وصل إلى مدينة مكة هذا الأسبوع نحو مليوني مسلم من جميع أنحاء العالم، جاؤوا إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك الحج التي تمتد خمسة أيامٍ، اتباعاً للنبي محمد نبي الإسلام.
ومع تزايد عدد المتقدمين لتأدية فريضة الحج كل عامٍ، والمخاوف الأمنية، خاصةً بعد وقوع حوادث مميتة، سارعت الحكومة السعودية إلى توسيع المنشآت الحيوية في مكة لتستوعب مزيداً من الحجاج.
ومع وصول عدد المسلمين في العالم إلى نحو 1.8 مليار شخص، فإنه من المستحيل على بعض المسلمين تأدية فريضة الحج طوال أعمارهم، وفقاً لما ذكره تقرير لصحيفة The New York Times، أمس الخميس 23 أغسطس/آب 2018.
وأشارت الصحيفة إلى أنه أمام هذا العدد الهائل من المسلمين في العالم، قياساً مع عدد الحجاج سنوياً، فإنه في الواقع سيستغرق الأمر 581 عاماً على الأقل، ليتمكَّن كل هؤلاء المسلمين من أداء الفريضة، وهذا فقط بالكلام عن المسلمين الموجودين الآن، غير المواليد المستقبليين ومن أدَّوا شعيرة الحج.
ويشير مسحٌ أجراه مركز Pew للأبحاث عام 2013 على 39 دولةً بأن 9 بالمئة من المسلمين قد أتمّوا الحج.
ويجب على كل مسلمٍ قادرٍ بدنياً ومادياً أن يؤدي الفريضة مرةً واحدةَ في العمر على الأقل، لكن محدودية فرص الذهاب إلى الحج تشكل عائقاً كبيراً أمام بعض المسلمين لأداء الفريضة.
وتضاعفت أعداد الحجاج من خارج المملكة أكثر من عشر مراتٍ منذ الحرب العالمية الثانية. (وقد خُفِّضت حصص الدول الأخرى من الحجيج عام 2013 بسبب أعمال التوسعة القائمة في مكة).
ولا يستطيع كل من يرغب في أداء الفريضة تأديتها ببساطة، بل ينتظر ملايين المسلمين من كل أنحاء العالم لسنواتٍ من أجل الحصول على فرصةٍ. وتكاليف الحج باهظة لدرجة تمنع بعض المسلمين من الحج، إذ تصل في بعض البلدان إلى ضعفين أو ثلاثة أضعاف أجر عامٍ كاملٍ، كما أن الحصول على تأشيرة الحج ليس بالأمر السهل.
وربع الحجيج كل عامٍ على الأقل هم من المقيمين في المملكة العربية السعودية، وتُحدد حكومة السعودية حصصاً لكل دولةٍ تُرسل بناءً عليها الحجاج من سكانها المسلمين.
وحتى الدول التي يقيم فيها عدد كبير من المسلمين لا تستطيع أن تُرسل إلا نسبةً ضئيلةً من مواطنيها لأداء الحج. وفي إندونيسيا، التي تُعد ذات أكبر تعداد للمسلمين في العالم بأكثر من 200 مليون مسلمٍ، قد تمتد فترة الانتظار من 7 سنواتٍ إلى 37 سنةً. وتشتكي بعض الدول من أن توزيع الحصص لا يتسم بالشفافية، أو أنه يجب أن يكون معتمداً على كثافة الطلب على الحج، لا على تعداد المسلمين في كل دولة.
منتقدون آخرون يقولون إن مكة وصلت إلى أقصى طاقة استيعابية لها بالفعل، وأن أعمال التوسعة قد أضرَّت بالإرث الثقافي الإسلامي وروحانية شعيرة الحج. وقد دُمرت العديد من المواقع التاريخية الإسلامية خلال السنوات الأخيرة، ليُفسح المجال أمام إقامة فنادق فاخرةٍ ومراكز تسوقٍ تخدم الحجاج الأثرياء فقط وتتضاءل الكعبة إلى جانبها.
ورغم هذا، تستمر المملكة العربية السعودية في خطتها الإنشائية طويلة الأمد، التي تتضمن توسعة المسجد الحرام ليتسع لنحو 1.85 مليون شخص.