حذر كبار المسؤولين الإسرائيليين، الثلاثاء 14 مايو/أيار 2024، من أن مصر قد تنسحب من التوسط في صفقة التبادل، كما اعتبروا أن إقدام جيش الاحتلال على اقتحام رفح كان هو نقطة التحول في الموقف المصري من تل أبيب، وذلك وفق ما جاء في تقرير لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.
تقول الصحيفة إن الأزمة تفاقمت بين تل أبيب والقاهرة وسط رفض مصر السماح بمرور المساعدات عبر معبر رفح، كما تخشى إسرائيل من تعرض التعاون الأمني والاستخباراتي مع القاهرة للخطر.
ونقلت عن أحد "المسؤولين الكبار" قوله: "في بداية الحرب، أظهر المصريون أنهم يفهمون موقفنا، ويفهمون سبب أهمية تفكيك قدرات حماس العسكرية والحكومية بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول".
فيما اعتبر أنه منذ بدء العملية في رفح، حدثت نقطة تحول في موقف المصريين تجاه إسرائيل، وقال بهذا الخصوص: "إنهم يتصرفون عمداً لإزعاجنا، ويحاولون فرض نهاية للحرب علينا".
وشدد المسؤول على أن هذا "أمر لم يحدث من قبل، ولا حتى في عملياتنا السابقة في غزة".
تبادل للاتهامات
في وقت سابق الثلاثاء، حمّلت إسرائيل، مصر مسؤولية الأزمة الإنسانية التي يشهدها قطاع غزة، واتهمتها بأنها هي المسؤولة عن إغلاق معبر رفح، وهي الاتهامات التي استنكرتها القاهرة ووصفتها بأنها "محاولة يائسة" من تل أبيب.
وقال يسرائيل كاتس، وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، إنه يجب "إقناع" مصر بإعادة فتح معبر رفح الحدودي مع غزة "للسماح بمواصلة إدخال المساعدات الإنسانية الدولية".
في بيان له، زعم كاتس أن مهمة "منع حدوث أزمة إنسانية في قطاع غزة تقع الآن على عاتق أصدقائنا المصريين"، مضيفاً أن المنتقدين الأجانب الذين يحمّلون إسرائيل مسؤولية الوضع الإنساني في القطاع مُضللون.
كما ادعى أيضاً أن حركة حماس "لن تسيطر على معبر رفح، وهذه ضرورة أمنية لن نتنازل عنها".
في الجهة المقابلة، استنكر وزير الخارجية المصري سامح شكري، الثلاثاء "محاولات الجانب الإسرائيلي اليائسة تحميل مصر المسؤولية عن الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي يواجهها قطاع غزة".
وقال شكري، في بيان: "السيطرة الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، والعمليات العسكرية الإسرائيلية في محيط المعبر… هي السبب الرئيسي في عدم القدرة على إدخال المساعدات من المعبر".
من جهته، قال مصدر رفيع لقناة القاهرة الإخبارية المصرية إن إغلاق معبر رفح سببه تصعيد الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، وإن مصر ليست مسؤولة عنه.
خطوات تصعيدية من القاهرة
تأتي تصريحات الوزير الإسرائيلي، في الوقت الذي نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، تصريحات لمسؤولين مصريين، لم تسمهم، جاء فيها أن مصر تدرس خفض علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، وسحب السفير من تل أبيب على خلفية العلاقات المتوترة حالياً مع إسرائيل، بعد شن الجيش الإسرائيلي عملية وصفها بالمحدودة في رفح.
ويقول المسؤولون المصريون إن المواجهة الحالية بدأت عندما أعطت إسرائيل مصر إشعاراً قبل ساعات فقط من إطلاق العملية العسكرية الأسبوع الماضي التي سيطر فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي على الجانب الغزي من معبر رفح الحدودي مع مصر.
وجاءت الرسالة المفاجئة، التي تم نقلها بشكل غير متوقع إلى مسؤولي الاستخبارات المصريين في 6 مايو/أيار، بعد أشهر من المفاوضات الدقيقة بين المسؤولين العسكريين الإسرائيليين والمصريين بشأن الهجوم على رفح.
وكانت إسرائيل قد أطلعت مصر سابقاً على خططها بشأن رفح، مطمئنة القاهرة إلى أن نقطة العبور، وهي نقطة دخول رئيسية للمساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، لن تتأثر، وأن الفلسطينيين هناك سيمنحون أسابيع لإخلاء المنطقة بأمان.
لكن مسؤولاً مصرياً مطلعاً على الأحداث قال: "لم يتحقق أي من هذه التأكيدات، حيث أعطتنا إسرائيل إشعاراً قصيراً جداً حول دخول المعبر"، بحسب ما ذكرت وول ستريت جورنال.
ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق، كما لم ترد وزارة الخارجية الإسرائيلية على طلب التعليق من الصحيفة الأمريكية.
مصر تحذر من تهديد استقرار المنطقة
الإثنين 11 مايو/أيار 2024، أكدت مصر، أن استمرار العمليات الإسرائيلية في قطاع غزة ومدينة رفح الفلسطينية جنوبي القطاع بمثابة "تهديد خطير لاستقرار المنطقة"، وذلك وفق ما ذكره وزير خارجية مصر سامح شكري، لنظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال اتصال هاتفي أجراه الأخير.
الخارجية المصرية، أفادت في بيان، بأن شكري تلقى اتصالاً هاتفياً من بلينكن "تناول تطورات الأوضاع في قطاع غزة".
كما بحث الجانبان "الأبعاد الإنسانية والأمنية للعمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، وما اتصل بذلك من سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح ومنع دخول المساعدات الإنسانية".
وأكد شكري لنظيره الأمريكي على "المخاطر الأمنية الجسيمة الناجمة عن مواصلة العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وفي مدينة رفح الفلسطينية على وجه الخصوص، وما يرتبط بذلك من تهديد خطير لاستقرار المنطقة".
وشدَّد الوزيران المصري والأمريكي على "أهمية فتح المعابر البرية بين إسرائيل وقطاع غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية بالقدر الكافي لتلبية الاحتياجات العاجلة لسكان القطاع".
يأتي ذلك بينما وسعت الآليات العسكرية الإسرائيلية توغلها في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة لتتجاوز شارع صلاح الدين باتجاه الغرب نحو حيي الجنينة والسلام، بالتزامن مع تكثيف غاراتها المدفعية والجوية على المدينة التي شهدت خلال أسبوع تهجير نحو 350 ألفاً.
وخلفت الحرب الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أكثر من 113 ألفاً بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فوراً، وكذلك رغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.
ومنذ اندلاع الحرب على غزة، تقدم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لتل أبيب دعماً قوياً على المستويات العسكرية والمخابراتية والدبلوماسية.