تخوض الولايات المتحدة حراكا حول "اليوم التالي للحرب"، يتضمن عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، في الوقت الذي تعتقد فيه الإدارة الأمريكية أن حركة حماس ستبقى بشكل أو بآخر في القطاع.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يرفض أي نقاش بشأن "اليوم التالي للحرب"، وسط تزايد الانقسامات في مجلس الحرب بهذا الشأن.
ومع إصرار وزير الجيش يوآف غالانت على رفضه للحكم العسكري على غزة، فإن نتنياهو، ومعه وزراء اليمين المتطرف، لا يريدون أي عودة للسلطة الفلسطينية لإدارة القطاع.
بحسب تصريحات نتنياهو، فإنه منفتح على فكرة تولي فلسطينيين محليين إدارة قطاع غزة، لكن ليس السلطة الفلسطينية، ورغم ذلك فإنه يقر بفشل خطته بفرض بديل عن حركة حماس.
اعترافات نتنياهو جاءت في الوقت الذي يتزايد فيه غضب الجيش الإسرائيلي لغياب خطة استراتيجية بشأن "اليوم التالي للحرب"، وعودته للقتال في مناطق اجتاحها سابقاً، بسبب تمكن حركة حماس من العودة إليها.
كما أنها تأتي في الوقت الذي تتزايد حدة الخلافات بين نتنياهو والإدارة الأمريكية بسبب التكتيك الإسرائيلي للحرب والذي فشل في تحقيق هدف "القضاء على حماس"، ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي وضع استراتيجية تتعلق بـ"اليوم التالي للحرب".
واشنطن مقتنعة بأن حماس ستبقى بغزة
ونقلت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، عن مسؤول إسرائيلي، قوله إن واشنطن متأكدة أن حماس ستبقى بشكل أو بآخر في غزة، بـ"اليوم التالي للحرب"، في إشارة إلى أن إدارة بايدن باتت مقتنعة بأن نتنياهو فشل في إنهاء الحركة.
ويزعم مسؤول إسرائيلي كبير، منخرط في الحوار مع الأمريكيين، أن إدارة بايدن توصلت إلى حقيقة مفادها أن حماس لن تختفي، وأنها تطمح فقط لإضعاف الحركة، لكي لا تكون قادرة على تنفيذ هجوم عسكري آخر مثل ذلك الذي حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وفقاً لصحيفة معاريف، فإن الهدف الأمريكي هو إضعاف حماس، وتعزيز إسرائيل من خلال رفع مستوى علاقاتها مع الدول العربية، دون أن تضطر إلى مواصلة الحرب إلى أجل غير مسمى، قد يتسبب بإحداث ضرر للولايات المتحدة.
أما البديل الذي تطرح في المناقشات التي يجريها الأمريكيون مع الدول العربية، فهو إصلاح السلطة الفلسطينية، وبسط سيطرتها على قطاع غزة، وإلى أن يحدث ذلك فإن إدخال قوات أممية أو عربية موالية للغرب هو أمر لا مفر منه.
ما ذكرته صحيفة "معاريف" يتطابق مع ما كشفته جريدة "الأخبار" اللبنانية، بشأن الخطة العربية الأمريكية لـ"اليوم التالي للحرب" على غزة.
رؤية عربية أمريكية بشأن اليوم التالي للحرب
بحسب ما ذكرته جريدة "الأخبار"، فإن الخطة الأمريكية العربية لـ"اليوم التالي للحرب"، تنقسم إلى مرحلتين.
حيث عقد اجتماع رسمي في الرياض، على هامش أعمال "المنتدى الاقتصادي العالمي" في 29 أبريل/نيسان 2024، بين وزراء خارجية وممثلين عن "السداسية العربية" (السعودية والأردن ومصر والإمارات وقطر والسلطة الفلسطينية"، ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، وكان محوره محاولة التوصل إلى رؤية موحدة حول مستقبل القطاع.
في مرحلتها الأولى تتضمن الرؤية العربية الأمريكية على النقاط التالية:
- الحاجة الملحة إلى وقف إطلاق النار في غزة.
- تحقيق متطلبات الاعتراف الدولي بدولة فلسطين.
- قبول إسرائيل بعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة.
- إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، والأسرى الفلسطينيين بتسهيل من الإدارة الأمريكية.
- تشكيل حكومة إصلاحية للسلطة الفلسطينية (تكنوقراط)، إلى جانب لجنة "تكنوقراط" لإعادة إعمار غزة بتفويض عربي.
بحسب الوثيقة المتعلقة بالتصور الأمريكي العربي لـ"اليوم التالي" للحرب، فإن المرحلة الثانية تتضمن التالي:
- إطلاق عملية السلام بما في ذلك التطبيع مع السعودية.
- إعادة تأهيل وإعمار غزة.
- العودة إلى مفاوضات الوضع النهائي (قضايا الوضع النهائي وهي: اللاجئون، القدس، المستوطنات والدولة).
- تنشيط منظمة التحرير الفلسطينية، والمصالحة الفلسطينية، ودمج حركة حماس.
المصدر الإسرائيلي لصحيفة "معاريف"، قال إن الدول العربية غير مستعدة لأن تصبح المقاول التنفيذي لإسرائيل، وترفض القيام بأي عمل داخل القطاع طالما أن إسرائيل تحتفظ بالحق في شن هجمات على غزة.
ما موقف نتنياهو من تصورات "اليوم التالي" للحرب؟
بحسب مصادر مقربة لنتنياهو، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي يرفض وضع خطة بشأن "اليوم التالي" للحرب، لكنه يدرك أنه في النهاية سيصل إلى تسوية تشمل عودة المختطفين وإنهاء القتال، ويفضّل أن تأتي المبادرات إليه، ليقوم بدراستها.
لكن المصادر استدركت بالقول إن الاستراتيجية التي يتبعها نتنياهو، هي "إضاعة الوقت بشكل استراتيجي".
والأربعاء، هاجم غالانت نتنياهو مؤكداً رفضه لأي حكم عسكري على قطاع غزة، ما أثار غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي قال إنه غير مستعد لاستبدال حكم "حماسستان" بـ"فتحستان".
حيث يعتقد الوزير الإسرائيلي بأن سياسة نتنياهو في غزة "تشجع على إنشاء حكم عسكري لإسرائيل، وهذا بديل سيئ وخطير للبلاد".
وفي تقديره، يعتقد مصدر لصحيفة "معاريف" أنه رغم حالة الانقسام في مجلس الحرب، بسبب "اليوم التالي" للحرب، فإن نتنياهو غير قادر على اتخاذ القرار والترويج لقرارات تتعلق بذلك، لكنه بالتأكيد قادر على عرقلة حلول الآخرين التي لا يتفق معها، في إشارة إلى أن فوضى "اليوم التالي" بشأن الحرب على غزة، ستبقى قائمة.