً يهودياً وعناصر مخابرات إسرائيليين اقتحموا المسجد الأقصى المبارك عبر باب المغاربة، في حائطه الغربي.
في الوقت نفسه، منعت قوات الشرطة الإسرائيلية المتمركزة على أبواب البلدة القديمة والمسجد الأقصى المواطنين من دخول المسجد لأداء الصلاة.
تأتي هذه الاقتحامات المتزايدة تلبية لدعوات جماعات استيطانية متطرفة لاقحام الأقصى لأداء طقوس عيد الشعلة اليهودي.
وهي عادة متكررة في في كافة الأعياد اليهودية،، حيث تقتحم جماعات الهيكل المتطرفة المسجد الأقصى لأداء طقوسها ومراسمها الاحتفالية.
كذلك يشعل المستوطنون الأخشاب والسنابل داخل ساحة البراق التي خصصتها قوات الاحتلال قسراً لصلاة اليهود.
اقتحامات بالآلاف لحي الشيخ جراح
وبالتزامن وللسبب نفسه، تقوم قوات الاحتلال منذ مساء السبت بإغلاق عدد من الشوارع والطرقات بالسواتر الحديدية والحواجز في حي الشيخ جراح وسط مدينة القدس المحتلة، حيث يتوقع توافد عشرات آلاف اليهود الأرثوذكس إلى ما يسمى "قبر شمعون الصديق".
إذ قال مركز معلومات "وادي حلوة" الحقوقي بالقدس إن عشرات الآلاف من المستوطنين يشاركون في الاحتفال بمدينة القدس المحتلة، واعتبر أن الحي تحول إلى "ثكنة عسكرية" بسبب الانتشار الكبير للقوات بفرق مختلفة في محيط مكان الاحتفال.
كما شارك في الاقتحامات للحي المقدسي، وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الذي اقتحم الحي، عصر الأحد، برفقة آلاف من المستوطنين، وفق وكالة "معاً" الإخبارية الفلسطينية.
الاستيلاء على أراضي عائلات مقدسية
قال عضو لجنة الدفاع عن حي الشيخ جراح، صالح ذياب، لموقع "عرب 48"، إن قوات الاحتلال استولت على أكبر قطعتي أرض في الحي تمهيداً لإقامة هذا الاحتفال، وهي مناطق وسط أحياء سكنية.
قطعتا الأرض تملكهما عائلتان مقدسيتان، وأخرى مجاورة تمت السيطرة عليها من قِبل قوات الاحتلال لإقامة الاحتفال.
أصوات صاخبة ورقص وتضييق على مواطني الشيخ جراح
شرطة الاحتلال وزعت بيانات على أهالي حي الشيخ جراح، طالبتهم بمنع ركن سياراتهم في الحي طيلة ساعات فعاليات العيد اليهودي، وسط تضييقات فرضت على حركتهم حتى في منازلهم والشوارع المؤدية لها.
بينما أكد مواطنو الحي أن المستوطنين يقومون باستفزاز المقدسيين القاطنين قرب مكان إقامة الاحتفال، حيث أقيمت الأضواء العالية على أبراج إضاءة، ومكبرات الصوت الصاخبة.
وأظهرت اللقطات المنتشرة من الاحتفال كما اشتكى الأهالي من الأصوات الصاخبة في الحي والرقص والغناء العالي المستمر إلى ما بعد منتصف الليل، ما يصعب نوم أهل الحي المقدسي خلال الاحتفالات.
وحسب موقع "بُكرا" الذي يبث من مدينة الناصرة، فقد أفادت الشرطة بأنها ستدفع بمئات من عناصرها في محيط حي الشيخ جراح وإغلاق عدد من شوارعه (شارع أبو بكر الصديق، وشارع عثمان بن عفان، وشارع خالد بن الوليد، وشارع نابلس، وشارع الشيخ جراح الرئيسي المؤدي إلى وادي الجوز) من الساعة 7 مساء السبت لغاية فجر الإثنين 27 مايو/أيار.
ما هو عيد الشعلة اليهودي؟
عيد الشعلة اليهودي يأتي بعد عيد الفصح اليهودي بـ 33 يوماً، وحسب المعتقدات اليهودية فهو يعد إحياءً لما يسمى "ثورة اليهود ضد الرومان في أرض فلسطين بقيادة شمعون باركوخبا عام 132 للميلاد".
ويقول المعتقد اليهودي إن الثورة تلك جاءت بعد 62 عاماً على "خراب الهيكل الثاني"، فيما يرمز في هذا العيد إلى سنابل حصاد القمح التي كانت تقدّم إلى الكهنة في أول أيام عيد الفصح، حسب شبكة "الجزيرة".
وماذا عن قبر "الصديق شمعون" الذي أصبح في مركز الاهتمام فجأة؟
مراسم إشعال الشعلة في هذا العيد تقام في مكانين رئيسيين، هما منطقة قبر "شمعون الصدّيق" في الشيخ جراح بالقدس، داخل مغارة حي الشيخ جراح.
تزعم الرواية اليهودية أن قبر شمعون الصديق أو سمعان العادل البار وهو يعتبر رئيس الكهنة في عهد "الهيكل الثاني" وزمن الإسكندر المقدوني (313 قبل الميلاد)، وله أمثال مشهورة في التوراة الشفوية (المشناه).
لكن المحكمة الشرعية بالقدس أصدرت وثيقة في العام 1733، تثبت شراء الشيخ الصدّيق بن عبيد بن سلامة السعدي، الأرض التي تضم المغارة من عبد الله بشّة غباري.
وقد اتخذها السعدي خلوة له ومكاناً لمريديه الراغبية في دراسة طريقته الصوفية، لتعرف لاحقاً باسم مغارة الشيخ صديق السعدي.
فيما يحتفظ الآن بهذه الوثيقة المقدسي درويش سليمان حجازي السعدي.
يعتبر أهالي الحي أن القبر حجة جديدة للسيطرة على المنطقة، وأنها لم تحصل أي اهتمام في وقت سابق، بل حدث ذلك ببشكل مفاجئ ولافت.
إذ قال صالح ذياب: "كنت أركن مركبتي داخل هذه المغارة لعقود ومع صعود أرييل شارون (2001- 2006) إلى سدة الحكم في إسرائيل ازداد الاهتمام بها بشكل لافت"، في تقرير آخر لـ"الجزيرة".
إذ الموقع الآخر لاحتفالات عيد الشعلة يقع في قرية ميرون المحتلة غرب مدينة صفد شمالي فلسطين، لذلك يرى سكان الحي أن اختيار موقع جديد في شرقي القدس وفي منطقة عربية له دلالات أبعد من مجرد اختيار مكان بديل لصفد.
ويرى المقدسيون أن ذلك تأتي ضمن محاولات تغيير الهوية الثقافية للحي وإدخال المزيد من الرموز اليهودية إليه، بالإضافة إلى تضييق الخناق على أهله أكثر.
لذلك؛ يرى أهالي الحي أن اختيار الحي يأتي لأسباب سياسية في المقام الأول، ولإنشاء مجمعات سياحية يهودية في قلب الأحياء الفلسطينية، لتسهيل دخولهم الأحياء وتمكين المستوطنين منن اقتحامها.