أعلنت طهران، صباح الإثنين 20 مايو/أيار 2024، مصرع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان بالإضافة إلى 5 أشخاص آخرين في حادث تحطم مروحية شمال غربي البلاد وتحديداً بمحافظة أذربيجان الشرقية. وفي هذه المادة سنسلط الضوء على طائرة الهليكوبتر مروحية بيل 212 (Bell 212) أمريكية الصنع٬ والتي أظهرتها صور الوكالات قبيل تحطمها٬ وكانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخارجية ومسؤولين آخرين أثناء تحليقها عبر الجبال وسط ضباب كثيف يوم الأحد.
ما هي مروحية بيل 212 التي كانت تقل الرئيس الإيراني وآخرين؟
هي مروحية أمريكية ذات شفرتين تعود إلى حقبة الستينيات من القرن الماضي٬ وهي من صناعة شركة "بيل هليكوبتر" (الآن تسمى بيل تيكسترون Bell Textron). وحلقت مروحية بيل 212 لأول مرة في عام 1968 بمدينة فورت وورث، في ولاية تكساس، بالولايات المتحدة، وتم نقل إنتاجها إلى مدينة ميرابيل، في ولاية كيبيك بكندا.
وتعد طائرة بيل 212 ترقية للطائرة الأصلية UH-1 Iroquois التي كانت تستخدمها أمريكا وكندا في ذلك الحين. حيث منح التصميم الجديد الطائرة محركين توربينيين بدلاً من محرك واحد، مما يمنحها قوة وقدرة حمل أكبر. ورسمياً تم طرح مروحية بيل 212 في عام 1971 وسرعان ما اعتمدتها كل من الولايات المتحدة وكندا، وفقاً لوثائق التدريب العسكري الأمريكي.
ما مواصفات مروحية بيل 212؟
- تم تسويق مروحية بيل 212 لمشغلين مدنيين؛ حيث إنها تتسع لـ 15 مقعداً، مع طيار واحد وأربعة عشر راكباً وهي تأتي بشفرتين.
- طولها 17.41 متر.
- سرعة الرحلة: 100 عقدة (120 ميلاً في الساعة، 190 كم/ساعة).
- أقصى مدى لها: 460 كيلومتراً.
- أقصى ارتفاع لها: 5.273 متر.
- الحد الأقصى لوزن الإقلاع: (5080 كغم).
- تمتلك محرك Pratt & Whitney Canada PT6T الذي يتكون من اثنين من توربينات الطاقة PT6 المقترنة٬ تصل قدرته إلى 1800 حصان (1342 كيلو واط). وفي حالة فشل أحد أقسام الطاقة، يمكن للقسم المتبقي توفير 900 حصان (671 كيلوواط) لمدة 30 دقيقة، أو 765 حصاناً (571 كيلوواط) بشكل مستمر، مما يمكّن 212 من الحفاظ على أداء الرحلة عند أقصى وزن.
ما هي استخدامات مروحية بيل 212؟
تعد بيل 212 طائرة هليكوبتر متعددة الاستخدامات٬ بما في ذلك حمل الأشخاص والوفود، ونشر معدات مكافحة الحرائق الجوية والإطفاء والإسعافات، ونقل البضائع والجنود والأسلحة وغيرها. وقد استخدمها الجيش الأمريكي في التدريبات العسكرية٬ وكان ذروة استخدامها في حرب فيتنام.
ما الدول التي تقوم بتشغيل هذه المروحية؟
تشغل هذه المروحية نحو 12 دولة حالياً من بينها الولايات المتحدة وكندا واليابان وغيرها٬ ويشمل تشغيلها لدى المنظمات غير العسكرية مثل خفر السواحل الكندي والياباني؛ ووكالات إنفاذ القانون وإدارات الإطفاء في الولايات المتحدة؛ والشرطة الوطنية التايلاندية؛ وأجهزة الشرطة في دول أخرى.
وليس من الواضح عدد هذا النوع من الطائرات التي لا تزال تشغلها الحكومة الإيرانية منذ سبعينيات القرن الماضي، لكن قواتها الجوية والبحرية لديها إجمالي 10 طائرات منها، وفقاً لدليل القوات الجوية العالمية لعام 2024 الصادر عن شركة FlightGlobal.
هل وقعت حوادث أخرى تتعلق بمروحية بيل 212؟
آخر حادث مميت لطائرة من طراز بيل 212 كان في سبتمبر/أيلول 2023، عندما تحطمت طائرة مملوكة للقطاع الخاص قبالة سواحل الإمارات العربية المتحدة، وفقاً لمؤسسة Flight Safety Foundation، وهي منظمة غير ربحية تركز على سلامة الطيران. وكان آخر حادث تحطم إيراني من هذا النوع في عام 2018، مما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص، وفقاً لقاعدة بيانات المنظمة.
لماذا تمتلك إيران طائرات قديمة وتعاني من مشاكل في صيانتها؟
كانت القوات الجوية لجمهورية إيران، في يوم من الأيام، إحدى أكبر وأقوى القوات الجوية في العالم؛ لأنها كانت مدعومة إلى حين الثورة في عام 1979 بشكل كامل من الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها لم تعد اليوم سوى مجرد ظل باهت لما كانت عليه في السابق٬ كما يقول خبراء.
فقد أدَّت الحروب التالية في عهد الثورة الإسلامية٬ وعقود من العقوبات التعجيزية بالقوة الجوية التي كانت موضع فخر إيران يوماً، أن تقلصت لتصبح تشكيلةَ طائرات حربية، مجموعة من دول مختلفة، تقادم بها الزمن وباتت مشكوكاً في كفاءتها بسبب عدم توفر قطع غيار أصلية لها واستبدالها بأخرى مزيفة٬ بسبب العقوبات.
ويعني اضمحلال القوة الجوية الإيرانية الذي استمر لفترة طويلة، أن البلاد غدت قادرة بالكاد على تأمين مجالها الجوي فحسب، أي ليس بإمكانها الصمود أمام منافسيها الإقليميين وليس الولايات المتحدة فحسب.
وتقول مجلة National Interest إن هذه القوة الجوية الضخمة كان الغرض الأصلي منها خدمة المصالح الأمريكية، إلا أنها سقطت بغتة في أيدي حكومة ثورية في عام 1979، عندما عُزل الشاه، وسيطر آية الله الخميني على السلطة. ثم شرعت الحكومة الثورية الجديدة في عملية تطهير واسعة للجيش، لاقتلاع الضباط المؤيدين أو من يشتبه بتأييده للشاه، العملية التي تراجع في إثرها الاستعداد العسكري الإيراني، ولاسيما على مستوى القوات الجوية بشدة. وعندما تحاربت كل من إيران والعراق عام 1980، أُخذت طهران على حين غرة في البداية، في وقت لم تكن مستعدة فيه إلى حد خطير.
وقد حاولت إيران إطلاق صناعة طيران عسكرية محلية، غير أن النتائج كانت مخيبة للآمال إلى درجة كبيرة مثلما حصل مع مقاتلة "سايجة". لكن للمفارقة أن إيران نجحت ومنذ وقت مبكر في تصنيع الصواريخ٬ والطائرات المسيرة وتطوير قدراتها٬ وذلك لأنها طائرات بسيطة التكلفة والمعدات مقارنة مع المروحيات أو المقاتلات في الجو٬ ولا تحتاج إلى قطع غيار يتم استيرادها من الغرب.