أزمة جديدة يواجهها جيش الاحتلال الإسرائيلي بعدما نشر جندي إسرائيلي يخدم في قطاع غزة مقطع فيديو، السبت 25 مايو/أيار 2024، يهدد فيه بتمرد عسكري واسع حال قرر وزير حرب الاحتلال يوآف غالانت إدخال السلطة الفلسطينية لغزة، أو الانسحاب من القطاع، ما دفع الجيش للأمر بفتح تحقيق في الحادثة.
الفيديو الذي أثار جدلاً كبيراً على منصات إسرائيلية وحسابات لنشطاء وصحفيين إسرائيليين وتفاعلت معه وسائل الاعلام في إسرائيل، ظهر فيه جندي احتياط ملثم داخل ما بدا أنه منزل مهدم بقطاع غزة، ومن خلفه شعارات مكتوبة بالعبرية لحركة "كاخ" المتطرفة المصنفة "إرهابية في إسرائيل"، وفق صحيفة "معاريف" العبرية. وقال الجندي: "لن أسلم أنا و100 ألف جندي احتياط مفاتيح غزة للسلطة الفلسطينية أو فتح أو حماس أو أي كيان عربي".
وطالب وزير الدفاع بالاستقالة، مضيفاً: "لا يمكنك الانتصار في الحرب، ولا يمكنك أن تقودنا أو أن تصدر لنا الأوامر". وأضاف مخاطباً غالانت: "أقول لك: إذا لم نذهب إلى النصر، سيبقى 100 ألف من جنود الاحتياط هنا. لن نتحرك من هنا. وسندعو سكان دولة إسرائيل إلى القدوم إلى غزة تحت حماية جيشنا".
وتابع: "سنستمع إلى زعيم واحد. هو ليس وزير الدفاع، ولا رئيس الأركان (هرتسي هاليفي)، إنه فقط رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو)".
تمرد جندي إسرائيلي في غزة
كشف الجندي عن الميول الانتقامية السائدة داخل الجيش الإسرائيلي بقوله: "نريد أن نقتل كل من احتفل بذبحنا، كل الأطفال الصغار الذين داسوا على رؤوس إخواننا الجنود في غزة، لن يبقى أحد من هؤلاء حياً، وأنت يا سيد غالانت، لا تستطيع أن تفعل ذلك".
وأضاف مهدداً وزير الدفاع: "ها أنا أعلمك، إما أن تغير سجلك وتدرك أننا نريد الانتصار أو سنمضي مع رئيس الوزراء فقط، وسنتبع فقط من يقرر أنه يجب علينا الانتصار". وبحسب "معاريف" أثار الفيديو صدمة داخل الجيش الإسرائيلي، وتداوله نجل رئيس الوزراء يائير نتنياهو على حسابه بتطبيق تليغرام.
وذكرت صحيفة "هآرتس" أن "ما قاله المتحدث في الفيديو إلى جانب نشره من قبل يائير نتنياهو، قد يشكل جريمة جنائية تتعلق بالفتنة ونشر الفتنة، والتي تصل عقوبتها إلى السجن لمدة خمس سنوات".
من جانبه، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي: "السلوك الموثق في الفيديو هو انتهاك خطير لأوامر وقيم الجيش الإسرائيلي، ويشكل شبهة ارتكاب جرائم جنائية"، وفق ذات المصدر. وأضاف أن رئيس النيابة العسكرية أمر بفتح تحقيق من قبل الشرطة العسكرية في الواقعة.
وقال المتحدث إنه "نظراً لخطورة الحادث، وجه رئيس الأركان هرتسي هاليفي بإجراء حوار مع الجنود والقادة على كافة المستويات".
ومنذ شهور يطفو على السطح ما بدا أنه خلاف بين وزير الدفاع غالانت ورئيس الوزراء نتنياهو بشأن مستقبل حكم غزة.
نجل نتنياهو ينشر الفيديو
فيديو الجندي الإسرائيلي، والذي تم تحميله على شبكات التواصل الاجتماعي من على صفحات مراسل القناة 14 يانون مغال شهد تفاعلاً كبيراً على حسابات منسوبة لصحفيين ونشطاء إسرائيليين، لكن المفاجأة هي قيام يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بنشر الفيديو على حسابه في تطبيق تليغرام.
نشر نجل نتنياهو لمقطع الفيديو، وهو يعيش في ميامي، يشير إلى موافقة ضمنية من نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي لمحتوى الفيديو، خاصة وأن الأيام الماضية قد شهدت خلافات بين نتنياهو والمؤسسة الامنية وقد تبادل نتنياهو الاتهامات مع قيادة الجيش بشأن فحوى تقييمات المخاطر الأمنية قبل طوفان الأقصى، في حين أكد رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي عدم تحقيق أي من الأهداف الإستراتيجية للحرب على غزة بعد.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن نتنياهو تلقى تحذيرات عدة من الاستخبارات العسكرية خلال عام 2023 بشأن المخاطر الأمنية التي تواجهها إسرائيل، وذلك إبان الاضطرابات الداخلية التي وقعت جراء خطة الحكومة لتعديل النظام القضائي.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنه بين مارس/آذار ويوليو/تموز 2023 أرسلت شعبة الاستخبارات 4 رسائل تحذيرية توضح كيف ينظر من وصفهم بأعداء إسرائيل في مختلف الساحات إلى الضرر الذي يلحق بتماسك الدولة، وبالجيش خصوصاً وجاءت هذه التفاصيل في رسالة من المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إلى منظمة غير حكومية كانت قد قدمت طلبا قبل 7 أشهر للحصول على معلومات بشأن تلك التحذيرات.
من جهته، أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بيانا قال فيه إن "ادعاء المؤسسة العسكرية أنه تم تحذيري قبل 7 أكتوبر من هجوم محتمل من غزة مناف للحقيقة". وأضاف نتنياهو أن "تقييمات المؤسسات الأمنية لا تشير إلى أي تحذير من نية حماس مهاجمة إسرائيل، بل تقدم تقييما معاكسا" وشدد على أن "الأجهزة الأمنية ادعت دائماً أن حماس تم ردعها".
انتقادات كثيرة من صحفيين ونشطاء اسرائيليين طالت الجندي الاسرائيلي الذي قام بنشر الفيديو ، وقد علق أحد النشطاء الاسرائيليين على فيديو الجندي الاسرائيلي بالقول إن الجندي عرض نفسه للمسائلة القانونية ، ونشر بعضا من بنود قانون العقوبات الاسرائيلي وخاصة المواد 133 و 139 من باب مخالفات النظام والمجتمع ، ونشر إن المادة 133 تنص على عقوبة السجن لمدة خمس سنوات لكل من " ارتكب عملا من اعمال الفتنة أو يحاول او يجهز نفسه او يتامر مع صديقه على ارتكاب ذلك الفعل".
وتفرض المادة 134 نفس العقوبة على من يطبع أو يعيد إنتاج مواد مثيرة للفتن وكذلك تحدد المادة 136 نقاط الفتنة مثل المذكورة في القانون مثل اثارة الكراهية والازدراء وعدم الولاء للدولة وسلطاتها الحاكمة أو القضائية والتحريض او استفزاز سكان الدولة واثارة التردد او الاستياء في الحرب واثارة الخلافات والعداوات بين السكان.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت أكثر من 116 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.